Home»Débats»ليالي الأنس الجديدة

ليالي الأنس الجديدة

0
Shares
PinterestGoogle+

إن من يتأمل واقع المغاربة،يخيل إليه وكأن المجتمع برمته ينظم حفلا انطلق لكيلا ينتهي في الأمد المنظور على الأقل.
وهكذا ،فإن آلات الموسيقى والصخب المقرف الذي يرافقها،ربما تضاهي في حركيتها وهديرها دوران آليات المعامل والمصانع -على قلتها-!
لقد كان عيد العرش أكبر مناسبة ينتظرها المغاربة لتفجير طاقاتهم في الرقص والغناء التلقائيين بعدما تقرر إحياء هذا العيد بتوافق تام بين الملك محمد الخامس-رحمه الله-وزعماء الحركة الوطنية حتى تظل للمغاربة تقاليدهم ومناسباتهم التي يعتزون بها، وتميزهم عن المستعمر.
ومع مرور الأيام، وبعد تراجع وهج عيد العرش في العهد الجديد،فإن جهات معينة سرعان ما تفتقت عبقريتها عن ابتداع مجموعة من المناسبات ،،الترفيهية،،التي تنسي كل واحدة منها في غيرها.
لقد تمكن هؤلاء العارفون من تحويل الاحتفاء بالأولياء الصالحين الذين لا يخلو منهم تجمع بشري،إلى تقليد سنوي بلمسة سلطوية حتى ضاقت أيام السنة عن احتواء كل هذه ،،الأفراح،،التي تطغى فيها،،جرة العيطة،،على الأمداح والأوراد المحتشمة !
إن جل المهرجانات التي تنظم في ربوع البلاد قد تحولت إلى لحظات لتحرر الأجسام من كل القيود والقيم ليستعرض الجنسان كل ما لديهما من مؤثرات وإيحاءات مكشوفة تبعث رسائل مقرفة
لدفيني الأضرحة ،إلى درجة أن محيط هذه الأضرحة قد تحول إلى أوكار لممارسة كل أشكال الرذيلة.
وبما أنه لا حدود لعبقرية المغاربة في خلق وسائل اللهو،فقد جمعوا بين إحياء مواسم الأضرحة وأيام لتخليد أنواع من الموسيقى التي يؤثثها حضور الأجانب من قبيل الموسيقى الروحية،والموسيقى الصوفية…قبل أن ينضم إليها مهرجان موازين وتيميتار وأحيدوس وسباق الهجن…
من حق الشعوب أن تكون لها أعيادها ومناسباتها التي تفرح فيها وتمرح،كما تسوق من خلالها لثقافتها وحضارتها،لكن برمجة أيام السنة لتتخللها أفراح مفتعلة،ربما كان ذلك واحدا من الأسباب التي جعلت شبابنا لا يميز بين الجد والهزل، بل لقد شجعه هذا الاحتفال المفتوح على التمرد والدوس على النظام والأخلاق،وهو ما يذكر بمقولة الزعيم الصيني الراحل ،،ماو تسي تونغ،،:(ويل لأمة كثرت أعيادها)!
لقد طالت ليالي الأنس بالأندلس حتى تمكن الفرنجة من إعداد العدة
لإنهاء عهد المسلمين هناك،فهل نعد لتخريب قيمنا بأيدينا؟ ،خاصة وأن الشباب المغربي المعاصر قد وقع فريسة لهذا النمط الهجين من الموسيقى الذي يجمع بين فحش الكلام والرقص الماجن،حتى إن الفنانة ،،فيروز،، لما سئلت ذات يوم عن ذوق الشباب الموسيقي اليوم،أجابت: إنه يسمع الموسيقى ببطنه !
لست أدري ما الذي ينتظر بعدما تحول البلد برمته إلى عرس مفتوح !

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *