فرنسا: « أُخرج من هذه المحكمة وغادر فرنسا فورًا » تصرخ رئيسة المحكمة في وجه شاب جزائري « حراڭ » ضُبط متلبسًا بتجارة المخدرات

عبدالقادر كتـــرة
تم توقيف شاب جزائري كان قد وصل لتوه إلى مدينة « بيزييه » بفرنسا قبل ساعات قليلة، في حي « لا ديفيز »، شارع جان فرانسوا، يوم 30 نونبر 2025، أثناء تورطه في عملية بيع مخدرات، قبل أن يصدر حكم ضده.
كان الحظ تعسًا بالنسبة لهذا المتهم الجزائري، حسب جريدة « ميدي ليبر » الفرنسية التي أوردت الخبر، إذ بمجرد وصوله إلى « بيزييه »، فاجأه رجال الشرطة في شارع « جان فرانسوا » بحي « لا ديفيز »، أثناء قيامه بعملية بيع مخدرات.
ونظرًا لعدم وجود سجل جنائي سابق له، وكان هذا أول يوم له في « بيزييه »، حُكِم عليه بستة أشهر سجن، وتمت مصادرة النقود التي كانت بحوزته والبالغة 345 يورو.
كما صدر بحقه حظر نهائي من الإقامة في الأراضي الفرنسية، حسب تفس المصدر، حيث أكدت له رئيسة المحكمة قائلة: « تخرج من هذه المحكمة وتغادر فرنسا فورًا. »
الشاب الجزائري البالغ من العمر 21 عامًا تم اعتقاله بعد مراقبة أحد المتعاطين الذي اعترف بتعاطيه من تاجر المخدرات هذا.
وكان الشاب قد احتمى داخل أحد المحلات التجارية في شارع « جان فرانسوا ». وعثرت قوات الأمن بحوزته على مبلغ نقدي قدره 345 يورو، بالإضافة إلى 3.87 غرامًا من حشيش الكانابيس و 7،44 غرامًا من الكوكايين، والتي سيتم إتلافها.
وقد أوضح الشاب الجزائري الموقوف أنه بقي في فرنسا لأنه لم يكن لديه مكان يذهب إليه، وأن والديه قد توفيا في الجزائر.
ممثل النيابة العامة أكد على آفة المخدرات والجهود المبذولة، خاصة في « بيزييه »، لمكافحة تجار المخدرات.
وطلب الحكم على المتهم بسنتين حبسًا مع المنع النهائي من العودة إلى الأراضي الفرنسية. ومتت ترجمة جميع الإجراءات للشاب الجزائري المتهم بواسطة مترجم شفوي لأنه لا يتحدث الفرنسية، بينما دافعت المحامية « ليزا فاليانتي » عن موكلها وطلبت من المحكمة الرأفة، قائلة: « حكمان سنتان لحارس ‘تاجر صغير أو ‘شُوَّاف' ». هذا أمر عظيم، ولكن أين هم الكبار، أين هم مسؤولو هذه التجارة؟ يجب العثور على رؤوساء الشبكات. هو ليس سوى مجرد أداة صغيرة (يد عاملة صغيرة) في هذه العملية. »
تظهر هذه القضية جانبًا من سياسة الهجرة والعدالة الجنائية في فرنسا، خاصة فيما يتعلق بجرائم المخدرات. الحكم يجمع بين عقوبة سالبة للحرية (سجن) وعقوبة تكميلية (طرد من البلاد ومصادرة الأموال)، مما يعكس نهجًا صارمًا يُطبَّق أحيانًا على غير المواطنين المتورطين في جرائم مخدرات، حتى لو كانت الكمية المضبوطة صغيرة وسجلهم الجنائي خالٍ.
من جهة أخرى، تبرز مرافعة المحامية في إبراز الظروف الشخصية للمتهم (كونه يتيمًا ولا مأوى له) التعقيد الإنساني الكامن وراء العديد من قضايا الهجرة والتورط في الجريمة.
فهي تشير إلى كونه « يدًا عاملة صغيرة » أو ضحية في هرم الجريمة المنظمة، مما يطرح تساؤلات حول فعالية استهداف الصيادين الصغار دون الوصول إلى رؤوساء العصابات.
هذه القضية، رغم بساطتها الظاهرة، تفتح أبوابًا للنقاش حول عدة قضايا معقدة منها الحكم (6 أشهر سجن + طرد فوري + مصادرة المال) متناسب مع جرم حيازة وبيع كميات صغيرة من المخدرات لشاب بلا سجل جنائي؟ أم أنه يحمل طابعًا رادعًا مزدوجًا (جرمي وهجري)؟
ثم قصة الشاب الجزائري اليتيم الذي يبحث عن مكان في أوروبا، وينتهي به المطاف في السجن ثم الطرد، تسلط الضوء على مآسي إنسانية ومخاطر الاستغلال الذي قد يقع فيه بعض المهاجرين الشباب الضعفاء، مما يحولهم إلى وقود في آلة الجريمة المنظمة.
عبارة رئيسة المحكمة (« اخرج من هذا المحكمة وغادر فرنسا فورًا »)، رغم أنها قد تكون إجراءً قانونيًا، فإنها تعكس حزمًا وقسوة في التعاطي مع الحالة، وتُبرز الجانب البيروقراطي الجاف للنظام القضائي في التعامل مع الأجانب المقترفين لجرم.
في الختام، القضية ليست مجرد « حكاية حادث » عادي، بل هي نموذج مصغر لتشابك سياسات مكافحة المخدرات، وقوانين الهجرة، والتحديات الاجتماعية الاقتصادية في الضواحي الفرنسية، والمعضلات الإنسانية للأفراد الذين يقعون في هوة هذه التشابكات.





Aucun commentaire