Home»Débats»فضيحة الأخلاقيات تكشف عمق التوجيه، وتضع رئاسة النيابة العامة والنقابة الوطنية للصحافة في دائرة المساءلة‎

فضيحة الأخلاقيات تكشف عمق التوجيه، وتضع رئاسة النيابة العامة والنقابة الوطنية للصحافة في دائرة المساءلة‎

0
Shares
PinterestGoogle+

احمد عاشور

لم ينزل الفيديو المسرب المنسوب إلى بعض أعضاء لجنة الأخلاقيات بالمجلس الوطني للصحافة كخبر عابر، بل هز المشهد الإعلامي برمته، محليا ودوليا، لما حمله من لغة مبتذلة وصادمة صدرت عن أشخاص يفترض فيهم حماية القيم المهنية وصون السلوك الصحافي الرصين.

وقد انتشر الفيديو انتشارا غير مسبوق، حتى بلغ وكالات أنباء عالمية، ما عمق الشعور بالصدمة وأثار موجة من الأسئلة حول واقع الصحافة المغربية ومن يتحكمون في مفاصلها من وراء الواجهة.

غير أن جوهر القضية لا يكمن فقط في فجاجة العبارات المستعملة، بل في كشفها خللا بنيويا أكبر داخل المجلس الوطني للصحافة، وتحديدا داخل لجنة يفترض أن تمثل الضمير المهني للقطاع، فكيف أمكن لأشخاص بهذه الممارسات أن يجدوا لأنفسهم موطئ قدم داخل مؤسسة يفترض أنها معيار الأخلاق والمهنية؟ وفق أي معايير جرى انتدابهم؟ وكيف تمكنوا من نسج علاقات مع دوائر نافذة داخل البلد، بل ومع شخصيات ورؤساء دول في لقاءات رسمية، بينما هم عاجزون عن احترام الحد الأدنى من آداب المهنة وسلوكها؟

وتتضاعف خطورة ما جرى حين نعلم أن الفيديو تضمن إقحاما صريحا لاسم رئاسة النيابة العامة، دون أن يصدر، إلى حدود اللحظة، أي توضيح أو تفاعل من المؤسسة المعنية.

إن صمت رئاسة النيابة العامة، ومعها صمت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، يطرح علامات استفهام كبرى: كيف يسمح بأن تستعمل مؤسسة دستورية بهذا الحجم موضوعا لحديث سوقي دون فتح تحقيق أو إصدار بيان يحدد المسؤوليات؟ وهل يمكن قراءة غياب الموقف الرسمي إلا باعتباره عنصرا جديدا في تعميق أزمة الثقة في المؤسسات؟

لقد أعاد هذا الحدث إلى الواجهة النقاش حول قدرة المجلس الوطني للصحافة —بشكله الحالي— على حماية حرية التعبير والدفاع عن الصحافيين، فمنذ سنوات، وفي ظل القيادات نفسها التي ظهر بعض أفرادها في الفيديو، تراجع المشهد الإعلامي المغربي بشكل غير مسبوق: ضعف في الرد على الحملات الأجنبية التي تستهدف المغرب، حضور باهت داخل المحافل الدولية، صمت ثقيل إزاء اعتقال صحافيين ومدونين، وفي المقابل غياب شبه تام للدور التمثيلي للمجلس، ما أدى إلى إقبار صحف وإفلاس أخرى، وإلى تدهور شامل في صورة الصحافة المغربية.

ولم يكن هذا السقوط وليد اللحظة، بل نتيجة مسار طويل من التمييع، تحولت فيه مواقع المسؤولية داخل المؤسسات المهنية إلى فضاءات مغلقة تستفيد منها أقلية قليلة، بينما يدفع الجسم الصحافي الثمن وحده، وحين تهمل الأخلاق، تضعف المهنة، وحين يسيطر الارتجال، يتراجع المضمون. وحين تتقدّم العلاقات على الكفاءات، يصبح انهيار الثقة مسألة وقت لا غير.

وقد عبر عدد من الحقوقيين والإعلاميين عن هذا القلق، وفي مقدمتهم الناشط الحقوقي جواد تلمساني ، الذي اعتبر أن كل ما يقع هو في صالح خط محاربة الفساد المستشري في مجالات عديدة، ومؤسسات مختلفة، ومنها مهنة الصحافة التي أريد لها في بلدنا أن تكون صحافة الرداءة والميوعة، وفي أفضل الأحوال صحافة تطبيل وتهليل، عوض أن تكون سلطة رابعة حقيقية.

كما كتب العديد من الفاعلين الصحافيين مستنكرين هذا « السلوك الدخيل » الذي لا يمت بصلة لقدسية المهنة ودورها الاجتماعي.

ولم تتوقف التفاعلات عند حدود المواقف الفردية، بل تحولت إلى مبادرة جماعية واسعة، حيث وقع أكثر من 200 صحافي عريضة تندد بما جرى، معلنين تضامنهم الكامل مع الصحافي حميد المهداوي، ومطالبين بحل المجلس الوطني للصحافة وإعادة بنائه على أسس جديدة قائمة على الشفافية والكفاءة والمسؤولية. كما تقدمت البرلمانية فاطمة الزهراء التامني ، عن حزب فدرالية اليسار الديمقراطي، بطلب رسمي لفتح تحقيق عاجل في القضية، معتبرة أن ما وقع مس خطير بصورة المغرب وبسمعة مؤسساته، ولا يمكن السكوت عنه تحت أي ظرف.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *