Home»Régional»الكتابة المسرحية عند »محمد مسكين » الجزء(5)

الكتابة المسرحية عند »محمد مسكين » الجزء(5)

1
Shares
PinterestGoogle+
 

الكتابة المسرحية عند »محمد مسكين » الجزء(5)

بقلم: د خالد عيادي.

لقد عرف « محمد مسكين » كمنظر في مجال فن المسرح إلى جانب هذا فهو ممثل ، ومخرج، وناقد. كان ولا يزال علما مسرحيا، و مفخرة من مفاخر مدينة وجدة، والجهة الشرقية. لقد تكفل الرجل خلال مسيرته المسرحية بإنشاء توجه جديد أطلق عليه اسم مسرح: « النقد و الشهادة »([1]). وذلك لتحديث فن المسرح بوجدة، وإرساء قواعد  حداثية ، وأطر ثابتة للكتابة الإبداعية. لهذا كان التنظير عنده محاولة تتم من الداخل، أي من طرف المبدع نفسه انطلاقا من تصور حداثي خاص ، لعملية الكتابة المسرحية ولأدواتها وحدودها .([2])

ومسرح « النقد والشهادة » الذي عمل على إرسائه، هو مسرح ملتزم على المستويين الأفقي والعمودي، هدفه خلق جمهور ثوري ينفعل، ويتحرك، يسأل، و يبحث، ويربط ما يجري فوق الخشبة بما يجري على أرض الواقع. إنه مسرح « يفضح » بلغة الإبداع المسرحي الواقع المعيش، ويدعو لتجاوزه، من أجل بناء المجتمع والإنسان البديلين. وإلى جانب « نقديته »- أو توجهه « البريختي » القائم على أساس: »إضفاء الشكل المسرحي على مشاكل العصر »([3])، وتحرير فن المسرح من الأبعاد البرجوازية، ومنحه وظيفة تربوية، وأداة ثورية لتحرير الطبقات المقهورة في المجتمع- فهو مسرح « الشهادة »: يشهد على واقعه وعلى اللحظة التاريخية، بعد استيعابها وتمحيص النظر في أسبابها ونتائجها، وتقديمها للقارئ- المتلقي- بلغة إبداعية.

 وعلى العموم فأعماله اتخذت طابع المزج بين المسرح الاحتفالي ، والمسرح الملحمي théâtre epique، كاشفة عن علاقة متينة بين التجارب المسرحية السابقة أو المعاصرة، سواء كانت مغربية أو عربية كتجربة الاحتفاليين، أو غربية  كتجربة « بريخت » الملحمية. وذلك هو السر في كون مسرحياته جاءت بصبغة ثورية و اجتماعية بعيدة عن المسرح الفردي أو المسرح التعبيري أو المسرح الرومانتيكي. ف »بريخت » – باعتباره أحد المراجع المهمة ل »محمد مسكين »- يرى أن مسرح الفرد لم يعد له معنى. لأن المسرح الحديث لم يعد يهتم للفرد، بل للجماعة حتى إن « بريخت » هاجم التعبيريين، بدافع أن « الدراما الفردية » لم تعد تتماشى مع العصر الحديث .

     لقد جعل « محمد مسكين » من الكتابة نقدا للواقع عن طريق الإبداع، حيث تتميز أعماله بالحركية والحيوية، وبعناصر المعرفة والجمال، ورصد التغيرات الواقعة على مستوى العلاقات الإنسانية. الأمر الذي شكل لديه رؤية فلسفية وقفت ضد كل الأشكال الجاهزة، داعية الملتقي إلى المشاركة بكل وعي وإحساس. وبالموازاة اعتمد على عدة تقنيات مسرحية مثل تقنية « التقريب والتباعد »، و »تكسير الجدار الرابع »، مع إلحاحه على واقعية الفعل المسرحي.([4]) لأنه ينتمي إلى التيار الواقعي، غير أن هذه الواقعية لا تنقل الواقع نقلا حرفيا أو « فوتوغرافيا ». بالإضافة إلى أن كتاباته غير مبنية بناء كلاسيكيا بالفصول والمشاهد. وإنما ب »الرشاش »، وهي تقنية تجعل النص لا يعرف النهاية. بل هو نص مفتوح كان يعتمد على الاسترجاع فيتداخل الماضي بالمستقبل، والحاضر بالماضي.([5])

………………………………………………………………………………………………………….

[1]  ) يطلق محمد مسكين على مسرحية أيضا التسمية التالية :  » مسرح النفي والشهادة ».

[2]  ) في حوار أجراه معه محمد الباتولي ملحق الميثاق الوطني المغربية عدد 6 ابريل 1981.

[3] ) الحداثة والمسرح العربي- عبد العزيز حمودة – عالم الفكر – مجلد -21 – عدد- 2 – 1991.ص:57

[4] ) كتابة التغيير في المسرح المغربي مسرحية « النزيف » لمحمد مسكين نموذجا . إعداد الطالبة فاطنة لكرد، تحت إشراف د. عبد الرحمن بوعلي ص 23.

[5] )   المرجع  السابق ص 23.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.