Home»International»في ذكرى احتفالنا باستقلالنا سيظل ناقصا ما بقي شبر واحد تحت نير الاحتلال

في ذكرى احتفالنا باستقلالنا سيظل ناقصا ما بقي شبر واحد تحت نير الاحتلال

0
Shares
PinterestGoogle+

في ذكرى احتفالنا باستقلالنا سيظل ناقصا ما بقي شبر واحد تحت نير الاحتلال

 

محمد شركي

 

بداية نحمد  الله عز وجل على نعمة الاستقلال التي لا يشكرها كثير من الناس خصوصا الذين فتحوا أعينهم على  وطنهم وهو مستقل ، ولم يحرموا نعمة الاستقلال كما حرمها من كان قبلهم ممن ذاق ذل وهوان الاحتلال البغيض. وربما أخطأ الجيل الذي حرم الحرية  خلال فترة الاحتلال  ، لأنه لم يلقن الأجيال التي جاءت بعده ، والتي لم تذق ما ذاقه من مرارة الذل والهوان تحت نير الاحتلال كيفية  شكر نعمة الاستقلال . وربما يكون هذا الجيل أكثر من ذلك  قد أساء إلى نعمة الاستقلال،  ولم يشكرها الشكر المناسب ، لهذا لم تعرف الأجيال التي جاءت بعده قيمة هذه النعمة التي كفرت بشكل أو بآخر. وإذا كان المحروم المستفيد من النعمة بعد الحرمان منها  لم يشكرها  حق الشكر، فكيف يشكرها من لم يحرم منها أصلا؟  ومعلوم أن شكر النعمة في ديننا  الحنيف يعني حسن التصرف فيها ، وعدم استخدامها في معصية المنعم سبحانه . وما أظن أم كل الذين استفادوا من نعمة الاستقلال أحسنوا شكرها كما ينبغي ، والحال أن تاريخنا سجل صفحات سود للذين ارتزقوا بهذه النعمة ، واستخدموها ذريعة للظلم والعدوان والنهب والسلب وغير ذلك من المخازي التي سكت عنها الناس، وهي مما لا يحسن السكوت عليه إلا في عقيدة شيطان .

وتسمية الاستقلال بالنعمة ليس من قبيل المجاز بل هو الحقيقة بشهادة الوحي ، وهو أصدق شاهد إذ يقول الله تعالى في محكم التنزيل : ((واذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم ))  وهل  الهم  ببسط الأيدي يعني شيء آخر غير مصادرة  الحرية والاحتلال؟  وهل كف هذه الأيدي المبسوطة شيء آخر غير نعمة الاستقلال التي ينعم بها المنعم سبحانه ؟   وكما أن شكر النعمة يؤدي إلى الزيادة فيها  ودوامها لقوله تعالى : ((سنزيد الشاكرين )) ، فإن عدم شكرها يؤدي إلى نقصانها وزوالها لقوله تعالى : (( ذلك بأن الله لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) وتغيير ما بالأنفس  قد يكون إما بشكر النعمة أو بكفرها  ،وتبعا لذلك يأتي تغيير النعمة بالزيادة والبقاء أو بالنقصان والزوال . ومما يؤكد ذلك قوله تعالى : (( ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب )) وهل يوجد عقاب أشد من زوال النعمة أو نقصانها  ؟ ولا يبقي النعمة  ويديمها إلا شكرها مصداقا لقوله تعالى : (( واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون )) لأن شكر النعمة عبارة عن عبادة ، والعبادة عبارة عن طاعة ، والطاعة التزام بما شرع الله عز وجل . فمن استبدل شرع الله عز وجل بعد نعمة الاستقلال لا يمكن أن يدعي بأنه قد شكر بالفعل هذه النعمة . وقد لا ينتبه الكثير منا إلى أن  استقلالنا الناقص بسبب المدينتين الأسيرتين سبتة ومليلية وجزرنا وصخورنا المحاذية لشواطئنا إنما هو عقاب لنا على عدم شكر نعمة الاستقلال، لأن سنة الله عز وجل في الخلق  هي  الزيادة  مقابل  شكر النعم والنقصان أو الزوال مقابل كفرها . فلو أننا غيرنا ما  بأنفسنا من خلال  حسن شكر نعمة الاستقلال لزادنا الله عز وجل ولم ينقصنا . ومن كفران نعمة الاستقلال  أن تمر بنا عقود من السنين دون أن  نفكر في تحرير ما بقي من أرضنا  التي  لا زالت تحت نير الاحتلال ، وأن نرضى بذلك وتقر به أعيننا . ومن كفران نعمة الاستقلال أن نجعل حياتنا في ظل الاستقلال كحياتنا في ظل الاحتلال بل أحيانا أسوأ حتى سمينا بعض سنوات استقلالنا بما لم نسم به سنوات الاحتلال  ، ونعتناها بسنوات الرصاص لأن رصاصها فاق رصاص فترة الاحتلال . ومن كفران نعمة الاستقلال عدم توعية الأجيال التي لم تعش محنة الاحتلال  بها ، وعدم ربطها بها ربطا عاطفيا مع أننا مطالبون شرعا بالحديث عن النعم لقول الله تعالى : (( وأما بنعمة ربك فحدث )) وأقل درجات شكر نعمة الاستقلال أن نحدث بها من لا يعرف قيمتها وقدرها ، لأنه فتح عينيه عليها ولم يحرم منها كما حرم غيره منها .

وها نحن سنة بعد أخرى تمر بنا مناسبة نعمة الاستقلال دون أن نعيرها أدنى اهتمام حتى صارت مناسبتها تتزامن مع يوم عطلة أسبوعية عادية، وتمر دون أن يشعر بها أحد . وكان من المفروض أن  يخصص يوم للاحتفال بها لأن توقف العمل بمناسبتها سينبه الكثير إليها حتى الذين لا تعنيهم سوى العطل سيعرفون فضلها عليهم ، وسيكون ذلك بمثابة حديث بنعمة الاستقلال . وما كان على المسؤولين أن يفوتهم إجراء اتخاذ  اليوم الموالي ليوم العطلة الأسبوعية يوم عطلة حين يتزامن مع ذكرى في حجم ذكرى  عيد الاستقلال . ولا أريد أن يفهم من كلامي أن الاحتفال بهذه المناسبة يختزل في مجرد عطلة يوم ، بل قصدي هو الحديث  بنعمة الاستقلال التي  لم تعد  أجيال الشباب تعرفها أو تبالي بها لتقصيرنا في  ربطهم بها  ربطا عاطفيا . فكيف  نريد من هذه الأجيال أن تتشرب الوطنية ،ونحن لا نكلف أنفسنا مجرد الحديث عن نعمة الاستقلال . وكل حديثنا عنها هو أن تعرض وسائل إعلامنا صورا تذكارية في لقطات تمر سريعا  ولا يلقى لها بال ، أومن خلال  مذكرة  صادرة عن الوزارة الوصية عن الدين تدعو الخطباء إلى تخصيص يوم الجمعة السابق أو اللاحق لذكرى الاستقلال بالحديث عنه ، أومن خلال وقفة صبيحة اليوم الموالي للذكرى بالمؤسسات التعليمية لتحية العلم كما يحيى كل بداية أسبوع دون أن تتميز تحيته هذا اليوم  عن غيرها لأنها تصادف أو تقارب ذكرى نعمة الاستقلال . أليس هذا من كفران النعمة الموجب لزوالها  لا قدر الله أو لاستمرار نقصانها كما هو واقع الحال ؟  وكم هي الحصص الدراسية  في مؤسساتنا التربوية التي تخصص للحديث عن نعمة الاستقلال كما تنص على ذلك المذكرات التنظيمية التي  هي في حقيقة أمرها مجرد حبر على ورق ؟ وكم هي الأنشطة الموازية التي  تتناول المناسبة بالحديث  عنها ؟  وكم هي  الدروس والمواعظ التي تعطى في المساجد بالمناسبة  خلا ما نصت عليه المذكرة الوزارية من تخصيص خطبة جمعة لها وهو أضعف الإيمان ؟  ومن منا أحال الناشئة وغير الناشئة بمجرد حديث عن حال أشقاء لنا  حرموا نعمة الاستقلال ، ولا زالوا تحت نير الاحتلال ؟ ألا يجدر بنا أن نعرف بنعمة الاستقلال من لا يعرفها من خلال حرمان غيرنا منها ؟ أليست مصائب قوم عند قوم فوائد ؟  وهل توجد مصيبة أكبر من  حرمان الأشقاء الفلسطينيين من نعمة الاستقلال  ،خصوصا وقد تزامن احتفالنا باستقلالنا مع عدوان المحتل الصهيوني عليهم  وهو من نقصان استقلالنا أيضا بسبب قلة شكرنا لهذه النعمة ؟  ألا يجدر بمن لا يبالي بنعمة الاستقلال التي يرفل فيها أن يتعظ بحال أشقائه الفلسطينيين وغيرهم  من الشعوب العربية والإسلامية عجل الله تعالى  فرجها جميعا ؟؟؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *