Home»Régional»الفلسطينيون يتفقون في الهدف ويختلفون في الوسيلة

الفلسطينيون يتفقون في الهدف ويختلفون في الوسيلة

0
Shares
PinterestGoogle+

لقد كشفت الأزمة الأخيرة أن الشعب الفلسطيني من خلال الفصائل الممثلة له مجمع إجماعا تاما حول قضيته الوطنية ؛ فهو لا يقبل مساومة فيها ؛ ولا يمكن لجهة مهما كانت أن تشكك في هذا الموقف ؛ ولكن الخلاف حول وسيلة تحقيق الهدف هو مربط الفرس.
لقد آمن الجميع أن المقاومة بشتى أشكالها هي الوسيلة المثلى لتحرير الأرض من المحتل الغاصب ؛ ولما كانت الوسيلة متعددة الوجوه حسب القناعات والمنطلقات والأسس وتتراوح بين خيار السلاح وخيار الدبلوماسية كان لا بد أن يحصل خلاف بين أصحاب القضية وسيلة لا هدفا كما يريد البعض أو يروج لذلك البعض.
لقد فرض خيار الدبلوماسية كوسيلة مقاومة على الشعب الفلسطيني يوم قررت جميع الأنظمة العربية وقف خوض الحروب ضد العدو الإسرائيلي كما كانت تفعل بين الحين والآخر وذلك تحت ضغط الغرب بشطريه الواقع شمال المتوسط والواقع خلف الأطلسي خصوصا بعد حرب النفط وشتاء الغرب القارس آنذاك. ولا يخفى على متتبع أن الأنظمة العربية كانت ولازالت وستظل إلى ما شاء الله منقسمة على نفسها كأشد ما يكون الانقسام بخصوص العلاقة مع الغرب ؛ خصوصا وأن بعضها يعتمد على هذا الغرب في وجوده اعتمادا كليا. ووضعية كهذه كانت هي السبب في تضييق الخناق على المقاومة المسلحة بعدما أخليت الساحة اللبنانية من الفلسطينيين؛ وكل معسكرات الإمدادات الفلسطينية في شتى الأقطار العربية وهو ما نتج عنه الانتفاضة المباركة التي أبدعها الشباب الفلسطيني بحجارة قلبت الموازين على الأرض المحتلة وتطورت بشكل مفاجئ إلى عمليات استشهادية زلزلت كيان العدو وأقضت مضاجع الغرب الراعي لمصالح إسرائيل.
ولقد كانت هذه النقلة النوعية في المقاومة إيذانا بانطلاق أشكال متعددة من المقاومة في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي ضد الهيمنة الغربية مما جعل هذا الغرب يعلن رسميا قيام حرب مع الإسلام تعد استمرارا لما يعرف بالحروب الصليبية.
لقد فكر الغرب الراعي لمصالح اسيرائيل حرصا على مصالحه بطبيعة الحال في الخسارة الناجمة عن شكل المقاومة الفلسطينية والتي صارت انتفاضة متواصلة ينزف لها اقتصاد العدو بشكل رهيب فجاءت حيل مسلسل السلام وخرائط الطريق لوقف النزيف والحد من الخسارة ؛ واستعملت لتنفيذ المسلسل أنظمة تعتمد كما قلنا في وجودها واستمرارها على الغرب إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر وقد سميت بالدول المعتدلة والدول صديقة الغرب.
انطلق المسلسل من عواصم الغرب وظل ينتقل هنا وهناك خصوصا في مناطق الدول العربية الصديقة للغرب. واستغل المسلسل أبشع استغلال من طرف العديد من الدول العربية ذلك أنه قبل أن يعرف مسارالمفاوضة الفلسطيني خطوة مع العدو برعاية الغرب المتحيز له جملة وتفصيلا تعرف مسارات التطبيع العربية مع العدول خطوات. وهكذا استغلت العديد من الدول الظرف لتطبع وتفتح السفارات والقناصل الاسرائلية ومكاتب التنسيق …إلى غير ذلك من المسميات وتعقد الصفقات الاقتصادية والقضية الفلسطينية في مكانها لا تتحرك بعدما رفض أبو عمار رحمه الله المساومة في قضية القدس بالدرجة الأولى وهو ما عرضه للتصفية بالطريقة اللئيمة كما كان مصير كل الشهداء الرافضين للمساومة.
لقد حاول الغرب أن يلعب نفس اللعبة التي أتت أكلها مع العديد من الأنظمة العربية داخل الساحة الفلسطينية فجعل من الفلسطينيين طائفتين : الأولى يجلس معها على طاولة المفاوضات ؛ والثانية لا يعترف بها؛ وقد راهن على خلق شرخ بين الطائفتين كي يجعل من خلافهما في وسيلة المقاومة خلافا في الهدف والغاية تماما كما نجح في تفتيت الصف العربي حتى صارت المؤتمرات العربية محسومة سلفا من حيث النتائج المعتمدة على الاملاءات الغربية بين صفوف الأغلبية المطبعة المهرولة ومع الأسف هي الأغلبية ذات الثروة والقوة العددية .
ومن أجل تكريس التفرقة على أساس الاعتدال والتطرف في الساحة الفلسطينية جاء الحصار الممنهج والذي تبناه الغرب ومعه الأنظمة العربية الراكعة للغرب ؛ واعتمد كوسيلة ضغط ذات حدين ؛ ضغط على الفلسطينيين المفاوضين ؛ وضغط على الرافضين منهم للمفاوضة ؛ ومن خلال ذلك الضغط على الشعب ومحاولة تحويل قضيته من مطالبة بالاستقلال واسترجاع الأرض وكامل الحقوق إلى المطالبة بلقمة العيش والمرتب.
ولقد كانت لعبة الانتخابات ورقة من أوراق مسلسلات السلام المزعوم علما بأن الانتخابات استحقاقات تكون بعد حصول الاستقلال لا قبله لأن ما بني على باطل كان باطلا ؛ وكان من المفروض أن تكون الجهة الممثلة للشعب الفلسطيني قيادة وحكومة عبارة عن أشكال تضم كل الألوان والأطياف التي يجمعها الهدف الواحد و ليست الوسائل التي تكون مختلفة بالضرورة . ولا يهم أن يكون شكل الحكم في فلسطين مخالفا لأشكال الحكم في بقية دول العالم ما دام الشعب الفلسطيني يناضل من أجل حريته أولا ؛ ويمكنه أن يختار من أنظمة الحكم ما يريد ولكن بعد التحرير لا قبله حتى لا ينطبق عليه المثل القائل :( زببت ولم تحصرم)
إن الخطأ الفلسطيني يكمن في قبول لعبة الانتخابات قبل تحقيق هدف الاستقلال؛ إذ يعتبر قبولها بمثابة تزكية الاحتلال وكأن كل شيء بخير ولم تبق إلا الانتخابات.
وها هي الانتخابات بالشكل الذي أراده الغرب الداعم للعدو تفضي إلى صراع بين الفلسطينيين ؛ وتصير الحقائب الوزارية فوق القضية ؛ وينفض العدو يده من عبء التصفية لأنها صارت تصفية فلسطينية ذاتية ولا يستفيق الضمير الفلسطيني عند المتنافسين على الحقائب إلا بدوي العملية الاستشهادية المباركة التي ذكرت بالهدف وأدانت الوسيلة المفضية إلى اقتتال وصراع الرابح فيه هو العدو

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *