Home»Enseignement»هل التنكر والإساءة لهيئة التدريس هي الحل لأزمة التعليم بالمغرب؟

هل التنكر والإساءة لهيئة التدريس هي الحل لأزمة التعليم بالمغرب؟

0
Shares
PinterestGoogle+

إذا استثنينا الغالبية العظمى من هيئة
التدريس التي تقوم بعملها بكل ما أتيحت
من إمكانيات ومهارات، لا يمكن إنكار أن
هناك فئة، وإن كانت محدودة، تساهم نسبيا
في تدني درجة التعليم من خلال التكالب
على الساعات الإضافية على حساب جودة
العطاء في القسم. والتملص من مهمة
التدريس تحت ذريعة النشاط النقابي أو
السياسي أو المدني (الأساتذة
الأشباح)…ناهيك عن التأخر والغياب غير
المبررين وضعف جودة الأداء والشواهد
الطبية المزورة… وكل هذا يحدث تحت مظلة
سياسة الزبونية والمحسوبية وحتى
الرشوة… تدعمه خطابات الهروب التي
تتداولها هذه الفئة من المدرسين
والمدرسات (شهري طالع وللي بغا يقرا
يقرا وللي ما بغاش شغلو ها داك…أو من
أراد أن يعلم أولاده ما عليه إلى نقلهم
للمدارس الخصوصية…أو « طفرتو أنا ما بقى
غير هادو اللي طالعين »…أو « حتى ناخذ أنا
حقي عاد نشوف حق الآخرين… صحتي هي
الأولى… »). ومظاهر الفساد هذه التي عششت
وفرخت في قطاع التعليم ما هي إلا صورة
مصغرة للفساد لذي وقع المغرب بين براثنه
منذ فترة الاستقلال. لكن حتى إن كنت قد
أشرت إلى مساهمة هيأة التدريس في أزمة
التعليم بالمغرب من باب الموضوعية
والأمانة العلمية، فإن ذلك لا يفسر ما
آل إليه التعليم العمومي بالمغرب من
تدني وتأخر. لأن الأسباب الحقيقية في
احتلال التعليم المغربي لمراتب متأخرة
على مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط،
يكمن في أزمة تدبير الشأن العام بالمغرب
بصفة عامة، وأزمة التعليم العمومي ما هي
إلا جزئ من أزمة الأوضاع العامة للمغرب
والتي من أسبابها.
– ضبابية السياسة العامة للمغرب، فلا
أحد يعرف أي نوع من المتعلمات
والمتعلمين أو المواطنات والمواطنين
يريد المسؤولون. فغايات البلد ومراميه
ملتبسة وغير واضحة. مما يفتح باب الفساد
على مصراعيه. أي أن فشل التعليم سببه
الأول هو غياب الإرادة السياسية.
فالجاثمون على كراسي السلطة ليست لهم أي
مصلحة في تطور ونجاح التعليم العمومي
كسبيل لوعي الشعب المغربي وانخراطه في
تدبير الشأن العام. وهذا هو سبب وجود
شكلين من التعليم بالمغرب(دون الدخول في
التفاصيل). فالتعليم الخصوصي وخاصة في
مستواه الأعلى، موجه لإنتاج النخبة من
أجل السلطة والمال. والتعليم العمومي
موجه لإنتاج قاعدة مستعدة لاستهلاك
الخطابات الكاذبة والمغالطات سواء
السياسية أو الدينية وحتى المعرفية (
معاودة الإنتاج). وعلى أساس هذه الغايات
والمرامي توضع البرامج والمناهج والكتب
المدرسية وطبيعة الامتحانات لكل من
التعليمين.( تعليم طبقي وغير ديمقراطي).
– تعفن الإدارة التعليمية، فعلى
المستوى المالي هناك سوء تدبير
الميزانية المخصصة للقطاع التي تمثل
ربع الميزانية العامة تقريبا، (مما جعل
منها صيدا مغريا وبالتالي مرتعا
للمضاربة والنهب والسرقة بكل الأشكال
والأساليب). فمثلا توجد مناصب في وزارة
التعليم تضمن الاغتناء الفوري والسريع
للمحضوضين من الموظفين ولأولياء نعمهم.
فضلا عن تبذير جزء مهم من الميزانية في
أمور لا تعود بأي نفع على قطاع التعليم،
كاقتناء السيارات الإدارية، حيث تجد
موظفا يستعمل سيارتين على الأقل، واحدة
له وأخرى لأسرته. ناهيك عن السيارات من
نوع الكاتكات التي تستعمل داخل المدن،
في حين أن أساتذة وتلاميذ العالم القروي
الذين هم في أمس الحاجة لوسائل النقل
تلك لا يطالونها. المضاربة في السكن
الوظيفي الذي أصبح أنشط من ليراك
بالنسبة لأصحاب بعض المناصب الإدارية
بما فيها المرتبطة بقطاع التجهيز. فعوض
أن يجهزوا المؤسسات ومرافق التعليم
يجهزون أنفسهم والسكن الذي يضعون
أيديهم عليه… وهذا ما يفسر سقوط أسقف
المدارس على رؤوس المتعلمين والمعلمين،
مع وجود بعض المؤسسات التعليمية التي
تفتقر لأدنى الشروط الضرورية للتعليم
كالمرافق الصحية والطاولات والسبورات
والمختبرات وحتى الطباشير. وهذه
الحالات يمكن أن تجدها حتى في قلب
الرباط العاصمة.
-عدم جدوى نظام الأكاديميات، توصل
المتتبعون لمسار قطاع التعليم إلى أن
إنشاء الأكاديميات كان أكبر إجراء
لتبذير أموال وزارة التعليم وتعقيد
نظام الامتحانات ورفع تكاليفها. فبعد
تسع سنوات من إنشاء الأكاديميات، لم تأت
هذه الأخيرة بأي قيمة مضافة لقطاع
التعليم، في حين أنها تنهك ميزانيته
بشكل مهول. بل إن نظام الأكاديميات قد
تسبب في خلق نوع من الحساسية والصراعات
بين المسؤولين خاصة بين مسؤولي
النيابات والأكاديمية. وعوض أن يستغل
هؤلاء المسؤولون وقتهم وتفكيرهم في حل
مشاكل التعليم وتنميته وتطويره،
ينغمسون في تصفية الحسابات فيما بينهم.
وإن كان من الصعب الوقوف على كل أشكال
تبذير مال وزارة التعليم ولا على تسيب
أجهزتها، لتشعب دواليب الإدارة وتنوع
أساليب السطو على المال العام، فلا بد
من المرور ولو بعجالة على قطاع الموارد
البشرية التي عركت رجال التعليم
وعركوها خاصة في السنون الأخيرة بعد أن
دخل معظمهم ومعظمهن معترك الحركة
الانتقالية، بعد صدور المذكرة 97 التي
تنظم الحركة الانتقالية الجهوية. وكل
ذلك بسبب الضربة القاتلة التي قدمها
الوزير بن سعيد لمجموعة من القطاعات
العمومية وخاصة التعليم من خلال سياسة  »
المغادرة الطوعية »، التي وضعت المسمار
الأخير في نعش التعليم العمومي. حيث تم
إعفاء فئة واسعة من هيئة التعليم مع
علاوة مالية مهمة ليقع كل عناء القطاع
على جزئ من الفئة المتبقية التي ليس لها
(لا سيدي ولا لالة)، والتي ألحقت بها
سياسة إعادة الانتشار أو تدبير الفائض
أضرارا بليغة تتمثل في كون هذه الفئة
وأسرها، قد فقدوا الإحساس بالأمان
والاستقرار، وأصبح معظمهم مجرد رحل بين
المؤسسات التعليمية المتباعدة في غالب
الأحيان، الأمر مما عرضهم وعرضهن
للإرهاق والأمراض سواء العضوية أو
النفسية. لأن انتزاع الأستاذ من مؤسسته
الأصلية التي راكم فيها سنوات من العمل
والفناء، ووضعه في مؤسسة جديدة (أحيانا
دون سند قانوني) يجعله أمام مجموعة من
المتاعب الإضافية، كصعوبة التواصل مع
التلاميذ و استحالة ضبطهم مما يكلفه
وقتا ومجهودا إضافيين ويكون ذلك على
حساب العملية التعليمية. و يصل الأمر
إلى الدخول في صراعات مع التلاميذ الجدد
الذين تكون نظرتهم للأستاذ المكلف نظرة
دونية. وهذا الصراع يمكن أن تدخل فيه
الإدارة كطرف خصم للأستاذ إذا لم يكن
هناك رئيس مؤسسة محنك ومؤهل لتدبير شأن
التكليف أو ما يمكن تسميته التغريب. ولا
يفوتني قبل أن أختم هذه النقطة التي لم
أستوفيها حقها لضيق المجال، أن أشير ولو
بعجالة إلى كل ما يشوب هذه العملية من
محسوبية وزبونية ورشوة حيث لم يعد يخفى
على المقربين من حقل التعليم، أن عملية
إعادة الانتشار قد فتحت سوقا جديدة
للمضاربة والمتاجرة داخل القطاع.
أما على مستوى المتعلمين أو التلاميذ
فإن سياسية إعادة الانتشار قد خلقت
لديهم كذلك نوعا من عدم الارتياح لكون
مؤسستهم التي تشكل جزئا من خصوصياتهم
أصبحت معبرا لمجموعة من المكلفين أو
المكلفات. مما يدفعهم للشغب والفوضى
وعدم التركيز في دراستهم إلى جانب
إعلانهم العداء أو على الأقل الرفض
للأستاذ- الغريب، كشكل من أشكال الدفاع
عن ما يعتبرونه مجالهم ومجالهن الخاص.
هذا على مستوى القسم. أما على مستوى
المؤسسة، فإن الأستاذ المكلف يصبح أو
تصبح، محط أنظار كل التلاميذ وموضوع
الساعة لديهم، مع إمكانية إيذائه
أحيانا لكونه مجرد عابر سبيل ولا يمتلك
أي سلطة عليهم. ونتيجة كل هذا التوتر، هو
ضعف التحصيل والمردودية أو ضياعهما
نهائيا. لكن المأساة هي رغم كل الزوبعة
التي تحدثها سياسة « إعادة الانتشار » فكل
التطلعات توحي إلى كونها سياسة فاشلة
وعواقبها الوخيمة قد بدأت تظهر على
التعليم العمومي سواء على مستوى
النتائج أو المتعلمين أو هيئة التدريس.
كما أن معظم شعارات المخطط الاستعجالي
ستبقى، حتما ولزوما، حبرا على ورق.
وخلاصته، هي أن هيئة التدريس بريئة في
جزئ كبير مما لحق قطاع التعليم من تسيب
وفساد. فالجهات المسؤولة -منذ الاستقلال
إلى يومنا هذا- وهي تتبنى إصلاحات
ترقيعية، حيث تعالج التمظهرات أو
التبعات (مما يكرس الأزمة ويعمقها) وتغض
الطرف (لغرض في نفس يعقوب) عن مكامن
الخلل الحقيقية، والمتمثلة في، فساد
السياسية العامة للمغرب وتبذير ميزانية
التعليم. وغياب الشفافية و ديمقراطية
التعليم. وهدر حق المغاربة في التعليم
العمومي النافع. وعدم تطبيق القانون في
تسيير وتدبير الشأن التعليمي. وغياب
اللآليات الناجحة في اختيار الموارد
البشرية وإسناد المهام. وعدم تفعيل
قانون المحاسبة… كل هذا الفساد مع
العلم أن قطاع التعليم العمومي قطاع
استراتيجي وانزلاقه أو فشله يشكل خطرا
على المتاجرين والمضاربين في حقوق
الطبقات الشعبية (ساسة ومسؤولون …) قبل
غيرهم. حتى وإن حاولوا تقديم هيئة
التدريس ككبش فداء على مذابح وسائل
الإعلام الرخيصة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عثمان
    09/01/2012 at 21:17

    مارايك ياكريمة في النقطة التالية لاحظي الفساد والافساد الذي يمارسه رجال التعليم الذين ينتخبون في المجالس الجماعية القروية والحضرية والكمالة من عندك لو اتيحت لهؤلاء مناصب كبرى في المسؤولية لما عاثوا فساد زمن فرعون فقط يجب ان يؤدوا مهامهم ورسالتهم التربوية والله سينتقم حتما من المفسدين

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *