Home»Régional»تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (13)

تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (13)

0
Shares
PinterestGoogle+

            تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (13)

                                             الأستاذ: الفيلالي عبد الكريم

  • صورة موضوعية: وصف إفريقيا.

  بعد أن حدّد حسن الوزّان أبعاد صحراء أنـﯕاد، كما سبقت الإشارة إلى ذلك من قبل، وذَكَر أنواع الحيوانات التي تعيش بها من غزلان ووعول ونعام، قال: «وهي مأوى لعصابة من لصوص الأعراب، على استعداد دائم للفتك بالمارّين من هناك حيث الطريق المؤدية من فاس إلى تلمسان وقلما ينجو التجّار من شرّهم لاسيما في فصل الشتاء لأن الأعراب المستأجرين للحفاظ على الأمن في البلاد يكونون قد رحلوا عنها إلى نوميديا، ويبقى منهم غير المستأجرين وحدهم ليعيشوا على اللصوصية، ويقضي أيضا الشتاء في هذا القفر عدد كبير من الرعاء…»[1].

  إن نصّ الحسن الوزّان يوضّح كثيرا من الجوانب المتعلقة بأعراب مفازة أنـﯕاد خلال هذه الفترة وهي متأخرة عن الفترة التي تحدّث فيها العبدري عن المنطقة، ونجمل هذه التوضيحات في ما يأتي:

– إن الفئة التي تتعرض للنهب هي فئة التجار.

– لا يكون ذلك إلا في فصل الشتاء، أي بعد رحيل الأعراب إلى صحراء نوميديا في الجنوب.

– إن الأعراب كانوا مستأجرين للحفاظ على الأمن، إذ لهم سيطرة على مجالهم، وهو مجال حيوي ومهم باعتباره نقطة عبور برية بين فاس وتلمسان.

– إن مراقبة أعراب أنـﯕاد لمجالهم له دافع اقتصادي، ويتمثل في استخلاص أموال من أجل حماية التجار وتوفير الأمن لهم، وقد أطلق عليها ابن خلدون اسم (ضريبة المرور)[2].

– أورد بونجون إشارة حول نظام العقوبة عند السجع سنة 1934، وتتمثل في النفي، إذ قال: «ففي حالة القتل تكون الدية 100 دورو للقتيل ونصفها للمرأة للقتيلة، ونادرا ما قبل الأعيان بالعوض المالي لأنهم يعتبرون أخذه عيبا، فيأخذون ثأرهم بأيديهم. وفي حالة ضبط الزّاني متلبسا يمكن أن يقتل في الحال من طرف الزوج أو من طرف أحد أفراد أسرته. وباستثناء هذه الحالة، عندما لا تثبت الزنا إلا بالشهادة يتعين على الزوج المغبون رفع قضيته إلى بولاربع الذي يحكم على المتهم بالنفي وذعيرة من أربعين خروفا»[3].

إذا كان هذا صحيحا، وكان النفي نظاما سائدا عند جميع سكان أنـﯕاد؛ نتساءل: أين كان يقضي هؤلاء المنفيّون بقيّة حياتهم، خاصة أنهم من ذوي السوابق في خرق القوانين والأعراف؟. هل من هؤلاء كانت تتشكّل عصابات قطاع الطّرق؟

   إنّ كثيرا من اللّبس ناتج عن عدم وجود كتابات تراثية توضح تاريخ المنطقة، وما كتب من طرف المؤرخين يعكس وجهة نظر الدولة، فكما يقول إبراهيم القادري بوتشيش: «إن معظم المؤرخين كما نعلم مؤرخو بلاط، ومن ثم فإنّهم كتبوا انطلاقا من إيديولوجية الدولة..»[4]. وفي هذا الجانب يجب ألا نستبعد المعطى السياسي، من جهة عدم الخضوع للسلطة المركزية إلا بالقوة[5].

 وما يوضح الجانب الاقتصادي ما ذكره حسن الوزان حين حديثه عن مدينة وجدة، إذ قال: «وسكانها فقراء، لأنهم يؤدون الخراج إلى ملك تلمسان وإلى الأعراب المجاورين لهم بمفازة أنـﯕاد»[6]. وسينجلي عدم الخضوع للسلطة المركزية أكثر في ما ذكره أبو القاسم الزّياني.

[1]  ـ وصف إفريقيا. حسن الوزان. (م س). 2/11.

[2]  ـ ينظر: العبر. (م س). 6/72.

[3]  ـ السجع قبيلة بدوية بين البربر. بونجون. (م س). ص: 114.

[4]  ـ لماذا غيبت الفئات الشعبية من تاريخ المغرب الشرقي؟. (م س). ص: 310.

[5]  ـ ينظر محاولات إخضاعهم من طرف بني عبد الواد في: العبر. (م س). 6/72.

[6]  ـ لماذا غيبت الفئات الشعبية من تاريخ المغرب الشرقي؟. (م س). ص: 310.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *