Home»Enseignement»ملف الأساتذة الباحثين حملة الدكتوراه الفرنسية أما آن لمسلسل « الميز والحيف » أن يتوقف ؟

ملف الأساتذة الباحثين حملة الدكتوراه الفرنسية أما آن لمسلسل « الميز والحيف » أن يتوقف ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

بقلم: بلقاسم الجطاري
يستدعي المقام، بداية، أن نقول أن « داء العطب قديم ». وأن نصيبا كبيرا من أشكال الحيف التي تطال فئات عريضة من الموظفين (المشتغلين بالقطاع العام) ناتج عن تنوع صيغ التوظيف والإدماج وإعادة الإدماج والتعيين..، وعن ارتباك واضح في تدبير الحوار التفاوضي الذي يجمع القطاعات الحكومية بالفرقاء الاجتماعيين، وارتهانه بلعبة الترضيات والحسابات السياسية الظرفية، فضلا عن ضعف واضح في إجراء المقايسات العادلة بين هذه الفئات عند مباشرة التعديلات التنظيمية والتشريعية.
مناسبة هذا الكلام، هنا، هي إثارة الحيف الكبير الذي طال وما يزال فئة من أساتذة الجامعات حملة شهادة الدكتوراه الفرنسية. والذين التحقوا بالجامعة المغربية بموجب النظام الأساسي 17 أكتوبر1975، وما كانوا حينها مدركين لما سينتصب أمامهم من متاريس، ولا لما سيعتور مسارهم المهني من صنوف الظلم والميز والإقصاء. إذ انخرطوا أسوة بزملائهم داخل الجامعات في مهام التدريس والإشراف والتأطير، وساهموا كغيرهم في تكوين الطلبة، والدفع بعجلة البحث العلمي، كما انخرطوا في مختلف الهيئات والمجالس التدبيرية المسؤولة عن تسيير الشؤون البيداغوجية والإدارية الخاصة بالجامعات.
سنوات بعد التوظيف ستكتشف هذه الفئة من الأساتذة أن مسارها المهني (الأكاديمي والإداري والمالي) يسير على غير ما يسير عليه مسار غيرها من الفئات، وأن ما اعتبرته نجاحا مهنيا لم يكن غير سراب خادع سرعان ما انكشفت حقيقته الصادمة. فكان أن سارع المعنيون إلى الترافع أمام إطاراتهم النقابية لإقناعها بضرورة تضمين مطالبهم في ملفاتها المطلبية، كما انتظموا في إطار تنسيقية رفعت لواء الدفاع عن مطالبها العادلة. وقد تم تتويج مسيرة النضال والصمود بمعركة الأمعاء الفارغة (2006).
ودون اجترار التفاصيل الدقيقة التي واكبت وحايثت مقترحات الوزارة لطي هذا الملف، نرى من الواجب التذكير أن المطلب الرئيس لهذه الفئة كان وما يزال هو إدماجهم في إطار أساتذة التعليم العالي بعد أربع سنوات من الأقدمية أسوة بزملائهم الحاصلين على phd أو الدكتوراه من أمريكا وكندا وغيرها من دول أوروبا. أما الحل الذي فرضته الوزارة فرضا فموجزه تفريغ هذه الفئة في إطار أستاذة مؤهلين برقم استدلالي يعادل أو يفوق مباشرة الرقم الاستدلالي لإطارهم الأصلي، مع الاحتفاظ بالأقدمية في الرتبة. وإعفاؤهم من الإدلاء بشهادة التأهيل الجامعي عند الترشيح لمباراة أستاذ التعليم العالي، ابتداء من فاتح شتنبر2008. وهذه حلول ترقيعية لم ترق إلى الحد الأدنى من انتظارات الأساتذة الذين كانوا يمنون النفس بأن يتوقف مسلسل الميز والحيف اللذين طالا هذه الفئة. فبالأحرى طي الملف واقتلاع جذور هذا الميز من جذوره كما ادعت الوزارة الوصية في مناسبات عديدة.
ولأن حظ هذه الفئة أن تُنكأ جراحها في كل وقت وحين، فقد قررت الوزارة عدم تسليم أساتذة هذه الفئة قرارات التعيين (الإدماج) في إطار أساتذة التعليم العالي، حتى بعد حصول الكثير منهم على دكتوراه الدولة، في تكريس واضح لسياسة الميز والكيل بمكاييل عدة، إذ يبدو من غير المفهوم أن يتم تمكين الأساتذة الحاصلين على دبلوم السلك الثالث الذين حصلوا على دكتوراه الدولة من قرارات التعيين في الإطار المذكور( وهو مكتسب نباركه ونثمنه)، بينما يحرم الأساتذة حملة الدكتوراه الفرنسية من هذا الحق، على الرغم من حصولهم على الشهادة المطلوبة (دكتوراه الدولة المغربية) بذات الشروط والمواصفات المسطرية.
وحتى لا يذهب بال القارئ إلى حيث لا نريد ولا نرتضي، وكي لا يخال أن معركة هذه الفئة محصورة في مطالب مادية صرفة، نرى من الواجب التذكير أن للملف أوجه اعتبارية ورمزية عديدة، وهي جوانب لا يمكن إغفالها في مجال التكوين والبحث الجامعيين، كما ينبغي التأكيد على وجود جوانب ميز وظلم عديدة تطال هذه الفئة بسبب تلكؤ الوزارة في إرسال قرارات التعيين في الإطار الجديد (أ.ت.ع) إلى أساتذة هذه الفئة من الحاصلين على الدكتوراه المطلوبة. وهذا التأخر يفوت على هؤلاء فرصا مهمة لتطوير مسارها المهني، كما يقف حائلا دون ترشحها لاجتياز مباريات التعيين في مناصب خاصة تشترط الإطار المذكور، رغم أن عددا كبيرا من هؤلاء قد راكم خبرة مهمة في تدبير المصالح الجامعية، وكثير منهم صقلته السنوات الطوال التي قضاها في مختلف الهيئات التدبيرية للمؤسسات الجامعية. وبهذا المعنى نستطيع القول أن المؤسسة الجامعية تطالها خسارة مزدوجة، مظهرها الأول خفوت جذوة الحماس والحافزية في نفوس أساتذة هذه الفئة مع توالي سنوات مشوارهم المهني (طالما ثمة سقفا لا يمكن تجاوزه)، ومظهرها الثاني خسارة الجامعات المغربية لطاقات وكفاءات مهمة قادرة على صياغة المشاريع البيداغوجية الكفيلة بتطوير جاذبية المؤسسات، وكذا تدبير شؤونها الإدارية والعلمية المختلفة.
يفرض المقام أن نثير أيضا، من منطلق مقارنة عابرة بين المسار المهني لفئات من الأساتذة الذين يمارسون المهام نفسها، وجود تفاوت كبير في مسطرة الإدماج والترقي، بحيث تتساوى الوضعية الإدارية لفئات من الأساتذة، بعضها شارف على التقاعد، وبعضها ما يزال في بداية مشواره المهني. والسبب ليس مرتبطا بالمردودية المهنية أو السجل العلمي (لأن هذه شروط موضوعية لتقييم الأداء المهني للأساتذة)، ولكن السبب هو تواتر عدد من الإصلاحات الخاصة بقطاع التعليم العالي(بالمغرب وخارجه)، والتي لا تنفك تمس صيغ الهندسة البيداغوجية، وأنظمة الشهادات الجامعية، دون أن تواكب هذه الإصلاحات مسطرة المعادلات المنصفة. ويبدو أن الأساتذة الباحثين حملة الدكتوراه الفرنسية مثال حي على هذا التفاوت الصارخ؛ لأن أقدمية معظمهم تفوق العقدين من الزمان، كما يبدو أيضا أن المسؤولين في القطاع الوصي غير مكترثين لمساحة الغبن التي يشعر بها هؤلاء، وغير مستعدين لفتح حوار تفاوضي جاد ومسؤول يضع حدا لمعاناة هذه الفئة، ويقدم الحل العادل والنهائي.
كما يبدو من المناسب القول، على سبيل الختم، أنه قد آن الأوان للقطع مع طرق التدبير الوزاري القائم على منطق « ردود الأفعال » فقط، أي انتظار « الفعل-المطلب » النقابي، والتصرف بناء على موازين القوى السياسية الطارئة. وبخاصة في حالات الفئات التي هضمت حقوقها خلال فترات مختلفة من تاريخ الوظيفة العمومية بالمغرب؛ لأن دور الوزارة هو تحسين ظروف الشغيلة وتحصين المكتسبات الكفيلة بتطوير العرض التكويني للجامعات، وليس انتظار صرخات المظلومين، ثم فرض حلول ترقيعية تستجلب سخط فئات أخرى، وتدخل الجسم الجامعي في دوامة من التشريعات الاستثنائية (الناسخة لما قبلها والمنسوخة بما بعدها من تشريعات مستجدة).

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *