Home»International»التراث المادي و الروحي لمنطقة الناظور في خدمة التنمية – قصبة مولاي اسماعيل أنموذجا –

التراث المادي و الروحي لمنطقة الناظور في خدمة التنمية – قصبة مولاي اسماعيل أنموذجا –

2
Shares
PinterestGoogle+

بلقاسم الجطاري كلية الآداب وجدة

-تقديم
تتأسس مقاربتنا سؤالا ونقدا على لحظتين مركزيتين: ففي اللحظة الأولى سأقدم عناصر رؤية سوسيونظرية لبعض القضايا التي يثيرها التراث الثقافي المحلي كمشروع مساءلة نقدية لبعض المفاهيم التي نتداولها اليوم في الموضوع. وفي اللحظة الثانية سأركز على مواكبة هذا التراث لمنطقة سلوان في علاقته بالتنمية المستدامة باعتبارها إطارا سوسيوثقافيا في منظومة التداول الاقتصادي المعاصر بين المؤسسات المهتمة بشأن التنمية.
يدخل في صلب تصور التنمية المستدامة تحضير كل القطاعات والبنايات في أفق خلق تفاعل جدلي يهدف بالأساس إلى تحقيق الرخاء للإنسان الذي يعتبر العنصر الأساسي في نسق كل مشروع تنموي، وعلى خلفية هذا الطرح يتسع مفهوم التنمية في تقديرنا ليشمل عناصر لم يتم لحد الآن الانتباه لأهميتها، كالسياحة الثقافية ذات الارتباط الوثيق بالتراث بشقيه المادي والروحي.

من هذا المنطلق صار الشعور ثوبا براهنية الاهتمام بالمجال التراثي المحلي وتكييف عناصره القابلة لأن تكون منتوجا إقتصاديا يساهم في توسيع وعاء الدخل المحلي وتحقيق روافد الدخل القومي بالعملة الصعبة، ويكفي أن نشير إلى أن رقم المعاملة في الميدان السياحي على المستوى العالمي قارب 200 مليار دولار لم تستفد منه افريقيا إلا ب 3% مما يعني أن الصناعة السياحية لازالت متخلفة في هذه البلدان.
لا أحد يناقش في الدور الأساسي للتراث المحلي على اعتبار أن وجود المغرب كما نعرفه اليوم يرجع الفضل فيه إلى تراثه. كتب Paul Marty سنة 1925 في مؤلفه المشهور « مغرب الغد » Le Maroc de demain فقرة تدل بوضوح على أن الفرنسيين كانوا آنذاك يعتبرون أنفسهم ورثة شرعيين للرومان في احتلالهم لأراضينا وأن من حقهم أن يعودوا إلى هذه الديار بعد غياب دام خمسة عشر قرنا، فلا عجب بعد ذلك أن يكون الفرنسيون طوال عهد الاستعمار قد كرسوا جهودهم في البحث التاريخي والتنقيب عن الآثار الاركيولوجية لإحياء ذكرى روما والإشادة بمميزاتها الحضارية في المغرب القديم.
لكن الفرنسيين رغم تعصبهم لكل ما هو أوربي الأصل فقد كان لهم الفضل في تنبيه المغاربة إلى ضرورة كشف الآثار وترميمها والحفاظ عليها، فلولاهم لمازال الخاص والعام منا يخرب ما بقي من أنقاض.
فبفضل الأوروبيين أدركنا أن الآثار العمرانية المادية ( قصبة سلوان أنموذجا ) تعد من العناصر الأساسية المكونة للذاكرة الجماعية وأنها أصدق شهادة من أي كتاب في التعريف بالماضي.

 

ونحن الآن نتساءل في إطار تعبئة المؤهلات التراثية: متى يعاد الاعتبار للتراث المحلي بشقيه المادي والروحي؟. إن التنمية المستدامة هي في عمقها تحفيز إنساني للانخراط والمساهمة وفق آليات متداخلة يحصل بموجبها الاقتناع ثم الانخراط والمشاركة في قاطرة التنمية البشرية. وكأني بذلك أريد أن أشير إلى مرحلة أساسية في سيرورة التنمية وهي إقناع المواطن وإخراجه من حالة الاغتراب المفروضة عليه في عناصر هويته وتكسير حواجز الممانعة ورد الاعتبار هي –في نظرنا- السبل الكفيلة لإنجاح فكرة التنمية المستدامة.
هل تعلم أجيال « عهد الاستقلال » من شبابنا وكهولنا وشيوخنا أن أكثر المعالم الأثرية وأحسنها تعبيرا عن العبقرية المغربية المتميزة، أنشأتها أسر مالكة أمازيغية؟. وعلى سبيل التفاؤل نقول أن بصيصا من الأمل صار يلوح في الأفق مبشرا بإدراك المغاربة بأن المغرب الكبير صار لهم وطنا فعساهم يشعرون بضرورة تبني ماضي وطنهم بحذافيره، إن لوطننا خصوصيات حضارية وثقافية يجب أن تراعي بعض الخصوصيات المحلية تكون النواة الفعلية للشخصية المغربية، وهي الضامنة لاستمرارية تميزها والعناية بالخصوصيات لا تمنع التمرس بكل عامل حضاري آخر مادام عاملا إيجابيا. وإلى أن يتحقق ذلك يمكن حينئذ أن نتحدث عن دور التراث المحلي في التنمية الثقافية والسياحية

.لتحقيق ذلك لابد من تسطير الأهداف التالية:
1- تشخيص واقع التراث المادي والروحي المحلي وإبراز الإشكاليات والأولويات.
2- وضع الحلول الممكنة لمسألة تهميش التراث المحلي والبحث عن متبن للآثار المغربية يتيمة الايديولوجيات على حد تعبير محمد شفيق.
3- تعبئة المؤهلات الثقافية ذات العلاقة القوية بالكفاءة وترجمتها في شكل مبادرات تنموية وتحسيس الفاعلين المحليين بالانخراط في حركة تنموية تنطلق من التراث المحلي لخلق التنمية الوطنية.
4- توظيف الديناميات والمبادرات المحلية المنبثقة عن المجتمع المدني في جهود تأهيل المجالات التراثية الثقافية ووضع أسس استراتيجية محلية لتقويم الحس السوسيوثقافي لساكنة المنطقة.
5- وضع بنك للمعلومات والأفكار والمشاريع الكفيلة للمساعدة على تحقيق مختلف الأهداف من خلال جرد كافة المؤهلات المتوفرة والمفروضة بفعل الزمن المعرضة للضياع وربما للزوال.

لا يعود الاهتمام بالتراث المادي والروحي إلى حساسيتنا المفرطة، ولا إلى روابطنا الاجتماعية به فقط، بل يعود كذلك إلى تلك الأحداث والظروف التي أحاطت بهذا التراث من محاولات طمس معالمه عبر فترات تاريخية وسياسية كتسلط الاحتلال الأجنبي، وما واجه المغاربة من صراعات دائمة وعنيفة مع الغزاة الفينيقيين التجار، ثم الرومانيين المستغلين لثرواتهم الطبيعية، وبعدهم الوندال والبيزنطيين. وهو ما نمى فينا الإحساس المبكر بحقيقة تأزمنا واندحارنا. فأصبح من الثابت الآن وعلى نطاق واسع، أننا مطالبون أكثر من غيرنا ببحث مقومات جوهر تراثنا المادي والإبداعي باعتباره ظاهرة غير معزولة عن عملية التحول المنشودة حتى نتمكن من النهوض بمشروعنا التنموي الثقافي الوطني.        فهل من متبن لآثار مغربية يتيمة الاديولوجيات

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *