Home»Enseignement»المسالك الدولية للباكالوريا المغربية، خيار أم إلزام؟

المسالك الدولية للباكالوريا المغربية، خيار أم إلزام؟

0
Shares
PinterestGoogle+

بقلم هشام البوجدراوي
تعتبر المسالك الدولية للباكلوريا المغربية خيار فرنسية، إحدى المسارات الدراسية التي عملت وزارة التربية الوطنية على إحداثها بالتعليم الثانوي التأهيلي. ويندرج هذا القرار ضمن التدابير التي اتخذتها الوزارة الوصية في إطار توجهات الرؤية الاستراتيجية 2015/2030 لتجويد مخرجات منظومة التربية والتكوين، من خلال توسيع العرض التربوي والرفع من الكفايات اللغوية التي تستلزمها متابعة الدراسة بالتعليم العالي. ويتمثل هذا الخيار في إرساء الجدع المشترك: الأدبي والعلمي، ببعض المؤسسات التعليمية، تدرس مواده العلمية بإحدى اللغات الأجنبية، كخيار إضافي لمسلك الجدع المشترك « عربية »، في أفق تعميمها على الصعيد الوطني بشكل تدريجي، وإرسائها كخيار وحيد بشرط توفير الشروط والآليات التي ستساعد على إنجاح هذا الخيار.
لكن في مقابل ما ذكرنا سلفا، أبان واقع حال إرساء هذا الخيار بالمؤسسات التعليمية العمومية، عن مجموعة من الاختلالات التي ترتبط بطريقة ومنهجية التنزيل من جهة، وبالظروف التي تصاحب عمليات التفاعلات الصفية من جهة أخرى. وهنا سنسرد خمس معيقات أساس يجب أخذها في الحسبان أثناء التفكير في تعميم قرار إرساء المسالك الدولية للباكالوريا المغربية بداية الجدع المشترك على مستوى المؤسسات التعليمية.
أولها يتعلق بضعف مستوى أغلب تلاميذ الجدوع المشتركة بالمؤسسات العمومية في المواد العلمية، أضف إلى ذلك تدني مستواهم بمادة اللغة الفرنسية، على مستوى التعبير و الفهم، مما سيشكل عائقا إضافيا لديهم في تحقيق التفاعلات الصفية وفي اكتساب الكفايات الجديدة الخاصة بالمواد العلمية.
ثانيها يتمثل في عدم استفادة الأساتذة من تكوين أساس خاص بتدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية. خصوصا وأن معظمهم خضع ويخضع للتكوين أو حتى للتكوين المستمر باللغة العربية. كما أن المفرنسين منهم، درَّس لسنوات عديدة باللغة العربية، مما يجعل بعضهم يزاوج بين اللغتين العربية والفرنسية خلال ممارسته لفعل التدريس. إن التفاعلات الصفية هي عملية تواصلية بالأساس، تستلزم التمكن من لغة التدريس باعتبارها أداة تواصلية، والتنويع في المصطلحات المستعملة، والبحث عن لغة بسيطة مفهومة من لدن التلاميذ، حتى تتحقق لديهم الاستجابات المطلوبة.
أما ثالثها فيرتبط بتمسك أغلب التلاميذ وأسرهم على حد سواء، بخيار تدريس المواد العلمية باللغة العربية. ويعتبرونه حقا من حقوقهم، ما دامت لحد الآن لم توفر لهم كافة الظروف والضمانات لنجاح هذا الخيار. ويعتبرون أن أي تعميم للخيار فرنسية يجب أن يبدأ مع أفواج السنوات الأولى من سلك التعليم الابتدائي، باعتماد التناوب اللغوي كمنهجية تنزيل، ليستمر معهم طيلة مسارهم الدراسي، دون المساس بمكانة اللغة العربية، باعتبارها لغة أدب وعلم وثقافة وباعتبارها كذلك اللغة الرسمية للمغاربة كما ينص على ذلك الدستور .
ويتعلق المعيق الخامس، في أن وزارة التربية الوطنية احتفظت بنفس البرامج المعتمدة، واكتفت بترجمتها إلى لغات الخيار. هذه المحتويات الدراسية أبانت عن ضعف في مسايرة التطور الكبير الذي يعرفه علم التدريس اليوم، كما أبانت عن عدم قدرتها على استمالة ميول التلاميذ واستثارة دافعيتهم نحو التعلم. في حين أن التغيير يستلزم استحداث رؤية جديدة على مستوى: المناهج والبرامج وطرق التدريس والمعينات الديداكتيكية وفي تبسيط الدعامات والحوامل الديداكتيكية والبحث عن لغة وسيطة وميسرة لفهم وتدبر المعارف والتمكن من المهارات.
