Home»Islam»شهر رمضان هدى للناس

شهر رمضان هدى للناس

2
Shares
PinterestGoogle+

اسماعيل فيلالي
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم :  » شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان …  » لقد أفاض العلماء و الفقهاء في شرح هذه الآية الكريمة ، فأجمعوا على ان رمضان جاء هدى لكافة الناس وليس للمسلمين فقط . نعم ، شهر رمضان ، شهر الصيام ، شهرالعبادات والطاعات ، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار و شهر ليلة القدر التي تعد عند الله خير من الف شهر… رمضان بمبادئه وأهدافه هو مدرسة فوق العادة لتجويد حياة الأفراد والجماعات في العالمين أجمعين ؛ هدى للناس و ارشادا الى سبيل الحق….. و بينات من الهدى والفرقان ، بمعنى البيان الدال على حدود الله و فرائضه و حلاله وحرامه ، والفرقان بمعنى الفصل بين الحق و الباطل والهدى و الضلال ، المشتمل على الهداية لمصالح الناس الدينية و الدنيوية …
فالهدف من الصيام ليس هو ترك الطعام والشراب ، وإنما ينبغي ترك جميع الشرور والأفعال المشينة التي قد يتأذى منها الناس ، ومن أهم الدروس الرمضانية التي يمكن أن يستفيد منها المسلم الصائم هو تهذيب نفسه وتطهيرها وتزكيتها ؛ لهذا جاء رمضان بطرق ناجعة لمكافحة الفساد والحد من تأثيره السيء على الإنسان والمجتمع والأسر ، فعلى المسلم أن يروض نفسه على اكل الحلال وترك الحرام ،  لأن جميع الشرور بما فيها الظلم وأكل اموال الناس بالباطل و الاحتكار ونهب المال العام تعد من الكبائر والمحرمات … ومادام ان المناسبة شرط ، كما يقول الفقهاء ، يجب على اولئك الذين يمصون دم المستضعفين ان يتدبروا القرآن و ان يتفكروا في هذا الشهر الفضيل في احترام حقوق الناس وعدم ظلمهم في معيشتهم واحتقارهم وابتزازهم واستغلال ضعفهم وبساطتهم وعليهم ان يستفيدوا من رمضان ومن فضائله التي يقدمها لهم عبركل الازمنة . ففي كل رمضان يرتفع منسوب الزيادة في اسعار المواد الغذائية ، ويكثر الفساد بأشكال مختلفة في ليالي رمضان المباركة ، فالكثير من الجوعى حتى لا نقول الصائمين تجدهم بمجرد شرب الماء يهرعون الى اوكار خاصة لممارسة الفساد بكل تلاوينه القبيحة ، وهذا الأمر لا يتوافق مع الغاية والحكمة الربانية من الصيام الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالتقوى ، والتقوى كما هو معلوم هي أعلى درجات الايمان ؛ و في ذلك يقول الله عز وجل  » يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ..  » فالصوم ليس هو ترك الطعام و الشراب وغيرها من المفطرات ، بل هو تزكية النفس و تطهيرها و تنقيتها من كل الادران و الذنوب و الاخلاق الرديئة و الرذيلة والسمو بها فوق نوازع النفس ودوافعها و شهواتها ، وما فرض الله الصيام على عباده إلا ليتحقق لهم الخير من خلاله ، فالصوم تدريب على تربية النفس وتهذيب كل جوارح الانسان حتى يبتعد عن الشر و يميل الى الخير، ومن لم يدع الفساد بكل اصنافه فاعتقد ان لله ليس بحاجة الى جوعه وصيامه …
إن سلوك الإنسان وبالأخص المسلم المؤمن يمتد على مدار أزمنة العمر ليلا و نهارا مع النفس ومع الآخرين وبالعمل الذي يخدم الأسرة والمجتمع والوطن والبشرية جمعاء … حتى يفهم حقيقة رمضان وعلاقته بالتوحيد والإيمان وعلاقته وارتباطه الوثيق بالتقوى وبالسلوك والأخلاق والمعاملات … فإذا كنت صائما ايمانا واحتسابا لله عز وجل فلا تدخل على أمك وابيك وزوجتك و اولادك الذين تحبهم بمال حرام في شهر رمضان ولا تتوسطهم على مائدة الافطار و انت تعلم في دواخلك ان المال الذي اشتريت به كل هذه الاطعمة و الأشربة هي من مال حرام ..
إن الصيام في شهر رمضان رسالة اسلامية الى كافة الناس في هذا الكون لإقرار الحق والقطع مع الباطل و الفساد والظلم والاستعباد والاستهتار بكرامة الإنسان الذي كرمه الله واستخلفه في الأرض … إنها رسالة تشمل كل أيام وأشهر السنة مع أنفسنا والناس أجمعين ، وتمنع أي مساس بأحوال الناس أو أي إضرار بمصالحهم وحقوقهم ، وتمنع أي فساد وإفساد في الأرض ، لان الله لا يحب الفساد و المفسدين وفي المقابل يحب المؤمنين والمتقين ، رسالة شعارها وغايتها إخراج الناس من الظلمات إلى النور وهدايتهم وتبيان الحق والطريق المستقيم الذي خط مساره الرسول الكريم بهداية من رب العزة و الجبروت الحي القيوم الذي أنزل التوراة و الانجيل من قبل هدى للناس و أنزل الفرقان و ختم الرسالات برسالة الاسلام حيث يقول عز وجل :  » اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا  » اعتقد أن هذه أكبر نعم الله تعالى على امة المسلمين حيث أكمل الله تعالى لنا ديننا ، فلا نحتاج إلى دين غيره ، ولا إلى نبي غير نبينا الأمي محمد سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه ، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه رحمة للعالمين ، بشيرا و نذيرا وداعيا الى الله و سراجا منيرا ، فلا حلال إلا ما أحله ، ولا حرام إلا ما حرمه ، ولا دين إلا ما شرعه … و لا نزال على هدى من الله بعد وفاة اعظم خلق الله الذي  » تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك  » … لذلك ما دام اننا على مقربة من العشر الاواخر من هذا الشهر الفضيل التي تحتضن ليلة القدر المباركة ، التي يفرق فيها كل أمر حكيم ، ان يغتنمها هؤلاء المفسدون و يتوبون الى الله توبة نصوحا و ان يتقوا الله في خلقه المستضعفين و ان يردوا المظالم الى اهلها ، وان يعلموا بان الحياة ما هي إلا متاع الغرور وان الله عنده حسن المآب .. اللهم انا نسألك حسن الصيام والقيام و الطاعة و صالح الاعمال ، ولا تجعلنا من الخاسرين في رمضان ؛ اللهم اجعلنا من التائبين الذين تدركهم الرحمة و المغفرة و العتق من النار .آمين . و الحمد لله رب العالمين …. رمضان مبارك …
اسماعيل فيلالي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *