هل بدأ ربيعُ الجزائر؟

عبدالقادر كتــرة
لا شيء يبشّر بالخير في حظيرة الجزائر، فهي البلاد الوحيدة التي باعت شرفها لنظام العسكر على طبق من حرير ناعم، من دون مقابل، إذ كل الدول لها جيوش إلا الجزائر فهي الدولة الوحيدة التي فيها جيش له دولة، وكل كلام السرّ عن ثمار علاقاتها الآثمة مع الجماعات الإرهابية والإيرانية الشيعية الرافضة، وعلاقات عدائية مع دول الجوار والعالم، كانت عربية مسلمة أو مسيحية لائكية، التي كانت تقال هنا وهناك، وتُزفُّ كصفقة استفزاز ومساومة وتهديد، اتضح مع مرور السنوات، بأنها دولة مارقة خبيثة وشيطان مارد حقير ووحش عدواني…
المديونية الداخلية التي تكتم الأنفاس وطبع المزيد من أوراق النقود إلى حد لم يعد للدينار قيمة ومداد الورقة أغلى من قيمته، وفي تدني وانهيار، عملة مجهولة ومرفوضة في العالم وممنوعة من الصرف، والمستوى المعيشي الذي بلغ الحضيض، يتفاقم، والمواطن الجزائري المسكين يبحث عن نفسه فلا يجدها، وكلما حاول استرجاع ذاته، زاده النظام العسكري الجبان جرعة مخدِّرة من أجل أن يبقى سجينا، العسكر من أمامه والموبقات من خلفه والفقر غارق فيه…
يجب الاعتراف بأن النظام العسكري الجزائري قد تمكَّن من حرق “بطاقة الذاكرة” الجزائرية، ففي كل بلاد العالم، توجد تجارة واستهلاكٌ للمخدرات، لكنها في الجزائر سياسة دولة وعمدة اقتصاد، تُدرَّس فيها كيفية تصنع الأقراص المهلوسة من جميع الأنواع بالملايين والكوكايين سلعة تروج تحت حماية أبناء الرئيس الجزائري وجنرالات العسكر، ويستهلكها تلميذ الابتدائي وتلميذ الإعدادية والثانوية وطلاب الجامعات، وتطبَّق في ثكنات والمدارس العسكرية والمقاهي والمواخير في بلاد زريبة الجزائر…
وفي كل بلاد العالم تمارَس أقدم مهنة في التاريخ في السرّ وأحيانا في العلن، ولكنها في بلاد الجزائر سياسة دولة كما صرح بها تصريحا واضحا رئيس حزب « حركة مجتمع سلم » الإسلامي(حمس) ووزير سابق وعضو مجلس الأمة سابق « أبو جرة سلطاني » مرشح للرئاسة الجزائرية في حوار بقناة جزائرية رسمية، تنتج بائعات الهوى وتصدّرهنّ إلى بلاد العالم، سواء لدول الخليج أو تركيا أو دول أوروبا بل حتى بائعو الهوى من المثليين، بأسعار من شرف المجتمع الجزائري، الذي ورثها عن الاستعمارين العثماني والفرنسي وهو البلد العربي المسلم الوحيد في العالم الذي تشتغل بائعات الهوى برخصة من الدولة تحت أعين جنرالات النظام العسكري، فنسفوا فيه الشرف والعفة…
وفي كل بلاد العالم توجد استخبارات وتجسُّس ولكنها في بلاد الجزائر لها حقيبة وأجهزة مرتبطة بالحكومة وبالعسكر والمخابرات العسكرية، تبيع بها أسرار العدو والصديق وحتى أسرار حظيرة الجزئر نفسها لمن يدفع أكثر، ولا شك ما وقع مع فرنسا خير دليل على ما سبق، وفي سابقة في تاريخ الدول تقوم فرنسا منذ أيام قليلة بإصدار مذكرة توقيف دولية في حق نائب سفير الجزائر في فرنسا بتهم خطيرة منها تكوين عصابة أشرار وتنفيذ عملية إرهابية واختطاف لاجئ واعتقال فرنسيين بسبب حرية الرأي….
وفي بلاد عربية كثيرة كانت الرذيلة والدعاية والخيانة مع بعض الحياء، ولكن في بلاد الجزائر، دخل العسكر إلى صالون الجزائريين ومطبخ الجزائريات واقترب بل نام على السرير المواطن الجزائري وعبث بشرف فتيات ونساء الجزائريين وبنات الشهداء منذ اغتصاب كرسي حكم الثورة من طرف الحركي « بومدين بوخروبة » بعد تصفية المجاهدين صناع الثورة، بمساعدة ودعم من الاستعمار الفرنسي الذي لا زال يتحكم في دواليب حكم عسكر الحظيرة بل لا يعين رئيس فيها إلا بموافقة فرنسا…
حتى ولو كان العسكر قد حقق مراده في تجهيل المواطنين وتضبيعهم وتغييبهم وإقناعهم بأن العلم لا أهمية منه، إلا أن ثورة الأميين والفقراء والجياع قد يكون مفعولها أكبر من ثورة العلماء ودبابة العسكر، وفي أي بلد مهما سيق إلى مستنقعات زريبة العسكر الآسنة، بالتأكيد هناك رجال رشداء ونزهاء وأحرار، فالوضع لا يمكن أن يستمر.
وما حدث في العشرية السوداء من يناير 1992 إلى2002، وسنوات الحراك بعد إعلان العسكر عن عهدة خامسة لرئيس مشلول أصم أبكم في سنة 2019
، يمكن أن يتكرر بعد اليوم، خاصة أن جزائر السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات -على سواد حالته- لم يكن بـ”الدكانة” الحالية، حيث يبيع الجزائري والجزائرية الشرف والكرامة والرجولة من دون ثمن، والخاسر دائما من دون أمل، لا بدّ وأن يثور، حراكا سلميّا أو بالإضراب والتظاهر أو بالحديد، حتى يكون للجزائر ربيعها، الذي أينع في كل بلاد العالم، وتأخَّر في بلاد الجزائر.
ربما لخّص حال بلاد الجزائر، الآلاف من أبنائها وبناتها الناشطون والناشطات الأحرار والحرائر، من مفكرين وسياسيين وكتاب وأدباء ومناضلين معتقلين وسجناء ولاجئين في دول العالم، الذين طالبوا بإنقاذ الجزائر ومحاسبة كل المسؤولين عن الواقع المأساوي الذي يتخبّط فيه الشعب الجزائري الذي لا يجد جرعة ماء ولا كأس زيت ولا كيس حليب ولا كيلو سميد ولا قنينة غاز ولا عدس ولا بقوليا ولا خضر ولا فواكه والكل يهجر إلى الخارج عبر قوارب الموت دون الحديث عن البنية التحتية والحرمان من الحقوق الأساسية وكان من المفروض والمنطقي أن تكون الجزائر مصاف دول الخليج وأغناها في الوقت الذي هي من أفقر دول أفريقيا والشعب الجزائري يغرق في الفقر وحكامه يزدادون ثراء غنى وأبناءهم وأسرهم يعيشون رغد العيش في عواصم دول العالم ولهم مشاريع وحسابات بنكية مملوءة بالأورو والدولار وعملات الخليج…، ولا زالت الهوة تتسع والوضع يتفاقم والصدور تنتفخ… والبلاد تسير نحو الانفجار





Aucun commentaire