Home»Enseignement»الساعة الجديدة : مبتدأ بلا خبر .

الساعة الجديدة : مبتدأ بلا خبر .

0
Shares
PinterestGoogle+
 

الساعة الجديدة : مبتدأ بلا خبر .

        بقلم : أبي أسامة           

م / م : ابن أبي زرع ، تندرارة.

لا يدخل شهر مارس حتى تزداد إلى انشغالاتنا، انشغالات الزمن الجديد . و لست أحب أن أناقش الساعة الصيفية، و أستصدر أحكاما قيمية تثير من الأسئلة أكثر مما تقترحه من الأجوبة ؛ لكنني أحب أن أقف عند انعكاساتها، على الأداء المدرسي بهذا الإقليم الكريم .

و قبل ذلك، أحب أن أغلق قوسا أعرف أن الإدارة ستفتحه ، فما إن يشر  إلى هذا الموضوع رجالُ التعليم حتى تبادر إلى اتهام نواياهم، و تسجيل القضية في خانة البحث عن المصلحة الفردية، فإذا ما أثرنا معاناة تأقلم التلاميذ معها ، اتهمنا بأننا نستغل شعار المصلحة العامة، لتحقيق مأرب خاص. و لسد هذا القوس أقول : هب أنني أدافع عن هذا الطرح من زاوية المصلحة الخاصة ، لا العامة؛ فأية شريعة تلك ، وضعية ً كانت أو سماوية، تحظر على الفرد أن يفكر في مصلحته، و يسعى إلى تحقيقها ؟ هل يكون تحقيق المصالح الخاصة مرفوضا بإطلاق، أم أنه مقيد بعدم المساس بالصالح العام ؟ ثم ألا ترتبط مصلحة المدرس بمصلحة التلميذ ارتباطا جدليا، أم أن الضغط الذي يعيشه المدرس لا يمكن أن يكون له تجلٍّ على مستوى مصلحة التلميذ ؟ و أخيرا :  أليست رعاية المصالح من الأصول الفقهية التي اعتمدتها المدرسة المالكية، بل أغلب مدارس أهل السنة ؟ أم أن ما يباح للناس جميعا، يحجب عنا نحن رجال التعليم ؟

البحث عن المصلحة حق مشروع لا يمكن لأحد أن يحجبه عن أحد، إلا إذا تنفس هذا الحق على حساب الحق العام، فذلك أمر ترفضه الفطرة السديدة قبل أن تحظره شرائع الأرض و السماء. و مع ذلك أرجو أن تنظر الإدارة إلى القضية بتجرد و موضوعية، و أن ترتفع عن أحكام القيمة، و الأحكام المسبقة التي تنحرف بالنقاش دائما إلى الطريق المسدود.

و لتناول القضية أرى أن هناك بعدين يتعين الوقوف عندهما لاستشراف المسألة بشكل سليم، هما البعد القانوني التنظيمي، و البعد التربوي.

1 / البعد القانوني و التنظيمي

أقر المرسوم 2.13.781 الصادر في 21 من ذي القعدة 1434 ( 28 سبتمبر 2013 ) تغيير الساعة القانونية بإضافة ساعة من يوم الأحد الأخير من شهر مارس إلى يوم الأحد الأخير من شهر أكتوبر . و لا أحد له أن يعترض على هذا المرسوم بغير السبل الدستورية المعروفة، و لست أظن أن المدرسة يعنيها أن يتم إلغاء هذا المرسوم .

و قد  عني عدد من المذكرات التنظيمية بتدبير الزمن المدرسي، و أقرت كلها مبادئ توجه عملية التدبير هذه، على رأسها مبدأ مراعاة الظرفية المحلية ، و مبدأ رعاية الإيقاعات النفسية للمتمدرس.

فقد أشارت المذكرة الوزارية 128 حول جداول الحصص الأسبوعية الصادرة في 5 صفر 1413 الموافق 5 غشت 1992 ، إلى علة اختيارها للصيغة الثانية بـالاستجابة  » لخصوصيات المحيط و ظروفه  » . ثم تلتها المذكرة الوزارية رقم 12/98 ، حول  » تكييف أوقات الدراسة وأيام العطل مع خصوصيات الوسط القروي  » ، الصادرة في 13 يوليوز 1998 الموافق ل 18 ربيع الأول 1419 . و هي المذكرة التي اعترفت بالإكراهات التي تعتور سبيل تحقيق الأهداف النوعية و الكمية المنتظرة من التعليم الأساسي ، و اقترحت كحل إجرائي يروم تجاوز هذه المعيقات  » اعتماد مقاربة جديدة لإدماج المؤسسة القروية في محيطها الاجتماعي والبيئي وتكييفها مع خصوصيات السياق المحلي  » ، و ذلك بـ  » تكييف استعمالات الزمن وأيام العطل المدرسية مع ما تقتضيه خصوصيات المجال القروي  … مع مراعاة فصول السنة والبنية التحتية للمؤسسات التعليمية والاستعمال الأمثل للموارد البشرية مع التقيد بالغلاف الزمني الإجمالي للحصص الدراسية المقررة … – مع تقسيط –  العطل الأسبوعية والدورية والسنوية وفق حاجيات الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة محليا … وكذا الظروف المناخية  « .

ثم أعقبتها المذكرة الوزارية  رقم 805/99 ،  حول  » تكييف أوقات الدراسة وأيام العطل مع خصوصيات الوسط القروي  » ، الصادرة في 22 شتنبر 1999 . و التي أعلنت أن من أهدافها  » تكييف أوقات الدراسة وأيام العطل مع خصوصيات الوسط القروي  » و  » دمج المؤسسة التعليمية في محيطها البيئي والاجتماعي  » و هي المذكرة التي نصت صراحة على ضرورة  » إشراك كافة الفاعلين الإداريين والتربويين، في كافة العمليات المتعلقة بتكييف استعمالات الزمن وأيام العطل المدرسية مع خصوصيات المؤسسات التعليمية في الوسط القروي حسب كل منطقة أو جهة على ألا يقتصر ذلك على إدخال تعديلات على أوقات الدخول والخروج أو تقليص بعض الأحياز الزمنية فحسب ، بل ينبغي مراعاة عنصر المردودية وتحسين أداء هيئة التدريس ، والاستعمال الأمثل للإمكانات التي يوفرها تكييف التوقيت من حجرات دراسية و وسائل تعليمية وغيرها « .

ثم وردت المذكرة 2.2156 ، بتاريخ 4 شتنبر 2012 ، حول  » إعداد استعمال الزمن وفق التوقيت اليومي «  ، ففصلت في قضية التدبير الزمني بالحواضر، و تعمدت أن تفتح الباب في المجال القروي لاجتهادات مديري المؤسسات التعليمية ، و مجالس التدبير ، لكون هذه الجهات أقرب إلى التلميذ و أدرى بما يحقق مصلحته؛ و لم تقيد هذا الاجتهاد بغير احترام عدد الساعات الرسمية، و استحضار المبادئ العامة التي توجه عملية تدبير الزمن المدرسي، و على رأسها توزيع الغلاف الزمني وفق الإيقاعات الذهنية للمتعلمين و المتعلمات. و هذه المرونة مما يقتضيه بعد النظر، بل مما تفرضه طبائع الأشياء.

فهل نكون محتاجين في خاتمة هذا التطواف في النصوص القانونية إلى التأكيد على أن تكييف الزمن المدرسي ليس تجاوزا للقانون، و لا إفراغا له من محتواه، و إنما هو على النقيض من ذلك تماما : تجسيد لروح القانون، و تَبْيئة لنصوصه الجامدة مع الواقع المحلي المتغير؟؟

2 / البعد التربوي

إذا كانت الإدارة لا تهتم ــ في الدرجة الأولى ــ بغير السير الطبيعي للمرفق العام، بشكل لا يخل بالقواعد القانونية المنظمة له، فإن المدرس ينظر إلى القضية من شقها التربوي قبل كل شيء.

و الاختلال الذي تخلقه الساعة الجديدة على سير العمل الصفي، و على أداء التلاميذ ليس بالشيء الذي نحتاج إلى بيانه، و إقامة الحجج عليه، لولا الحساسية الشديدة التي تتعامل بها النيابة الإقليمية مع هذا الموضوع. فإنه قد سبق لمؤسسات تعليمية عدة، أن قدمت مقترحاتها من خلال مجالس التدبير لتكييف الزمن المدرسي مع المتغير الجديد، بيد أن النيابة لم تكن تلقي إلى تلك المقترحات بالا، بل كانت تخندقها في إطار رفض مقتضيات المرسوم الوزاري الآنف الذكر؛ و هو الأمر الذي لا ينطق به حال و لا مقال.

إن التلميذ الذي ينام على الساعة القديمة، يضطر إلى القيام على منبه الساعة الجديدة، فيأتي إلى المدرسة و قد اقتـُطعت ساعة من وقت راحته . صحيح أن هذا المشكل تصنعه الأسرة التي لم تضبط ساعاتها على مرسوم رئيس الحكومة، و لكننا ــ نحن المدرسين ــ من يؤدي ثمنه.

و يمكن للإدارة، و هذا في مقدورها ، أن تجري إحصاء لحالات التأخر عن الفصل الدراسي في كل مؤسسات الإقليم، و بالخصوص تندرارة، لترى أن نسبة التأخرات ترتفع بعد الأحد الأخير من شهر مارس بشكل سافر. و أتمنى أن تقتسم النيابة مع معلمات القسم الأول شيئا يسيرا من المعاناة التي يعشنها مع هذه الفئة من التلاميذ، و يساعدنهن على البحث عن الحلول الإجرائية لتجاوز مشكل حرمان قطاع عريض من حصة الرياضيات، أو حصة التعبير اللتين يستهل بهما في العادة اليوم الدراسي.

كما يمكن للسادة المفتشين ــ لو أنهم شهدوا لحظة دخول هؤلاء التلاميذ إلى الفصل ــ أن يلحظوا بيسر شديد أعين الأطفال التي ما تزال تعيش لحظات الانتقال من النوم إلى اليقظة، و التي يكون فيها كل جزء من التلميذ حاضرا إلا انتباهه.

قد لا يكون هذا سيرا على غير ما يقتضيه التكوين البيولوجي للطفل، لأن العادة قد تكفل تصحيح بعض هذا ، و لو بعد فوات كثير من الوقت. لكننا لا يمكن أن نقول هذا عن ساعات الذروة،  التي يُلزم الزمن المدرسي الجديد التلميذ على أن يعيش جزءا مهما منها بين جدران المدرسة، و هو الأمر الذي كانت الوزارة ــ و ما تزال تلح ــ على تجنبه. إن التلميذ مطالب بالرجوع إلى المدرسة و الشمس في كبد السماء، و هو زمن يصلح للنوم بلا شك، لكنه لا يصلح للدراسة؛ خصوصا في منطقة كمنطقتنا، حرها حران، و بردها بردان.

فما هو حجم الضرر الذي يلحق بالإدارة إذا كيفنا التوقيت المدرسي في إطار احترام الغلاف الزمني الرسمي، ليخدم مصلحة التلميذ و المدرس و المرفق العام ؟

مقترحات :

اقترحت مجالس التدبير في تندرارة أن تكون ساعة الدخول الصباحية هي التاسعة، و تكون ساعة الدخول المسائية الثالثة، فلا يظهر للساعة الجديدة على المدرسة أي أثر؛ بل إن بعض المقترحات اتجهت إلى أن تكون الفترة المسائية من الرابعة إلى السابعة بالتوقيت الجديد ، فتكون المدة الفاصلة بين فترتي الصباح و المساء ثلاث ساعات ، و هي فترة كافية ليقيل فيها الطفل ، و يسترجع ذهنه فيها صفاءه.

فهل ستظل النيابة مصرة على نظرتها المحنطة للمسألة ؟ و هل ستكتفي باتخاذ أقصر الطرق و اتهام الكاتب بأنه يسر حسوا في ارتغاء ؟

هذا ما لا أملك أن أجيب عليه، و قد يكون واحدا من أشياء جعلتني أعد الساعة الجديدة مبتدأ بلا خبر.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. مد ير مدرسة
    20/03/2014 at 13:35

    السلام عليكم اذ الف و الله يا أستاذ أثمن كل ما ورد في مقالك هذا كلمة كلمة ، و لقد وصفت الداء فأحسنت أعطيت الدواء فأجدت. بارك الله فيك يا أيها الأستاذ الفاضل.

  2. مد ير مدرسة
    20/03/2014 at 13:40

    السلام عليكم و الله يا أستاذ أثمن كل ما ورد في مقالك هذا كلمة كلمة ، و لقد وصفت الداء فأحسنت أعطيت الدواء فأجدت. بارك الله فيك يا أيها الأستاذ الفاضل.

  3. عبد الحميد جراري
    21/03/2014 at 16:25

    تحية للاخ كاتب المقال في الحقيقة مقال رائع اتمنى ان يصل الى اصحاب القرار الذين سيمدون اياديهم ليلة 30 مارس الى عقارب الساعة لينغصوا على المغاربة حياتهم العادية لالشيء الا لان بعض الشركاء الاوربيين يلومون بعض الادارات المغربية لماذا لاتجبن على مكالماتنا حسب توقيتنا .عندي اضافة ذات بعد ديني وهي ان من كان يداوم على القيام لصلاة الصبح ثم يعود الى فراشه لمدة ساعتين فقد يضطر الى اداء تلك االفريضة الغالية في القسم …

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.