Home»International»الأساطير المُؤسسة للدولة الدينية

الأساطير المُؤسسة للدولة الدينية

0
Shares
PinterestGoogle+

خلال النقاش الدائر في مصر في موضوع الدستور، ركزت المعارضة على ورقة التخويف من « الدولة الدينية »، وهو نموذج لا يوجد إلا في أذهان جزء من النخبة، ظلت تُغذيه أساطير الإعلام الرسمي طيلة حكم الأنظمة المستبدة قبل انتفاضة الياسمين وهبوب نسائم الربيع الديمقراطي على الوطن العربي.  و من بين الشعارات الأسطورية التي رفعت « لا لحكم المرشد »، مستدعية في خطابها كل النماذج التاريخية المُخيفة (طالبان، إيران) لتنفير الشارع من مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء الشعبي، وهو دستور حديث، لدولة مدنية –و ليست دينية- قائمة على الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام حريته وكرامته، وليس فيه قطع يد السارق ولا رجم المُرتد ولا ولاية الفقيه و لا الولاء لأي مُرشد. و في نفس الوقت يتم غض الطرف عن النماذج المُشرقة في دول إسلامية مثل التجربة التركية.
هذا النقاش « الحداثي » رجع بنا إلى سنوات الثمانينات من القرن الماضي، حين كانت الأنظمة المستبدة تقمع الحركات المُحافظة وتزج بأطرها وقيادييها في السجون، بدعوى أنهم يهددون الدولة المدنية الحديثة ويستهدفون المرأة والسياحة والأمن والاستقرار في أوطانهم. و كان هذا الحراك مناسبة لحزب الحرية والعدالة المصري لإبراز كوادر رفيعة المستوى استطاعت من موقع التسيير أن تتجاوز الأزمة بحنكة سياسية كبيرة، مما فوت الفرصة على المتباكين على الديمقراطية، الرافضين لنتائجها، رفضا من أجل الرفض.
فزاعة الدولة الدينية المنغلقة والمتطرفة هي نفسها الورقة التي تحاول المعارضة في المغرب توظيفها لإسقاط الحكومة المحسوبة على التيار الإسلامي، رغم أن بن كيران ما فتئ يُؤكد على استبعاد ، بل استحالة خيار  الانقلاب على مؤسسة إمارة المؤمنين، و حصر القضية في الإسهام في الإصلاح ومحاربة الفساد و التنافس في ذلك، مع الاحتكام لصناديق الاقتراع. فقد أوردت « أخبار اليوم المغربية » أن إلياس العماري، الرجل القوي في حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، قد اتهم رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجهوي للبام بمراكش، بمحاولة إقامة إمارة إسلامية يكون فيها أميرا.. مضيفا أن المغرب لم يعد مسرحا للصراع على المصالح والمواقع فقط، بل هناك من يريد امتلاك البلد وينصب نفسه خليفة لله في أرضه. كما أوضح أن خطاب رئيس الحكومة ممنهج ويسعى من خلاله إلى بناء إمارة يتوج فيها أميرا !! و كان القيادي الآخر في نفس الحزب حكيم بنشماس قد حذر رئيس الحكومة من « الخونجة » و جر البلد نحو التيار الإخواني أو الوهابي. و خلال حواره مع إذاعة ميد راديو يوم 21 دجنبر 2012،  قال المختار الغزيوي، رئيس تحرير « الأحداث المغربية » إن الإسلاميين سرقوا الثورة في مصر، وإنهم في المغرب يتواجدون في التسيير وعلى التيار الحداثي أن يحتاط منهم ، لأنهم لا يختلفون عن الإخوان في مصر ولا عن « جبهة الإنقاذ » سابقا في الجزائر ، معتبرا ما يحدث من تحولات مجرد « ردة دينية » وفكر دخيل من المشرق مثل زحف النقاب، مضيفا أن الإسلاميين يستغلون الإسلام لأغراض سياسية و بالتالي « ليس في القنافذ أملس ».
و في نفس الوقت، أكد من جديد أن الإسلام يعطي للمرأة الحق في أن تمارس حريتها الجنسية خارج إطار مؤسسة الزواج، وهذا لا يتناقض مع الإسلام الحق؟؟ إسلام كل المغاربة وليس إسلام الإسلاميين حسب تعبيره، مضيفا أن أخطر ما يهدد المغرب هو الخلط بين الدين والسياسة، و لم يفوت الفرصة للعزف على أسطورة ربط العنف بالجامعة بالطلبة الإسلاميين و تبرئة الفصائل اليسارية والتقدمية !
إلى ذلك تذهب العديد من الكتابات المعارضة لتجربة « العدالة والتنمية »، مُحذرة باستمرار من احتمال زحف بن كيران على إمارة المؤمنين واستغلاله ل « الريع الديني » بسبب ارتفاع نسبة الأمية في المغرب، وهو المسؤول عنها لأنه يؤمن بمقولة « أطعم ولا تعلم »  كما يدعي مصباح رمضان الإدريسي في مقاله عن « صراع الفيلة ».
هي إذن نفس المعزوفة عند المعارضة، في المغرب كما في المشرق، التخويف والتشويه والتشويش، باستعمال الأساطير المُؤسسة للدولة الدينية، والاختباء وراء خطاب المزايدة و العودة بنا على نقاش زمن الصحوة وقضايا أصبحت متجاوزة من قبيل الموقف من الديمقراطية ومن الحداثة و من عمل المرأة خارج البيت و الحجاب بين الرفض والقبول و حكم الشرع في الخل والخميرة والحلزون.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. ماكيافيل.
    25/12/2012 at 18:20

    ليس هناك أي تخوف من حكم رجال الدين في المغرب وتونس والجزائر ومصر وليبيا وموريتانيا كون هذه الدول أصبحت اليوم وليدة الربيع العربي الذي هندسه الفكر الغربي المتحرر المتحضر المتقدم المتسامح المتطور المتفتح المعاصر كما أن لو كان هؤلاء يشكلون خطرا على الديمقراطية المنشودة لما سمحت لهم أمريكا بالوصول الى سدة الحكم. من جهة أخرى هناك من هؤلاء الحكام من يشرب الخمر ويمارس الجنس مع المومسات الراقيات في بلده وفي فرنسا وبلجيكا و يتعاطونا الربا و و و؛ لم يتمكنوا من الوصول الى هدفهم عن طريق الفكر التقدمي لأنهم لم يفهموا كيف يعمل فركبوا على الفكر الديني كي يحكموا السذج من القوم
    . انها السياسة كل شيئ فيها مسموح والغاية تبرر الوسيلة.

  2. محمد
    25/12/2012 at 21:41

    رغم ما ينشرونه من تخويف و تشويش عن تجربة العدالة و التنمية في الحكم فان مناضليها مازالت اياديهم نظيفة ال اليوم اما رفاق الامس فقد فقدوا عذربتهم . و اظن ان هذا الوطن العزيز يحتاج اليوم اكثر الى ذمم بريئة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *