Home»Correspondants»داعش الحبلى بدافش المغاربية

داعش الحبلى بدافش المغاربية

0
Shares
PinterestGoogle+

داعش الحبلى بدافش المغاربية
رمضان مصباح الإدريسي

ونحن في غمرة تراويح المونديال ،سرى ليلا تقرير « سري » نُسب للخارجية الأمريكية ينقل –فجأة- معارك « الماغما » السنية في العراق، المسماة داعش، الى قلب عدد من الدول ،ومنها المغرب والجزائر.
أن يكون للدولتين – خارج الشرعية طبعا- مئات أو آلاف من « الجهاديين  » ضمن هذا الحراك العراقي المسلح ؛حيث يتكاتف،دون انصهار، التكفيريون والبعثيون وقوات العشائر وما بقي من جيش صدام،وما لا نعرف من أبابيل الأجهزة الدولية المعروفة ؛فهذا لم يعد سرا ،خصوصا والنقاش الرسمي ،وغير الرسمي، جار لتحديد سبل التعامل مستقبلا مع هذه « القوات » التي لم يجندها أحد ؛عدا من حملوها على فهمم مُتشدد للنصوص الشرعية.هذا إذا لم تدفن هناك ،في الرمضاء الحارقة.
أما أن ينام في العسل بيننا من يقدم الدعم ،ليخدم المشروع الغامض لدولة الإسلام في العراق والشام ؛وهو المشروع القائم على عقيدة الولاء والبراء ،ونبذ الديمقراطية،وتحريم العلمانية ،وهدم كل أسس
الدولة المدنية الحديثة ؛فهذا مما يؤرق فعلا كل مواطن له حصته التي  يغار عليها ،و لا يتنازل عنها ،من دينه – كما تمغرب بأسانيد قوية- و ماضي وطنه وحاضره ومستقبله.
إن صدق التقرير الذي تناقلته العديد من المنابر الإعلامية – دون أي تكذيب من المصدر المزعوم- ويعتمده  الأمن الجزائري ،حاليا، للوقوف على مدى صدقية اتهاماته لمواطنين جزائريين ؛فتلك مصيبة فعلا ،وان كان كاذبا فالمصيبة أعظم.
هما أمران أحلاهما مر، فأن تشير إلينا الأصابع بداعش،ولو كذبا، يضعنا بين احتمالين:
إما أن تكون  الجهات الواقفة خلف التقرير ،أمريكية فعلا ؛وهذا يعني أن هناك اتجاها نحو تدويل وتضخيم ما يقع في العراق ،كمقدمة لعودة الجيش الأميركي للمنطقة العربية  كلها  ؛خصوصا وهي تشهد فشلا دولتيا لم يسبق له مثيل ؛ نتيجة  لفوضى أريد لها أن تكون خلاقة لعالم عربي جديد – الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- متحكم فيه بصيغ عولمية جديدة ؛لكن الحَيَّات عاودت سيرتها السحرية وابتلعت عصا موسى.
وإما أن تكون جهات داعشية – عراقية أو غير عراقية- تسعى لتبليغ رسائل معينة ،تكشف عن ملامح مستقبلية لخارطة طريق « جهادية » دولية ؛مستثمرة الزخم القتالي والإعلامي الذي راكمته في العراق والشام ؛والذي لا يضاهيه إلا ما حققته قاعدة بن لادن في « غزوة منهاتن ».
لكن هل تحرق القاعدة داعمي فرعها/فروعها ،وهي لم تسقط بعد نوري المالكي ؛ولا واجهت الحرس الثوري الإيراني  المتربص بها ،ان لم تكن حاملة الطائرات الأمريكية؟
طبعا لا يُتصور منها هذا الزلل الكبير ؛في ظل  إستراتيجيتها  الدولية الجديدة ،التي تكيفت مع الأساليب الرهيبة التي توظفها الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب العالمي. إستراتيجية قائمة على تعدد رؤوس الجسد الواحد ،وتجدد نمو الرؤوس المقطوعة .
بالعودة الى الأسماء المغربية الواردة ضمن التقرير ،وهي أسماء لها صيتها وشعبيتها – كل حسب مكانته وتوجهه- يتضح أن رسائل القاعدة –إن أصاب هذا التحليل- موجهة بالذات  ،و مغربيا،الى هذه الشريحة العريضة من المواطنين الملتفة ،دعويا،حول هؤلاء الفقهاء والعلماء.
ليس لهذا « التدعيش » ما يخسره ،مادام ألا أحد في المغرب يتصور أن يكون الزمزمي ،الريسوني ،يتيم، والروكي من القاعديين المجاهدين ،في غفلة من مواطنيهم،وأجهزة دولتهم ،في ركاب دولة
قادمة من تخوم التاريخ.
هذا ما تعرفه القاعدة الإعلامية عن هؤلاء ؛ولا يضرها أن تقدمهم قربانا لطموحها الكبير الذي لا تسع المحيطات مداد كلماته.
دافش هل تولد لداعش؟
بناء على هذا التصور فمن الوارد بقوة أن القاعدة تقول لنا  ،في الاتحاد المغاربي ،الفاشل مع الأسف – ومعنا مصر- بأن « دولة الإسلام في إفريقيا الشمالية » ،ولتكن اختصارا « دافش » قادمة.
ما ندلي به لتفنيد هذا التوقع هو بالضبط ما يؤكد جديته ومصداقيته.ان الطائفية في العراق وسوريا ،والتماس السني الشيعي ،والبنية الدولتية العشائرية  ،وغيرها من العوامل ،خلقت رجلا شاميا مريضا يتمدد بكل أسى الاحتضار فوق الخريطتين  .لا تحب القاعدة إلا مثل هؤلاء الرجال، حينما تبحث عن جسد آدمي تتلبسُه شياطينُها.
إنها وضعية هشاشة ،بل لوحة سريالية أبدعتها السياسة الأمريكية التي حاربت ،أول ما حاربت في العراق التاريخ ؛وقتلت من ضمن من قتلت حمورابي ،الذي كان يقلقها أكثر من صدام حسين.
ثم التفتت إلى خيمة الدولة ،التي لاتفهم لا في وبرها ولا في تشابك نسيجها ،ولا في حِبالها و أوتادها، فأحرقتها وتركت الناس هَمَلا يتيهون على وجوه التطرف الكالحة.
وحينما اكتشفت فداحة هذه الفوضى ،لم تجد بين يديها إلا أن تستدرج ،وتشغل غريمتها إيران ،بكل طموحها الشاهنامي- نسبة الى الشاهنامة الفارسية- والشيعي ؛وبكل ما تُبَيِّتُه للمنطقة كلها من سلاسل جَلْدِ الظهر ،وسلاسل الالكترونات والنيوترونات.
من حيث الهشاشة لا يختلف ،الآن، شمال إفريقيا عن « الشامين » ؛باستثناء كلي للمغرب والجزائر ؛
حيث الدولتان قائمتان على مؤسسات قوية ؛وان كانت الجزائر غير واثقة في دوام وضعها ؛لإقبالها الكبير على التسلح الثقيل، و حتى الذكي .أما ليبيا فتبدو وكأنها تحنط بِحَنوط الجنائز لتدفن جوار القذافي.
وتلتقي تونس مع مصر في رسم معالم مرحلة جديدة لم تتضح بعد ،بما فيه الكفاية.
أما زيادة النقط التي تحسب لصالح هشاشة الشمال إفريقي فتتمثل في وجود ،نائم ونشيط ،في نفس الوقت،لرؤوس عدة لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي .وقد عرف هذا التنظيم، الذي لا يُخفي طموحه لتأسيس إمارة إسلامية مغاربية،كيف يستغل العداء الموجود بين المغرب والجزائر؛والذي تأسس على حسابات جيوسياسية جزائرية معروفة.حسابات تأسست ،بدورها،على مخلفات الحرب الباردة ، التي لم يعد أحد من أبطالها المغاربيين على قيد الحياة.
لا أحد يجادل في كون الجزائر الرسمية ،هي الحاضنة الكارهة ،والمحاربة لهذا التنظيم ،منذ ثمانينيات القرن الماضي.منذ عودة ما سمي وقتها  بالجزائريين الأفغان.
لكن الخرق اتسع على الراتق الجزائري ،ونمت للرؤوس رؤوس ؛منها حتى السوداء في دول الساحل ؛وبصفة خاصة شمال مالي ؛حيث خاضت فرنسا حربها « المالستانية » دون نتائج مريحة إلا لأبنائها ومصالحها في المنطقة.
مع الأسف يعرف الجزائريون قبل غيرهم أن بناء اتحاد مغاربي قوي  ،على أسس جديدة ،سياسية واقتصادية وأمنية ؛وبقوة عسكرية ضاربة ،قد تصل الى مليون مقاتل ،وبكل الترسانتين المتاحتين
اليوم والغد،وحده القادر على اجتثاث كل الشر ؛من أي جهة كان مصدره.
ان أي سيناريو متصور لدافش في المستقبل ؛كأن تداهم القاعدة بارتالها الحالية في المنطقة ،الممتدة من خليج غانا الى صحراء سيناء،حدود الدول الهشة للإجهاز على أنظمتها ،يجعل التفكير في الدرع المغاربي  ضرورة قصوى وليس ترفا فقط.
ان أي انتصار لداعش ،عظم أمرها أو صغر، لا يعني إلا بدء مغامرة دافش الكبرى.
ولن يقصر النظر ،هنا، عن ما تشعر به إيران من ثقل إزاء الاحتياطي السني المغاربي ،الذي سبق للمرحوم الحسن الثاني أن ذكر الخميني به ،حتى يفكر بكل الباطنية الشيعية قبل أن يغامر بتصدير الثورة.
حسابات كثيرة في الأفق ،فهل تفكر الدول المغاربية في الأمن الاستراتيجي لشعوبها ،أم ستتركهم لتقلبات المزاجين القاعدي والإيراني؟  لا عشنا الى اليوم الذي نرى فيه شعوبا مغاربية تائهة على وجوهها، كما يحدث اليوم للسوريين والعراقيين.
Ramdane3.ahlablog.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *