تقديم يشكل الهدر المدرسي معوقا لوظيفة المؤسسة في تعميم خدماتها على المستفيدين منها و بذلك فالهدر المدرسي ظاهرة سلبية في المنظومة التربوية و التكوينية لها أسبابها المختلفة التي تختلف باختلاف مراجعها الموضوعية و الذاتية و الشرطية في ظل تنوع المسوغات و الأسباب التي تدفع بالظاهرة إلى الظهور و التجلي في وضعيات مختلفة. و من المراجع الموضوعية و الشرطية لهذه الظاهرة تنبري مسالة التواصل بما يعني إن الفعل التعليمي فعل تواصلي بامتياز. و ضمن هذا الإطار يلح اختصاصيو التواصل و دينامية الجماعة على بناء عملية تعليمية – تعلمية في منحى التواصل بين مكوناتها بما فيها الأستاذ و المتعلم حيث هذه العلاقة تشكل رافدا أساسيا في معالجة ظاهرة الهدر المدرسي بما يربط الأستاذ بالمتعلم من علاقات مهنية و إنسانية و تربوية تحمل في طياتها شروط الاحتفاظ بالمتعلم أو الذهاب به إلى مغادرة المؤسسة التربوية مبكرا . ظاهرة الهدر المدرسي ياتى اهتمام الدول الغنية و الفقيرة على حد سواء بقطاع التربية و التكوين لأنه المجال الاساسى القادر على المساهمة الفعالة في التنمية البشرية و الاقتصادية و الاجتماعية…. ونظرا لزيادة الطلب الاجتماعي على هذا القطاع و إلحاح المجتمع على توفيره بالكفاية المطلوبة أدى كل هذا إلى توسيعه و نموه حتى أصبح قطاع التربية والتكوين من اكبر القطاعات العامة في اى بلد نظرا للموارد البشرية المساهمة فيه و للميزانيات الضخمة المرصودة له و الأعباء الجسام الموكولة إليه. ومن المشكلات الأساسية لهذا القطاع ظاهرة الهدر المدرسي و ما يرتبط بها من أثار سلبية سواء على مستوى الأفراد أو المنظومة التربوية أو المجتمع بصفة عامة. -1 الهدر المدرسي 1-1 البعد اللغوي جاء في المعجم العربي الأساسي في جذر (ه د ر) هدر / يهدر / هدرا و هدرا فهو هادر……. الدم و غيره:بطل1) )و ذهب دم فلان هدرا أي باطلا أي اسقط القصاص فيه و الدية (و كذلك المتعلم الذي ضاعت منه فرصة الدراسة ذهبت حياته هدرا و لم نستطيع تعويض ما ضاع منه).( 2) 2-1 البعد التربوي الهدر مصطلح ذو طابع اقتصادي ثم استثماري في الحقل التربوي و معناه حسب لغة الاقتصاد: هو الفرق بين المستهدف و المخرجات الواقعية و في الميدان التربوي فالهدر المدرسي يتجلى في انقطاع التلاميذ و مغادرتهم المدرسة قبل إتمام مرحلة معينة من الدراسة و دون حصولهم على الحد الأدنى من التعليم الذي يسمح لهم بالتأهيل و الاندماج في الوسط الاجتماعي و بذلك يصبحون عبئا على المجتمع. 2 أسباب الهدر المدرسي تتنوع الأسباب المسؤولة عن ظاهرة الهدر المدرسي و تختلف باختلاف الأفراد و المجتمعات و يمكن تصنيف هذه العوامل إلى: أ‌-عوامل ذاتية مرتبطة ببنية شخصية الفرد و سماته الخاصة. ب‌-عوامل بيداغوجية – تربوية :مرتبطة بأنماط العلاقة التربوية و أنواع طرائق التدريس و البرامج المدرسية . ج عوامل سوسيواقتصادية: ترتبط بالبنية الاجتماعية و الاقتصادية المحددة لوظيفة و دور المدرسة في المجتمع . د عوامل ثقافية: ترتبط بنظرة المجتمع إلى المدرسة و عملية التمدرس . 1-المنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم-المعجم العربي الأساسي –لاروس 1989 2-اكادمية فاس بولمان – مجلة علامات تربوية – مطبعة انفوبرانت فاس – العدد 20 – 2006 1-2 العوامل الذاتية 1-1-2 عوامل بيولوجية و فيزيولوجية : وقد تم الاهتمام كثيرا بهذه العوامل و ما لها من أثار سلبية على مستوى التوافق الدراسي و منها (الإعاقة- نقص التغذية- ضعف البصر أو السمع- قلة الإفرازات الهرمونية للغدد أو كثرتها……..) 2-1-2 عوامل انفعالية: و تظهر على شكل توترات – القلق – الخجل- الخوف- الشعور بالنقص…….الشيء الذي يؤدي بالمتعلم إلى الشعور بعدم الثقة بالنفس , مما يجعله يفقد كل رغبة في التحصيل الدراسي و تنمية التأخر الدراسي له و بالتالي الانقطاع عن الدراسة. 3-1-2 عامل الذكاء: من المعتقد أن التلميذ الذكي يكون متفوقا دراسيا و العكس صحيح غير أن دراسات عديدة برهنت على ضرورة التحفظ في هذا الاعتقاد:فالتلميذ الذكي لا يمكن التنبؤ له حتما بالتفوق الدراسي غير إن هذا لا يمنع القول إن الضعف العقلي و انخفاظ مستوى الذكاء العام يؤدي حتما إلى انخفاظ مستوى التحصيل. 2-2 العوامل السوسيواقتصادية 1-2-2 عوامل أسرية: التفكك الأسري و اختلاف أنماط التربية بين الأبوين – اشتغال الأبوين – ضعف المستوى الثقافي للأسرة …فالأسرة المحرومة من ابسط أشكال الثقافة و التي يشيع فيها الجهل لا توفر لأبنائها جوا سليما يساعدهم على الاستذكار و الاستيعاب كما يلعب المستوى الاقتصادي للأسرة دورا هاما في توفير الظروف المناسبة للتحصيل الدراسي و النجاح. 3-2 عوامل بيداغوجية – تربوية تلعب المناهج الدراسية دورا هاما في شذ و جذب التلميذ للمدرسة أو انصرافه عنها; فبرامجنا مازالت تعتمد على الناحية النظرية و المعرفية المجردة لأطفال لا يجدون ذواتهم في ما هو نظري بل يتفاعلون مع البرامج التي تقوم أساسا على ما هو عملي – تطبيقي – محلي – واقعي. كما تلعب الأساليب و العلاقات التربوية السليمة و الشروط التعليمية و التربوية المناسبة و مواصفات الأستاذ (الخبير) دورا هاما في محاربة ظاهرة الهدر المد