Home»Débats»سيدي لحسن ….مقاه خارج الخدمة

سيدي لحسن ….مقاه خارج الخدمة

0
Shares
PinterestGoogle+

شحلال محمد


كان السوق الأسبوعي ببلدتنا الذي ينعقد يوم الخميس،يتكون عند قيامه،من بنايات بدائية استعملت فيها المواد المحلية مم حجارة وأخشاب دون أن تخضع لأي مقاييس أو مواصفات لم يكن لها وجود في ثقافة الأهالي يومئذ.
ولما استتب الأمر للمستعمر، شيدت أولى البنايات العصرية ،وفي مقدمتها مكتب الحاكم الفرنسي الذي كان يصرف الشؤون يوم انعقاد السوق قادما من مدينة دبدو،كما خصص جناح للقائد الذي نصبه المستعمر

.
كان للمواطنين اليهود دور كبير في جلب البضائع والحاجيات التي تخص البدو من قبيل النعال وبعض الملابس الرخيصة التي يقبل عليها الأهالي.
وبما أن مرتادي السوق كانوا يفدون من مناطق بعيدة على ظهور الدواب،فانهم جلهم كانوا يصلون الى السوق زوال يوم الأربعاء لربح الوقت والسهر على راحة المطايا.
عمد بعض الأشخاص المقيمين بحواشي السوق الأسبوعي الى بناء دكاكين تقليدية،فيما فضل اخرون فتح مقاه بدائية لتلبية حاجة المتسوقين الى الشاي الذي يعتبر جزءا من شخصية البدو.
شيدت المقاهي في جنبات السوق،وكانت عبارة عن غرف مستطيلة بدون نوافذ،بينما يؤثث الحصير أرضيتها،وهو حصير يظل في الخدمة الى يفقد لونه الأصلي قبل أن يتفكك ليضطر صاحب المقهى لاقتناء قطع غيار جديدة من صنع محلي تباع بأحد فضاءات السوق المفتوحة.
ما لبثت المقاهي أن تحولت الى مشاريع رابحة بعدما أصبح ملاكها مطالبين باعداد وجبة عشاء يوم الأربعاء للمتسوقين الذين يقضون الليل على حصيرها،ثم وجبة الغذاء في اليوم الموالي تلبية للراغبين في ذلك


كان ضمن المقاهي التقليدية التي ذاع صيتها بسوقنا الأسبوعي،مقهى المرحومة ،،شغنونة،،ومقهى المرحوم ،،رابح البوزكاوي،،ثم مقهى المرحوم،،عمرو الكيحل،،وغيره .
والى جانب رواد المقاهي من المتسوقين التقليديين،فان بعض الزبناء،كانوا يبيتون بهذه المقاهي كمحطة أولى قبل زيارة بعض الأضرحة التي أشيع بأن العديد من العقد تنفك فيها، وتزول معها كذلك أمراض الصرع وغيره من الأسقام التي لا يأتمن عليها البدو خدمات الطبيب الذي يبحث عن النقود ،لكنه يفتقر الى البركة العالقة في السجوف التي تغطي التوابيت والتراب الذي ينتزع من شفير الضريح،حيث يعمد الزوار الى التمسح بهذه السجوف قبل أن يحملوا معهم صرة من التراب الذي يتحول الى بلسم لكل العائلة

.
ان البركة الملتمسة في الأضرحة لا تضاهي بركة مقاهي السوق التقليدية،ذلك أن غياب شروط النظافة في الأواني المستعملة،وتشغيلها في ظلام دامس،لم يفض يوما الى تسمم غذائي أو انتشار وباء ما،فهل كان ملاك هذه المقاهي لا يخلون بدورهم من بركة،أم أن أجساد البدو كانت عصية على الأمراض التي تستهين بمناعة نظرائهم من السكان الحضر ؟
لقد عرفت المقاهي اقبالا أكثر حين تفطن معظم المطربين المحليين الى امكانية توظيف الفرجة في تحقيق مكاسب أسبوعية بعدما توافقت مصالح كل الأطراف .
ان الجيل الذي عاصر مقهى،،السيدة ،،شغنونة،،- تغمدها الله بواسع رحمته- وكذلك باقي المقاهي،يصعب عليه أن ينسى قتار القدور مساء أيام الأربعاء،حينما كان أصحاب هذه المقاهي يعدون وجبات العشاء بخضر محلية تطهى على نار الحطب وتنسم بزيت الزيتون وماء عين، ملكونة،،الزلال،حيث تقتحم انوف المارة نكهة أطباق لذيذة خاصة في مثل هذه الايام ،حيث يوزع اللفت المحلي روائحه الجذابة في كل الاتجاهات،فكيف اذا كان خبز الأسطورة،،البقال، على المائدة ؟

لقد استغللت زيارة خاطفة للسوق ،فتفقدت المقاهي الشهيرة التي أصبحت خارج الخدمة بمجرد غياب مؤسسيها،لتستلم للزوال التدريجي،بل انها تحولت الى مبان موحشة، كما تحول الجناح الذي اقيمت فيه،الى مكان مهجور لولا أن بعض المتسوقين ما زالوا يعقلون دوابهم هناك ريثما ينهون جولات التسوق.
عرف السوق ظهور نمط جديد من المقاهي التي تسعى الى العصرنة يوما بعد يوم خاصة بعدما تعددت المرافق الادارية،وتم تعميم التغطية الكهربائية،ومع ذلك فان المقاهي التقليدية ما زالت تذكرنا بحلقات البدو وهم يحتسون كؤوس الشاي مرات عديدة ،ويخوضون في القضايا التي تشغل بالهم،حيث ترتفع الأصوات ولا يخفف منها الا حضور الفول السوداني الذي يخلف استهلاكه أكواما من الفضلات على الحصير الذي يؤدي كل الأدوار

.
من يقاوم قفشات المرحومة،،شغنونة،،وخفة دمها،ومن لا يتذكر شوارب المرحوم رابح ولحيته وهو يستعين بخدمات زوجته، خديجة،، في خدمة الزبناء ؟
ليت أحدا من ورثة هذه الاسماء فكر في ترميم مقهى من هذه المقاهي الأسطورية لتتحول الى متحف ومزار يعيدنا الى حقبة عزيزة ،ساد فيها الحرمان،لكنها خلت من التعقيدات التي أضفت على حياتنا كثيرا التكلف الزائد

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *