Home»Enseignement»الكتاب الأقل مبيعاً في العالم!

الكتاب الأقل مبيعاً في العالم!

0
Shares
PinterestGoogle+

جميعنا سبق أن صادفنا كُتباً تحمل هذه العبارة الشهيرة: هذا واحد من الكتب الأكثر مبيعاً في العالم !
ونستطيع أن نفهم أنها تساعد في كلّ مرة على رفع عدد المبيعات لأن الناس مستعدون لصرف أموالهم في شراء الكُتب الشهيرة من المؤلّفين المشاهير ظنّاً منهم أنها الأفضل في العالم. فهل هذا صحيح؟

سنحاول في السطور القادمة شرح كيف أن ارتفاع عدد المبيعات لا يعني بالضّرورة ارتفاع الجودة.. كما سنثبت ببعض الأمثلة أن الشّهرة هي – في الغالب- وجه من وجوه الصّدفة غير العادلة.
لنتصور أننا أمام مطعمين يقعان في نفس الشارع، وفي نفس الزاوية، أحدهما على يمين الآخر، والمظهران الخارجيان يبدوان متشابهين للمارّة..
نحن نقف في نهاية الشارع لمراقبة ما سيحدث مع الزبناء هذه اللّيلة.

إنها السابعة مساء، يمرّ شخصان بالقرب من المطعمين، ثم يدخلان المطعم الأول، يجلسان لطلب عشائهما، ولأنهما مستعجلين جداً لا يكلفان نفسهما عناء ملاحظة جودة الطعام. في تلك الأثناء، تمرّ عائلة صغيرة، تراقب المطعمين من الخارج، وتختار المطعم الذي يتواجد به الرّجلان، لأن المطعم الثاني يبدو خالياً من الزبناء. بينما هم يتناولون العشاء.. تأتي فتاة وتختار المطعم الأول لأنها ترى أن عدد الزبناء بداخله كبير مقارنة مع المطعم الخالي، وهذا يجعلها تعتقد أن الخدمة في المطعم الأول ممتازة بالنسبة للثاني..
الآن الساعة تشير للتاسعة، المطعم الأول يشهد حركة كبيرة، عدد الزبناء يتزايد في كلّ مرة، أما الثاني فبداخله زوجان فقط يبدو أنهما لا يريدان الكثير من الصّخب ولذلك اختارا المطعم الخالي.

الآن دعونا نستخلص شيئاً من هذه المراقبة : امتلأ المطعم الأول بالزبناء لأن أحدهم في البداية اختاره بصفة عشوائية جدّاً، مما أدى إلى تأثير اختياره العشوائي على اختيار عائلة أتت بعده، وبالتالي أثر الجميع على الزبناء الجُدد الذين ظنوا في كلّ مرة أنه المطعم الأفضل نظراً لعدد الزبناء.. لكن الواقع مختلف جدا، فالمطعمان متشابهان جداّ، وربما كان المطعم الثاني الخالي يقدم خدمة أكثر جودة من الأول بكثير.. لكن لا أحد عَرف ذلك..

إن هذا أبسط مثال يمكن لمن يريد الحديث حول موضوعنا أن يسوقه دفاعاً عما يريد قوله، ويمكن تغيير المطعم بكتاب، مسرحية، فيلم، شريط موسيقي.. أو أي شيء آخر..
هل لا زال البعض يعتقد أن عدد قرّاء الكتاب دليل على أفضليته؟ أو أن عدد معجبي أحد المؤلفين دليل على تميّزه؟

حين سقطت التفاحة على رأس نيوتن خلال القرن السادس عشر كان يمكن تصوّر العديد ممّن سقطت على رؤوسهم تفاحة ولم يفكروا في الجاذبية..
غير أن نيوتن كان فيزيائياً معروفا بملاحظة الظواهر الطبيعية ومحاولة تفسيرها ، وقد رفع تواجد فيزيائي تحت شجرة تفاح قُبيل سقوط تفاحة على رأسه من احتمال أن يكون هو مكتشف الجاذبية وليس المليون شخص الذين مرّوا قبله.

كذلك الأمر بالنسبة للشّاعر آرثر رامبو الذي كتب أشهر أعماله حين كان لا يزال مراهقاً. حيث كان فيكتور هيجو قد مدحه آنذاك واصفاً إياه بـ « طفل شكسبير ».. وجدير بالذكر أن رامبو توقف عن الكتابة في العشرين من عمره وحسب.. بمعنى أنه وصل إلى درجة عالية من الشّهرة دون أن يكون قد قضى عمره في الكتابة والتفكير. وقد نجد شعراء يكتبون منذ الطفولة إلى التّقدم في السّن دون أن يعرف العالم عنهم حتى مجرد الإسم.. لماذا؟
يستطيع من قرأ شعر رامبو أن يعرف أن أغلب أشعاره كانت هذيانَ أطفال.. بلا معنى ولا أية رسالة، كما قد يستغرب من آراء النقاد والأدباء حول ذلك الشّعر حيث يكتبون المؤلفات والمقالات رغبة في تحليل كلماته !

ما يطبق على نيوتن ورامبو يطبّق على الكثير ممن سجّلت أسماؤهم في التاريخ.
هناك مخترعون أيضاً توصّلوا إلى اكتشافات غيّرت تاريخ البشرية دون أن يقصدوا ذلك بالفعل !
لقد صادف وجودهم في أمكنة ما الوقت المناسب والحدث المناسب، ومن ثمّ كانَ ما كان.

إن الكتاب الأكثر مبيعاً في العالم ربما حدث معه ما حدث مع المطعم الأكثر زيارة من طرف الزبناء في تلك الليلة التي افترضنا أننا نراقب فيها المطعمين. وبما أن المطعم الخالي كان من الممكن جدا أن يكون الأكثر جودة فإن الكتاب الأقل مبيعاً في العالم كان من الممكن أيضاً أن يفوق الكتب الشهيرة جودة أيضاً.
المسألة كلها مرتبطة إذن بالحظّ.. غير أن الحظ لا يصيب إلاّ من كان مُجهزاً له سلفاً ويملك قابلية له ، وهذا ما نسميه « لاعدالة الظروف ».
المشكلة أكبر من مجرد كتاب ومطعم، إنها مسألة مصير البشرية، ما دامت محكومة بالشهرة وخداع الأرقام وضخامتها.. حيث أن التاريخ قد ظلم الكثير من المبدعين، ولم يسجل أسماء البعض إلا بعد وفاتهم بمئات السّنين.

لذلك، إذا كنت من الأشخاص الذين يفضّلون دفع 10 دولارات لأجل كتاب يحمل الأيقونة : « الأكثر مبيعا في العالم »، وعدم دفع 9 دولارات لشراء كتاب غير معروف كثيراً، فأنصحك بإعادة النّظر في طريقة تفكيرك كما أنصحك أيضاً بمحاولة التعلم من الماضي.
أما إذا كنت، مثلي، تبحث عن الكُتب الأقل مبيعاً في العالم، وتستمع للموسيقى الأقل شهرة، وتستمتع باللّوحات الفنية التي لا يعرف بأمرها الكثيرون، فهنيئاً لك.. كل ما عليك فعله هو مواصلة اقتنائها، قد يحدث أن يتأثر بك صديقك وصديق صديقك، وجارك وعمّك.. إلى أن يصبح الكتاب أكثر مبيعاً في العالم !

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. majid
    25/06/2013 at 23:11

    vive la logique!vous êtes partie dune fausse interprétation, je m explique:le premier qui est entré au resto ;n est pas entré par pur hasard; il savait que c est un bon resto; j espère que vous avez compris!

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *