Home»Enseignement»جهاز التفتيش طالب الوزارة بتكليف الأساتذة بالتفتيش وليس بالإرشاد

جهاز التفتيش طالب الوزارة بتكليف الأساتذة بالتفتيش وليس بالإرشاد

0
Shares
PinterestGoogle+

من المعلوم أن جهاز التفتيش عرف تناقصا كبيرا في عدد أطره منذ إغلاق أبواب مركز تكوين المفتشين لأكثر من عقد ونصف من السنين ، وغياب مباراة التوظيف المباشر ، وتعطيل التكليف بالتفتيش ، وهي فترة تزامنت مع مغادرة العديد من أطر التفتيش إما بسبب الإحالة على المعاش التام والنسبي ، أو المغادرة الطوعية ، أو الاضطلاع بمهام أخرى ، أو حتى مغادرة الحياة. وقد نتج عن هذه الوضعية النقص الكبير في عدد المفتشين حتى بلغ الأمر حد انعدام بعد التخصصات في بعض النيابات ولمدد زمنية تصل إلى عقد من السنين.

وأمام إلحاح جهاز التفتيش على دعم صفوفه بأطر جديدة منذ مدة طويلة ظلت الوزارة تتلكأ ، وتسوف ، وتناور من خلال استصدار الوثيقة الإطار ومذكراتها لهيكلة التفتيش من أجل الالتفاف حول مشكلة النقص الكبير لأطر التفتيش. ولم تفوت الوزارة فرصة ظهور البرنامج الاستعجالي للإشارة العابرة في أحد المجالات إلى جهاز التفتيش لتفعيل سياسة الالتفاف حول مشكل نقص أطره ، وذلك من خلال طرح مفاهيم مغرضة لما يسمى مناطق التفتيش ، وهي محض إعادة انتشار لسد الفراغ الحاصل في بعض النيابات دون مراعاة الحد الأدنى من ظروف عمل المفتشين. و صارت سياسة الوزارة للتعامل مع مشكل تناقص أطر التفتيش هي زيادة حجم مهامهم من خلال تمديد ما يسمى مناطق التفتيش. ولقد رفض جهاز التفتيش الوثيقة الإطار وما انبثق عنها من مذكرات تنظيمية ، وتبين بعد ذلك أن الوزارة لم تكن جادة في الوثيقة الإطار ولا في مذكراتها بحيث عطل الجانب المادي للوثيقة فلم توفر الوزارة بنى تحتية ولا تجهيزات ولا وسائل… ولم تظهر إلى الوجود بنايات المفتشيات إقليميا أو جهويا بتجهيزاتها ووسائلها بما فيها وسائل التنقل كما نصت على ذلك الوثيقة الإطار. وعمدت بعض الجهات وبعض النيابات إلى حلول ترقيعية فيما يخص الجانب المادي للوثيقة الإطار حيث أخليت بعض البنايات المهجورة أو المساكن الفارغة لتصير مفتشيات بتجهيزات من سقط المتاع في انتظار المواعيد العرقوبية لإيجاد الفضاءات اللائقة بالمفتشين وتجهيزها.

وكل ما حرصت عليه الوزارة بخصوص الوثيقة الإطار هو إلزام المفتشين بتفعليها دون جانبها المادي . وأمام تنصل الوزارة من التزاماتها المادية بخصوص تفعيل الوثيقة الإطار جاء التحدي من طرف جهاز التفتيش الرافض للوثيقة الإطار أصلا ، وهو عبارة عن مطالبة الوزارة أولا بالوفاء بالتزاماتها المادية قبل القبول بالوثيقة الإطار والانخراط في مقتضياتها . وظل التحدي مرفوعا دون أن تستجيب الوزارة التي لا يعنيها من الوثيقة الإطار سوى إعادة انتشار المفتشين من أجل الالتفاف حول ظاهرة النقص في عددهم . و لم ينس جهاز التفتيش كيف تلكأت الوزارة لسنوات قبل أن تستجيب لمطلب جهاز التفتيش بخصوص تمكين الأساتذة المكلفين بالتفتيش من إطار التفتيش حيث كانت تتجنب ذلك للإفلات من التبعات المادية . وقد ساومت الوزارة جهاز التفتيش في ملفه المطلبي التاريخي المتضمن لمطالب أساسية من قبيل التعويض عن إطار التفتيش على غرار كل أجهزة التفتيش في باقي الوزارات ، ومن قبيل الاستقلالية التي صرحت كاتبة الدولة مؤخرا بأنها لا تفهمها أو لا تتفهمها بمطلب الاعتراف بحق الأساتذة المكلفين بالتفتيش ، وحق الترقي إلى سلم أعلى بالنسبة لفئة من المفتشين و قد قبل جهاز التفتيش هذه المساومة في ملف مطلبي غير قابل للتفتيت من أجل تشتيت صف المفتشين على مضض صيانة لمصالح الفئات المتضررة وفي انتظار أن يتواصل الحوار مع الوزارة عبر نقابة المفتشين بخصوص مطلب التعويض عن الإطار والاستقلالية وباقي المطالب بما فيها فتح مركز تكوين المفتشين.

وجاء فتح مركز تكوين المفتشين دون الطموحات من حيث عدد المفتشين علما بأن خريجي هذا المركز على قلتهم لن يكون في الخدمة إلا بعد مرور حولين كاملين على الخطة الإصلاحية الاستعجالية مما يؤثر على هذه الخطة من جانب دور جهاز التفتيش الذي لا تنكر الوزارة دوره في إنجاح هذه الخطة. وعاود جهاز التفتيش مطالبة الوزارة بتدارك النقص الحاصل في أطر جهاز التفتيش عن طريق تكليف الأساتذة بالتفتيش على غرار سياسة سابقة اضطرت إليها الوزارة في ظروف سابقة مماثلة ، أو عن طريق مباراة التوظيف المباشر إلا أن الوزارة تملصت من هذا المطلب حتى لا تكون مضطرة من جديد لدمج الأساتذة المكلفين بالتفتيش ، أو توظيفهم مباشرة كما فعلت يوم كانت المصالح المركزية تعج بموظفين في حاجة إلى ترقية ، وكان أسهل طريق لترقيتهم هو مباراة التفتيش المباشر حيث صاروا مفتشين أشباح . وجريا على عادة الالتفاف حول ظاهرة النقص في عدد المفتشين أصدرت الوزارة المذكرة رقم 155 بتاريخ 10/11/2009 في موضوع دعم آليات التأطير التربوي لتكليف الأساتذة بالإرشاد ، علما بأن الإرشاد آلية قديمة ارتبطت بالمراكز التربوية الجهوية لتأطير الأساتذة الخريجين الجدد ، وهي آلية لا زالت موجودة في المدن المتوفرة على مراكز تربوية جهوية. والجديد في هذه المذكرة أن الإرشاد الجديد تريد الوزارة من ورائه الالتفاف حول ظاهرة تقلص عدد المفتشين كما جاء في حيثيات هذه المذكرة. والغريب أن تدرج ضمن هذه الحيثيات حيثية التوصيات المنبثقة عن اللقاءات الجهوية التي تمت مع المفتشين مع أن المفتشين كانوا دائما مع فكرة فتح مركز تكوين المفتشين أو مباراة التوظيف المباشر للمفتشين ، أو تكليف الأساتذة بالتفتيش ، ولم تكن فكرة تكليف الأساتذة بالإرشاد لمساعدة المفتشين واردة عند المفتشين أصلا في يوم من الأيام بل هي من بنات أفكار بعض مسؤولي الوزارة نكاية في جهاز التفتيش الذي بات يقلقهم بسبب ملفه المطلبي العادل والمشروع.

والمذكرة رقم 155 لن تعدو ذر الرماد في العيون ، لأن إشكالية تقلص عدد المفتشين لا يمكن أن تحل عن طريق المناورة من قبيل فكرة إعادة الانتشار وإعادة الهيكلة ، أو فكرة الإرشاد بل لا بد من توفير العدد الكافي من المفتشين إذ لا يعقل أن تصرف الدولة أموالا طائلة من أجل تفعيل الخطة الإصلاحية الاستعجالية وفي نفس الوقت لا تجد مالا تصرفه على توفير العدد الكافي من المفتشين ، وعلى تعويضهم على إطارهم وهو تعويض لا زال مغيبا ، وعلى تعويضهم على تنقلاتهم التعويض المشرف عوض التعويض المذل المخزي الذي يرتفع خلال موسم لينحدر في موسم آخر بفعل فاعل بسوء نية وطوية نكاية في جهاز التفتيش ، وإمعانا في النيل منه لأنه شوكة تؤلم الخاصرة. وأخيرا أقول للوزارة الوصية ، وتحديدا لمن يقلقه جهاز التفتيش إن المثل العامي المغربي يقول :  » قوم وإلا طلق  » فإما أن تولي الوزارة جهاز التفتيش ما يستحق من عناية مادية ومعنوية أو تسرح أطره بمغادرة قسرية هذه المرة ، أو تعيدهم إلى طبيعة عملهم الأول وهو الاضطلاع بمهام التدريس بعد أن يسلم لها خريجو المركز دبلوماتهم ، والناجحون في مباراة التوظيف المباشر شواهد نجاحهم شريطة أن يسلم كل من استفاد من النجاح في هذه المباراة من موظفي الوزارة تحت مظلة التفتيش الشبحي و بدون حقيبة ما حازه من امتيازات .

والمفتشون على أتم الاستعداد للعودة إلى الفصول الدراسية لممارسة مهمتهم الأساسية ، وهم يفخرون بأنهم مدرسون قبل أن يكونوا مفتشين ، ولا يضيرهم أن يعود إلى مهمة التدريس إذا كانت الوزارة عاجزة عن تلبية مطالبهم العادلة والمشروعة. وإن المذكرة 155 ليست مجرد إساءة للمفتشين بل هي عبارة عن إساءة كذلك لكل المدرسين لأنها تجهز على حقهم في ممارسة التفتيش ، وفيهم من هو أهل لذلك بفضل خبرة كبيرة اكتسبها خلال مشوار التدريسي . لقد ثبت وتأكد فشل الحلول الترقيعية ، والاصلاحات الاستعجالية ، وآن الأوان لنهاية عهد الارتجال في زمن رهان الأمم على المنظومات التربوية من أجل الفوز بأهم رأسمال لتحقيق التنمية الحقيقية ، وهو الرأسمال البشري المحرك لكل دواليب التنمية والذي يضطلع به قطاع التعليم الذي يضخ الدماء في كل القطاعات.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *