Home»International»لماذا تستعمل السيارات التي يفوق عمرها ربع قرن في بلادنا ؟

لماذا تستعمل السيارات التي يفوق عمرها ربع قرن في بلادنا ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

لماذا تستعمل السيارات التي يفوق عمرها ربع قرن في بلادنا ؟

محمد شركي

في تعليق على المقال الذي انتقدت فيه قرار إعادة دفع الضرائب على السيارات التي يفوق عمرها ربع قرن تساءل أحد المعلقين قائلا :  » لماذا يستعمل هذه السيارات الذين لا يقدرون على دفع مصاريفها ؟  » ويحل المشكل بالنسبة إليه بالتخلص منها  لأنها في نظره هي السبب في حوادث السير ، وضرب مثلا على ذلك بسيارات الأجرة الكبيرة التي إذا امتطاها الراكب يتشهد بالشهادتين على حد قوله ، ولهذا فهو مع قرار إعادة دفع الضرائب على السيارات المعفاة من ذلك بموجب  قرار سابق  ملزم للجهة التي  شرعته . وينهي المعلق تعليقه بالقول :  » ليست السيارات من الضروريات كالدقيق  والخبز  بل هي من الكماليات « . فلا بأس أن نناقش هذا المعلق في وجهة نظره التي تحترم على كل حال.

بداية  لا بد أن يعرف هذا المعلق أن  سبب استعمال السيارات التي يزيد عمرها عن ربع قرن في بلدنا  هو حالة الهشاشة كما يسمونها  عندنا ، فالشعب أغلبيته ضعيف الحال ولا يستطيع اقتناء السيارات التي يقل عمرها عن خمس سنوات كما هو الحال في البلدان التي تعرف صناعة السيارات لعدة قرون . أما بلدنا المسكين فلا زال في طور استيراد السيارات ، وأقصى ما يملكه هو بعض مصانع تركيب السيارات التي تستقبل  قطعها المفككة كاملة من مصادرها في الخارج . وحتى التركيب لا يخلو من غش وتدليس ، وقد بات معروفا لدى المواطن المغربي أن السيارات المركبة في مصانع التركيب المغربية لا تخلو من عيوب مشينة لا تشرف هذه المصانع ولا تشرف وطننا . ولما كان المغرب  بلدا فقيرا  لا يملك صناعة السيارات ،فإنه ظل لعقود طويلة  يعتمد على غيره من البلدان الصناعية خصوصا في أوروبا الغربية . ومعظم ما كان يقتنى السيارات المستعملة التي كانت الدول الصناعية تتخلص منها ، فتجد طريقها إلى المغرب باعتباره مزبلة السيارات النافقة .

بذريعة صيانة الوطن من التحول إلى مزبلة للسيارات النافقة ، وكان هذا حق أريد به باطل، لأن القصد كان هو التضييق على المغاربة  وقدرتهم الشرائية محدودة للغاية لصالح التماسيح والعفاريت الذين يملكون  مصانع تركيب السيارات  التركيب المغشوش وبأثمنة خيالية ومعاملات ربوية

وهذه السيارات المستعملة أو النافقة بمعايير دول أوروبا الغربية حولتها الإجراءات الجمركية عندنا إلى أكثر من سيارات جديدة حيث صار معروفا لدى الشعب المغربي أنه من أراد أن  يقتني سيارة مستعملة قادمة من أوروبا الغربية فعليه أن يدفع ثلاثة أضعاف ثمنها أو بعبارة أخرى يقتني للدولة ثلاث سيارات ليحتفظ بواحدة لنفسه  . وتمادت الجهات الجمركية في  التشدد مع السيارات المستعملة حتى انتهى الأمر إلى رفض دخول السيارات التي يفوق عمرها خمس سنوات بذريعة صيانة الوطن من التحول إلى مزبلة للسيارات النافقة ، وكان هذا حق أريد به باطل، لأن القصد كان هو التضييق على المغاربة  وقدرتهم الشرائية محدودة للغاية لصالح التماسيح والعفاريت الذين يملكون  مصانع تركيب السيارات  التركيب المغشوش وبأثمنة خيالية ومعاملات ربوية  . وكان من الممكن أن نصدق ذريعة تخليص الوطن من نفايات السيارات النافقة لو أننا بلغنا مستوى تصنيع السيارة المغربية 100٪ أما ونحن  لا نستطيع تجاوز عملية التركيب وبشكل مغشوش يعرضنا لسخرية  الغير، فليس من حقنا أن  نجاري  الدول الصناعية في قراراتها.

فدول أوروبا الغربية لم تتخذ قرارا بشأن السيارات المستعملة حتى وفرت لمواطنيها البدائل التي تناسب قدراتهم الشرائية . أما  بلدنا فلا يجيد فيه  » البوعروفيون »  وما أكثرهم وما أقبحهم  سوى تقليد الغرب التقليد الأعمى في قرارته التي لا تراعي  وضعية هذا البلد الذي يعاني مواطنوه الهشاشة والفاقة والفقر  وقلة الشيء كما يقال بالعامية . وعينا ينطبق المثل العامي   » زنطيطو حلفاء وهو ينكز النار ». أما قول المعلق أن السيارات الشائخة هي سبب الحوادث عندنا فمردود عليه ، لأن الحوادث عندنا معضلة  سببها  ذهنية متخلفة حتى لو أنها ركبت السيارات الفاخرة. ولو كانت السيارات الشائخة هي سبب حوادث السير كما طال بها العمر بهذا الشكل .

أما  بلدنا فلا يجيد فيه  » البوعروفيون »  وما أكثرهم وما أقبحهم  سوى تقليد الغرب التقليد الأعمى في قرارته التي لا تراعي  وضعية هذا البلد الذي يعاني مواطنوه الهشاشة والفاقة والفقر  وقلة الشيء كما يقال بالعامية . وعينا ينطبق المثل العامي   » زنطيطو حلفاء وهو ينكز النار« 

وأما قول المعلق أن السيارات من الكماليات  وليست من الضروريات أو حتى من الحاجيات ، فمردود عليه أيضا ، لأن وضعية المدن المغربية قد تغيرت كثيرا باتساعها ، وأصبح من الضروري أن يتحرك الناس لعدة كيلومترات يوميا من أجل الوصول إلى أعمالهم  . ومع وجود أزمات خانقة في ما يسمى النقل العمومي اضطر كثير من  المواطنين إلى اقتناء السيارات ليس حبا في الكماليات بل  اضطرارا إلى ما صار ضروريا أو أكثر من الضروري . ولست أدري كيف  يصف المعلق حالة سيارات النقل الكبرى ، وهو يتشهد حين يركبها دون أن تضطره الحاجة إلى ذلك ، لأنه  كما قال يكفيه الدقيق  والخبز ، وهو وقود الراجلين  إذا كانت لقمة العيش لا تضطرهم إلى التنقل يوميا عشرات الكيلومترات على متن نقل عمومي بوسائل كلها في حكم الشائخة التي وافق الحكومة على قرارها  بفرض الضرائب عليها . ويرد أيضا كلام المعلق على أن الحالة الميكاميكية  لسيارات النقل الكبيرة هي سبب الحوادث علما بأن هذه السيارات ـ حسب علمي ـ  تخضع لفحص تقني مرتين في السنة خلاف السيارات العادية ، ولا يمكن أن  يسمح لها  بالتحرك دون الإصلاحات الضرورية . وإذا ما شكك المعلق في الفحص التقني أيضا لا أستغرب  ذلك ما دام الغش  يوجد في مصانع تركيب  السيارات الجديدة التي تستورد قطعا مفككة من بلاد الغير .

وفي الأخير أقول للمعلق إن الذي سن قانون إعفاء السيارات التي يزيد عمرها عن ربع قرن كان حكيما لأنه يعلم علم اليقين أن الذي  يضطر  لامتلاك سيارة كل هذه المدة لا يستطيع بالضرورة دفع الضرائب عنها بعدما دفع ضرائبها مدة ربع قرن  مقابل الحركة فوق طرق  تكثر أخاديدها وحفرها التي  تسبب له أعطالا دائمة لأن المكلفين بتعبيدها  يختلسون المبالغ المخصصة لها ، ويقتسمونها مع مقاولات الغش الفاضح التي  تعبد الطرق بنفس الغش الذي تركب به السيارات في المصانع المغربية . والحكومة اليوم التي  ألغت  قانون إعفاء السيارات التي يفوق عمرها نصف قرن  من الضرائب إنما استهدفت الهشاشة في الصميم  ، وهي التي عبرت عن عجزها وعلى لسان رئيسها لقناة الجزيرة على مواجهة العفاريت والتماسيح الذي  خربوا البلاد وأكثروا فيها الفساد كأنهم ثمود أوعاد . فعوض التضييق على الفئات الهشة نريد من رئيس الحكومة أن  يجرب مواجهة الفئات الصلبة التي تكسر أرنبة أنفه  وترغمه على القول :  » عفى الله عما سلف «   وهو قول لا يستقيم إلا إذا كان قائله  ذا اقتدار ، أما العاجز فلا يناسبه هذا القول . ولو كان رئيس الحكومة منطقيا مع قوله :  » عفا الله عما سلف  » الذي قدمه هدية مجانية للعفاريت والتماسيح  لحافظ على قانون إعفاء السيارات التي يفوق عمرها ربع قرن ، لأنه  يوافق شعاره  » عفا الله عما سلف  » . ولست أدري ما قول رئيس الحكومة في نوع من السيارات تعتبر خارج القانون  بامتياز، بل فوق القانون، وهي  سيارات تهريب النفط من البلد الجار وغيره من السلع المهربة ، والتي تتحرك  رغم أنف القانون  ، ولا تملك أوراقا ولا أضواء ولا لوحات ترقيم …. ، ومع ذلك فهي  مصدر ريع  كبير للذين أوكلت إليهم مسؤولية حراسة الحدود .

والحكومة اليوم التي  ألغت  قانون إعفاء السيارات التي يفوق عمرها نصف قرن  من الضرائب إنما استهدفت الهشاشة في الصميم  ، وهي التي عبرت عن عجزها وعلى لسان رئيسها لقناة الجزيرة على مواجهة العفاريت والتماسيح الذي  خربوا البلاد وأكثروا فيها الفساد كأنهم ثمود أوعاد

وعلى الوزير أن  ينزل ضيفا على بعض النقط الحدودية في الجهة الشرقية ويسأل  الحمير قبل البشر ،فهي ناطقة  في الجهة  لتجيبه كم تدفع يوميا لتمر محملة  بالسلع المهربة . وعلى رئيس الحكومة أن  يعاين مرور رتل  من سيارات التهريب  المعروفة باسم المقاتلات ، وهي اسم على مسمى ، وهي تمر أمام الدوريات  ـ يا حسرتاه ـ دون أن  تقف  لأنها تقتني الطرق  لفترات زمنية معينة  ، وتعربد فيها كما تشاء  مقابل ما تدفعه من ريع ، وقد أهلكت خلقا كثيرا ،ويتمت أيتاما، ورمت أرامل  ، وألحقت العجز الكامل بالعديد من خلق الله دون أن تجد من يكبح جماحها ،لأنها مصدر  توزيع الريع  بشكل فاضح . أما  أصحاب السيارات التي يفوق عمرها ربع قرن فقد  عادوا إلى دفع الضرائب  بعد إعفائهم منها ، وحتى شهادة الإعفاء التي كانت قد سلمت لهم  صودرت منهم حتى لا يبقى بين أيديهم ما  يثبتون به أنهم  بالفعل  قد استفادوا من الإعفاء في وقت سابق ، علما بأنهم أكثر الناس دفعا للضرائب  بحكم أعمار سياراتهم . وإذا لم يقتنع  المعلق بهذا الرد على وجهة نظره ، فلا أملك إلا أن أتلو عليه قول الله عز وجل : (( إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)) .

وعلى الوزير أن  ينزل ضيفا على بعض النقط الحدودية في الجهة الشرقية ويسأل  الحمير قبل البشر ،فهي ناطقة  في الجهة  لتجيبه كم تدفع يوميا لتمر محملة  بالسلع المهربة . وعلى رئيس الحكومة أن  يعاين مرور رتل  من سيارات التهريب  المعروفة باسم المقاتلات ، وهي اسم على مسمى ، وهي تمر أمام الدوريات  ـ يا حسرتاه ـ دون أن  تقف  لأنها تقتني الطرق  لفترات زمنية معينة  ، وتعربد فيها كما تشاء  مقابل ما تدفعه من ريع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

11 Comments

  1. عبد الله
    19/01/2013 at 11:24

    صدقت يا استاذ، لم يعجبني انا ايضا تعليق المعلق، و كأنه يتبرأ من فئة عريضة في المجتمع و يسخر منها بقوله بما معناه « اللي ما قدرش على السيارة يبيعها و يشري بفلوسها…ز »

  2. متتبع
    19/01/2013 at 12:12

    مقال في الصميم وسأختصر تعليقي فقط على المقاتلات وسأروي مفارقة عجيبة واقعية ، كنت مارا بطريق سيدي يحيي فتفاجأت برجال الشرطة يتفحصون اوراق صاحب سيارة وكاميرا مراقبة السرعة منصوبة الى جانب الطريق ، قلت في نفسي لاباس من ذلك لان هذا الطريق يعرف حركة كبيرة وهذا الاجراء هو لحماية المواطنين من الحوادث بسبب السرعة ، وما اكملت تفكيري حتى ارى مقاتلة محملة بالبنزين تمر امام اعين الشرطة كأنها طائرة الشبح تعجز كاميراالشرطة ضبط سرعتها التي تفوق سرعة الصوت ، فتيقنت ان هذا الاجراء ليس لحماية المواطنين بل هو فخ لاصطياد
    المواطنين البسطاء علما ان رجال الشرطة المكلفين بالمراقبة مفروض عليهم ادخال غرامات خصوصا مع نهاية السنة وهذا الامر معروف لدى العام والخاص

  3. جمال
    19/01/2013 at 15:04

    بارك الله فيك سيد الشركي وفيت و كفيت

  4. Malik chama
    19/01/2013 at 15:43

    إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)) .
    ولكن ليس بمفهوم ما أريكم إلا ما آرى

  5. مدير
    19/01/2013 at 15:51

    نسي كاتب التعليق شيئا مهما وهو البطالة التي تمتصها السيارات الفديمة هل فكر في عدد الشباب الذي يكسب قوته من اصلاح السيارات الشائخة هل يستطبع كاتب المقال وحكومته ات يجدوا شغلا بديلا لكل المشتغلين في قطاع المركبات القديمة : ميكانيكيون وكهربائيون,,,,,دون

  6. هيام
    19/01/2013 at 17:49

    كل القرارات اللاشعبية التي تخوفت الحكومات السابقة من فرضها على الشعب تمرر اليوم باسم الدين

  7. صايم
    19/01/2013 at 19:03

    هذا المقال يستحق التنويه والشكر و نتمنى خالصين ومخلصين ان يصل الى مكتب الوزير حتى يعرف ان في هذا الوطن اقلام لاتطبل ولاتزمر ولاتصفق بل تصرخ وباعلى صوتها ارفعوا ايديكم عن المواطنين الذين لاحول ولا قوة لهم الا بالله الذي خلقهم واتقوا الله في خلقه .حفظك الله من كل س يامكروه

  8. بوغرياطة
    19/01/2013 at 23:45

    هذا المعلق هو من فصيلة  » المخلوقات » التي لا ترى أبعد من أنفها ، و ربما قد تراه عاجزا عن افتناء سيارةمهما كانت حالتها ، أو لا يملك رخصة للسياقة ، وينطبق عليه المثل الذي ينطبق على الثعلب الذي لم يستطع الوصول إلى العنب فادعى أنه حامض .

  9. s-a
    20/01/2013 at 11:57

    لماذا لا تحترمون حرية ثعبير عن الرإي

  10. l'industriel
    20/01/2013 at 18:31

    شعوب افريقبا وبعض العرب شعوب « مكلخة »، متخلفة؛ قاومت الاستعمار والامبريالية الغربيين فألقت بنفسها في أحضان الديكتاتوربات التي استعبدتها باسم الدين والقومية واستغلتها ابشع استغلال وجعلتها تعيش في القصدير ومن القصدير وبالقصدير والى القصدير. من الطبيعي اذن أن يسوقوا ويركبوا عربات من القصدير ولسانهم يقول » ليت الاستعمار يعود يوما فنخبره بما فعلت فينا الدكتاتورية » في حين أن أسيادهم يركبون mercedes, opel, porsh, toyota, audi, ford, 4*4, وزيد وزيد.

  11. أبو أكرم
    20/01/2013 at 21:37

    لقد علقت على تعليق حمداوي عند قراءتي لمقال الاستاذ شركي السابق حول الضريبة على السيارات القديمة وعندما أرسلته تصفحت هذا المقال الجديد الذي اكد ماقلته في حق المعلق الذي هو من قوم غزية الذي تناسى كرئيس حزبه القدرة الشرائية للمواطنين كما تناسى الاساتذة والموظفين الذين ناصروه وها هو اليوم يتنكر لهم وينكل بهم

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *