من المسؤول عن الفشل الذريع للمهرجان الجهوي للمسرح المدرسي بالناظور.

من المسؤول عن الفشل الذريع للمهرجان الجهوي
للمسرح المدرسي بالناظور.
لقد تم تنظيم المهرجان الجهوي للمسرح المدرسي من طرف الفرع الإقليمي لجمعية التعاون المدرسي، التابع لنيابة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بالناظور، بتنسيق مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، وبمشاركة الفروع الإقليمية لجمعية تنمية التعاون المدرسي بالجهة الشرقية، وذلك يوم 29-30-31 ماي 2014، احتفالا بعيد ميلاد ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، بالمركب التربوي بالناظور.
فالمناسبة إذن على جانب كبير من الأهمية والسمو، فما الذي حدث حتى يفشل المهرجان هذا الفشل الدريع؟
حتى أغلق أفق الانتظار الذي دشنه عنوان هذه المقالة وأضع حداً لتخمينات بعيدة قد ترهق الأعصاب دون طائل، سأصادر على المطلوب على أن أجعله يتضح شيئا فشيئا عبر مسار التحليل، وأقول: إن المسؤول عن فشل هذا المهرجان هو إدارة المهرجان نفسها، والتي جرت عادة سيئة بإسنادها دون مسوغ معقول إلى النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية، مع العلم أنها يجب أن تسند إلى رجال الميدان، أي إلى أحد رجالات المسرح وما أكثرهم في أسرة التعليم، وحتى في حالة عدم توفر مثل هذه الإمكانية لابأس من الاستعانة بالمسرحيين حتى من خارج هذه المؤسسة، وإلا فلماذا التشدق بالشعار الرنان « آنفتاح المؤسسة على محيطها » لأن رجل المسرح، نظراً لآرتباطه عن قرب بالفعل المسرحي، ونظراً لما يكون قد راكمه من خبرة في حضور المهرجانات وتنظيمها في بعض الأحيان، سيكون أكثر تأهيلا من غيره بالنسبة لتوفير الشروط القمينة بإنجاح تظاهرة فنية تربوية من هذا النوع، أما إسناد مهمة إدارة مهرجان من هذا القبيل يجمع بين مفهومين على قدر كبير من الخصوصية والعمق ألا وهما المسرح من جهة والتربية من جهة أخرى، إلى شخص من هذا القبيل أقصد النائب الإقليمي، الذي لا يعرف عن المسرح أكثر مما تعرف ضفدعة عن بتهوفن، بل يبدو- ونظراً لما صدر عنه خلال المهرجان من تصرفات رعناء- أن حتى مفهوم التربية لا يعرف عنه أكثر من كونه على وزن « ترقية »، قلت، إن إسناد مهمة من هذا القبيل، وبمناسبة من هذا القبيل إلى شخص من هذا القبيل، كان بمثابة إجهاز مسبق على مهرجان من هذا القبيل.
وليلاحظ معي القارئ الكريم أنني لا ألقى أي لوم أو عتاب على الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، لأنها قامت بكل ما كان ينبغي عليها القيام به، كما لا ألوم جمعية تنمية التعاون المدرسي، فقد بذلت مشكورة الكثير من الجهود في سبيل إنجاح هذه التظاهرة، ولكن آشتغالها تحت وصاية شخص من هذا القبيل، ليس بينه وبين المسرح والفن بشكل عام، بل وحتى بينه وبين التربية والتنظيم « إلا الخير والإحسان ! » هو الذي جعل كل مجهوداتها تذهب سدى، لأن أولويات الجمعية ليست هي أولويات النائب، ولأن الأساسي بالنسبة إليها ثانوي بالنسبة إليه والعكس بالعكس.
وقبل الحديث عن المظاهر المتعددة لهذا الفشل نود وحتى يكون كلامنا الانف الذكر عن « مدير المهرجان ! » مشفوعا بالحجة والبرهان، أن نضع القارئ الكريم في قلب الصورة عبر بعض ما صدر عنه من مسلكيات غير معقولة، كانت لها آنعكاسات سلبية مباشرة على المهرجان.
1- ما أن وطئت أقدامنا كلجنة تحكيم مقر المركب التربوي حيث سيقام المهرجان، -وربما بسبب من كوننا قد أخذنا مهمتنا هذه مأخذ الجد أكثر من اللزوم، على الأقل بالنسبة لشخص من هذا القبيل- حتى آرتأينا أن نفاتحه بآعتباره « مديرا للمهرجان ! » في بعض الأمور كما يحدث في سائر المهرجانات، والتي نرى من جهتنا كلجنة تحكيم، خصوصا وأننا بالنسبة للمسرح والتربية، نحن أهل مكة ونحن الأدرى بشعابها- أن من جرائها ضمان نجاح التظاهرة والحفاظ على جوهرها التربوي، فتقدمت منه أنا كاتب هذه السطور، طبعا برفقة زميلي المبدعان والناقدان الأستاذ عفاني والأستاذ محمد حماس، وسألته عن الجوائز التربوية التي تم إعدادها لمكافأة الفرق المشاركة، حتى تتم تسميتها حسب الغايات المنشودة، أفهمته بأن الغاية من هذا السؤال هي محاولة اللجنة أن تجعل تقييمها للعروض المسرحية التلاميذية، تقييما تربويا، وذلك بالحرص على جعل عدد الجوائز متناسبا مع عدد الفرق المشاركة حتى يعم الرضى على الجميع، وحتى تشعر كل فرقة بقيمة ما قدمته سواء على المستوى التربوي أو الفني، وحتى نتجنب ما يمكن أن ينجم عن تتويج البعض وحرمان البعض الآخر من مشاعر الكراهية والحقد والبغضاء، التي يمكن أن يكنها المحرومون للمتوجين، ومن مشاعر الاستعلاء وربما حتى الاحتقار والتشفي التي يمكن أن يكنها غير المتوجين للمتوجين، ثم لا ننسى أننا لا نتعامل مع محترفين بل مع مجرد أطفال أبرياء وجدوا في المسرح وسيلة من وسائل التعبير عن الذات.
وكم كانت دهشتنا لا توصف أنا وزملائي في لجنة التحكيم عندما فوجئنا بـ: « مدير المهرجان !أقصد النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية وأضع خطين بالأحمر تحت كلمة تربية، يختار ومن بين ألف إجابة ممكنة أسوأها بل « أكفسها » على الإطلاق، وأبعدها عن الوعي التربوي السليم وذلك حينما قال بطريقة ملؤها التبجح الأرعن و »النخوة » الجوفاء: « الجوائز؟ ! .. وانتوما جبتونا معاكم شي جوائز ملأكاديمية؟ ! … حنا يخصنا لفلوس.. نعم أستاذ لفلوس.. وما تنساوش بللي حنا مالين الدار.. وأحنا أهل الكرم.. ».
عند هذه اللحظة بالذات، فعلت مثلما فعل الفقيه الصالح أبو حنيفة النعمان، فمددت رجلي ما طاب لها الامتداد، وتذكرت نصيحة لأحد الحكماء الإغريق القدماء، يقول فيها بأن « علينا أن لا نمنح لشخص ما شرف مناقشتنا في أمور لم يسمع بها لأول مرة إلا منَّا »، لأنني سرعان ما أدركت أنا وزميلي في لجنة التحكيم بأن مخاطبنا يهرف فيما لا يعرف، لأنه لو كان قد تحلى بقليل من التروي والتواضع وحاول ولو للحظة وجيزة أن ينفض عن ذاته ما علق بها من بداوة الطبع ورعونة المزاج، لكان قد أدرك على الفور وبداهة بأن « أهل الدار وأهل الكرم »، هنا هم الأطفال وبأننا كلنا ضيوف على الأطفال، جمعية تنمية التعاون المدرسي وهو معها، وكل المدعوين والمشاركين، كلنا ضيوف على التلاميذ ولا أقول هذا بالمعى المجازي بل بالمعنى الحقيقي لأن جمعية تنمية التعاون المدرسي ممولة من طرف التلاميذ عبر كافة أنحاء التراب الوطني وبالتالي فإن أي تظاهرة من هذا النوع تنظمها هذه الجمعية إلا ويَكون مصدر تمويلها هم التلاميذ أنفسهم في شكل « مساهمة يدفعونها مع رسوم التسجيل في بداية كل سنة دراسية » فهم إذن أي التلاميذ، هم « أهل الدار » هنا « وأهل الكرم »، أما مدير المهرجان فهو مجرد ضيف يريد أن يكون كريما من « دار أخواله »، وكل ما عليه أن يأمله في مثل هذه الحالة هو أن يكون ضيفا مرغوباً فيه، وليس ضيفا ثقيلاً، خصوصا إذا لم نغفل عن التذكير بافتقاره للكفايات اللازمة لإنجاز هذه المهمة، سواء على المستوى الفني أو التنظيمي أو البيداغوجي، وعليه فليس له الحق أن يمن على أحد لأن فاقد الشيء لا يعطيه…؛
فإذا كان تلاميذ الوطن برمته قد أسهموا بأموالهم في هذا المهرجان وذلك بملء خزائن جمعية تنمية التعاون المدرسي، والتلاميذ المشاركون أسهموا بأعمالهم المسرحية، والمؤطرون بتأطيرهم وأطر جمعية تنمية التعاون المدرسي بمجهوداتهم المشكورة رغم أنها كانت مجهضة بفعل الوصاية، واللجنة أسهمت بتطوعها لوجه الله وبتضحيتها بوقتها ومشاق سفرها ذهابا وإيابا كل يوم بين وجدة والناظور، فهل يمكن للنائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بالناظور « مدير المهرجان ! » أن يخبرنا في أي شيء بالضبط تتمثل مساهمته؟…
لا نعتقد أنه يملك جوابا على هذا السؤال اللهم إلا إذا انتهج أسلوب « الشعبوية » و »لغميق » والمزايدات الخاوية التي لا طائل من ورائها كما في إجابته السابقة.
وعلى ذكر الإجابة السابقة: « جبتونا معاكم شي فلوس ملأكاديمية؟ !.. حنا يخصنا لفلوس .. نعم أأستاذ لفلوس » لقد كان على القراء الكرام أن يلاحظوا تعابير وجهه وهو ينطق كلمة « لفلوس » خصوصا إذا تذكروا معي بأن اللجنة حينئذ كانت تحدثه عن التربية والأخلاق والحفاظ على السلامة النفسية للأطفال… كان ينطق هذه الكلمة بالطريقة نفسها التي كان ينطق بها قيس بن الملوح إسم ليلى العامرية ودونيكشوط إسم دولسينيا..، حتى أنني تساءلت في قرارة نفسي: « ما قصة هذا الرجل مع كلمة « لفلوس »، حتى ينطقها بمثل هذا الهيام؟ .. وخمنت دائما في قرارة نفسي: « أن لا شك أن وراء هذا الأمر سرا دفينا ».
2- هذا عن التصرف الأول الذي دشن به هذا الشخص المهرجان أما عن السلوك اللامنطقي واللاقانوني الآخر الذي سيختتم به المهرجان فإليكم الحكاية:
على الرغم من تبجحه غير المبرر بأنه هو « أهل الدار وأهل الكرم » إلى أنه لم يفكر في حجز ثلاثة غرف بسيطة لأعضاء اللجنة الثلاثة، ولليلة واحدة فقط في أي نزل مهما كانت بساطته، وذلك تسهيلا لأداء اللجنة لمهمتها خصوصا وأن هذه المهمة كانت تطوعية وفي سبيل الله والبراءة الطفولية، والأدهى والأمر أننا عندما طرحنا مع المنظمين هذه المسألة البسيطة، أخبرهم أي « مدير المهرجان ! » بأن يخبرونا بأن بإمكاننا أن ننام بـ : »الدورطوار » بالمركب التربوي، فليتأمل معي القارئ الكريم هذه النظرة الدنيئة التي ينظرها بها بعض « المسؤولين اللامسؤولين » إلى أهل الفكر والإبداع.والتي لايمكن تفسيرها إلا بالرجوع إلى نظرية التحليل النفسي عند فرويد وذلك باعتبارها أحد الميكانيزمات اللاشعورية للدفاع عن » الأنا »، إذ عندما تكون هذه الأنا هشة ومفتقرة لأية علامات فارقة وبدون أي تميز يذكر فإنها تشعر في قرارة نفسها بالدونية وحتى تحافظ على توازنها النفسي فإنها ما أن تجابه بآخر يمتلك عنصر التميز الذي حرمت هي منه حتى يتشكل الشعور بالدونية ضديا في صورة انتقام من هذا الآخر قد يتخذ أشكال معنوية كما هو الحال في السياق الذي نتحدث عنه وقد يتخذ أشكالا مادية ولهذا فعلينا أن نحمد الله كلجنة تحكيم أن انتقام الأنا المقصودة هنا اقتصر على الجانب المعنوي .
وما كان علينا والحالة هذه، وحتى لا نجعل من الحبة قبة، إلا أن نرجع للمبيت في منازلنا بمدينة وجدة على أن نعود إلى الناظور في صباح الغد لإتمام مهمتنا. وهكذا كان أفقنا في صباح يوم السبت مرة أخرى عن بكرة أبينا، واتجهنا نحو الناظور.. كان علينا ذلك الصباح أن نشاهد العرضين المتبقيين لكل من مدينتي فجيج وجرادة، وعندما تجاوزنا قرية اركمان بقليل وكانت الساعة قد تجاوزت التاسعة بعض الشيء تم الاتصال بنا ليس من أجل الاطمئنان علينا بل من أجل استعجالنا، فأخبرناهم أننا سنصل بعد عشرين دقيقة على أكثر تقدير.
فمن كان يخطر على باله أنه خلال هذه المدة الوجيزة سينجز « مدير المهرجان ! » قفشته الثانية التي ستدخله هذه المرة إلى دفتر « كَينيز للتروان والتخرميز »، تصوروا لقد شكل لجنة تحكيم أخرى بطريقة بهلوانية غير قانونية، لا يتوفر في أي فرد منها شرط الكفاية الفنية وأوكل إليها مهمة مشاهدة ما تبقى من العروض رغم أن الفاصل بين بداية العرض الأول ووصولنا كان أقل من عشرة دقائق.. فما كان على لجنتنا القانونية والمعينة من طرف السيد مدير الأكاديمية حينئذ إلا أن تنسحب في صمت، « إذ ماذا عساه يفعل الماء، إذا تم استبداله بالتيمم ».
فماذا كان الدافع إلى هذا السلوك الأرعن، ولماذا كل هذه العجلة خصوصا وأننا في يوم السبت، ولو كان صاحبنا قد فعلها في اليوم السابق أي يوم الجمعة لفسرنا الأمر بالورع والتقوى والحرص على عدم تفويت صلاة الجمعة، ولكنه لم يفعل ذلك ساعتها، بل العكس هو الذي حصل، إذ على الرغم من أن السيد عامل الإقليم تعطل كثيراً عن الموعد المحدد لحضور حفل الافتتاح، إلا أن « مدير المهرجان ! »، ظل أكثر الحاضرين هدوءا ولم « يتهول » بتاتا.
فإذا كان « مدير المهرجان » هذا لم يقلق على إمكانية تفويت صلاة الجماعة يوم الجمعة الذي هو عيد للمسلمين، فما هي هذه الحاجة المهمة إلى هذا الحد والتي تستحق أن يقلق على عدم تفويتها كل هذا القلق مساء يوم السبت Samedi soir ويستعجل قضاءها في حينها كل هذا الاستعجال… ما السر في ذلك يا ترى؟ ولقد بلغنا من مصادر ذات اطلاع واسع أنه ما كاد جمع المهرجان أن ينفض حتى أغلق صاحبنا هاتفه النقال واختفى دون أن يبكي ليلى ولا أن يطرب إلى هند.
يبدوا أننا أمام رجل كله أسرار، لذلك سنتركه يحكم إغلاق خزائن أسراره حتى يعسر على المستطلعين فك رموزها، لنمر إلى تعداد مظاهر الفشل الذريع الذي مُني به المهرجان الجهوي للمسرح المدرسي والذي يعتبر هو وحده دون سواه أي « مدير المهرجان ! » المسؤول الرئيسي عن هذا الفشل، لأنه ليس أهلا لهذه المهمة، وطبعا عندما تسند الأمور إلى غير أهلها فانتظر الساعة.
المظهر الأول: الشعار المفخخ.
لقد نظم المهرجان تحت شعار مفخخ ملغوم ألا وهو « من أجل وسط مدرسي بدون عنف »، ومن البديهي أنه قد أريد لهذا الشعار أن يكون بهذه الصيغة الفضفاضة المضببة حتى يؤدي على خير وجه الغاية المغرضة التي تم انتدابه لتحقيقها والمتمثلة في جعله يوحي بطريقة لا شعورية آلية بإلصاق التهمة، تهمة العنف بجهة واحدة هي التي تكون عادة كبش الفداء في كل الحالات التي يتم فيها تشخيص علة معينة في الجسد المترهل لمنظومتنا التعليمية المصابة بما لا حصر له من الأمراض المزمنة، هذا في حين أن رأس الحربة في آفة العنف، عندما يتعلق الأمر بالوسط المدرسي، هو وزارة التربية الوطنية ذاتها، وإلا فماذا نسمي معضلة الاكتضاد، وحشر الأجساد الصغيرة الطرية بالعشرات داخل حجرات لا تتسع حتى لنصف عدد ما يحشر فيها، أليس هذا عنفا موصوفا.
– وماذا نسمي برامج فارغة كفؤاد أم موسى يتم فيها التركيز على الإيديولوجي على حساب المعرفي، وعلى الوعي المغلوط على حساب الوعي المطابق أليس هذا عنفا موصوفا.
– وكيف نسمي إثقال كاهل التلميذ المسكين بمحفظة يفوق وزنها، وزن جسده النحيل، ويتم فيها التركيز على العائد التجاري أكثر من العائد التعليمي، أليس هذا عنفا موصوفا، ليس فقط على عقول الأبناء بل وعلى جيوب الآباء.
– وماذا نسمي تلك الطرق الشيطانية في تقزيم العطل المدرسية التي هي حق مقدس للتلميذ، وذلك بجعل أيام الأسبات والآحاد فيها تبتلع بقية الأيام، أليس هذا عنفا موصوفا.
– وما ذا نسمي جعل الأطفال القرويين يسيرون عشرات الأميال معرضون للحر والقر والأخطار حتى يصلوا إلى مدارسهم.البئيسة، أليس هذا عنفا موصوفا.
– وماذا نسمى عدم استدعاء ولو تلميذ واحد من تلامذة مدارس الناظور كلها لمشاهدة مسرحيات المهرجان، مع العلم أن هذا المهرجان قد تم تنظيمه مبدئيا من أجلهم، أليس هذا عنفا موصوفا.
وما ذا نسمي تنصيب شخص مديرا للمهرجان المدرسي وهو لا يفقه « ترن » لا في المسرح ولا في التربية ولا في الإدارة والتنظيم الشيء الذي ترتب عنه وأد كل الغايات المنتظرة من مهرجان من هذا القبيل، أليس هذا عنفا موصوفا خصوصا إذا علمنا أن العائد التربوي والتعليمي لمهرجان من هذا النوع كان بإمكانه أن يوازي أو يفوق العائد الفصلي بالنسبة للتلميذ.
– وزيد.. وزيد… وزيد…
ومع ذلك أبى « مدير المهرجان ! »، إلا أن يترك هذا الشعار على هذا النحو من الضبابية والتعتيم، ويترك صيغته المفخخة تمارس تأثيرها اللاشعوري في النفوس، بغاية الإلقاء بمسؤولية هذا العنف على جهة واحدة قد تكون هي الفئة الوحيدة التي لازالت تهمها « المصلحة الفضلى » للطفل.
– المظهر الثاني من مظاهر هذا الفشل يتمثل في عدم صلاحية القاعة التي تم آختيارها للعروض:
– أولا: هي قاعة ضيقة جدا، عدد المقاعد بها لم يتسع حتى للفرق المشاركة التي كان يتعدى عدد أفراد كل واحدة منها 18 فرداً إذا احتسبنا المرافقين…
– وثانيا هي قاعة يغشاها ضوء النهار من كل جانب مما يجعل تقنية الإنارة فيها نصا ميتا.
– ثالثا: أجهزة الصوت التي تم اعتمادها كانت سيئة للغاية الشيء الذي جعلها تشوش على عملية التلقي سواء بالنسبة للأنشودة أو للأحورة التي اعتمدت جهاز الميكرو.
– رابعا الخشبة غير صالحة بتاتا للعرض المسرحي، لأن مساحة الركح الصالح فيها للعب لا تتعدى مترين في العمق وثلاثة أمتار في العرض فهل يمكن لركح من هذا القبيل أن يتسع للعب الفرق التلاميذية التي كان عدد أفراد الواحدة منها لا يقل عن 15 فرداً..
هذا بالإضافة إلى سلبيات أخرى لا يتسع لذكرها هذا المقام، تجعل اعتماد هذه القاعة، ليس فقط تعديا على أب الفنون، بل وعلى الأطفال الأبرياء أيضا، علما بأن الفضاءات الصالحة لإقامة مهرجان مسرحي غير منعدمة بمدينة الناظور نذكر منها المركب الثقافي، والذي بغض النظر عن مدى صحة الإدعاء بأنه كان محجوزا، فقد كان على منظمي المهرجان أن يكونوا السباقين إلى حجزه قبل موعد المهرجان بزمن طويل لأن « عرس ليلة تدبيرو عام ».
المظهر الثالث من مظاهر فشل المهرجان هو أنه على الرغم من كونه مهرجانا للأطفال الذين يتميزون بطبيعتهم برهافة البنية الجسدية والنفسية وبكونهم معرضون في كل لحظة لخطر من الأخطار في مثل هذه المناسبات كالإغماء والسقوط والصداع الحاد والحريق وغيرها، فإن إدارة المهرجان لم تتخذ أيا من الإجراءات الوقائية في هذا الصدد إذ كان من اللازم أن تكون سيارات الإسعاف والمطافئ والشرطة على أهبة الاستعداد عند باب مقر المهرجان، خصوصا وأن قاعة المركب التربوي وبحكم السلبيات التي أشرنا إليها سابقا كانت حبلى بما لا يخطر على البال من الآفات وعلى رأسها الحريق، وسنكتفي هنا بالإشارة إلى أن « بروجيكتور » من فئة 2000 فولت كان معلقا على ستارة من النيلون وقد نبهنا كلجنة إلى هذا الخطر ولكن لا رأي لمن لا يطاع وإذا أضفنا إلى ذلك بأن القاعة كانت مغطاة سترا لعيوبها بمئات الأمتار من الثوب السريع القابلية للاحتراق لأمكننا أن نستنتج بأن « الستار الله وخلاص ! » .
المظهر الرابع من مظاهر فشل المهرجان يتمثل في حفل الافتتاح والذي لم يكن إسما على مسمى لكونه قد غيب كل مظاهر الاحتفال، وقد كان بالإمكان تفادي هذا النقص لو تم استثمار المواهب التلاميذية المتواجدة بالمدارس سواء تعلق الأمر بالمجموعات الصوتية أو العزف والإنشاد أو الإضحاك وغير ذلك من أجل تنشيط الحفل ولكن كل ذلك تم تغييبه ليقتصر الحفل على كلمات الجهات المشاركة من قريب أو بعيد وقد كانت هذه الكلمات كثيرة وطويلة ومملة ومفتقرة للتركيز والعمق التربوي.
وقد دارت كلها حول الإشادة بحضور السيد عامل الإقليم في هذا الافتتاح إلى درجة جعلت من هذا الحضور حدثا تاريخيا، ولما كان الشيء بالشيء يذكر فإن مناسبة سامية من هذا القبيل كانت تقتضي تخصيص كلمة رفيعة المستوى بالصوت والصورة للحديث عن المحتفى به أي سمو الأمير وعن بعض اهتماماته وانشغالاته التربوية والفنية والثقافية والاجتماعية بشكل عام بالأخص ما تعلق منها بعالم الطفولة وذلك قصد تقريب الأطفال من أميرهم ولكن للأسف الشديد لا شيء من هذا حدث لأن حضور السيد العامل استحوذ على إهتمام الجهات المنظمة إلى درجة جعلتهم يغفلون عن كافة مقتضيات اللياقة واللباقة في مثل هذه المناسبات السامية كما كان بالإمكان –لو كان المنظمون وعلى رأسهم مدير المهرجان يملكون ولو قليلا من التبصر الفني- إحضار كعكعة الميلاد إلى الخشبة وجعل التلاميذ المشاركين في المهرجان يتحلقون حولها مرتدين ملابسهم المسرحية الزاهية ومرددين لأنشودة عيد الميلاد » سنة حلوة يا جميل » فهل ثمة صورة كان بإمكانها أن تكون أبلغ من هذه للتعبير عن بهجة الأطفال بعيد ميلاد أميرهم صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن ولكن أنى للمنظمين وعلى رأسهم مدير المهرجان أن تخطر على بالهم مثل هذه الإشراقات الفنية الرائعة وإلا لكانت ملكة تمييز رائحة « القرفة » معطاة لكل من هب ودب.
وحتى اللقطات التلفزيونية لإحدى المسرحيات التي شارك فيها سموه كانت بدون تعليق توضيحي الشيء الذي لم يستطع معه الأطفال الحاضرون أن يدركوا بأن سموه يلعب دورا في هذه المسرحية وهو الأمر الذي استنتجه كاتب هذه السطور عبر مساءلة العديد من أطفال الفرق المشاركة .
– المظهر الخامس من مظاهر فشل هذا المهرجان هو الارتباك المنقطع النظير الذي طبع التنظيم وما ترتب عن ذلك من ارتجال وعشوائية:
– التأخر في تقديم البطائق التقنية عن المسرحيات المشاركة للجنة التحكيم.
— عدم الإعلان عن البرنامج خلال حفل الافتتاح.
– عدم تسمية أعضاء لجنة التحكيم خلال حفل الافتتاح كما هو متعارف عليه خلال كل التظاهرات التي من هذا القبيل.
– عدم تزويد لجنة التحكيم بكل ما يلزم لأداء مهمتها من برنامج وأوراق تقنية وأوراق بيضاء وغير ذلك، إلا بعد العرض الأول الذي شاهدته اللجنة دون معرفة حتى عنوانه.
– لقد بدا جليا أن الهاجس المسيطر على الجميع وعلى رأسهم مدير المهرجان، هو أن تمر زيارة السيد عامل الإقليم بسلام ولهذا بدا المنظمون مفتونون يسيرون في كل الاتجاهات، ويصدم بعضهم البعض كسيارات السيرك الكهربائية، وما أن ودع السيد العامل حتى تنفسوا الصعداء، وجلسوا على المقاعد الحمراء لا يلوون على شيء، وكأن المهرجان آنتهى مع نهاية هذه اللحظة المربكة.
– المظهر السادس من مظاهر فشل المهرجان، وهو أخطر مظهر على الإطلاق هو الغياب النهائي للفئة المستهدفة والتي من المفروض أن المهرجان قد أقيم من أجلها، ألا وهم تلاميذ مدينة الناظور، أي الجمهور الحقيقي للمهرجان.
لقد قمت بتقص دقيق مع التلاميذ الحاضرين حول هذا الموضوع فتبين لي أن التلاميذ الذين كانوا يتواجدون داخل القاعة لمشاهدة العروض، كلهم ينتمون إلى الفرق المشاركة، أما ما عدا ذلك فليس هناك ولا تلميذ واحد بل ولا حتى ظل تلميذ واحد من خارج الفرق التلاميذية المشاركة، الشيء الذي يحتم التساؤل عن الغاية، من إقامة هذا المهرجان؟ هل لتتفرج الفرق التلاميذية على بعضها البعض؟
لقد كان على إدارة المهرجان أن تحرص على حضور ما أمكن من تلاميذ مدارس الناظور على الأقل عشرين تلميذاً من كل مدرسة، أما أن يقام مهرجان للمسرح المدرسي، ولا يحضره ولا تلميذ واحد من تلامذة المدينة فهذا قمة الإهمال واللامسؤولية، والأدهى والأمر هو أن ينظم المهرجان تحت شعار « من أجل وسط مدرسي بدون عنف »، فهل هنالك عنف أقسى من أن يُحرم تلامذة الناظور من الحضور لمهرجان أقيم باسمهم « المسرح المدرسي »، ومن أجلهم خصوصا إذا تذكرنا أن تمويل المهرجان خرج من جيوب أبائهم عبر العشرة دراهم التي يدفعها كل تلميذ لجمعية تنمية التعاون المدرسي مع بداية كل سنة دراسية، وإذا تذكرنا أيضا أن المسرح سواء كشكل من أشكال الترفيه أو كشكل من أشكال التعبير الفني هو حق من حقوق الطفل كما ينص على ذلك البندان الأول والثاني من المادة 31 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
لازالت ثمة مظاهر أخرى لهذا الفشل الذريع الذي مُني به هذا المهرجان من قبيل المعارض البئيسة التي أقيمت على هامشه، ومن قبيل الإشارة في البرنامج إلى الأنشطة الترفيهية كفواصل بين العروض، وعدم وجودها الفعلي.. ومن قبيل الزلة القاتلة التي ارتكبها مدير المهرجان « واللي جابت للمهرجان ما يبقاش » وذلك عندما فبرك لجنة تحكيم ثانية دون أن يكون لذلك أي داع اللهم إلا لحاجة في نفس يعقوب، طبعا يعقوب هنا هو « مدير المهرجان » وزيد وزيد وزيد…
ولكن لابأس أن نكتفي بهذا القدر، على أن نعود إلى هذا الموضوع مرة أخرى إذا آقتضت الضرورة، ومع ذلك لا نريد أن نغادر هذا السياق دون الإشارة إلى أن ثمة شيء لم تخفق فيه إدارة المهرجان وعلى رأسها نائب وزارة التربية الوطنية بالناظور، وهو اختيار المناسبة والتي هي الإحتفال بعيد ميلاد ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، لقد كانت تلك التفاتة ذكية وكريمة فعلا، ولكن ألا يشعرالمنظمون وعلى رأسهم « مدير المهرجان » بالخجل من أنفسهم لإفشالهم تظاهرة مسرحية تربوية ، تقام بمناسبة على هذا القدر من السمو والرفعة والجلال.
لحسن قناني ./.





Aucun commentaire