Home»Régional»تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (7)

تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (7)

0
Shares
PinterestGoogle+
 

تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (7)

                                             الأستاذ: الفيلالي عبد الكريم

2 ـ موقف أبطال التغريبة من الزناتي خليفة.

   مما يثير الانتباه تعليق ابن خلدون على شعر  في رثاء الزناتي خليفة على لسان ابنته سعدى، لقد علّق على ذلك بقوله: «ورثاؤهم له على جهة التهكّم[1]».

   تقولُ  فتاة الحيّ[2] سعدى وهاضَها

                                      لمَا في ظعون الباكِرين عويل[3]

        أيا سائلي عن قبر الزّناتي خَليفة

                             خذ النعت مني لا تكون هَبيل[4]

          تراه عـالي الواردات وفوقـه[5]

                            من الربْط عيساوي[6]، بناه طويل

       وله يمين الغور من سائـر النقا[7]

                            به الواد شرقا والـيراع دليل[8]

       أيا لهف كبدي على الزناتي خليفة[9]

                            قد كان لأعقاب الجيـاد سليل

       قتيل فتى الهيجا ذياب بن غانم

                           جراحه كأفواه المزاود تسـيل[10]

              يا جارنا[11] مات الزناتي خليفة

                             لا ترحـل إلا أن تريد رحيل

      وبالأمس رحلناك[12]  ثلاثين مرة

                             وعشر وستا في النهار قليـل

 حين نقرأ هذا الشعر لا نتبيّن فيه سخرية من الزناتي خليفة، باستثناء وصْف جراحه: (جراحه كأفواه المزاود تسيل)، وأظن أن ابن خلدون لما رأى في القطعة رفعا من شأن الزناتي خليفة وهو عدوّ للهلاليين ظنّ أن في ذلك الرّثاء تهكُّمٌ، غير أن الأمر بخلاف ما توهَّمه ابن خلدون فأشعار التغريبة لا تقلل من شأن الزناتي خليفة، بل ترفع قيمته، لقد أمَرَ الأمير حسن ببناء قُبّة على قبره، وفي القطعة التي ذكر ابن خلدون إشارة إلى بروز وعلو بناء قبر الزناتي مع وجود كتابة عليه. وقد ورد في التغريبة: «وبعد ذلك أمر الأمير حسن في بناء قبة عظيمة على قبر الزناتي وأمر بإحضار النجّارين والحفّارين والمرخّمين والدهانين وجميع أرباب الصنائع أن يبذلوا المجهود في تزيين تلك البقعة على قبر الزناتي وأن يكتبوا عليها أسماء الله الحسنى فزيّنوها بالفضة والذهب وصنعوا له مشهدا ومزارا»[13].

  وفي التغريبة اعترف ذياب بشجاعة الزناتي التي لا تضاهى بشجاعة أي فارس من الفرسان الذين واجههم: «وأما ما كان من الأمير ذياب لما رجع إلى الخيام فسألوه قومه عن الملك وائل فقال لهم: لله درّه من بطل شديد وقرم عنيد. فقال له قومه: هل يكون أشجع من الزناتي. فقال لهم: إن الزناتي لا يوجد على أرضٍ فارسٌ مثله، ولكن الملك أقدر وأخبر وفي مواقع الضرب أشطر وأجسر»[14].

  وقد دخل الأمير حسن في صراع مع ذياب بعدما شكَت له سعدى ابنة الزناتي سوء معاملته، يقول الأمير حسن موجها خطابه لذياب[15]:

     طلبت منها أن تكون حليلتك      هـذا فعال العيـب لا نرضاه

    وجعلتها عند الجوار لخدمتك      وتطحن لملحك والحطب ومياه

    سعدى مرادي أخذها لظعوننا      وزوجـها مرعي بأحسن جاه

  • ـ موقف أبطال التغريبة من التشاور.

  يقول محمد نجيب بوطالب: «لقد عملت الكتابات الاستعمارية حول هذا الموضوع على المبالغة في إظهار الانقسام بين سكان بلدان المغرب العربي إلى بربر وعرب، وتسرّع أصحابها في تعميم الحكم بهذا الانقسام على تقاسم الفضاء الجغرافي (جبل – سهل)= (بربر – عرب). وعلى رغم الأسس التاريخية الثابتة لهذا التكوين فإن المبالغة حصلت في إظهار هذه الثنائية بمظهر التعارض، لأنها كانت تنطلق من نزعة تفريقية تهدف إلى الإثارة أكثر مما تهدف إلى الكشف عن حقيقة الواقع، بل إن الأمر ذهب ببعض المحللين الاستعماريين إلى أن البربري (القبايلي) هو إنسان بروتستانتي في عقلانيته وجديته في العمل وروح مبادرته، بل اعتبر ذا نزعة ديموقراطية مميزة»[16].

  ومن تلك الكتابات إشارة بونجون إلى أخذ السجع  لنظام « بولاربع » من الأمازيغ: «يبدو أن هذه المؤسسة قد تمت استعارتها من البربر، وأن شيوخ مجلس الفخذات هم أنفسهم يختارون من قبل أفراد القبيلة للقيام بالمهام. ويجتمع « بولاربع » بدعوة من شيخ القبيلة أو بدعوة من شيخ إحدى الفخذات»[17].

 وقد أكدت السيرة الهلالية على الطابع التشاوري في اتخاذ القرارات المصيرية التي تهم المجموعة كما هو الأمر في قرار الرحيل غربا.

«فقالوا من يروح مع البوش فأرسلوا وراء الجازية أم محمد، لأنه كان لها ثلث الشور فأتت ورمت السلام، فردّوا عليها السلام وأجلسوها في أعز مقام»[18].

 وإلى عهد قريب كانت « للجماعة » أهمية في اتخاذ القرارات التي تهم مصير القبيلة عند قبائل أنـﯕـاد.

[1]  ـ مقدمة ابن خلدون. ( تحقيق: عبد الواحد وافي). 3/1181-1182. (تحقيق: عبد السلام الشدادي). 3/307.

بالقطعة كثير من التحريف والتصحيف، وقد اجتهدت في تصويبه قدر الإمكان، من خلال التركيب مما ورد في تحقيق عبد الواحد وافي وعبد السلام شدادي.

[2]  ـ تحقيق عبد السلام الشدادي: « تقول نقاة الخد سعدى »، والتحريف جلي. وسعدى ابنة الزناتي خليفة.

[3]  ـ تح وافي: « ولها في ظعون الباكيين عويل ».

   – تح الشدادي: « لما في الظعون الباكرين عويل ».

[4]  ـ هبيل: في العامية: الأحمق والمغفل.

[5]  ـ تح وافي: « تراه العالي الواردات وفوقه ».

  – تح الشدادي: « أراه بعالي واد ران وفوقه ».

  • الواردات: لعل المقصود بها الرايات الحمر.

[6]  ـ لعل المقصود أن الرايات مشدودة برباط متين.

[7]  ـ تح وافي: « وله يميل الفور من سائر النقا ».

 – تح الشدادي: « أراه يميل الغور من شارع النقا ».

[8]  ـ لعل المقصود في هذا البيت تحديد موقع القبر. « باليراع دليل » إشارة إلى الكتابة على القبر، كما ذكرت ذلك التغريبة.

[9]  ـ تح الشدادي: « يا لهف كبداه الزناتي خليفة. ولعل ما ورد في تحقيق وافي هو الأنسب.

[10]  ـ تح وافي: « جراحه كأفواه المزاد تسيل ».

 – تح الشدادي: « جراحا كأفواه المراد تسيل ». والمزود من الأوعية معروف، وبالمزاود تكتمل الصورة الشعرية في البيت.

[11]  ـ تح الشدادي: يا جازيا ». ولعل ما ذكره وافي هو الصحيح.

[12]  ـ الضمير لا يعود على جارنا وإنما على ذياب، إلا إذا كانت تقصد سعدى بجارنا: ذياب.

[13] ـ تغريبة بني هلال الكبرى (الشامية الأصلية). ص: 570.

[14] ـ  م ن. ص: 595.

[15] ـ  م ن. ص: 629.

[16]  ـ سوسيولوجيا القبيلة في المغرب العربي. محمد نجيب بوطالب. مركز دراسات الوحدة العربية. لبنان. ط: 1. 2002. ص: 111.

[17]  ـ السجع قبيلة بدوية بين البربر. بونجون. (م س). ص: 113.

[18]  ـ تغريبة بني هلال الكبرى (الشامية الأصلية). (م س). ص: 436.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.