Home»Correspondants»عندما يلج مشروع المؤسسة حجرة الدرس

عندما يلج مشروع المؤسسة حجرة الدرس

0
Shares
PinterestGoogle+

عندما يلج مشروع المؤسسة حجرة الدرس

بقلم: نهاري امبارك.

لقد برز مشروع المؤسسة على الساحة التربوية منذ سنوات، ومر من عدة محطات. لكن يبدو، من خلال التشخيصات أنه مازال قاصرا ولم ينضج بعد. وراوح مكانه يتأرجح بين التصور والبلورة والتجريب. ورصدت له اعتمادات مالية لم تف بالمطلوب. فكانت إخفاقات أدت إلى المراجعة والعود إلى إصدار نصوص ومذكرات، فاتخذت تدابير ونظمت تكوينات، وتمت تعبئة موارد بشرية وتوفير أدوات، وتدخلت وكالات وضعت برامج وأبرمت اتفاقات. وصدرت وثائق للاستئناس من بطاقات تشخيص وشبكات مؤشرات، ولاحت في الأفق معيقات تحول دون التنزيل الفعلي والإنجاز الحقيقي وتحقيق الأهداف المسطرة، ما جعل الأطر التربوية تتساءل حول مدى قدرة مشروع المؤسسة على تخطي عتبة حجرة الدرس والولوج إلى داخل الفصل الدراسي لمعالجة الظواهر التي أضحت تغزو العملية التربوية داخل هذا الفضاء الذي يعتبر مسرح العمليات ومنطلق القرارات لكل القضايا التربوية ذات الارتباط بالتلميذ. وهكذا تبينت للمدرسين إكراهات بالجملة، تحول دون انخراطهم ومساهماتهم الفعلية لنقل مشروع المؤسسة من الهامش إلى عمق العملية التربوية  لسبر أغوارها ومعالجة أوضاعها. فبدوا يشتكون طول المقررات الدراسية وكثافة المواد المقررة، في ظل جداول حصص كاملة، وإعداد الجذاذات والدروس ومضامين الأشغال التطبيقية، وتوالي حصص الدروس، وإجراءات التقييم التربوي، وكثرة الفروض المحروسة وتصحيح إنتاجات التلاميذ. كما يشتكي الأطر الإدارية والتربوية بعد المؤسسات التعليمية، خصوصا بالمناطق النائية، حيث تقبع المدرسة وراء مسافات ومسالك وعرة وطرق غير معبدة وجدران مهترئة ووديان بلا جسور ولا قناطر وثلوج وتحت وطأة برد قارس بلا كوانين ولا مدفآت…كلها حواجز تقف أمام ولوج مشروع المؤسسة المدرسة، فبالأحرى حجرة الدرس. هذه الحواجز التي يود التلاميذ وأولياء أمورهم والأطر الإدارية والتربوية إزالتها في إطار الإصلاحات المرتقبة، وذلك بشكل شمولي في إطار مشروع تربوي متكامل، دون تجزيء ولا تركيز على جانب دون آخر.

بناء على هذا وذاك، يضع المدرسون فرضيات، وتشغل هواسج وتخمينات، مبتهجين أحيانا وقلقين أحايين ومتسائلين حول ما إذا ولج مشروع المؤسسة حجرة الدرس، هل يأتي  بحلول تعفيهم عناء ومتاعب الاكتظاظ والأقسام المشتركة وظواهر الشغب والعنف اليومية؟ وهل يمتلك من الأدوات الكفيلة بالتصدي لإشكالية انخفاض المستوى الدراسي والهدر المدرسي المتمثل في الانقطاع والفصل عن الدراسة؟ وهل يأتي بآليات فعالة لمحاربة الغش والتلاعب والتهاون التي غزت المؤسسات التعليمية؟ وهل يأتي بحلول للفوارق الشاسعة الملموسة لدى التلاميذ وأولياء أمورهم بين المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية وضعيات وعدد التلاميذ داخل حجرة الدرس ونتائج مدرسية؟ وهل يرسي مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، من حيث ظروف العملية التربوية والكتاب المدرسي والمقررات الدراسية والتوجيه إلى بعض الشعب والتخصصات الدراسية، من قبيل العلوم الرياضية والمسالك الدولية للبكالوريا المغربية، بين تلاميذ التعليم العمومي والتعليم الخصوصي؟

من أجل الإجابة الصريحة والملموسة على مختلف الأسئلة التي تشغل كل الفرقاء التربويين، وإرساء الإجراءات والتدابير الناجعة لإصلاح حقيقي لمنظومة التربية والتكوين، يترقب التلاميذ والمدرسون مشروع المؤسسة ليلج حجرة الدرس ويعيش الظروف التي يعيشونها، ويتلمس المعيقات والصعوبات التي تجثم بكل ثقلها على العملية التربوية، ويضع حدا دفعة واحدة أو تدريجيا، لمختلف الآفات التربوية والتعليمية التي يعاني منها الفصل الدراسي متسائلين: هل يلج مشروع المؤسسة حجرة الدرس دون إصلاح شمولي لأحوال المدرسة ومنظومة التربية والتكوين ومختلف مكوناتها؟

بقلم: نهاري امبارك، مفتش التوجيه التربوي،مكناس.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *