Home»Régional»تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (2)

تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (2)

3
Shares
PinterestGoogle+

            تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (2)

                                             الأستاذ: الفيلالي عبد الكريم

ـ ثانيا: السـكان:

  كانت تتقاسم بسيط أنـﯕاد قبائل تتحدّث الأمازيغية وأخرى تتحدّث العربية، وتمثِّلُ المجموعتان نموذجا للانصهار الأمازيغي العربي، غير أنّه منذ التدخّل الفرنسي في الجزائر الذي اقتطع الكثير من الأراضي التي كانت مجالا لرعي مواشي هذه القبائل سُجلت بعض الاصطدامات فيما بينها، دون نفي استعداء المخزن بعض القبائل على بعض لضرب المتمردة منها على سلطته.

  وسنحاول أن نقدم صورة عن المجموعات المقيمة ببسيط  أنـﯕـاد انطلاقا مما سجله بعض الفرنسيين خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، نظرا لاهتمامهم بالجانب التوثيقي في هذا الجانب، وهو جانب يحسب لفائدتهم، ولأنه بعد الاستقلال لم تراع في التقسيم الإداري الوحدات القبلية وبالتالي اندثرت أحيانا أسماء بعض الدواوير، فمثلا اندثر اسم مجموعة « أولاد أحمد بن إبراهيم » التي تضم عدة دواوير، وداخل هذه المجموعة انمحى تداول اسم دوار « مخيس ». ولحق الكثير من الدواوير تغير في البنية الديموغرافية لكثير من الدواوير بسبب الهجرة إلى المدن خاصة خلال سنوات الجفاف، أو بسبب ظروف أخرى مثل ترحيل مجموعة من خيام « دوار القياطين » أثناء بناء مطار وجدة أنـﯕـاد خلال الفترة الاستعمارية والتأثير على دوار « الذوبة » مؤخرا بعد توسعة هذا المطار.

  يقول شارل دو فوكو الذي مرّ بالمنطقة حوالي 1884: «تحتلّ أنـﯕـاد ثلاث قبائل هي المهاية والشجع  وأنـﯕـاد. إضافة إلى هذا تستبيح أنـﯕـاد عدة قبائل جبلية من بين القبائل المستقرة في هوامش السهل في بعض جهات حدوده: هكذا تملأ مجرى نهر مستـﯕمير مزروعات ودواوير في ملكية بني بوزكو»[1].

  فبسيط أنـﯕـاد تقيم به قبائل عربية تتمثّل في المهاية والسجع وأهل أنـﯕـاد، كما يقيم به سكان الجبال والمرتفعات المطلّة عليه من بني يزناسن وبني بوزﯕو وبني يعلا  والزكارة.

  • المجموعة الأمازيغية:
  • بنو يزناسن:

  هم السكان المقيمون بالجبل المعروف باسمهم المطلّ على وجدة. يقول قدور الورطاسي: «إن إطلاق بني يزناسن- في بني يزناسن- يرادف إطلاق زناتة. فلا فرق بين أن تقول: هذا يزناسني أو هذا زناتي. فكلا الإطلاقين في بني يزناسن له نفس المعنى وهو أنه غير عربي وغير منتسب لآل البيت.

أما العربي وأما الشريف، فلا يطلق على أي منهما لا يزناسني ولا زناتي في بني يزناسن.. »[2].

 وقد ذكرهم ابن خلدون حين حديثه عن نفزاوة إذ قال: «وهم بنو يطوفت بن نفزاو بن لوا الأكبر بن زحيك، وبطونهم كثيرة مثل غساسة ومنيسة وزهيلة وسوماتة وزاتيمة وولهاصة ومجرّة. وورسيف ومن بطونهم مكلاتة، ويقال إن مكلاتة من عرب اليمن ووقع يطوفت صغيرا فتبناه، وليس من البربر. ولمكلاتة بطون متعددة مثل بني ورياغل وكناية وبني يصلتين وبني ديمار وريحون وبني يزناسن»[3].

وحاول قدور الورطاسي أن يبين أن بني يزناسن ليسوا زناتة، وإن كانت بينهم قرابة، إذ يقول: «ولكن الحقيقة أن بني يزناسن هم غير زناتة.

فلبني يزناسن نسبهم الخاص، ولزناتة نسبهم الخاص، وإن كلتا القبيلتين تجتمعان في أصل واحد. إذا ما ذهبنا على أنّهما من أصل بربري، وبناء على أنهما من أصل بربري فهما يلتحمان ببنوة العمومة. وإذا ما ذهبنا على أنهما من أصل عربي فلكل قبيلة أصلها الخاص»[4].

وقد ذهب عكاشة برحاب إلى أنهم من زناتة شأنهم في ذلك شأن جيرانهم الأمازيغ الذين يقيمون بالمرتفعات القريبة من جبلهم، إذ قال: «أما إذا اعتبرنا بني يزناسن كباقي القبائل البربرية الموجودة في المنطقة – أي الزكارة وبني يعلا وبني بوزكو – فإنها تنتمي إلى زناتة، وهو المرجّح عندنا، لأنّ المنطقة كانت موطنا لقبائل زناتية، استوطنت القسم الشرقي من المغرب الأقصى»[5].

وقد مثل سكانُ بني يزناسن سدّا منيعاً في وجه الغزاة على مرّ التاريخ. فهم كما قال عنهم حسن الوزان: «قوم ذوو بأس شديد»[6].

وببني يزناسن بيوتات من آل البيت، وقد ذكرهم قدور الورطاسي ضمن قسم بني خالد: «وفي قسم بني خالد بأجمعهم يوجد شرفاء أولاد عبد الله بن عزة نسبة إلى أمه « عزة » وأولاد سيدي المختار بوتشيش القادريون .. وهناك أولاد ابن العالم هؤلاء أقل شهرة بهذا النسب»[7].

وهنا لابدّ من الإشارة إلى أنّ أغلب السكّان العرب يعتمدون على الفقهاء حفظة القرآن من بني يزناسن، وقد لاحظ ذلك بونجون على قبيلة السجع: «لم يكن السجع يعطون بتاتا أهمية كبيرة لتكوين أبنائهم. ففي ما مضى كانت هذه التربية مقصورة نظريا – في كل دوار- على فقيه يفد إليهم من بلاد البربر (الريف – بني يزناسن – قلعية) وتختاره الجماعة، وتتمّ « مشارطته » على قدر معلوم من المال»[8].

  • بنو بو زﯕو:

  من القبائل الأمازيغية المقيمة بالجبل المعروف باسمهم، يقول فوانو: «تمتد أراضي بني بوزﯕو من وادي بورديم إلى حدود زا في اتجاه شرق-غرب، وتزحف جزئيا على سهل أنـﯕاد، وتُحَدُّ جنوبا بأولاد بختي. وبنو بو زﯕو مستقرّون، يقيمون خيامهم حيث يحرثون، ويمتلك بعضهم بيوتا شمال الكتلة الجبلية غير المأهولة. ويشكّل البربر أساس قبيلة بني بوزﯕو، ويتكلّمون اللغة الزناتية»[9].

  • الزكارة:

 يقطن الزكارة الجبل المعروف باسمهم، يقول فوانو: «يعمّر الزكارة جبل الزكارة وجزءا من السهول التي تجاوره. ويسكنون الخيام عموما، وقد استقرّت بعض فروعهم في دشرات. ويتكلّم الزكارة البربرية، وتعلّمَها من انضمَّ إليهم»[10].

  • بنو بو يعلا:

  من أمازيغ المنطقة، يقول عنهم فوانو: «يتكوّن سكن بني يعلى، في الغالب الأعمّ، من خيام مصنوعة من حصير الحلْفاء، وتتجاوز أراضيهم السلسلة الجبلية، التي تحمل اسمهم، لتصل وادي الحي جنوبا وجبل الزكارة ومتسيلة شمالا. وأما مواطن خيامهم الرئيسية فتقع بتادواوت وبتيخوباي. وكانت القبيلة في ما مضى، كلما داهمها الخطر التجأت بكل متاعها إلى قمة جبل المحصر، إن هذه القمة العمودية على كل وجوه الجبل عدا الشمال الغربي، تمثل عن حق حصنا طبيعيا. ويكاد بنو يعلى أن يكونوا في الغالب الأعم من أصل بربري إلا أنهم مع ذلك يتكلمون العربية إلا القليل منهم»[11].

[1]  ـ التعرف على المغرب: 1883 – 1884. ف. شارل دو فوكو. ترجمة: ترجمة المختار بلعربي. دار الثقافة. الدار البيضاء. ط: 1. 1999. ص: 342.

[2]  ـ بنو يزناسن عبر الكفاح الوطني. قدور الورطاسي. مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر. سلسلة التاريخ 3. الرباط. 1976. ص: 18.

[3]  ـ العبر وديوان المبتدإ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر. عبد الرحمن بن خلدون. دار الكتب العلمية – بيروت – ط: 1. 1992. 6/135.

[4]  ـ بنو يزناسن عبر الكفاح الوطني. (م س): ص: 18.

[5]  ـ شمال المغرب الشرقي قبل الاحتلال الفرنسي. عكاشة برحاب. (م س). ص: 56.

[6]  ـ وصف إفريقيا. حسن الوزان.(م س): 2/43.

[7]  ـ بنو يزناسن عبر الكفاح الوطني. (م س). ص: 38.

ـ ينظر أيضا: الشرفاء الأدارسة. أولاد سيدي عبد الله بن عزة. أحمد العزاوي. ربا نيت. الرباط. ط: 1. 2008.

[8]  ـ السجع قبيلة بدوية بين البربر. بونجون. ترجمة محمد الغرايب. ربا نيت. الرباط. ط: 2. 2003. ص: 75.

ـ ينظر أيضا: الشرفاء الأدارسة. أولاد سيدي عبد الله بن عزة. أحمد العزاوي. (م س).

[9]  ـ وجدة والعمالة. فوانو. ترجمة محمد الغرايب. ربا نيت. الرباط. ط: 2. 2003. 1/299.

[10]  ـ  م ن. 1/294.

[11]  ـ وجدة والعمالة. فوانو. ترجمة محمد لغرايب. (م س). 1/293.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. ماحي يوسف
    03/08/2020 at 14:36

    للإشارة فقط هناك فرق بين اسم قبيلة بويعلا و بني يعلى، فالأولى تتواجد بنواحي تافوغالت وهي محادية لبني يزناسن، أما قبيلة بني يعلا فتوجد بجبال مرتفعات جرادة، وإن كان من يجعل بني يعلا و بويعلا من أصل واحد لكن التواجد على الواقع حاليا ليس نفس المكان الجغرافي. وشكرا على المقال

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *