Home»Enseignement»هل معايير ولوج مراكز تكوين أساتذة الثانوي الإعدادي والتأهيلي عادلة؟

هل معايير ولوج مراكز تكوين أساتذة الثانوي الإعدادي والتأهيلي عادلة؟

0
Shares
PinterestGoogle+
 

ما زالت مهنة التعليم على رأس المهن المحبوبة عند الشباب معظمهم، رغم كل الهزات التي أصابت حقل التربية والتعليم في وطننا العزيز، وما زلت مهنة التدريس محترمة لدى المجتمع المغربي رغم كلّ السهام التي مازالت توجه لأهلها في كلّ حين…
لندع أمر دواعي محبة مهنة التدريس، ولنخض في قضية أساسية مرتبطة بمعايير القبول في مباراة التدريس في السلك الإعدادي والثانوي. فمعلوم عند الجميع أن ولوج ما أضحى يسمى مركز تكوين مهن التربية والتعليم يمر بثلاث مراحل، مرحلة اختيار المترشحين لاجتياز الامتحان الكتابي بناء على نقط الشهادة الجامعية المطلوبة، ثم مرحلة اجتياز الامتحان الكتابي، ثم مرحلة الامتحان الشفوي. ومعلوم أنّ هذه المراحل إقصائية، فلا يحق للمترشح أن يجتاز الامتحان الكتابي إلا إذا اختير في المرحلة الإقصائية الأولى، ولا يحق له أن يجتاز الامتحان الشفوي إلا إذا اجتاز بنجاح المرحلة الإقصائية الثانية: مرحلة الامتحان الكتابي.
ومعلوم لدى المكونين خاصة أن هذه المراحل أساسية في اختيار الأصلح، وهم يدركون جيدا أن اختيار شخص صالح لأداء مهمة التدريس أمر بالغ الخطورة، لكون هذا الشاب سيتولى تربية ناشئة يعول عليها الوطن في بناء مجتمع قوي  صالح، إذ أثر المدرس بليغ في تكوين النشء. لذلك تحرص لجنة الامتحان الشفوي على اختيار أجود الشباب، ومعاييرهم في هذا الاختيار تتجاوز ما له علاقة بالجانب المعرفي للمترشح. على كل حال ،هذه المراحل ضرورية ومهمة في اختيار شخص صالح لأن يحمل أمانة التربية والتعليم، لكن في مراحل اصطفاء الأصلح خلل كبير من ناحية العدل بين جميع شباب المغرب، هذا الخلل مرتبط بالمرحلة الأولى، إذ اختيار المترشحين على أساس نقط الشهادة لا يحقق المساواة بين طلبة المغرب. لعلكم تتساءلون كيف تزعم أن المرحلة لا تحقق المساواة ومعيار الاختيار دقيق وصارم هو نقط الطالب؟
هذا ما يبدو في الظاهر، لكن  في الواقع ليس الأمر كذلك، فإذا كان الامتحان الكتابي والشفوي للمباراة وطنيا ويصحح ويقوّم وطنيا، فإن نقط الطالب ليست وطنية، وهنا يكمن الخلل، فلكلّ جامعة في وطننا مذهب في التقويم والتنقيط، ولكل جامعة امتحانها، ولكل جامعة أساتذتها، من هنا فلا بد أن تكون هناك مدارس مختلفة  في التقويم، فهناك من يتشدد في منح النقط وهناك من يتساهل، بعبارة واضحة، إن نقط الطلبة في جامعاتنا لا تخضع لمذهب واحد في التنقيط، وقد لا نخطئ إذا قلنا إن هناك مذهبين في التنقيط، أما المذهب الأول فهو مذهب التيسير، وهو الذي يرى أنه لا بد من التحلي بخلق السخاء والكرم في منح النقط، ومذهب الموضوعية، وهو يرى أنه ينبغي أن تمنح النقط بموضوعية، وأن منح نقط عالية قد تصيب الطالب بالغرور، فلو قوّم أساتذة جامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة محمد الأول بوجدة مثلا امتحانات طالب واحد لما اتحدت نقطه لدى الجامعتين، فقد يحصل على معدل 12 هنا ويحصل هنالك على معدل 15 . وأنتم تعلمون أن الفرق مهما كان بسيطا فإنه مهم، إذ يمكن لنصف نقطة أن تقصي الطالب من مبارة وطنية.
اختلاف مذاهب التنقيط أمر عادي طبيعي، لاسيما في المواد الأدبية، وفي جميع الأحوال لا يمكن أن تتوافق مذاهب جامعتنا في التقويم، حتى في المسالك العلمية، لأن امتحانات جامعتنا لا بد أن تختلف من حيث الصعوبة والسهولة، وهذا أمر طبيعي كذلك. هكذا لا يمكن أن تتساوى فرص الشباب في المباراة الوطنية، نعم لو كانت المباراة محلية على مستوى جامعة واحدة ستتحقق المساواة بين المترشحين، وهذا ما كان سائدا في المركز التربوي الجهوي بوجدة قبل سنوات، على الأقل في بعض المواد كاللغة العربية، إذ كان يتبارى طلبة كلية الآداب بوجدة وحدهم على مناصب مادة اللغة العربية، وكان مترشحو كلية وجدة في مادة الاجتماعيات يلمسون هذا التفاوت والاختلاف في مذاهب التنقيط، فكانت نقطهم دون نقط الضيوف من جامعات أخرى. وواضح جدا أن التفاوت في نقط طلبة تخرجوا من جامعات مختلفة لا يعني أبدا التفوات في المستوى المعرفي للطلبة، وتفاوت نقط طلبة جامعة واحدة يعني تفاوت الطلبة في المستوى.
أعود فأقول إن اختلاف مذاهب التقويم بين الجامعات أمر عادي طبيعي، ومن الصعب أن توحّد مذاهب التقويم بين جامعاتنا، حتى وإن وحدت الامتحان لن تتوحد مذاهب التقويم، وهذا أمر معروف لدى المدرسين.  إشكالية التقويم، إذن، قائمة  لا مفر منها ، فما الحل؟ من الحلول التي يمكن أن تحقق المساواة في المباراة الوطنية، تقسيم المناصب المتبارى حولها على عدد الجامعات المغربية، فإذا كان عدد المناصب الشاغرة مائتين، وكان عدد الجامعات عشرة، فلتمنح لكل جامعة عشرون منصبا، ولتحدد عتبة الانتقاء الأولي حسب نقط كل جامعة، ونحسب أنّ هذه الخطة أقدر على انتقاء أجود ما تجود به كل جامعة مغربية في جميع التخصصات، وأقرب لتحقيق المساواة بين طلبة المغرب. إنّ انتقاء الطلبة انتقاء وطنيا يؤدي حتما إلى تفاوت نسبة المقبولين من جامعة إلى أخرى، فقد ينتقى من جامعة مائة ولا ينتقى من جامعة سوى ثلاثة، وهذا ليس معناه أن ذات الثلاثة لا تخرّج طلبة مجدين متفوقين، بل المسألة مسألة مذهب التنقيط الذي تحدثنا عنه آنفا.
إن طلبة وجدة من بين المتضررين من الانتقاء الوطني في المباراة الوطنية، وهم طالما استعطفوا أساتذة الكلية لتغيير مذهبهم في التنقيط، فقد بينوا لهم أكثر من مرة أن نقطهم تقف بهم دون عتبة الباب الأول من أبواب دخول مركز تكوين أساتذة التعليم الإعدادي والثانوي. فمن يطلع على نقط المقبولين في الانتقاء الأولي في التعليم الثانوي بسلكيه سيلاحظ هذه الملاحظة، أصحاب  (وجدةF ) وملحقاتها في مؤخرة الترتيب…فأعلى نقطة في التربية الاسلامية لمترشح من وجدة 14.80، بينما أول نقطة هي 19.63 لـ GE)).
لكن كما قلت سابقا نفخ النقط ليس حلا، ويعد نوعا من تزوير الواقع، وشخصيا أتفق مع رد أحد الأساتذة الأعزاء، حيث بين أنّ النقط شهادة، ونفخ النقط شهادة زور، وعلى هذا فهم يرون أن معدل    12 في المسالك الأدبية شهادة حق على أنّ صاحب هذا المعدل طالب مجد متفوق، وعموما فمعدلات الطلبة المتفوقين في وجدة تتمحور حول 12، وقليل 13، وأقل جدا 14. هذا ما يفسر العدد القليل الذي ينجح في مباراة أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي مثلا.

احميدة العوني  kassajanjali@hotmail.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. بنزاوية
    06/07/2012 at 01:42

    مقالك لامس اشكالية عميقة في نظامنا التعليمي اتمنى من الجهات المعنية اتعمل على تحقيق تكافؤ الفرص هذا المبدأ الذي طالما اجهز على حقوق المستحقين
    مزيدا من الكتابات الناجحة
    حياك الله

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.