أما المعيق الأخير فيرتبط بعدم حصول ذلك التكامل والترابط، بين برامج المواد العلمية وبرامج اللغة الفرنسية والإعلاميات بجميع المستويات. فمن المفروض أن بناء الكفايات العلمية بلغة تدريس فرنسية، يستلزم أن تتضمن بعض المضامين والحوامل الديداكتيكية، التي ترتبط ببرنامج مادتي اللغة الفرنسية والمعلوميات، محتويات علمية توظف في الانفتاح على عوالم المعرفة العلمية والتقنية. كما يجب أن تخصص حصص لدعم التلاميذ في المهارات التواصلية: من فهم للرسائل الشفهية والمكتوبة، والتعبير عن الرأي، والتمكن من آليات البحث واستعمال الوسائط الحديثة في اكتساب المعارف.
هذه الملاحظات تحيلنا على طرح مجموعة من التساؤلات التي تفتح باب النقاش حول منهجية ومتطلبات تنزيل وتعميم المسالك الدولية خيار فرنسية بمستوى الجدوع المشتركة على مستوى المؤسسات التعليمية:
هل تعميم المسالك الدولية خيار فرنسية ابتداء من الجدع المشترك العلمي في الوقت الراهن قرار صائب أم أنه لابد من التريث إلى حين توفير الظروف المواتية لذلك، خصوصا أن تلاميذ هذا المستوى يعانون من ضعف واضح في المهارات التواصلية باللغة الفرنسية أضف إلى ذلك عدم تملكهم للكفايات المرتبطة بالمواد العلمية؟
هل تلميذ الجدع المشترك العلمي خيار فرنسية، المنحدر من مؤسساتنا العمومية، وصل إلى مستوى من تعلم اللغة، يجعله يستطيع أن يفهم ويلخص المعلومات من المصادر المكتوبة والشفهية باللغة الفرنسية، ويفترض ويلاحظ ويشرح ويستنتج ويعمم النتائج العلمية بلغة موليير، من خلال وضعيات علمية مركبة ومتداخلة، أم أنه لا زال يتخبط في إشكالات فك الرمز والتلعثم في القراءة وصعوبات فهم المقروء وكثرة الأخطاء الإملائية…؟
هل تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية يعتبر من العمليات اليسيرة التي يمكن خوضها دون تكوين، أم أن الوضعيات التواصلية والتفاعلات الصفية باللغة الفرنسية، تتطلب التمكن من قواعدها وبنياتها الصرفية والتركيبية، والقدرة على التعبير عن الرأي بتلقائية و بمنتهى السلاسة، و الدقة في اختيار الألفاظ المناسبة لمختلف الوضعيات التواصلية والتمكن من إنتاج ملفوظات ونصوص مكتوبة يغلب عليها إما طابع الإخبار والوصف أوالتوجيه والسرد أوالتفسير والحجاج؟

هل خصصت المؤسسات التعليمية في إطار مشروع المؤسسة برامج دعم تعلم اللغة الفرنسية وتطوير الكفايات اللغوية التواصلية للتلاميذ المتعثرين وتعزيز انفتاحهم على المجالات العلمية باتباع المقاربات التواصلية وما بعد التواصلية (الأنشطة والمهام) والطرق الحديثة في علم التدريس أم أنها اكتفت بتعزيز بنيتها التربوية بأقسام الخيار والرفع من نسب المنتمين لها؟

وختاما هل قرار تعميم المسالك الدولية للباكالوريا المغربية ابتداء من الجدع المشترك، سيساهم في تنويع العرض التربوي وفي تحسين مستوى التلاميذ في اللغة الفرنسية وتيسير ولوجهم للتعليم العالي، أم أنه سيساهم في الرفع من نسب التكرار بالشعب العلمية ومن الزيادة في عدد النازحين من الشعب العلمية إلى مسالك شعب الآداب والعلوم الإنسانية؟
بقلم هشام البوجدراوي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *