لا لثقافة النسيان
انسحاب بريطانيا وانتهاء الانتداب على فلسطين
بقلم يوسف حجازي

http://www2.0zz0.com/2007/05/13/13/70852581.jpg

الانتداب نظام أقرته المادة الثانية والعشرون من ميثاق عصبة الأمم على أساس أن تكون لرغبات الشعوب الاعتبار الأساسي في اختيار الدولة المنتدبة عليها ، وأن يكون تقدم ورفاهية هذه الشعوب أمانة مقدسة في عنق الدولة المنتدبة ، مع الأخذ في الاعتبار أن الشعوب التي كانت تتبع الدولة العثمانية ومنها بالطبع الشعب الفلسطيني قد وصلت في تقدمها إلى مرحلة تؤهلها أن تكون شعوب مستقلة ولذلك تقتصر مهمة الدولة المنتدبة على إسداء النصح والمشورة لهذه الشعوب ، لكن بريطانيا خالفت ذلك كله ، فالشعب الفلسطيني لم يختار بريطانيا لتكون دولة منتدبة عليه ، وبريطانيا لم تلتزم برفاهية وتقدم الشعب الفلسطيني وتؤهله إلى أن يحكم نفسه بنفسه ، ولكنها أصدرت تصريح بلفور وعملت على تحويل بلاده إلى وطن قومي لليهود ، ولما أطمئنت إلى تنفيذ مخططها الاستعماري ألاحتلالي الاحلالي هذا انسحبت من فلسطين ، ولكن انسحابها أيضا كان بشكل يضمن تنفيذ تصريح بلفور وإقامة الوطن القومي اليهودي ، لأنها انسحبت أولا من المناطق والمدن والقرى التي يسكنها اليهود والتي كانت تسلمها بالإضافة إلى الموانئ والمطارات والطائرات والمعسكرات والثكنات العسكرية والمناطق الجبلية والأسلحة والذخائر إلى الوكالة اليهودية ، وهكذا هيأت لليهود فرصة تشكيل إدارة مدنية وعسكرية ، أما المناطق العربية فقد ظلت القوات البريطانية فيها حتى آخر يوم محدد لنهاية الانتداب في 15 أيار 1948 لتمنع إدخال الأسلحة والمتطوعين إلى تلك المناطق العربية حتى لا يستطيع العرب الدفاع عن أنفسهم والتصدي للهجمات الصهيونية المنظمة ، أما المناطق المشتركة بين العرب واليهود فقد كان موقف بريطانيا فيها منافيا لكل الأعراف الدولية والإنسانية لانها كانت تسلمها للعصابات الصهيونية ، وهكذا كان المشروع الصهيوني في الأصل والنهاية يعتمد على قوة بريطانيا ووجودها في فلسطين ودعمها له حتى بعد خروجها وانتهاء الانتداب .