تتوق مؤسسات التربية والتكوين التابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ،جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء أن تتحول إلى فضاءات تشع بالعلم والثقافة وقيم المواطنة الصادقة ، وتنبض بالحياة ، يقوم تدبيرها على أسس ديمقراطية في إطار فريق تربوي، وأجهزة متكاملة الأدوار والوظائف والمسؤوليات وتتمحور أهدافها وأنشطتها حول المتعلم ، باعتباره المكون الذي وجدت من أجله هذه المؤسسات التربوية .

والمعروف أن التربية منظومة شديدة التعقيد سواء بسبب علاقتها المتشابكة بالمنظومات الاجتماعية الأخرى، أو بسبب التداخلات بين عناصرها الداخلية : الأستاذ – التلميذ- المادة- المنهج.

وإذا ما تتبعنا حال التربية في العالم اليوم نجد كل المجتمعات ، متقدمة كانت أم نامية ، غير راضية عن حال تربيتها ولم يكن أمام التربية إلا أن تجد مخرجا للأزمة التي هي فيها.

وإن التحولات المعاصرة فرضت، بفضل أدواتها التحليلية المتطورة ، توجها يقضي بانخراط الفاعلين التربويين ، في تنظيف السياسة التربوية ، وفي تطورها والمساهمة في تحقيق أهدافها ، لأن دورهم لا يقتصر على تطبيق القوانين والالتزام بالقواعد ، بل إن عليهم تعليل هذا التطبيق . ولكي يتأتى لهم ذلك فإن أولى المهارات التي ينبغي أن تتوفر عليها أطر الإدارة التربوية ، إعمال الفكر والاجتهاد وما يتفرع عنه من ابتكار وخلق وإبداع ، ونبذ سلوك الإنتظارية والبحث عن المظلة والوسيط في أبسط الأمور.

وتقتضي سياسة اللامركزية و اللاتركيز التي تبنتها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، إعادة توزيع الأدوار بين السلطات المركزية والجهوية والمحلية ،وتحديد المجال والمدى الذي يمكن كل طرف من التحرك والمشاركة وفق ضوابط وقواعد متوافق عليها ،ومفتوحة للاجتهاد فيما يسهم في إنجاز الخدمة العمومية للتربية والتكوين بالفعالية والجودة المطلوبتين .

وإذا كان مفهوم اللامركزية و اللاتركيز لا يعني مجرد تفويض الاختصاصات لأهل الميدان فحسب ، بل يتجاوز ذلك إلى الخلق والابتكار والاجتهاد المتواصل للارتقاء بالفعل التربوي إلى المستوى الذي يمكن من تأهيل النشء الذي نرعاه ، فإن ما فتحه المغرب من أوراش لإصلاح منظومة التربية والتكوين يعد تحولا جذريا هاما لتخريج متعلمين يتفاعلون مع لغة القرن 21 ومستجدا ته وتقنياته بكفاءة وفعالية ، حيث يمكن لنا – في ظل هذا التحول – أن نحدث بأمانة ومصداقية عن :

· إعداد الفرد المؤهل باعتباره مفتاح التنمية الاقتصادية والاجتماعية .

· تطوير الاتجاهات الإيجابية لدى المتعلم نحو القضايا التنموية الرئيسة مثل: مدونة الأسرة –ثقافة حقوق الإنسان –التربية على المواطنة- التربية البيئية- الديمقراطية – الحداثة…

· بناء المواطن المغربي الواعي بحقوقه وواجباته والمشارك في تنمية وطنه.

· إتاحة الفرصة للمتعلم لتعرف طاقاته الكامنة وتنميتها وتوظيفها .

· تشجيع الإتجاهات التي تدعم التسامح والاختلاف البناء.

· تمكين المتعلم من أدوات علمية ومنهجية للتعامل الواعي والناقد مع القيم المعاصرة

وإن ما طرحته منتديات الإصلاح ومختلف الشعارات التي انطلقت منها مواسم الدخول المدرسي، سيحقق لمؤسسات التربية والتكوين بالجهة التميز والإتقان والجودة، باعتماد مقاربات جديدة ستبحث فيها منتديات الإصلاح لهذه السنة، من أجل تطوير مهام و أداء أطر الإدارة التربوية ، لتحقيق الأهداف وتحديد قواعد العمل وتقسيماته ونشاطاته ، وهذا ما يحاول أن يطرحه مشروع مخطط عمل الأكاديمية الذي اعتمد في بنائه توجيهات وقرارات السيد الوزير وخلاصات المداخلات والتوصيات التي تمت خلال اللقاء التنسيقي ، حتى نتمكن في هذه الجهة من :

· تحقيق تعلم نوعي وتعليم متميز للجميع .

· تنمية القدرة على التعلم واكتساب المعرفة وإنتاجها وتوظيفها .

· تعزيز قدرات المتعلم على الحوار والنقاش الهادف وتقبل الاختلاف .

· تعزيز قدرات المتعلم على المشاركة والعمل في فريق والتعايش معه.

· تنمية قدرات الإدارة التربوية على حل المشكلات واتخاذ القرارات الصائبة .

· التنسيق والتكامل بين الخطط والمشاريع الوطنية والجهوية تحقيقا للرؤية التربوية المشتركة .

وإن استثمار الإمكانات البشرية المتوفرة بالمؤسسات التعليمية وفقا لتصورات منتديات الإصلاح، سيعزز رؤية الوزارة في إشراك جميع الفاعلين على المستوى الجهوي والمحلي، في اتخاذ القرارات القمينة بالارتقاء بالمنظومة التربوية مما سيضمن مساهمة جميع الأفراد في بناء الوطن ، باعتبار ذلك، الطريق الآمن لمواجهة التحديات ومواكبة المستجدات بخطى ثابتة وواعدة.

مدير الأكاديمية

ذ/ أحمد بن الزي