عالم اليوم في وضع السائب بسبب استهانة الإدارة الأمريكية بالقوانين الدولية وتشجيعها الكيان الصهيوني على التمادي في العدوان على أقطار الوطن العربي
.jpg)
عالم اليوم في وضع السائب بسبب استهانة الإدارة الأمريكية بالقوانين الدولية وتشجيعها الكيان الصهيوني على التمادي في العدوان على أقطار الوطن العربي
محمد شركي
لقد مر العالم بعد الحرب العالمية الثانية بفترة ما يمكن نعته بتوازن بين قوتين خرجتا منتصرتين في تلك الحرب ، وقد ترتب عن ذلك ما سمي بالحرب الباردة بينهما بسبب التنافس على مناطق النفوذ خصوصا في العالم الثالث الذي كانت جل أقطاره عبارة عن مستعمرات تابعة لدول أوروبية محتلة . وموازاة مع تلك الحرب الباردة كانت تدور حروب ساخنة في مناطق متنازع على النفوذ فيها . وخلال فترة الحرب الباردة بين القوتين النوويتين وصاحبة امتياز » الفيتو » كان مجلس الأمن الدولي إلى حد ما يعتبر مرجعا في اتخاذ القرارات سواء المتعلقة بوقف الحروب أو بمعاقبة الأنظمة المارقة في نظر القوى المهيمنة أو غير ذلك من الأمور ، وكانت قراراته تطبق لكن مع استثناء وحيد حين يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني المستنبت في قلب الوطن العربي حيث كانت القرارات المتخذة ضده يبطلها مفعول الفيتو الأمريكي . كما كانت المحاكم الدولية تبث في قضايا ونزاعات ، وتطبق أحكامها أيضا لكن دائما مع الاستثناء الوحيد حين يتعلق الأمر بالكيان المارق الذي يستخف بأحكامها ويسخر منها بتشجيع من الإدارات الأمريكية المتعاقبة على السلطة ، ومعها الإدارات الغربية التابعة لها والتي كانت دائما متناغمة معها بخصوص دعم الكيان الصهيوني .
ولقد كان أول تعطيل لقرارات مجلس الأمن الدولي ـ عدا تعطيله القرارات المتخذة في حق الكيان المارق ـ يوم قرر الرئيس بوش الابن قراره الأحادي الذي أقره عليه حلفاؤه الغربيون غزو العراق تحت ذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل ، وقد تبين من بعد أن هذا الادعاء كان محض كذب وافتراء باعتراف جهات أمريكية مطلعة خبيرة ومطلعة ، كما قرر غزو أفغانستان تحت ذريعة احتضانها الإرهاب ،ولم يعد منذ ذلك الحين من دور يذكر لمجلس الأمن إلا ما كان يصدر عنه من قرارات تصوغها الإدارات الأمريكية والمتعلقة بفرض عقوبات على دول لها معها خلافات مثل إيران على سبيل المثال لا الحصر.
واليوم وبعد تسلم الرئيس الأمريكي السلطة في الولايات المتحدة للمرة الثانية لفظ مجلس الأمن أنفاسه الأخيرة بشكل كامل ،وصار مصير العالم بيد الإدارة الأمريكية المنفردة بالقرارات ، والتي أطلقت اليد الطولى للكيان الصهيوني كي يعربد كما يشاء في منطقة الشرق الأوسط وجوارها ،و في المياه الدولية حيث صار يمارس القرصنة جهارا نهارا ، و يعربد أيضا في أجواء دول ذات سيادة والتي يخترقها سلاحه الجوي ، ويعتدي باستمرار على سيادة دول عربية بتشجيع من الإدارة الأمريكية ، وبصمت شيطاني من مجموع الدول الأوروبية الداعمة والمسلحة له ، وذلك في غياب موقف من روسيا والصين ، ووجود عطل في إرادة باقي دول العالم التي لا تحرك ساكنا ، ولا تتجاوز حد شجب ما يحدث.
وإن العالم اليوم يصبح ويمسي ويبيت على سماع أخبار هجوم سلاح الجو الصهيوني على لبنان، وسوريا، واليمن، وإيران بالتنسيق الكامل مع الإدارة الأمريكية وبمشاركتها ، ولم يعد الكيان المارق يخفي أطماع التوسعية في طولها وعرضها ، وفي غيرها من الأقطار العربية ، أما فلسطين فقد استباحها قطاعا وضفة ، وداس على كل ما وقعه من معاهدات سابقة مع الفلسطينيين ومع غيرهم من العرب الذين لا زالوا مع شديد الأسف متشبثين بها وهو يدوس عليها ويسخر منها بل أصبحت عنده في خبر كان ،وصار يهدد علانية بالزحف عليهم من أجل تحقيق ما يدعيه وطنا له قوميا تلموديا من نسج خياله ووهمه . وبهذه الغطرسة أصبح العالم في وضع السائب على وجه الحقيقة ، ومرد ذلك تعطيل مجلس الأمن الدولي تعطيلا كاملا ، والاستخفاف به ، وبقوانينه وقراراته التي كان من المفروض أن تكبح جماحه ، وتوقفه عند حده ، وتضع نهاية لأطماعه الوهمية السخيفة والمثيرة للسخرية ،وهو يتصرف وكأن الأقطار العربية لا شعوب فيها تدافع عن كرامتها وأراضيها ، وتصده كما صدت من قبل الاحتلال الأوروبي . ولعل الذي جعل الكيان يركب غروره وصلفه هو رهانه على حالة الضعف والوهن التي تعاني منها الأنظمة العربية غير المسبوقة ، وخوفها من تهديدات الإدارة الأمريكية في حال تصديها للكيان الموطن بالقوة في قلب الوطن العربي . ولا شك أن الكيان المارق لم يفق بعد من أوهامه بعد اندلاع طوفان الأقصى الذي ما هو إلى طليعة طوفان عرمرم مدمر ستتولى أمره شعوب عربية وإسلامية لم تعد تحتمل عربدة هذا المسخ المسلط على أراضيها .
وأخيرا نقول إن العالم بأسره يواجه اليوم وضعا في قمة السوء والخطر بسبب انفراد الإدارة الأمريكية بالهيمنة على القرار فيه دون معارض قوي لها وهي تطلق اليد الطولى لحليفها أو ربيبها الصهيوني في الوطن العربي وفي كل محيطه. وما لم تتحرك قوى أخرى لتعيد فيه توازن القوى في العالم ـ إن صح أنه كان موجودا فيه بالفعل من قبل ـ فإن كارثة بشربة غير مسبوقة على الأبواب . ولله الأمر من قبل ومن بعد .





Aucun commentaire