Home»الجزائر والمفهوم الجديد للدولة الكذابة

الجزائر والمفهوم الجديد للدولة الكذابة

0
Shares
PinterestGoogle+

مذهب جديد في النظم السياسية تؤسس له الجزائر وهو « الدولة الكذابة « , وقد يحار فقهاء القانون الدستوري في إيجاد تعريف دقيق له لأنه مخالف لما هو معروف من المبادئ و الأحكام والقواعد المتعلقة بالأسس التي تبنى عليها الدولة.

وقد برز هذا الاجتهاد من خلال القرارات المتخذة مؤخرا ضد الجار المغربي , بداية بقطع العلاقات الدبلوماسية ثم إغلاق المجال الجوي مرورا بتحرشات واتهامات كاذبة تعوزها الحجة والدليل .

قطع العلاقات الدبلوماسية من جانب واحد

الخطوة الأولى جاءت بسحب السفير الجزائري بالرباط للتشاور وهي صيغة دبلوماسية تعني أن شيئا ما ليس على ما يرام بين البلدين وكأن الأمور كانت في السابق  سمنا على عسل وواقع الحال يؤكد عكس ذلك تماما , فالتوتر كان دائما سيد الموقف ,  منذ استرجاع المغرب لصحرائه و النظام الجزائري بشقيه المدني والعسكري يعاكسه ويشاكسه خفية وعلانية و يبرر عداءه للوحدة الترابية للمملكة بحق الشعوب في تقرير مصيرها وهو حق يراد به باطل لأنه يمتح من سياسة الكيل بمكيالين لدى حكام الجزائر الذين غاظهم التصريح الحجاجي للسفير المغربي بالأمم المتحدة السيد عمر هلال بخصوص أحقية شعب القبائل في تقرير المصير, واعتبروا ذلك مسا بسيادتهم ووحدة وطنهم , وماذا يقول المغرب في هذا الشأن وهم يناصبونه العداء منذ أكثر من أربعة عقود حيث أسسوا جمهورية الخيام والأوهام بتند وف لتخوض حربا بالوكالة عنهم بل شاركوا فيها بجيشهم الوطني بموقعة  أمغالا التاريخية التي هزموا فيها شر هزيمة وأسرت القوات المسلحة الملكية  رتلا من الجنود وبعض ذوي الرتب والنياشين  ممن يشرفون اليوم على المؤسسة العسكرية  الجزائرية  , وما خفي كان أعظم.

إن اسطوانة تقرير المصير بالصحراء المغربية الذي يستمر النظام الجزائري في ترديدها كالببغاء منذ أربعة عقود ونيف عفا عليها الزمن وأصبحت متجاوزة وفقا للقرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة منذ 2007 والتي تتحدث عن حل سياسي متوافق عليه تحت السيادة المغربية وتسير وفقه معظم الدول , فهل توقفت عقارب الساعة لدى الجيران عند مرحلة الحرب الباردة و جنون العظمة الذي قادهم إلى الهاوية أم في آذانهم وقرا ؟.

الحرائق الغابوية التي شهدتها الجزائر صيفا  شانها شان دول أخرى بحوض البحر الأبيض المتوسط  بما فيها المغرب كانت بفعل عوامل الطقس حيث ارتفعت الحرارة بشكل ملحوظ  بالإضافة لعوامل أخرى , وقد عملت هذه الدول على إطفائها بما توفر لها من إمكانيات , باستثناء الجزائر التي رفضت دعم دولة جارة لأسباب مزاجية  » النيف  » و لم تكتف بذلك بل بادرت إلى استنتاجات كاذبة مضمونها أن المغرب يقف وراء هذه الكوارث الطبيعية بواسطة حركتي الماك ورشاد التي لم يثبت قط  علاقة بلادنا بهما  بخلاف دول أوروبية تحتضنهما وترعاهما , و كما يقول المثل  » حينما تكذب , حاول أن تكذب بإتقان وتحترم ذكاء الآخرين  » ,  أو كما يقول شكسبير  » الكذب يشوهك , كن صادقا أو اصمت  » .  فقد نتقبل أن تكون الجزائر ناقصة التجهيزات رغم ثرواتها الطاقية ولكن لا نتقبل كذب حكامها لتبرير عجزهم و التغطية على المناورات الدنيئة لجنرالاتها التي لو فتح بحثا دقيقا بشأنها لعرت عن الشجرة التي تخفي الغابة , فاتخاذ المغرب كمشجب تعلق عليه مصائب شعب هي عند حكامه فوائد هو أمر لا يستقيم لان حبل الكذب قصير ,  وقد صارت هذه الاتهامات الباطلة التي لا يصدقها حتى الصبيان  مصدر سخرية المعلقين ووسائل الإعلام الدولية وقنواتها الإخبارية .

الخطوة الثانية جاءت بعد انعقاد ما يسمى بالمجلس الأعلى للأمن الذي اتخذ على عجل قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب , والأسباب كما تلاها وزير الخارجية رمطان لعمامرة تتلخص في التذكير بحرب الرمال و احتقار المغاربة لهم , إشعال الحرائق و مساندة الانفصال بالجزائر و السياسة العدائية المستمرة  و العلاقات مع إسرائيل التي ليس المغرب بالبلد الوحيد الذي يوقع معها بعض الاتفاقيات , فلماذا هذا التمييز ؟ وإذا ظهر السبب بطل العجب , وتبقى هذه التبريرات واهية والأيام أفضل جهاز لكشف الكذب وكما يقال  » من الغباء أن تكذب على من يعرفك حق المعرفة  » .

 إن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية في الأعراف الدولية يأتي كآخر ورقة بعد نفاذ كافة الطرق اثر عمل عدواني مؤكد لا بمجرد ظنون و وأضغاث أحلام تراود نفوس تضمر السوء للجيران. فالكذب لا يخفي الحقيقة بل يؤجل انكشافها .

حظر الأجواء الجزائرية على الطيران المغربي

ثالثة الأثافي هي اتخاذ قرار فوري بحظر الطيران المغربي فوق الأجواء الجزائرية بدون تمييز بين الطيران المدني والعسكري , و الأسباب دائما مبهمة و غير مبررة تضاف لباقي الشطحات التي ليست بالشيء الجديد على طغمة حاكمة تحاول الفرار للأمام بفعل الانتكاسات المتتالية على الصعيدين العسكري والدبلوماسي والأوضاع الداخلية التي توشك على الانفجار يؤججها غضب الشارع الجزائري عن النقص في المواد الغذائية وغلاء الأسعار وأزمة الماء و البطالة المستشرية  التي تدفع بالآلاف من السكان من مختلف الأعمار  لركوب الأمواج على ظهر قوارب الموت  في هجرة جماعية غير مسبوقة , وما تتحدث عنه الصحف الأجنبية بهذا الخصوص يندى له الجبين , لكن حكام البلد الجار لا يرف لهم جفن فهموم المواطنين هي آخر انشغالاتهم.

عقدة التفوق والقوة الضاربة

« كلما زاد الإنسان غباوة, ازداد يقينا بأنه أفضل من غيره في كل شيء  » العالم العراقي علي الوردي.

من الأساطير التي يؤسس عليها الرئيس الجزائري خطاباته الطوباوية ترديده  الدائم بأن بلاده تتوفر على أحسن منظومة صحية وهي قوة  ضاربة و هي من أدخلت الإسلام إلى أوروبا ومن أدخلت الصين إلى الأمم المتحدة وهلم أحلاما و هلوسات .

وكما قال أفلاطون  » الكذب يصيب الأرواح بالعدوى لتصبح مليئة بالشر والخداع أيضا ».

فعقدة الريادة وحب الزعامة ظلت ملازمة لحكام الجزائر منذ الاستقلال عن فرنسا سنة 1963 و تجربة  الرئيس هواري بومدين في ميادين الثورة الصناعية والثورة الزراعية و غيرها من بقايا شعارات الشيوعية البائدة آلت إلى مزبلة التاريخ ولم يجني منها المواطن الجزائري إلا الفاقة والحرمان , ونهج حب الهيمنة القارية سار على دربه من خلفوه من قادة ودبلوماسيين وكان مصيره الفشل رغم سياسة شراء الذمم و مقايضة المواقف بالمال مقابل الاعتراف بجمهورية الوهم عندما كانت صناديق مداخيل  البترول والغاز لا ينضب معينها قبل أن تأتي عليها السنوات العجاف التي جعلت سعر البرميل يتدحرج إلى أسفل سافلين محدثا ثقبا في خزانة الدولة ومدخراتها من العملة الصعبة وتأتي أزمة جائحة كورونا لتضرب كل شيء في الصفر فينقلب السحر على الساحر .

فها هو المغرب يسترجع مكانته بالقارة الإفريقية ومنظماتها و يتغلغل في عمقها مبرما صفقات  » رابح رابح  » مع دولها و ينقل إليها تجربته الرائدة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية  بعد زيارات قام بها جلالة الملك لمعظم أقطارها , وهذا ما يغيظ ليس فقط الجيران المباشرين بل حتى بعض الدول الأوروبية التي ترى في خطوات المغرب منافسة لها في مستعمراتها السابقة و مضايقتها في سوق كانت تعتبرها حكرا عليها بمنطق القوة والنفوذ والاستغلال , ومن هنا بدأت سلسلة المؤامرات التي تحاك ضده وأحيانا بتواطؤ ميكيافلي  مع أعدائه , لأن الغاية تبرر الوسيلة .

خلاصة

إن دولة كالجزائر- ضاربة في الغموض –  تتخذ قرارات ارتجالية تجاه جار- مسالم و مدافع عن وحدته الترابية – لم يصدر عنه أي فعل يضر بها وبناء على معطيات كاذبة تفتقر للأدلة والحجج الدامغة  ولا توضح للرأي العام الدولي أسباب نزولها تدخل في خانة الدولة الكذابة بمفهومها الجديد كما سبق تفصيل ذلك أعلاه.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *