حزب العدالة والتنمية : وعد الحر دين عليه

كما كان متوقعاً ، عين الملك محمد السادس ، يوم الثلاثاء 29 نونبر 2011 ، رئيس الحكومة المغربية المنتظرة خلال الأيام المقبلة من حزب العدالة والتنمية الذي تصدر الانتخابات البرلمانية المغربية 2011 ، وذلك طبقاً لما ينص عليه الدستور المغربي الجديد ليوليوز 2011 ، فقد جاء في الباب الثالث ــ الملكية ــ الفصل 47 منه :

 » يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب ، وعلى أساس نتائجها …  »

وقد وقع الاختيار على الأمين العام للحزب ، الأستاذ عبد الإله بنكيران ، الشخصية المعتدلة في هذا الحزب الذي يحب البعض أن يسميه حزب المصباح ، وأنا لا أتفق معهم ، فقط ، لأنه يجب دائماً نعث الأشياء بمسمياتها . اختاره الحزب كرمز لفلسفته في العمل السياسي ومنظوره الديني . كل ينظر إليه من زاويته ، وبعين خاصة ومن منطلقه في الحياة . ينظرون إليه كضوء في الظلام أو نور بعد الظلمة ، أو رمز الوضوح والشفافية والتصحيح والتنوير …

الخطاب هنا بعبارة الفرد ، لكنه بصيغة الجمع ، فهو ليس موجهاً إلى السيد رئيس الحكومة وحده ، ولكن إلى جميع كوادر وقياديي حزب العدالة والتنمية . فقد تتبع المغاربة البرنامج السياسي والديني للحزب منذ ميلاده سنة 1998 وما سبقه من الحركة الإسلامية منذ سنة 1967 ، كما تابعوا الحملة الانتخابية الأخيرة التي تقدمت اقتراع 25 نونبر 2011 ، وكان شعارها :

 » من أجل مغرب جديد ، مغرب الحرية والكرامة والتنمية والعدالة « .

كلمات قليلة ومنيات مرجوة كثيرة وكبيرة . ومن بين التوجهات الرئيسية التي سطرها الحزب وأخذها على عاتقه خلال السنوات القادمة :
ـ مواصلة بناء دولة المؤسسات والديمقراطية ومكافحة الفساد .
ـ بناء اقتصاد وطني قوي وتنافسي ومنتج وضامن للعدالة الاجتماعية .
ـ بناء مجتمع متماسك ومتضامن ومزدهر، قوامه أسرة قوية وشباب رائد، وأساسه مدرسة التميز ومقومات الكرامة .
ـ إحياء وتجديد نظام القيم المغربية الأصيلة على أساس من المرجعية الإسلامية والهوية المغربية
ـ صيانة السيادة وتعزيز الإشعاع المغربي والريادة الخارجية .

الغاية من هذا البرنامج كما جاء على لسان كثير من مسؤولي الحزب هي بناء مغرب آخر جديد سياسي واقتصادي واجتماعي تطبعه الحكامة الجيدة ، وهو حلم لطلالما انتظره المغاربة الذين لا يزالون أحياءً ، أما من رحلوا إلى الدار الأخرى ، رحمة الله عليهم ، فقد ذهبوا متحسرين على هذا الحلم بعدما أتاهم المشيب والممات .

قد يراود المرءَ بعض التوجس من أن يكون هذا البرنامج مجرد  » قيـل وقـال  » ، وهو كلام مستفز بعض الشيء ، ولكن التجارب السابقة هي التي تدفع بالظنون إلى ذلك وأكثر . هذه الوعود تذكر صراحة بحكاية الذئب الذي بكى بكاءً شديداً عندما تم وعده بأنه من سيرعى الغنم في الغـد ، ولما سئل عن سبب بكائه عوض الاستعداد والاستمتاع بنشوة الوعد ، أجـاب :  » أخاف أن يكون ذلك وعداً عرقوبياً ومجرد كــذبة  » .

شيء واحد وأكيد يمكن قوله عن مصباح حزب العدالة والتنمية ، هو أنه ليس سحرياً كالذي قرأنا عنه في قصة علاء الدين . ومع ذلك ، إن الأمل معقود في حكومتنا الجديدة ، وجب علينا أن نتمنى لها التوفيق والسداد ، وعندما يتحقق هذا البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي المقترح والموعود ، سيكون يوم المنى وسنقول :

« أنجـــز حــــر ما وعـــــد  »

* اقرأ(ي) في المقال القادم :  » حزب العدالة والتنمية : الوعود بلغة الأرقام  » .

أحمـد أوحنـي ــ مراسل وكاتب صحفي

الرباط في : 30 ــ11 ــ2011