Home»Débats»قصة ـ الخابية ـ …تستحق القراءة !

قصة ـ الخابية ـ …تستحق القراءة !

1
Shares
PinterestGoogle+

محمد شحلال
يُقال والعهدة على الراوي، أن ملكاً كان يتفقّد أنحاء مملكته فمر على قرية ووجد أهلها يشربون من الساقية مباشرة .
فقال للحاشية : اشتروا لهم خابية ليشربوا منها . و مضى ليكمل باقي جولته.
رئيس الوزراء أمر في الحال بشراء خابية ووضعِها على حافة الساقية ليشرب منها الناس .
وبعدما حضرت الخابية صاح موظف وقال : هذه الخابية أصبحت من الأموال العامة و عُهدة حكومية ، لذلك لابد من شرطي يقوم بحراستها ، وكذلك لابد من سقاء ليملأها كل يوم .
وبالطبع ليس معقولا أن يكون شرطي واحد أو سقاء واحد يشتغل طوال الأسبوع . فتم تعيين ستة من الشرطة وستة سقائين للعمل بنظام التناوب لحراسة وملء الخابية.
ثم نهض موظف آخر و قال : هذه الخابية تحتاج حمالة وغطاء وكوزا . فلابد من تعيين حِرفيين لصناعة الحمالة والغطاء والكوز .
و هنا بادر موظف خبير متعمق فقال : طيب و من الذي سيقوم بعمل كشوف رواتب هؤلاء الناس كلهم ؟. لابد إذن من إنشاء إدارة حسابية وتعيين محاسبين بها ليصرف للعمال مرتباتهم .
ثم جاء بعده من يقول : طيب ومن يضمن أن يعمل هؤلاء كلهم بانتظام ؟. لا بد من وجود من يتابعهم ويشرف على الشرطة والسقائين والحرفيين . فتمّ إنشاء إدارة لشؤون العاملين و ضبط حضور وانصراف الموظفين والعاملين .
ثم أضاف موظف كبير آخر : طيب لو حصلت أية تجاوزات أو منازعات بين العمال من يفصل فيها ؟ . لذلك أرى أنه لابد من إنشاء إدارة شؤون قانونية للتحقيق مع المخالفين والفصل بين المتنازعين.
وبعدما تم إنشاء كل هذه الإدارات ، جاء موظف مُوقر فقال : و من يرأس كل هؤلاء الموظفين؟ الأمر يتطلب تعيين موظف كبير ليدير العمل.
وبعد مرور سنة ، كان الملك يمر كالعادة متفقدا أرجاء مملكته ، فوجد مبنى فخما شاهقا مضاء بأنوار كثيرة وتعلوه لوحة كبيرة مكتوب عليها : « الإدارة العامة لشؤون الخابية » ووجد في المبنى غرفا وقاعات اجتماعات ومكاتب كثيرة . كما وجد رجلا مهيبا أشيب الشعر يجلس على مكتب كبير وأمامه لافته تقول : « مدير عام شؤون الخابية » . فتساءل الملك مندهشا عن سر هذا المبنى و هذه الإدارة الغريبة التي لم يسمع بها من قبل . فأجابته الحاشية الملكية : إن كل هذا لرعاية و العناية بشؤون الخابية التي أمرت بها للناس في العام الماضي يا مولاي.
المفاجأة أن الملك لما بحث عن الخابية بنفسه وجدها مكسورة و بجانبها شرطي و سقّاء نائمان و بجانبهما لوحة مكتوب عليها :  » تبرعوا لإصلاح الخابية – مع تحيات الادارة العامة لشؤون الخابية – » !!

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Aissa
    16/09/2020 at 10:07

    ضاعت الأمانة وسط حسابات بيروقراطية لا نهاية لها قصة تلخص ما تعيشه أوطان عربية… لنا الله جميعا من هؤلاء… وتستمر الحكاية… شكرا لك أستاذي الفاضل…
    شكرا لقراء وجدة سيتي

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *