Home»Enseignement»التحدي الأكبر الذي يواجه منظومتنا التربوية هو التخليق

التحدي الأكبر الذي يواجه منظومتنا التربوية هو التخليق

0
Shares
PinterestGoogle+

عبد الكريم السباعي
01/11/2013

يبدو أن كل شيء في منظومتنا التربوية يحتاج إلى التخليق. تجد الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياطي الاجتماعي CNOPSعلى أهبة الانهيار بسبب التلاعب في ملفات المرض والتحملات الطبية وتزوير عمليات جراحية بمصحات خاصة.
ثم تجد مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية FM6 تتلقى العديد من الشكايات بسبب تحايل بعض المنخرطين ضعاف النفوس على برنامج نافذة حيث باعوا الحواسب  بعد أن استفادوا من دعم 2000 درهم، وبذلك يكونوا قد حرموا آلاف المنخرطين الشرفاء من الاستفادة من خدمات المؤسسة لصالحهم أو لصالح أبنائهم. والطامة الكبرى أن بعض نساء ورجال التعليم من زمرة المقصرين يتبجحون بشرف المهنة لكن هم أول من يعمل على تدنيسها، ومع ذلك تأخذهم العزة بالإثم ويصرون على الفساد. وهناك بعض مؤسسات التعليم الخصوصي في بلادنا هي الأخرى تتغنى وتفتخر بجودة التعلمات والخدمات، لكن على حساب تلاميذ التعليم العمومي الذي أبى بعض نسائه ورجاله إلا  من ينغمسوا في نشوة الاسترزاق في ظل غياب قانون زجر المخالفات الوظيفية ودفن قانون القهقرة  في الدرجة بسبب الإخلال بالمصلحة العامة.
كما أن بعض الفاعلين من الجمعيات في مجال التربية غير النظامية ومحو الأمية يتلاعبون  باللوائح الإسمية للأفواج ولا يلتزمون بمقتضيات الإطار القانوني للشراكة، وبالتالي يساهمون في هدر المال العام و تفشي الأمية إلى ما لا نهاية.
فهل سيذعن هؤلاء المقصرون لقرار الحكامة والتخليق؟ أم سيستمرون في عنادهم وتعنتهم مرددين مقولة « ما عندهم ما يدروا لي فعودهم يركبوه!!! »  ويبقى السؤال مطروحا: لماذا لا تخلق الوزارة مرصدا لتخليق مهنة التعليم على غرار مرصد حقوق الإنسان ومرصد الشباب ومرصد ذوي الاحتياجات الخاصة ومرصد العنف بالوسط المدرسي، لا يرقى هذا المرصد إلى مفهوم « الشرطة التربوية » كما قال أحد الفضلاء لأننا قوم « نخاف ولا نستحي » ولكن فقط من أجل استفزاز الضمائر الميتة وإعادة إحيائها قبل سن التقاعد.
وهنا  تحضرني  قصة قصيرة لكن طويلة الأبعاد أتى بها أحد الأصدقاء الفنانين من البرتغال حين سافر إلى هناك لتقديم عرض مسرحي مشترك: كان أحد العمال يعمل تقنيا بأحد الشركات في إحدى القرى النائية له مكتب يعمل بداخله ويحتسب ساعات عمله اليومية بنفسه بدون مفتش أو مراقب لان أجرته الشهرية تحتسب حسب عدد الساعات التي أنجزها في المكتب.
حل اليوم الأخير من الشهر فاخذ سيارته وانطلق إلى المدينة مقر الشركة لاستلام أجرته.
حين دخل مكتب المحاسب سلم له ورقتين الأولى تحتوي على عدد الساعات الفعلية التي أنجزها دخل مكتبه، والورقة الثانية تحتوي على عدد الساعات التي يجب أن تُخصَم من راتبه. فنظر إليه المحاسب مبتسما فقال للعامل: لم أفهم لماذا تريدني أن أخصم من راتبك هذه الساعات؟  فرد عليه العامل إنها مجموع عدد الدقائق التي كنت أتناول فيها سجائري خارج المكتب. فما كان على المحاسب إلا أن يخصم تعويضات تلك الساعات وإلا ينعته العامل بالمساهمة في هدر أموال الشركة والتلاعب بمصيرها وغياب حس المواطنة. فما بالنا نحن المسلمون امة سيدينا محمد صلى الله عليه وسلم، الصادق الأمين. ألسنا أولى بمثل هذه التصرفات؟ أم أن البعض  منا لا يخرج من مصلحة أو مكتب أو إدارة إلا وحولها إلا أرض محروقة أتى فيها على الأخضر واليابس ضدا على مقولة: اترك المكان أحسن مما كان قدر الإمكان فإن لم تستطع فاتركه كما كان.
خلاصة القول أن منظومتنا التربوية حسب رأيي لا تحتاج إلى منتدى أو ميثاق أو برنامج أو مشروع لإصلاحها بل تحتاج إلا ضمائر حية، إلا إرادة قوية  ومواطنة صادقة حتى نعيد اكتشاف ذواتنا ونفكك التراكمات السلبية من أجل تجويد تعليمنا وتثمين التميز  داخل مجتمع القيم.

ملاحظة للقراء الأعزاء:
هذا المقال لا يستهدف مؤسسة أو أشخاص معينين ولكن هو فقط تعرية لبعض الطابوهات التي أرى شخصيا أنه آن الأوان لتشخيصها وتطويقها في إطار تفعيل الحكامة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. سعيد شنيكي
    03/11/2013 at 21:51

    « أن منظومتنا التربوية حسب رأيي لا تحتاج إلى منتدى أو ميثاق أو برنامج أو مشروع لإصلاحها بل تحتاج إلا ضمائر حية، إلى إرادة قوية ومواطنة صادقة حتى نعيد اكتشاف ذواتنا ونفكك التراكمات السلبية من أجل تجويد تعليمنا وتثمين التميز داخل مجتمع القيم »
    سيبقى السؤال: كيف يمكن بناء مجتمع القيم هذا؟ وكيف يمكن بعث الضمائر الميتة وحقن جرعة من الاحساس في الضمائر التي اضعفها مناخ اللامبالاة والتسيب والانحدار الذي تعرفه المنظومة التربوية منذ عقود؟
    هل يمكن لمقاربة امنية تستند الى سن القوانين وشحذ المساطر والتلويح بها ان تفي بالغرض؟
    هل يمكن للخطاب الديني وحده ان يبلغنا المأمول ويحل هذا الاشكال الضائري المستعصي؟
    هل هناك من مقاربات اخرى يمكن اعتمادها للوصول لهذه الغاية -تخليق العمل داخل منظومة التربية والتعليم- بل وتخليق الحياة العامة بشكل عام؟
    اظننا نحتاج عقودا يا اخي عبد الكريم وربما قرونا لتحقيق التغيير المنشود.. وهذا ليس من باب ااتفكير المستسلم بقدر ما هو من باب الوعي بصعوبة التغيير وجعل الناس امة واحدة متحضرة في سلوكها واخلاقها..
    ينبغي في نظري العمل على غرس الاخلاق والوعي والتحضر في اجيالنا المقبلة في مراحلها العمرية الاولى كسبيل لاستبدال الموارد البشرية الحالية بموارد تمتلك ضمائر .. وعلى كل ان يعي انه لا مستقبل لهذا الوطن في غياب روح الجماعة وان التفكير الفرداني (انا وبعدي الطوفان) لا مستقبل له..
    ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم..
    في النهاية لا يمكنني الا ان اشكرك يا استاذ عبد الكريم لاثارتك هذا الموضوع الهام الذي يحتاج منا وقفات ووقفات..

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *