Home»Enseignement»التجديد البيداغوجي لمكون التعليم الأصيل الجديد أية استراتيجية في ظل القانون الإطارأية استراتيجية في ظل القانون الإطار

التجديد البيداغوجي لمكون التعليم الأصيل الجديد أية استراتيجية في ظل القانون الإطارأية استراتيجية في ظل القانون الإطار

6
Shares
PinterestGoogle+
 

التجديد البيداغوجي لمكون التعليم الأصيل الجديد: أية استراتيجية في ظل القانون الإطار51.17؟

إذا كان المجتمع المغربي قد عرف خلال تاريخه العريق بناء نموذج بيداغوجي أصيل يستمد قوته من ثقافته العريقة، فإن التحولات التي رافقت طوفان الحداثة قد أحدثت رجات واختلالات داخل ثوابث ومقومات هذا النموذج الأصيل، ومع ذلك فإن منطق النمو والتطور لا يقبل الجمود والتسمر عند حدود فترة أو نموذج تربوي معين، بل إن الأمر على خلاف ذلك يفرض التقدم إلى الأمام بكل وعي وتبصر. فما هو النموذج/ النماذج البيداغوجية المنتهجة في المدرسة المغربية بقطاعها العمومي بما في ذلك التعليم الأصيل؟ وما هي أسسها ومرجعياتها؟ وما هي الصعوبات والإكراهات التي تواجهها في الممارسة اليومية؟ وكيف يتأتى تجاوزها وتخطيها؟ وما طبيعة العلاقة المهيكلة بين التكنولوجيات الحديثة والممارسة البيداغوجية؟ ثم كيف يمكن الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة مع الحفاظ على أصالة نموذجنا البيداغوجي؟ وأخيرا كيف يتأتى جعل النموذج/ النماذج مستجيبة لمستلزمات النجاعة والابتكار والانفتاح؟

هذه أسئلة من بين أخرى سأحاول الإجابة عنها قدر المستطاع أملا في السمو بالتعليم الأصيل ليرقى إلى ما نصبو إليه جميعا.

1ـ مفاهيم ذات الصلة بالموضوع:

1 ـ 1: مفهوم التجديد

التجديد هو: » جملة من التغييرات التي يتم إدخالها على نظام ما بهدف جعله قادرا على الاستجابة لمتطلبات المجتمع ». أو هو: « عملية إغناء الخبرة التربوية بإدخال بعض التعديلات والتنقيحات والعناصر الجديدة على هيكلة المنظومة أو طرقها وأساليبها… »

1 ـ 2: النموذج البيداغوجي

النموذج البيداغوجي هو: « مجموعة من الأفكار والتصورات التي تنطلق من موقف ابستيمولوجي خاص يتعلق بطبيعة المعرفة وبكيفية اكتسابها، ومن رؤية فلسفية خاصة بالإنسان وبالمجتمع، وتلك الرؤية هي التي توجه التصورات والاختيارات الكبرى المتعلقة بغايات العملية التعليمية/ التعلمية وأهدافها، وتحدد الطرق والوسائل الكفيلة بتحقيقها، وكذا دور كل فاعل من الفاعلين المتدخلين فيها ».

1 ـ3: استراتيجية بيداغوجية

الاستراتيجية البيداغوجية هي: « خطة عمل، مكونة من عمليات ومواقف منظمة قصد إحداث تفاعلات بين عناصر الوضعية التربوية، تمكن من تيسير تحقيق أهداف المشاريع. »[1]

1 ـ 4 التعليم الأصيل الجديد

التعليم الأصيل الجديد هو تعليم نظامي قسيم وشريك التعليم العام، يجمع بين حسنات التعليم العتيق بتركيزه على العلوم الشرعية، وحسنات التعليم العام بحيث ينفتح على مختلف العلوم واللغات.

2 ـ مرجعية النموذج البيداغوجي:

بالرجوع إلى خطاب صاحب الجلالة بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 2012 نجده يؤكد على ضرورة: » تحويل المدرسة من فضاء يعتمد المنطق القائم أساسا على شحن الذاكرة ومراكمة المعارف، إلى منطق يتوخى صقل الحس النقدي، وتفعيل الذكاء للانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل »

وجاء في خطاب صاحب الجلالة في افتتاح الدورة التشريعية الثانية 2017: « إن المشاكل معروفة، والأولويات واضحة، ولا نحتاج إلى المزيد من التشخيصات، بل هنا تضخم في هذا المجال » وفي ذلك دعوة صريحة لتنزيل مشاريع الرؤية الاستراتيجية من خلال القانون الإطار17ـ51 ذو الصبغة التعاقدية الملزمة لجميع الفاعلين دون استثناء في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، على خلاف مصطلح ميثاقcharte  الذي يحيل على فكرة الاتفاق والتواضع دون التصريح بالتعاقد والمحاسبة .

3 ـ مواصفات النموذج البيداغوجي:

بالرجوع للقانون الإطار وخاصة في المواد (12،8، 33،28،27 ، 35، 39)نستخلص أهم المواصفات التي تميز النموذج البيداغوجي المغربي والتي ندرجها على التوالي:

  1. منفتح موجه نحو الذكاء
  2. منسجم مع التكوين المهني
  3. منفتح على التجارب الدولية الناجحة، ومستجيب لمتطلبات التنمية
  4. متجدد باستمرار
  5. يوظف التكنولوجيا الحديثة ويروم تحقيق الجودة وتحسين المردودية
  6. مجدد ومطور لأدوات وأساليب وطرق التقويم

4 ـ أسس ومرتكزات النموذج البيداعوجي:

  1. تبني نموذج بيداغوجي موثوق به كالنموذج السلوكي أو النموذج البنائي أو النموذج السوسيو بنائي أو النموذج المعرفي.
  2. الاستناد إلى أسس مرجعية نظرية محددة كالمقاربة بالأهداف أوالمقاربة بالكفايات أو المقاربة التواصلية أو المقاربة الفاعلة.
  3. الاستناد إلى نظريات بيداغوجية وظيفية مثل بيداغوجيا الخطأ، والبيداغوجيا الفارقية، وبيداغوجيا التحكم، و بداغوجيا التعاقد ، وبيداغوجيا المشروع…
  4. الواقعية: أي القابلية للتنفيذ والتجريب والتطوير.
  5. ربط التعلم بالمهام والوضعيات لإكساب مهارات وخبرات تمكن المتعلم (ة) من مواجهة المشكلات ومن التعلم مدى الحياة.
  6. وصف الأهداف والوسائل والمجال الزمني للتنفيذ، وتحديد المسار المراد اعتماده في سياق عمليات ومدخلات ومخرجات..

5 ـ تشخيص واقع التعليم الأصيل:

لا شك أن التجديد والتطوير يمر عبر مراحل أربعة وهي التشخيص والتنقيح والتجريب والتطوير

فبالنسبة للمرحلة الأولى يمكن تشخيص التعليم الأصيل على مستوى عدة مجالات:

1 ـ على مستوى تبني المقاربة بالكفايات: هناك ضبابية على مستوى التنزيل والتنفيذ؛

2 ـ على مستوى البيداغوجيات: غياب بعض البيداغوجيات المؤجرئة للمقاربة بالكفايات؛

3 ـ على مستوى التكوين الأساس، جل الأساتذة الممارسين في التعليم الابتدائي ـ إن لم نقل كلهم ـ لم يتلقوا تكوينا أساسا في التعليم الأصيل؛

4 ـ على مستوى البرامج: حرمان أساتذة التعليم الأصيل من الدلائل والتوجيهات الخاصة بمواد العلوم الشرعية الشيء الذي يصعب من مهام الأساتذة.؛

5 ـ على مستوى الطرق : نلاحظ كثرة الخطوات المنهجية وعدم انتظامها أحيانا.

6 ـ على مستوى التقويم : يتم الاقتصار على تقويم الموارد فقط دون تقديم وضعيات مركبة لتقويم مدى نماء الكفاية عند المتعلم(ة)

6 ـ العلاقة المهيكلة بين التكنولوجيات الحديثة والممارسة البيداغوجية:

جاء في المادة 33 من القانون الاطار 17ـ51:

  • « تعزيز إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النهوض بجودة التعلمات وتحسين مردوديتها »
  • « إحداث مختبرات للابتكار وإنتاج الموارد الرقمية، وتكوين مختصين في هذا المجال »
  • « تنمية وتطوير التعليم عن بعد، باعتباره مكملا للتعليم الحضوري »

إذا كان القانون الإطار يسعى لتشجيع التجديد والابتكار وتطوير التعليم عن بعد فإنه لا يمكن الحديث عن مدرسة ذكية في غياب تأهيل الفاعلين والممارسين التربويين في التكنولوجيات الحديثة، كما أنه لا يمكن مطالبة الممارس التربوي بالابتكار والإبداع والتجديد مع غياب الشروط الضرورية(ربط المؤسسات التربوية بشبكة الأنترنيت، تجهيزها بالحواسيب)، وأخيرا لا يمكن اختزال التجديد في إدخال التكنولوجيات الحديثة إلى المدرسة، بل التجديد البيداغوجي يقتضي التفكير العميق في الممارسة وفي الخلفيات النظرية التربوية والبيداغوجية والرهانات الكبرى وفي مصير المدرسة ، علما بأن هناك تيار كبير يتحدث عن التجديد،هذا التيار المقاولاتي لا يهمه تجديد الممارسة والتفكير التربوي ولا يهمه بناء المواطن بقدر ما يهمه أن تصبح المدرسة سوقا للمنتوجات التكنولوجيا.

7 ـ النموذج البيداغوجي بين الأصالة والمعاصرة:

  • اختيار النموذج البيداغوجي لا يكون محايدا أبدا ، فأي اختيار نموذج بيداغوجي نريد، يعني أي شعب نريد؟
  • كل نموذج بيداغوجي مستورد ، منسلخ عن ثقافته لا يمكن أن ينتج أو يبدع أو يطور مجتمعه؛ لأن النموذج البيداغوجي الأصيل يمتح من الثقافة.
  • يتميز النموذج البيداغوجي الأصيل المتجذر ثقافيا بمناعة وحصانة ضد العولمة الجارفة التي تكرس التبعية، وتعمق اللاتكافؤ الاجتماعي، ولا يمكن للمرء أن يحلم بمدرسة تكون فيها الجودة، إلا في ظل نموذج بيداغوجي أصيل يستحضر خصوصيته وهويته الثقافية.
  • مما لا شك فيه أيضا أن كل مجتمع ينزع لبناء نموذج بيداغوجي وطني أصيل، ويعتبر إدماج الخصوصيات الجهوية والمحلية أمرا مشروعا جدا لكن لا مناص من الانفتاح على التجارب الخارجية، والأخذ بعين الاعتبار ما تشهده المنظومات التربوية من تنافسية في الجودة والمردودية.


8 ـ النموذج البيداغوجي المأمول:

1 ـ على مستوى تبني المقاربة بالكفايات: إن اختيار المقاربة بالكفايات كمدخل من مداخل منظومتنا التربوية هو اختيار صائب، لكن المشكل مطروح على مستوى تنزيل المقاربة وأجرأتها، مع الانتقال من التنظير والتأثيث الفكري الذي في الغالب لا يخاطب المدرس في همومه المهنية التدريسية إلى خطاب يساهم في مهننة الفعل التربوي بعيدا عن استعراض عضلات فكرية مستوردة.

2 ـ على مستوى البيداغوجيات: أجرأة المقاربة بالكفايات يستدعي تبني البيداغوجية الإدماجية وبيداغوجيا المشروع وبيداغوجيا التعاقد….

3 ـ على مستوى التكوين الأساس: لا مناص من إحداث مصوغة خاصة بالتعليم الأصيل الجديد بمراكز مهن التربية والتكوين

4 ـ على مستوى البرامج: يجب إرفاق الكتب المدرسية في التعليم الأصيل بدلائل الأستاذ، فضلا عن التوجيهات التربوية الخاصة بالعلوم الشرعية، مع الدعوة إلى مراجعة الكتب المعتمدة في التعليم الأصيل بشكل يراعي قدرات المتعلمين وعلى راسها عملية إنهاء تحفيظ القرآن في آخر السلك التاهيلي بدل آخر السلك الابتدائي.

5 ـ على مستوى الطرق : جمع شتات الخطوات المنهجية في أربع وضعيات: وضعية الإنطلاق، وضعية البناء، وضعية التطبيق والاستثمار، وضعية التقويم والدعم

6 ـ على مستوى التقويم : تقويم الموارد مجزأة مع تقويم مدى نماء الكفاية الكفاية من خلال  وضعيات مركبة لأن الكفاية لا تقوم إلا من خلال وضعيات إدماجية ذات دلالة.

خاتمة:

ما أحوجنا في اللحظة الراهنة إلى التسلح بالواقعية والنجاعة، على أمل جعل النموذج البيداغوجي بالمواصفات التي أعلنتها الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، وبإجراءات التفعيل كما حددتها المذكرة الإطار الخاصة بالتدابير ذات الأولوية، باعتبارها إطارا عاما يسترشد به الجميع في مختلف الممارسات التعليمية أو التكوينية بما يقتضيه ذلك من إضاءات وتوضيحات وتكوينات أساسية ومستمرة، وقدرة على المراجعة والمساءلة الدورية لتقريب المسافة ما أمكن بين التنظير والتطبيق.

ما أحوجنا أيضا إلى نموذج بيداغوجي أصيل  متجدر الهوية ، قوامه التنوع والانفتاح والنجاعة والابتكار، يستمد قوته من ثقافته وينفتح على التجارب الناجحة ، يوفر شروط الإبداع والتجديد، ينسجم مع التكوين المهني ، يعتبر المعارف مجرد موارد يجب توظيفها واستثمارها لتنمية الخبرات والقدرات والكفايات الشخصية في علاقة بالوسط الاجتماعي للمتعلم ، ومن تم يصبح المتعلم فاعلا حقيقيا له قدرة على توظيف الموارد التي توضع رهن إشارته بما في ذلك مكونات البيئة المدرسية والوضعية التعليمية تحت قيادة المدرس(ة) الذي يتولى تنظيم النشاط التعليمي / التعلمي في شكل مهام داخل وضعية مشكلة واقعية ذات دلالة، ومحفزة على النشاط، واستعمال المهارات والقدرات، أما استراتيجية التعلم فهي إدماجية قائمة على تنمية حصيلة القدرات والكفايات بخبرات جديدة، لذا كان التعلم ينتظم في شكل مشاريع تدفع المتعلم لاستعمال كافة الموارد المكتسبة لبلورة حلول ممكنة.

المراجع:

  1. البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بتدريس المواد الإسلامية
  2. الخطابات الملكية السامية
  3. مقرر وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بشأن تنظيم السنة الدراسية 2020/2021 رقم 29/20 بتاريخ 5غشت 2020
  4. القانون الإطار 17 ـ51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين الصادر في الجريدة الرسمية في 09 غشت 2019م
  5. المذكرات والمراسلات الوزارية ذات الصلة بالتعليم الأصيل

[1] ـ (desautels.1979)

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.