Home»Enseignement»مداخل إصلاح منظومة التفتيش إلى أين ؟

مداخل إصلاح منظومة التفتيش إلى أين ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

لقد شرع وزراء التربية الوطنية  منذ 2000 يعملون على أجرأة توجهات الميثاق للتربية والتكوين ، وما يهمنا في هذا الباب من بنود هذا المياثق تلك  المتعلقة بهيئة التفتيش ، التي أكدت بوضوح على أهمية الهيأة وعلى ضرورة إعادة النظر في أساليب اشتغالها وتمكينها من الاستقلالية الضرورية ، و الوسائل الإمكانات اللازمة للقيام بمهامها على الوجه المطلوب .وهو ما جاء في  المادة 135  المتعلقة بالتفتيش .

  لقد استغرقت هذه الأجرأة مدة تجاوزت اثنتي عشرة سنة دون تلمس المكانة التي يتحدث عنها الميثاق ، والتي ما فتئ المسؤولون يرددونها في خطاباتهم الرسمية في مختلف المنابر ، ويلبسونها ألوانا مرصعة  من المدح والمديح ويشفعون صنيعهم هذا بتعداد التضحيات والأدوار والمهام المنوطة بهذه الهيأة ، كل هذا لن ينطلي مجددا على الهيأة بعد مرور عقد من الزمن محشو بالوعود الفارغة الجوفاء ، فالكيس لا يلدغ من الجحر مرتين ، وإذا كانت هيأة التفتيش قد لدغت مرات ومرات فهذا لا يدل على غبائها وإنما يدل على بعد نظرها وعلى حرصها الشديد على مراعاة مصلحة المتعلمين ، وعلى حسن نيتها ، وعلى تفاؤلها في إرساء منظومة تربوية يجد فيها كل فاعل وكل متدخل مكانته اللائقة ، ومساحة كافية للقيام بمهامه ، وذلك وفق القوانين والتشريعات الجاري بها العمل ، وهذا ما حذا بالهيأة أن تضع كل  مطالبها تحت شعار الإنصاف ، إلا أن المخاطب – الوزارة الوصية –  في اعتقادي لم يستوعب مدلول الشعار واستمر في أساليب الحوار والتفاوض القائمة على  الوعود الفارغة وربح الوقت  ، وتم بذلك تأجيل الإنصاف بل تم إقباره مع انتهاء مهمة السيدة الوزيرة السابقة ، لتطل علينا الوزارة الجديدة بمحاولة جديدة بعيدة عن كل معاني الإنصاف ، ملوحة بعصا محاسبة الهيأة ومتابعتها ،محملة إياها فشل البرنامج الاستعجالي ، وكانت السيب في ظهور حملة ضد الهيأة  لم يسبق لها نظير ، ليتبدد هذا التوجه من جديد ويبرر بأساليب غير مقنعة من قبيل أن الهيأة لم تدرك مقاصد الوزارة ومراميها  ، ولتنتهي وزارتنا إلى الخطاب السرمدي المتمثل في تمجيدها لأدوار الهيأة ومكانتها داخل المنظومة وتعود كسابقاتها لنسج سلسلة من الوعود .إن تعامل الوزارات المتعاقبة على قطاع التربية والتكوين مع هيأة التفتيش لا يختلف في جوهره ، فجل الوزارات تنطلق من إنكار دور الهيأة ،ومن الوعد والوعيد ، لكن سرعان ما تراجع رأيها لتهتدي إلى أسلوب تكسب به ود هذه الهيأة ، فمثل هبأة التفتيش في المنظومة التربوية كمثل اليتيم ، فكثيرا ما يتقرب الوصي من اليتبم عند الحاجة ليحقق مبتغاه ، فبمجرد أن يحقق ما يصبو إليه يصفعه ويرمي به خارجا .

لقد سمعت بإمعان لعرض المفتشين العامين في موضوع اللقاءات التي يشرفان عليها مع فئات التفتيش بمختلف الجهات يأمر من وزير التربية الوطنية ، وقد كان مضمون العرض الذي تقدما به مشكورين يروم التأسيس لمدخل جديد بإمكانه تفعيل دور الهيأة ، وذلك بإحلالها مكانتها الطبيعة داخل المنظومة ، وقبل مناقشة هذا المدخل الجديد لابد أن أذكر بمختلف المداخل والمحاولات السابقة التي شهدها إصلاح منظومة التفتيش منذ ظهور الميثاق الوطني للتربية والتكوين :

1- المدخل الأول : انطلق بظهور الوثيقة الإطار والمذكرات المنبثقة عنها (113/ 118) ، وهو مدخل تشريعي حاول رد الاعتبار للهيأة ، من خلال علاقتها بالمسؤولين الجهويين والإقليميين ، وحاول طرح هبكلة لها قصد تسهيل عملية التواصل ، وقد وضع هذا المدخل الهيأة في منزلة بين المنزلتين ، فلا هي تنتمي للقطب الإداري ، ولا هي تتمتع بمزاولة مهامها الجوهرية المتمثلة في المراقبة والافتحاص ومساعدة القطب الإداري ، والتدخل عند الضرورة للتقويم .

2- المدخل الثاني : جاء هذا المدخل لأجراة المذكرات ، والعمل على تفعيل المهام الجوهرية للهيأة ، وضمان  اشتغالها وتتبعها لبرامج العمل الجهوية والإقليمية ، وحددت مهام العيأة داخل برامج العمل بوضوح ، لكن سرعان ما تم الالتفاف على هذا المدخل من طرف القطب الإداري وظلت الهيأة قابعة في مكانها ، بعيدة كل البعد عن القيام بمهامها الأصلية المتمثلة في التأطير والتتبع والانتاج والافتحاص والمراقبة …، وتحولت برامج العمل التربوية إلى مسرحية بدون عنوان ، حيث تسطر مجالس التنسيق الجهوية والإقليمية برنامج العمل التربوي على الورق ، وترسم الأكاديميات النيابات برنامج عملها بعيدا عن أنظار الهيأة ، وبذلك نجد في الأكاديميات والنيابات برنامجين ، برنامج وضع من طرف مجالس التنسيق الجهوية والإقليمية ، وهي أجهزة لا تملك الوسائل والآليات لتنفيذه، وبرنامج وضع من طرف الأكاديميات والنيابات ولها من الوسائل المادية والبشرية ما يساعدها على تنفيذه ، بالطبع في غياب المراقبة الداخلية التي هي من اختصاص الهيأة . وبهذا تم الإجهاز على المهام الأصلية للهيأة داخل البرنامج الاستعجالي ، وأنيطت بها أدوار مرحلية . ليقبر هذا المدخل من جديد .

المدخل الثالث : وهو مدخل جديد/ قديم ، نقف عليه في  ثنايا هذا العرض ، فهو في نظر الوزارة مدخل  جديد تراهن  عليه الوزارة من أجل تفعيل دور الهيأة وإعطائها مكانتها الطبيعية داخل المنظومة ، وهو مدخل مرتبط أساسا بالنظام الأساسي المرتقب لأسرة التعليم ، يروم تحدبدا إنصاف الهيأة وتدقيق وظيفتها ومهامها ، يتوخى الفصل بين الجهاز التنفيذي وجهاز المراقبة ويحمل في ثتاياه جملة من الوعود ، وهو في نظرنا قديم ظلت الهيأة تنادي به منذ زمن بعيد ، متشبثة ببنود الميثاق الوطني للتربية والتكوين المعززة لهذا التوجه ، من استقلالية وظيفية ، وتدبير قائم على الحكامة والمساءلة ، وهي محاور زكاها الدستور الجديد وزكاها تصريح الحكومة الجبدة ، فأملنا أن تكون الوزارة الوصية صادقة في توجهها هذا لأن ما نخافه أن يكون هذا المدخل كسابقيه يروم إدخال الهيأة في زمن جديد من الوعود والأحلام ليتم الالتفاف عليه مجددا . ولتستيقظ الهيأة على صفعة جديدة وترمى خارج المنظومة .

                                  اقويدر ختيري – مفتش التعليم الابتدائي –


MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *