Home»Correspondants»أي حوار يريد الوطــن ؟؟

أي حوار يريد الوطــن ؟؟

0
Shares
PinterestGoogle+

   إلى أي حوار سياسي يدعو السيد رئيس الحكومة ؟ و أي سلم اجتماعي يبتغي سيادته ؟..
لقد اجتمعت في الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية والفاعلين الاقتصاديين بالمغرب، كل معيقات الحوار الاجتماعي والسياسي الذي يمكن أن يوصف بالهادف و الشامل ، أو على الأقل ، يقترب من هذا الوصف. مردّ ذلك يعود لأسباب عضوية عندنا ، مرتبطة بطبيعة العمل الاجتماعي نفسه من جهة، وبطبيعة مطالبه وملفاته المتشابكة والمتداخلة من جهة ثانية، بل والممتدة في الحقل السياسي.. وهذا طبعا ، ينطبق على كل دول العالم الثالث التي لا تزال لم تحسم في النقاش الدائر حول الفصل النهائي بين السلط ، وكذا الفصل بين المسؤوليات في هذا المجال أو ذاك .. يقول لينين : » إن لكل مطلب اجتماعي أفق سياسي  » ، هذا صحيح بنسبة ما فقط ، لأن السياسة نفسها ، قد تصبح معيقا اساسيا في حلحلة القضايا الاجتماعية ، و تصفية ملفاتها ، التي غالبا ما تكون مرتبطة بالمعيش اليومي للناس ، عكس السياسة التي ترى إلى أبعد من ذلك ، فهي فن الممكن ، المتوثب دائما إلى الغــد ، سواء أكان هذا الغد قريبا او بعيدا .
أي حوار هذا الذي تسعى إليه الحكومة ،تحت ظلال الهراوات و التهديد باعتقال وطرد الأساتذة المتدربون من الوظيفة العمومية، وقبل ذلك التهديد بالإعلان عن سنة بيضاء .. أي حوار هذا الذي تدعو إليه الحكومة وهي التي تَعِـدُ بالرّفع من نسبة التوظيفات المخصصة لمجال التربية والتعليم العمومي من جهة، وتُـصدرُ المراسيم المقيدة لهذا الوعد ، بل المناقضة لــه تماما ، من جهة أخــرى.
أي حوار هذا الذي تريد الحكومة ، وهي التي أحْيَـت شريعة « الزرواطة » و قمع الاحتجاجات السلمية، في وقت ظن فيه المغاربة أنهم قد تجازوا سيرة القمع والترهيب المخزني ، وتركوها  خلف ظهورهم ..ألا يخجل الداعي إلى الحوار وهو يجر وراءه سجلا حافلا من الخروقات الفاضحة للدستور ، الذي كان عليه هو وحكومته تنزيل بنوده ،و ترسيخ فصوله، كإطار للعيش المنظم الكريم والمتحضر لكل المغاربة بكل أطيافهم ، وبتفاوت انتماءاتهم الاجتماعية ..
كيف لا وهو المعطل لحق الاضراب الذي يكفله الدستور وكل الشرائع الدولية ، وها هي فترته التشريعية توشك على الانتهاء دون أن يقدم للمغاربة قانونا ينظم هذا الحق ، عكس ما كان يدعيه ويبشر به ، ناسيا أو ربما متناسيا ما كان ينفذه عبر نقابته المعروفة ، من اضرابات بالأيام ، عندما كان هو ومن معه في المعارضة ..أم هو حلال عليهم وحرام على من دونهـم .
كيف لا وهو المعطل لحق التظاهـر السلمي الذي يكفله الفصل 37 من الدستور، وذلك بتعنيف المتظاهرين السلميين بكل أصنافهم ضدا على الفصل 22 من الدستور أيضا، قمع وتعنيف طال أطر الدولة و نخبة المجتمع، ابتداء من الدكاترة الأطباء ، مرورا بالمعطلين و المكفوفين منهم، وكتاب الضبط ، وانتهاء بالأساتذة المتدربون، والبقية ستأتي ، ما دام هناك إفلات من المساءلة و الحساب والجزاء، لأن النيابة العامة لا تُحرك الدعاوى، ولا تسعى إلى ذلك ،لأسباب معروفــة، تتعلق باستقلال القضاء و حدود إعمال القانون ، وأشياء أخرى لا يعلمهــا سوى الراسخون في الحكم.
كيف لا وهو المعطل للحق في التنقل بحرية في أي مكان من الوطن ، وفق ما لا يكفله الفصل 24 من الدستور ،وذلك من خلال أوامره بمنع أساتذة الغد ومن يساندهم ، من امتطاء القطارات والحافلات العمومية للحيلولة دون وصولهم الى العاصمة  ؟؟ بأي حق يُمنع مواطن من التنقل من مكان إلى مكان داخل وطنه ، من دون جرم أو  شبهة ؟
عود على بدء ، و قبل الدعوة الى أي حوار جاد وهادف يا سيادة الرئيس، لا تزال هناك الكثير من الأسئلة الملحة التي تطرح نفسها ، وتنتظر الجواب المقنع ..
من أعطى الدولة الحق في الاقتطاع من أجور المضربين ، في غياب قانون ينظم الاضراب ويؤطر عملية الاقتطاع ، خاصة أن المحكمة الدستورية قضت بلا دستورية ولا قانونية تلك الاقتطاعات ؟؟
ولماذا تمتنع الدولة إلى الآن ،عن ارجاع المبالغ المقتطعة من أجور المضربين إلى أصحابها، امتثالا لقرار المحكمة العليا ؟؟ ألا يعتبر هذا استخفافا بالمحكمة وقراراتها ، بل بالعدالة المغربية ككل ؟؟
لماذا لم تفتح الحكومة باب التحقيق في كل المجازر التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية في حق المتظاهرين ، والوقوف على المسؤولين عنها ، وتحديد المسؤوليات السياسية تبعا لذلك ، ومن ثم التصريح للشعب بنتيجة تلك التحقيقات ؟؟ أليس من حق الشعب أن يعرف مسار ونتيجة تلك الملفات ؟؟ أم أن المسؤولين عنها فوق أي محاسبة و أي عقاب ؟؟ ثم ألا يستحق ضحايا القمع و التعنيف التعويض  عن ذلك ، ردا لاعتبارهـم أولا ، وإحقاقا لشعار دولة الحق و القانون، الذي ما برحت الحكومات المتعاقبة تشنف به أسماعنـا ؟؟
لماذا لم يفتح التحقيق في خرق الفصل 24 المذكور ، لتحديد المسؤول عن تقييد حرية تنقل مواطنين مغاربة في وطنهم ،ولماذا لم يتم تحريك دعوى الحق العام في ذلك ؟؟ أم أن هذا السلوك اللاديمقراطي ، لا يستحق أن يلتفت إليه ، لأن هؤلاء الممنوعون من السفر  » بدون مبرر » ليسوا من ذوي النفوذ و الجاه ، ولا من طينة العفاريت و التماسيح ، لأنهم من أبناء الشعب البسطاء الساعين بكديهم وجهدهم إلى ضمان حد أدنى من العيش الكريم .
إن توالي الخروقات الدستورية في عهد حكومة العدالة و التنمية ، أصبح من باب تحصيل الحاصل ، ومن موجبات بقاء و استمرار الحكومة نفسها في الحكم .. وهذا ما يدعو إلى  القول بوجود زواج كاتوليكي بين ما يسمى بالإسلام المعتدل المتمثل في العدالة و التنمية و من يدور في فلكها ، وبين المخزن ، المتمثل في محيط القصر ومن دار حوله من أعمدة الدولة العميقـة، ولوبيات المال والاقتصاد .. لأن كل  منهما وجد ضالته في الآخر ـ وإن مرحليا ـ ولكل حساباته و مصالحه ، وإلا كيف نفسر انقلاب الحزب مائة و ثمانون درجة عن موقفه وموقعه قبل انتخابات 2011؟. وكيف نفسر تنكر الحزب لمعظم ـ إن لم نقل كل ـ تعهداته والتزاماته أمام الشعب الذي صوت لصالحه ؟ . بل كيف نعلل تغيير استراتيجية الحزب من محاربة الفقر إلى مجاربة الفقراء ؟ . وكيف نوفق بين إعلان الحزب عن محاربة الفساد والمفسدين ، و بين دعوته إلى العفو عنهم في نفس الآن ؟ .. وكيف نفسر تراجع الحزب عن تنزيل فكرة الضريبة عن الثروة التي كان يلوح بها قبل الانتخابات، و اتجاهه نحو تثبيت الامتيازات والعلاوات والإتاوات التي تشكل أساس الريع السياسي في البلاد ؟ ..
حقيقـة ، إنه لبلـد الاستثناء بامتياز ..حيث استدراج الناخبين بشعارات وبرامج مخالفة تماما لما يتم اعتماده بعد التمكـن من الحـكم، حيث يكون أول الضحايا هم النـاخبون ، في نقض غريب للعهود ، وتغيير غير مسبوق للمواقع ، وتحالفات سياسية غير مفهومة ،نتجت عنهـا حكومات هجينة ملونة ، تجمع بين مكونات متنافرة ومتناقضة ، بل متعارضة على جميع المستويات الفكرية و المرجعية و الأيديولوجية ، لا يجمعها سوى حرص منتسبيها على الاستوزار، والبقـاء في التشكيلة الحكومية مهما كلف ذلك من ثمن، وما يعني ذلك من امتيازات الريع السياسي ، وخدمة المصالح الشخصية و الحزبية الضيقة ..
حقا إنه الاستثناء المغربي.. فكيف للحزب الذي يرأس الحكومة ، والذي حصد أكبر عدد من الأصوات ،حصل بها على 106 مقعدا في البرلمان ، كيف له أن لا يتحصل سوى على إحدى عشرة حقيبة وزارية فقط ، بنسبة لا تتجاوز 27 في المائة من مجمل الحقائب الوزارية ، فيما ذهبت نسبة 73 في المائة المتبقية إلى حلفائه الحكوميين ..أمام هذا الوضع ، كيف يمكن لرئيس الحكومة أن يدعي ، قدرته على الوفاء بالوعود ، والالتزام ببرنامجه الانتخابي ؟؟.. طبعا هذا غير ممكن حسابيا ، لأنه لا يملك غالبية الأصوات داخل الحكومة، كما أنه لا يملك نفس التوجهات والتصورات التي يتبناها شركاؤه في الحكومة ، ولكم أن تتصوروا الرئيس الحقيقي ، والمقرر الحقيقي في الحكومة ، وكما يقول المثل  » إذا عرف السبب، بطل العجـب  » .. فهل يدعو إلى الحوار من لا يملك القرار ؟؟.
محمد المهدي ـــ 29\01\2016

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. معارض و غيور على الوطن
    31/01/2016 at 12:15

    مقال في الصميم انار الله دربك يا اخي.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *