انحراف اللغة الادبية عن مسار الخط الصحفي

تميزت اللغة العربية مند الجاهلية الى عصرنا و لازالت بدقة معانيها و رونقها الفني الدي يتدفق من شلال مشاعر و احاسيس المفكرين و الشعراء و الكتاب العرب فكان صرخة لنبوغهم و عبقريتهم التي ما انفكت تدوي في الاوساط الثقافية العربية و الغربية الى يومنا هدا .
لدلك حق لهده اللغة ان تكون من معجزات القران الكريم فصاحة و بلاغة وبيانا . لكن من المؤخدات التي تسجل على الكتاب المعاصرين الدين يدعون كونهم حاملي مشعل اللغة و حماتها انه في الوقت الدي قد توفرت و تعددت فيه منابر الابداع ووسائله المتطورة نجد بعضهم يسخر قلمه في اساليب النقد )الهدام ( التي لا تصل الى مستوى النقد الحقيقي الدي وضع اسسه الرواد الاوائل امثال القاضي الجرجاني و ابو هلال العسكري و بعدهم عميد الادب العربي الدكتور طه حسين الدي عرفه بقوله » النقد عبارة عن دراسة بحتية للنص … أي يبحث في الفنيات ثم اللغويات والخ… » . وادب الناقد عنده يكمن في وجوب التجرد من كل شئ بان يستقبل النص المطلوب نقده وهو خالي الدهن مما سمعه عن هدا النص من قبل . و رولان بارت الناقد الفرنسي قد التقى في عدة نقط مع التعريف السابق حيث اعتبر » النقد خطابا حول خطاب او هو لغة واصفة . » ) من كتاب- ما هو النقد (- .
فاين كل هدا مما نقراة اليوم من مقالات و نصوص ادبية تتسم بطابع الصراع و التراشق بالالفاظ و المعاني ؟
واي فائدة تلك التي ترجى منها ؟
و اين يمكن ان ندرج مثل هدا الاسلوب من فنون الادب العربي ؟ .
فلا هو بشعر النقائض الدي اشتهر عند الفرزدق و جرير و الاخطل في العصر الاموي . والدي رغم حمله لطابع الهجاء الا انه كان يتميز بدقة النظم وبلغته الشعرية التي هي غاية في الروعة . والتي كانت تؤدي وظيفتها الادبية و الفنية .
ولا هو من ادب الرسائل الدي برع فيه جبران خليل جبران الدي يعتبر من الادباء الدين اثروا هدا الفن بانشاءهم الناعم الدي يسيل كالينبوع العدب ويسحر بموسيقاه ويبهر العين بالوانه الرائعة و الفاظه المبلورة . فادبه كان خال من كثرة الثرثرة دلك الادب الدي اثار انتباه الباحثين و جعلهم يخوضون فيه لعلهم يكتشفون سرا او رمزا من رموزه الدفينة .
بل لا يمكن ان نصنفه ايضا ضمن ادب المقالة الدي يرتكز اساسا على ثلات مستويات هامة :
– مستوى اقناعي يستعمل في الدعاية و العلاقات العامة .
– مستوى اعلامي و هو عملي اجتماعي عادي يستخدم وسائل الاعلام بلغة يفهمها اكبر عدد ممكن من القراء على اختلاف مشاربهم .
و المقال الصحفي عموما ما هو دلك المقال الدي يعالج قضايا المجتمع و يتفاعل مع الاحداث ويبحث لمحاربة السم عن الترياق باسلوب يجمع بين المستوى الادبي و العلمي .
يقول الدكتور عبد العزيز شرف : » كنا نعلم ان الصحافة السلطة الرابعة بالقياس الى السياسة فقط و شؤون الحكم فقط ولكنا وجدناها كدلك بالقياس الى امور اخرى اهم من السياسة و ابقى من الحكم منها اللغة و منها الادب ومنها الاخلاق و العادات و منها الشعوب اخر الامر . ان الشعوب هي الاخرى من صنع الصحافة قبل غيرها من المؤثرات الفعالة في المجتمع . » .
فلا يصح ولا هو بالامر المحمود جعل منابر الاعلام و الكتابة الادبية التي تحضى بمثل هده المرتبة والدرجة الرفيعة حلبة لصراع و التراشق بالالفاظ التي لا تؤدي منفعة ادبية ولا فنية و لا علمية . و لا تسمن و لا تغني من جوع . وما مثل هده اللغة و الكلمات هي التي تغير مجرى التاريخ كما حدث في عصر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم الدي بدا رسالته و دعوته الاسلامية بكلمة » اقرا » اوفي عصر رواد الفكر البشري الدين اعتمد جلهم على البيان في دعواتهم .
وان دور الاعلام اكبر من ان يكون لمثل تلك الاغراض ) التراشق بالالفاظ( فهو قبل ان يكون لنقل الخبر و السبق الصحفي بامانة .يؤدي دورا اساسيا في الحفاظ على اللغة و الاضطلاع بمستوياتها . و ما دام ) الاعلام ( جزءا لا يتجزء من اللغة وجبت صيانته ايضا عملا بقول غاندي :
» لا اريد لبيتي ان يكون مستور من جميع الجهات ولنوافدي ان تكون مغلقة . اريد ان تهب على بيتي ثقافات كل الامم بكل ما امكن من حرية و لكنني انكر عليها ان تقتلعني من موطئي اقدامي . »





1 Comment
مقال رائع و مضمون ضارب في العمق .