Home»Régional»تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (11)

تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (11)

0
Shares
PinterestGoogle+

تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (11)

                                             الأستاذ: الفيلالي عبد الكريم

صورة عرب أنـاد في الرحلة المغربية 

  سنحاول في هذا الفصل رصد صورة عرب أنـﯕاد كما رسمها بعض الرحالة المغاربة، ويتكون متن الدراسة من أربع رحلات، هي:

– رحلة العبدري المسماة الرحلة المغربية، وقد كانت رحلته سنة 688ﮪ.

– وصف إفريقيا للحسن الوزان المعروف بليون الإفريقي وقد قام برحلته بداية القرن السادس عشر للميلاد.

– الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا لأبي القاسم الزّياني المتوفى سنة 1249ﮪ – 1809م.

 – منتهى النقول ومشتهى العقول لأبي الحسن علي بن محمد السوسي السملالي (ت1311ﮪ – 1893م)، كانت زيارته للمنطقة سنة 1844ﮪ.

  وإن كانت المدة الزمنية الفاصلة بين هذه الرحلات متباعدة فإنها قدمت لنا صورة بئيسة عن عرب أنـﯕاد، وهي الصورة نفسها التي هيمنت على وصف المؤرخين العرب القدامى لعرب بني هلال وسليم خلال هجرتهم إلى إفريقية، غير أن الحسن الوزان يجلي في رحلته كثيرا من غموض هذه الصورة.

  وقد حدد سعيد علوش الصورولوجيا(imagologie) بما يأتي: «اصطلاح ظهر في الأدب المقارن ليشير إلى دراسة صورة شعب عند شعب آخر، باعتبارها صورة خاطئة»[1].

  إذاً فالصورولوجيا وسيلة لدراسة صورة شعب عند شعب آخر ورصد كيفية تمثله له، ويبدو ذلك من خلال أدب الرحلات بصفة واضحة. وقد حدد سعيد بن سعيد العلوي موضوع الصورولوجية بقوله: «من خلال دراستنا للمكونات الأساسية للصورولوجيا تبين أن موضوعها هو البحث عن الواقعي والمتخيل في الصور -أوالميثاق- المكونة عن الأجنبي أو الغريب»[2].

  فالصورة التي نظفيها عن الآخر غالبا ما تكون متوهمة، وتسهم في بنائها عوامل تاريخية ونفسية واجتماعية، وهذا الآخر يتحدد انطلاقا من الذات. فالآخر هو المختلف عن الذات.

  إن كيفية تكون الصورة عن الآخر تتحكم فيها عدة عوامل؛ منها ماهو نفسي واجتماعي وإثني وتاريخي، لذا نجد الصورولوجيا تتوسل بعلوم كثيرة كالسيكولوجيا  والسوسيولوجيا والتاريخ  والاثنولوجيا.

 

  ومن سوء حظ بني هلال وبني سليم ومعقل أنهم لم يخلفوا تراثا مكتوبا، قد يوضح لنا أساليب عيشهم وطرق تفكيرهم، باستثناء « السيرة الهلالية »، وفي فترة لاحقة نجد رحلة للفقيه يوسف بن العابد الإدريسي (الأنـﯕادي) وهي « ملتقط الرحلة من المغرب إلى حضرموت » وقد أملى رحلته بحضرموت حوالي 1627م، ومن سوء الحظ مرة أخرى أن الرحلة لا تشفي الغليل، لقد تناولت أوضاع المغرب الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب الأقصى دون ذكر لأخبار ذات أهمية حول أنـﯕاد موطنه، باستثناء ما تعرض له أهله من موت نتيجة كارثة طبيعية أصابت بسيط أنـﯕاد، فاضطر كثير من أهله الانتقال إلى فاس والنزول قرب وادي اللبن[3].

  وتعود أسباب عدم وجود كتابات من طرف هؤلاء القبائل تؤرخ لحركاتهم وهجراتهم وتسجل طرق عيشهم إلى نمط حياتهم، فالترحال لا يسمح بإنشاء مراكز علمية وبالتالي إنتاج كتابات، ففي مثل هذه الظروف يهيمن الشفهي على الكتابي. أما غياب الكتابات من طرف المؤرخين فيعود إلى وجود المنطقة على الهامش من المغرب، كما يقول إبراهيم عبد القادر بوتشيش: «إن موقع وجدة الذي يوجد ضمن المناطق الهامشية جعل المؤرخين المغاربة لا يعطونها نفس الاهتمام الذي أولوه للمدن المغربية الأخرى»[4].

 هذه الأسباب مجتمعة جعلت الآخر هو الذي يصدر أحكاما عن أهل المنطقة حين يَمُرُّ بها في رحلاته، فصورة الآخر هي غير الآخر، لأنها تبنى في المخيال أو المتخيّل. يقول نادر كاظم عن المتخيّل: «هو عبارة عن نسق مترابط من الصور والدلالات والأفكار والأحكام المسبقة التي تشكلها كل فئة أو جماعة أو ثقافة عن نفسها وعن الآخرين»[5]. وقد تميّز متن هذه الرحلات أحيانا بالمبالغات كما هو حال رحلة العبدري، وأحيانا أخرى بالإنصاف والموضوعية كما هو الأمر في « وصف إفريقيا »، بينما عكست رحلة أبي القاسم الزّياني ورحلة أبي الحسن السوسي وجهة نظر رسمية باعتبارهما مؤرخي بلاط وكانا في مهمة رسمية أثناء مرورهما بالمنطقة.

[1]  ـ المصطلحات الأدبية المعاصرة (عرض وتقديم وترجمة). سعيد علوش. منشورات المكتبة الجامعية. الدار البيضاء. 1984. ص: 79.

[2]  ـ أوروبا في مرآة الرحلة: صورة الآخر في في أدب الرحلة المغربية المعاصرة. سعيد بن سعيد العلوي. منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية  بالرباط. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء. ط: 1. 1995. ص: 12.

[3]  ـ ملتقط الرحلة من المغرب إلى حضرموت. يوسف بن العابد الإدريسي. (م س). ص: 50.

[4]  ـ لماذا غُيبت الفئات الشعبية من تاريخ المغرب الشرقي؟. إبراهيم عبد القادر بوتشيش. ندوة المغرب الشرقي بين الماضي والحاضر. منشورات كلية الآداب بوجدة. 1986. ص: 309.

[5]  ـ تمثيلات الآخر – صورة السود في المتخيل العربي الوسيط. نادر كاظم. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت. ط: 1. 2004. ص: 20

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *