Home»Correspondants»هل يصلح العطارون ما أفسده الدهر؟

هل يصلح العطارون ما أفسده الدهر؟

0
Shares
PinterestGoogle+
 

يعتبر الدهر العدو الأول للإنسان.فمنذ الأزل  كان الإنسان يفكر  الخلود أو على الأقل إطالة عمره أقصى مدة ممكنة.

و يحكي الله عز وجل في كتابه المحكم كيف أن الشيطان مارس الغواية على الإنسان،بحيث أغراه بالأكل من شجرة الخلد ( الخلود).قال تعالى  » فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى » من سورة طه. و في مكان آخر من سورة الأعراف  » وقال ما نهاكما ربكما من هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين و قاسمهما أني لكما من الناصحين ».صدق الله العظيم.

العدو الأساسي للإنسان هو الموت، فمتى زار الموت بيتا لا يقابل بالزغاريد و الطبل و الرقص و الغناء، بل بالدموع و النحيب  والبكاء و الصراخ و العويل… و يعتبر الزمن هو من يقرب الإنسان إلى الموت رويدا، أو  ينقض عليه فجأة . لهذا تحدث هذا الإنسان عن إكسير الحياة و بحث عنه و جرب كثيرا من التفاعلات الكيماوية لعله يجد دواء للموت،أي الدواء الذي يمنح الإنسان طول العمر،أو يمنحه القدرة على الحياة الأبدية.

 كما أن الدراسات العلمية و الطبية والبعض منها منصرف الآن ، إلى البحث عن سبل إطالة العمر إلى أقصى حد، عن طريق البحث عن الجينات المسببة للشيخوخة ، و أخرى مسببة للمرض و الوفاة.

و لعل ظاهرة التجميل المنتشرة الآن بشكل رهيب،و التي تسهل للشيوخ و العجائز(خاصة) إعادة رونق الحياة إلى وجوههم، ومحو آثار السنين على محياهم، و إذابة التجاعيد في أماكن متعددة في الوجه، ما  هي إلا مظهر من مظاهر حب الإنسان للحياة والتعلق بها ،مهما كلفه الأمر من الصبر على ألم تجرع الدواء، و العمليات الجراحية ، و الأموال الطائلة التي ينفقها بسخاء من أجل أن يبقى  له وجه بلا آثار الزمن ،أو يبقى على قيد الحياة أعواما أخرى…الخ

و بعد اليأس من الوصول إلى نتائج مرضية تبعد الإنسان عن شبح الموت المتربص به،صاغ قولته المشهورة( و هل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟).

إنها خلاصة تجربة مريرة و ميئوس من نتائجها و تدل على إحساس الإنسان بالإحباط… وعليه على الإنسان أن يتقبل مواجهة مصيره المحتوم و بشجاعة، ولن يجد  العطار الذي ينقذه من الموت ومن وهم الخلود.

العطار لا يعرض للبيع إلا وهما و سرابا. أما الحقيقة الأزلية التي لن تتبدل، و لن يغيرها قانون الإنسان الوضعي، و هي أن الموت كائن وجودي و حقيقي، الذي يدركنا و لو كنا في بروج مشيدة .

لو انتقلنا من ظاهرة الإنسان الذي يسعى إلى  التعلق و التشبث بالحياة مهما كلفه الأمر من تضحيات،ويتوهم أن يكون العطار هو الحل الوحيد و الممكن،إلى الحديث عن العطرية السياسية و العطارين السياسيين، الذين هم الآن في انشغال محموم و هوسي، يصل حد الوسوسة obsession  في سبيل البحث عن الطرق التي  تدفع المواطن ليذهب مسيرا و منقادا إلى صناديق الاقتراع ليصوت لهذا الشخص أو ذاك و لهذا الحزب أو ذاك.

الأحزاب كثيرة ، وهي تتوالد كقنية أو أرنب متوحشة و خاصة في هذه المناسبات.حتى أننا لا نعلم بالضبط كم عددها؟

و المواطن (على الأقل المتتبع للشأن السياسي)لا يعلم ما هي الشعارات التي سيتبناها كل حزب ليقنع المصوت ؟و ما هي الأكاذيب الملفقة التي ستلوكها ألسنتهم؟

و لا يعلم ما هي البرامج التي لهم القدرة على تنفيذها؟ و ما هي الوسائل المالية المتوفرة لديهم لبلوغ تنفيذها؟

 و هل برامجهم من فصيلة (كلام الليل يمحوه النهار)؟

 و ما مصير القرارات التي تقوم بها الحكومة الحالية و التي أفرغت جيوب المواطنين بالاقتطاعات من أجور الموظفين و الزيادة في سنوات عملهم و الزيادة في الاقتطاع من معاشات المتقاعدين، والزيادة في الضرائب المباشرة و غير المباشرة…؟

 وما هو مصير قرار الحكومة الحالية بتأجيل رفع اليد عن أثمان غاز البوطان(أي الزيادة الهائلة التي ستلحق بقنينة الغاز) و رفع اليد نهائيا عن باقي صندوق الدعم الاجتماعي(المقاصة)؟

 و ما هو مصير قرار الحكومة الحالية أي قرار تفعيل  العمل بالتعاقد و محاربة التوظيف و الترسيم  الذي ينتظره أبناء الشعب من أجل الخروج من شبح البطالة ودائرة اليأس؟

هل يتم القطع مع قرارات هذه الحكومة؟ أم كل حكومة ستحل محلها  ستستمر في استكمال قرارات الحكومة الحالية؟

 و ما هو مصير الطلبة الجامعيين و طلبة المدارس العليا في برامج الأحزاب و ما هو مصير الشباب العاطل ؟ أم يبقى المصير معلقا بين السماء و الأرض سواء من هذه الحكومة أو من أخرى؟

أم أن كل القنافذ متشابهون، وليس فيهم ما هو أملس…؟

ما هو مصير الفقراء في الأحياء الهامشية من أسر هشة من أبناء الشعب،هل  زيارة المنتخبين  لهم هي من أجل الحصول منهم على  ورقة انتخابية فقط، توصل هذا الحزب أو ذاك إلى سدة الحكم؟

و ما هو مصير القطاع الصحي العمومي؟ و المدرسة العمومية؟ و المؤسسات العمومية المتبقية بلا خوصصة؟

هل من يفوز في الانتخابات من الأحزاب كلها ،  ستستمر في رفع يد الدولة عن القطاعات الاجتماعية  التي تمس المواطن عن قرب (الصحة و التعليم و السكن و العمل و الكرامة و التعويض عن البطالة) سواء ربحت الأحزاب الحكومية الحالية أو التي توجد في المعارضة؟…

هل هناك صلة بين البرنامج الانتخابي (الذي هو شعارات) الذي يرفعه حزب ما وهو خارج الحكم هو نفسه البرنامج الذي سيطبقه عندما يصل إلى الحكم؟ أم هناك قطيعة بين التنظير و التطبيق؟

و مئات الأسئلة المؤرقة التي لا نملك لها الأجوبة الحقيقية الآن .أما الأجوبة المزيفة  و التي تمتلئ كذبا و بهتانا و تملقا(تمسكن حتى تتمكن) التي تصدر عن السياسيين من أجل الوصول إلى المناصب و المكاسب و الجاه و السلطان فهي تملأ الخطب  على الحشود البشرية  في كل مناسبة تتاح لهم…وما أكثرها…

من تجارب الماضي نعلم علم اليقين،ونعرف أنهم بعد الفوز،يقولون في سرهم و نجواهم ما قاله أبو فراس الحمداني الفارس و الشاعر:

معللتي و الموت دونه      إذا مت ظمأنا فلا نزل القطر

أو يقولون ما قاله الفرعون »و بعدي الطوفان »après moi le déluge

و سيظل الشعب  يرقب العهود التي سيلزمون بها أنفسهم(هل تكون حقيقية أم مجرد كأكاذيب الأمس ؟

مع إيماننا القوي الذي لا يزعزعه شك، أن العطارين مهما تكاثروا، فلن يصلحوا ما أفسده الدهر..

 و بشيء من الأمل ،و شيء من الطرب، لكم قصيدة « ميعاد » للشاعر المتميز عبد الرفيع الجوهري، و لحن متميز للعبقري عبد السلام عامر، و غناء الصوت العذب القوي:  عبد الهادي بلخياط).

 وأقدم شعرها عن طيب خاطر لقارئ  هذا المنبر مع رجاء أن يستمع للأغنية الطربية:

(-) سأظل أرقب وعدها 

ما كانت لتخلف عهدها

أمس التقينا روحين كنا

تحت الصنوبر هاهنا

(-)لا زلت اذكر أنها

كانت تصفف شعرها

خجلى تحملق حولها

كم كان يغمرني السنا

كالطفل انظر للدنى

تشدو وترقص حولنا

لازلت اذكر همسها

حتى ارتعاشة قلبها

قالت بدافئ صوتها

« في الصبح نلتقي ها هنا »

يا ويلتي ما كانت لتسفح دمعتي

ما كانت لتخلف عهدها

يا لوعتي أو أخطأت

هي ساعتي لا بد أنها ساعتي

انتاج: صايم نورالدين

 

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. عنترة الوجدي
    13/06/2016 at 02:31

    مال ممتاز يوصف الحالة المغربية بكل امانة ودة ..دام ل حس الند البناء

  2. كتابي محمد تازة
    13/06/2016 at 10:30

    الم اقل لكم ان الاستاذ صايم نور الدين فنان عبقري ؟ برافو عليك اخلاص؟ مقال ضمن المقالات الرائعة التي تتحفنا بها جريدة وجدة سيتي الغراء رمضان كريم

  3. قارئ ملتزم بوجدة سيتي
    14/06/2016 at 12:39

    وجدة سيتي تشكر ايضا قراءها الاعزاء الذين لا يبخلون عليها بنقدها او مدحها ما دامت تقوم برسالتها الكاملة. فهي في خدمة من يقبل خدماتها و تشكرهم على الوفاء و الالتزام بالاطلاع على الجديد من المواضيع المهمة،التي يكتبها أناس لا يجدون متعة أكثر من اقبال الناس على انتاجاتهم ولو خضعت للنقد، فكل عمل انساني هو عمل ناقص و الكمال لله تعالى أمهر الصانعين. تحية لك السيد كتابي محمد و رمضان كريم على الجميع

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.