Home»Débats»لاعودة إلى حين تحقيق المطالب

لاعودة إلى حين تحقيق المطالب

8
Shares
PinterestGoogle+

المختار شحلال


تخوض أطر الإدارة التربوية، في إطار التنسيق الثلاثي لجمعيات الإدارة التربوية الثلاث، منذ 2 مارس 2021 معركة تحت شعار « اللاعودة إلى حين تحقيق المطالب » بعد سنوات من النضالات المتقطعة التي استنزفت مخزون صبرها ولم يعد ممكنا الاستكانة إلى الوعود المتكررة وحسن النية وعقود الشرف التي أظهرت الأيام أنها مجرد وهم.
تخوض هذه الأطر معركة وجود كفئة تعيش منذ تأسيس المدرسة العمومية المغربية الحديثة وضعية شاذة وملتبسة، فمن جهة تشكل الإدارة التربوية، بشهادة الجميع وبشهادة الواقع الميداني، شريان المنظومة التربوية الذي من خلاله تمر -نزولا – كل التدابير والإجراءات والمشاريع الإصلاحية إلى داخل المدرسة العمومية وصعودا كل المعطيات الميدانية ومؤشرات العملية التعليمية-التعلمية التي على أساسها تبنى خطط واستراتيجيات السياسة التعليمية، علاوة على كونها تمثل بؤرة استقطاب لكل الأنشطة والفعاليات ومركز تنسيق بين كل الفاعلين التربويين والساهر الأمين على تطبيق القوانين والتشريعات ذات الصلة… ومقابل ذلك بقيت الإدارة التربوية فئة هجينة داخل المنظومة التربوية حيث تفتقد، عكس باقي الفئات، إلى وضعية نظامية محددة يجمعها إطار موحد ومنصف يتوافق مع المهام الموكلة لها بواجبات وحقوق واضحة تعطي لمبدء ربط المسؤولية بالمحاسبة مشروعيتها، ويضمن الاستقرار الوظيفي المحفز على العطاء والإبداع اللذان يصطدمان في الوضعية الحالية بإكراهات التكليف بمهام التي تستمر أحيانا لعقود في تناقض مع شروط المهننة التي تشكل حجر الزاوية في مفهوم الإدارة التربوية الحديثة.
وقد استبشرت الأطر الإدارية خيرا باقتناع الوزارة الوصية أخيرا ،بعد عشرات المرافعات والندوات والاحتجاجات  وتقارير المجلس الأعلى للتربية والتكوين وتوصيات منظمات وطنية ودولية ،بكون هذه الوضعية لم تعد مقبولة ولم تعد تساير التطورات التي تعرفها المنظومة التربوية حيث أقدمت على إرساء مسلك الإدارة التربوية بمراكز مهن التربية والتكوين -وكان لنا كجمعيات مهنية دور هام في انطلاق هذا المسلك و تأطير منتسبيه – و كان الأمل معقودا على حدوث طفرة نوعية في واقع الممارسة الإدارية بالمؤسسات التعليمية خصوصا بعد خلق الإطار الجديد « المتصرف التربوي » الذي كنا نعتقد أنه سيكون إطارا جامعا موحدا ومنصفا ،لكن وفي غياب رؤية استشرافية لإشكالية الإدارة التربوية في شموليتها ، جاء هذا الإطار معيبا فخلق متضررين جدد دون أن يعالج الوضعية المختلة السابقة الأمر الذي عمق من أزمة الهوية المهنية للإدارة التربوية واصبحنا أمام شرائح متعددة : الإداري التربوي بالإسناد ( الأستاذ ،المستشار في التوجيه، المفتش التربوي ،الملحق التربوي ،الأستاذ المبرز…) ثم الإداري التربوي خريج المسلك (متصرفون تربويون ضحايا المرسوم 2.8.294،متصرفون تربويون من الدرجة الأولى الخ..) يضاف لهم المتدربون المتواجدون حاليا بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين الذين ما زالوا يجهلون هندسة النظام الجديد للتكوين في سنتين رغم قضائهم لسنة كاملة بالمراكز تخللته احتجاجات ومقاطعة واسعة لاجتياز المجزوءات.
أمام هدا الوضع السوريالي لم تجد الأطر الإدارية بدا من الدفاع عن حقوقها من خلال سلسلة احتجاجات متقطعة اقتصرت خلال فترات طويلة على إصدار بيانات وتنظيم وقفات احتجاجية ومرافعات لدى بعض المؤسسات الدستورية (المجلس الأعلى للتربية والتكوين، الفرق البرلمانية بمجلس النواب،….) بالموازاة مع التنسيق المستمر مع النقابات التعليمية ذات التمثيلية والتي تبنت ملف الإدارة التربوية وطرحته على طاولات الحوار مع الوزارة الوصية وحصل اتفاق بشأنه حيث توافقت الأطراف على إصدار مرسومين يضعان حدا لمعضلة الإدارة التربوية وينهيان عقودا من أعمال السخرة بإدماج لا مشروط لكل المزاولين ضمن صيغة الإسناد في إطار متصرف تربوي مع احتفاظهم بحقوقهم المكتسبة في إطارهم الأصلي والتأكيد على ضرورة تجويد مضمون هذا الإطار لتجاوز كل الاختلالات السابقة…
لكن رياح وزارة التربية الوطنية هبت بما لا تشتهيه سفينة المدرسة العمومية وقيادتها الإدارية التربوية إذ سرعان ما توقفت جلسات الحوار مع الشركاء الاجتماعيين مطلع سنة 2019في سابقة لم يعرف لها تاريخ الحركة النقابية مثيلا حتى في أقسى مراحل التوتر الاجتماعي فتراكمت أعطاب المدرسة العمومية في ظل غياب تام للحوار ثم جاءت جائحة كوفيد19 لتعمق من الأزمة فتناسلت أسباب التوتر والاحتقان وأصبح استقرار المدرسة العمومية في كف عفريت يغذيه العناد واللامبالاة الرسميين غير المبررين من جهة وتصاعد الاحتجاجات المشروعة لمختلف الفئات المتضررة من جهة أخرى ومحاولات إجهاضها باعتماد الحلول الأمنية التي لا تزيدها إلا إصرارا واتساعا.
وغم ذلك ومن منطلق المسؤولية الملقاة على عاتق الأطر الإدارية ودورها المحوري في الحفاظ على السير العادي للمؤسسات التعليمية ، تجرعت الإدارة التربوية خيبة الأمل ووثقت للمرة المائة بعقد الشرف وبالوعود التي وزعها السيد الوزير شمالا وجنوبا صيفا وخريفا بقرب انتهاء معاناتها ،وتفهمت على مضض تذرعه تارة ببطء الإجراءات وتارة أخرى بإكراهات التدبير القطاعي الثلاثي للملف، لتكتشف في غمرة ثقتها العمياء بالمسؤولين أن وزارة المالية التي قيل لها أن المرسومين المنتظرين يوجدان في ثلاجتها لم تتوصل بهما اطلاقا حسب تصريح السيد وزير المالية نفسه ،وأن السيد رئيس الحكومة لا علم له بالملف ولم يطلب منه أحدا تدخلا في الموضوع ما دام ملفا قطاعيا….
أمام هذا الإحساس المهين بكون السيد الوزير يستغفل أطر الإدارة التربوية، ويلعب على عامل الوقت، مستغلا غيرتها على المدرسة العمومية وقناعته باستحالة تفريطها في استقرارها وحسن سيرها وتوهمه ربما كونها فئة ألفت منطق التعليمات وترسخ لديها الخوف من الإجراءات العقابية المزاجية التي تعايشت معها طوال عقود حتى أصبح الخوف من الإعفاء سيفا مسلطا على رقابها ، وضمن هدا المسار الذي أوصلها إلى فقدان الثقة في كل الوعود ،التأمت أطر الإدارة التربوية المنخرطة في الجمعيات المهنية الثلاث في إطار تنسيق ثلاثي وحدوي مستقل مدعوم بالنقابات التعليمية الست ذات التمثيلية والمؤمنة بمشروعية مطالبها.
قام التنسيق الثلاثي الوطني- بعد استقراء شامل لآراء الأطر الإدارية على المستوى الوطني ووقوفه على درجة الغضب والاستياء العميقين اللذين يعمان أوساط الإدارة التربوية بكل فئاتها ومدى الإصرار على خوض كل الأساليب النضالية المشروعة- بتسطير برنامج نضالي تصاعدي شعاره « اللاعودة إلى حين تحقيق المطالب » تضمن في مرحلة أولى، مقاطعة كل الأعمال الإدارية والتربوية باستثناء الحفاظ على أمن وسلامة التلاميذ والأطر والممتلكات والقيام بالإجراءات الوقائية المتضمنة في البروتوكول الصحي، وبالموازاة مع ذلك تنظيم معتصمات إقليمية وجهوية أسبوعية أمام المصالح الخارجية للوزارة (بلغ عددها عشرة معتصمات لحد الآن وشملت كل المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية على المستوى الوطني وشارك فيها آلاف الأطر الإدارية صدحت خلالها حناجرهم بمطالبهم وبمظلوميتهم)
بالمقابل تسببت المقاطعة في اختناق كبير للمديريات الإقليمية وتحولت مصالحها إلى مكاتب لإنجاز وثائق المرتفقين التي كانت في الظروف العادية تنجز على مستوى المؤسسات التعليمية كما أن مختلف المشاريع التي أطلقتها الوزارة في إطار تنزيل القانون الإطار متوقفة إلى حين.
وعلى مستوى المؤسسات التعليمية يعرف سير الدراسة ارتباكا ملحوظا وتوقفا كاملا لأنشطة الحياة المدرسية وأنشطة الدعم التربوي وتعثر عملية التوجيه التربوي وارتفاع نسبة الغياب وسط المتمدرسين وتأخر في إنجاز المقررات يستحيل تداركه..
كل ذلك يحدث دون أن يثير الأمر انتباه الوزارة التي استمرت في نهج سياسة الآذان الصماء مراهنة على استنزاف صمود وإصرار الأطر الإدارية وهو أمر بعيد المنال حيث شرع التنسيق الثلاثي -مرتكزا على مطالبة القواعد بتصعيد الأساليب النضالية وتنويعها – في تدشين شطر جديد من البرنامج النضالي ابتداء من فاتح ابريل تضمن إضافة إلى مكونات الشطر السابق عناصر جديدة كتجميد العضوية في كافة الجمعيات التربوية والمجالس التربوية وتجميد العمليات التحضيرية للامتحانات الإشهادية في أفق مقاطعتها وتنفيذ إضرابات يومي 22 و30 التي دعت لها كل النقابات الداعمة وهي مرحلة تصعيدية غير مسبوقة ستبقى المؤسسات التعليمية خلالها دون ربان.
فليتحمل السيد الوزير مسؤولية تنكره لتضحيات الإدارة التربوية ولامبالاته إزاء مطالبها، فشعار اللاعودة إلى حين تحقيق المطالب خيار لا رجعة فيه./.

المختار شحلال رئيس الفرع المحلي للجمعية الوطنية لمديرات ومديري
الثانويات العمومية بالمغرب بمديرية وجدة أنجاد

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *