Home»Débats»يبدو أن كفة الإيهام قد رجحت بكفة الحقيقة فيما يتعلق بالحرب الصهيوـ إيرانية

يبدو أن كفة الإيهام قد رجحت بكفة الحقيقة فيما يتعلق بالحرب الصهيوـ إيرانية

0
Shares
PinterestGoogle+

يبدو أن كفة الإيهام قد رجحت بكفة الحقيقة فيما يتعلق بالحرب الصهيوـ إيرانية

محمد شركي

في مقال سابق عند اندلاع الصدام بين الصهاينة والإيرانيين تمت الإشارة إلى احتمالين : الأول مفاده أن هذه الحرب حقيقية ، والثاني مفاده أنها محض إيهام ، وانتهى المقال كالأتي :

   » ولعل الأيام القليلة القادمة ستكشف عن سر تلك الاغتيالات والتصفيات ،وعن احتمال وجود صفقة سرية  محتلمة ، وذلك من خلال ما سيتمخض عن هذا الصدام الحالي بين العَرَّاب الصهيوني والطرف الإيراني ، خصوصا وقد أبدى  الغرب بزعامة الولايات المتحدة رغبة ملحة  لوقفه في أسرع وقت ممكن اعتبار لأنه يمثل  تهديدا خطيرا للاقتصاد العالمي الذي هو في حقيقة الأمر اقتصاد العالم الغربي ،  والمتسبب في كل مآسي منطقة الهلال الخصيب  ، وعلى رأسها مأساة الشعب الفلسطيني الضحية الأكبر ، ومعه الشعوب العربية المنهوبة مقدراتها ، والتي يعيش معظمها  في  فقر وحرمان ، وتحت  وطأة الاستبداد السياسي . »

وهذا قد مرت عشرة  أيام فقط وتم الإعلان عن انتهاء  هذه  » الحرب  » بين الطرفين بطريقة لا تدعو إلى الاستغراب بالنسبة لمن راهنوا على احتمال الإيهام . وجاء الإعلان عن إنهائها على لسان الرئيس الأمريكي الذي خاض بدوره هذه الحرب إلى جانب عرّابه الصهيوني  قاصفا مواقع إيران النووية  بشدة وبالعديد من الصواريخ التي يزن الواحد منها ثلاثة عشر طنا ونصف ، وسواها بالأرض كما زعم  ،ورد الإيرانيون عليه بقصف قاعدته العسكرية بدولة قطر ، وقد شكرهم على إخبارهم إياه بموعد القصف  قبل حدوثه ، وذلك على طريقة المصارعة المحترفة المتمرس بها، والتي لا تخلو من وُدّ مع ما فيها من تهويل  قد يخدع من لا يعرف قواعدها، وهي بالمناسبة من رياضاته المفضلة إلى جانب رياضة الغولف .

ولا شك أن انتهاء الحرب بدون قوسين لا يكون إلا بعد انتصار طرف وانهزام آخر ، و قد تنعت بالسجال عندما يذوق كل منهما الهزيمة تارة والنصر طورا ،  ولكن هذه  » الحرب  » يبدو أنها انتهت  بانتصار الطرفين معا في نفس الوقت أي كانت سجالا في آن واحد ، وهو ما يجعل كفة الإيهام فيها ترجح بكفة الحقيقة  خصوصا وقد أحيطت إعلاميا بهالة من التهويل إلى درجة الحديث عن حرب عالمية ثالثة من شأنها أن تكون سببا في قيام الساعة التي علمها عند الذي لا يجليها لوقتها إلا هو سبحانه وتعالى ، وقيل أيضا ستكون سببا في نزول المسيح المخلص ، وربما نزل معه المهدي المنتظر اللذان وييكون بينهما تفاهم كتفاهم الرئيس الأمريكي ومرشد الثورة الإيرانية  يوم أمس.

ومعلوم أن تداول الصهاينة والمسيحيون المتصهينون للأخبار التي مفادها نزول المسيح المخلص ،و قرب نهاية العالم  مع اندلاع هذه  » الحرب  » ، والأخبار التي تداولها الإيرانيون  ومؤيدوهم أيضا والتي مفادها أنهم هم البديل المقصود في قوله تعالى : ((وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )) قد جعل الطرفين معا يفخران بالنصر المدعوم بالنصوص المقدسة  عند كليهما .

ولم يبق إلا  أن يبعث من جديد الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى ليكرر ما قاله في هرم بن سنان والحارث بن عوف اللذين أنهيا حربا بين قبيلتي عبس وذبيان  والقائل فيهما :

يمينا لنعم السيدان وجدتمـــا          على كل حال من سحيم ومبرم

تداركتما عبسا وذبيان بعدما           فانوا ودقوا بينهم عطر منشم

إلى أن يقول  لعبس وذبيان :

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم       وما هو عنها بالحديث المرجم

متى تبعثوها تبعثوها ذميمــــة        وتضر إذا ضرّيتموها فتضرم

فتعرككم عرك الرحى بثفالها        وتلقح كشافا ثم تنتج فتتئــــــــم

ولم ينتظر الرئيس الأمريكي أن يثني عليه أمثال الشاعر زهير في هذا الزمان، بل أثنى على نفسه لإنهائه  » حرب  » كادت تصير الثالثة عالميا ،وينزل على إثرها المسيح والمهدي المنتظر .

ولم يعرف هذا العصر من قبل  مثل هذا التطانز بين طرفي هذه  » الحرب  » ، وهو تطانز يحاول التمويه على ما وراء الأجمة من مطامع  تفوق حد الشره في ثروات ومقدرات منطقة الشرق الأوسط التي تشحن عبر الخليجين إلى ما وراء بحر الظلمات ، وبحر الروم ، وبحر  » صنخي  » حيث مضامير أو حلبات السباق على الريادة الاقتصادية في عالم اليوم ، وهوعالم الشره المادي المزمن.

ولا شك أن الرئيس ترامب سيرشح لنيل جائزة نوبل للسلام مناصفة مع مرشد الثورة الإيرانية ، وربما  شاركهما فيها أيضا مجرم الإبادة الجماعية .

وعجبا لمن أوقف الحرب  بين الهند وباكستان ، وبين الصهاينة وإيران ، ولكنه عجز عن وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة ،  بل  عجزعن مجرد إدخال الطعام والشراب إلى الجياع المحاصرين هناك، والذين صاروا أهدافا سهلة  للقناصة الصهاينة  بعد استدراج الأمريكان لهم كي يحصلوا على حفنة من طعام . ولا شك أن ترامب يعاقبهم  بذلك لأنهم رفضوا إخلاء القطاع له كي يقيم فيه « الريفيرا » التي يحلم بها ، وهم حلم لم يخفه . ولا شك أنه يعلق الأمل الكبير في ذلك على إنهاء  » حرب   » العشرة أيام التي انتصر فيها الصهاينة والإيرانيون معا ، وكانت حربا شفافة بينهم حيث  يُكشف فيها مسبقا عن أهداف القصف، وعن مواعيد انطلاق سلاح الجو المسوق والمسير ، والصواريخ الباليستية والفرط ـ صوتية  ، وتدوي صفارات الإنذار قبل انطلاقها ، إنها  » الحرب  » النظيفة ،خلاف الحرب القذرة في قطاع غزة التي تبيد المستضعفين من خلق الله الذين يتفرج عليهم العالم عربه وعجمه ، ولا يملكون  لهم سوى عبارات الأسى والأسف على ما هم فيه من عذاب .

وأخيرا نتساءل ماذا بعد هذه  » الحرب  » النظيفة ، وبعد السلام الذي تلاها وجلاّها ، وكان من صنع مقاول ماهر يكره الحروب ، ويدعو إلى السلام الذي يكسبه الترليونات دون جهد وهو ينتقل بين بيته الأبيض حيث السلطة والجاه ، وبين قصور فخمة ، وضيعات ذات أفنان حيث النعيم والرفه ؟

وأما شعب فلسطين  في القطاع، و في الضفة ،و في عموم فلسطين، فنقول له حسبك الله عز وجل ،وكفى به منقذا ونصيرا .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *