Home»Enseignement»ازدواجية التعليم

ازدواجية التعليم

0
Shares
PinterestGoogle+

اشكر التلفاز المغربي, الذي أوحى إلي بهذا العنوان, حين بث في إحدى نشراته خبرا مفاده, أن ثلاثين طفلا ,وطفلة, دون السادسة عشر من عمرهم, قضوا- صيف هذه السنة- عطلتهم في لندن ,من أجل تعلم اللغة الإنجليزية , والتعرف على حضارة , وثقافة الإنجليز,والاطلاع على فكرهم ,وأفكارهم,كما سرحوا في استجواب أجري معهم, تم باللغة الإنجليزية, التي كانوا يتكلمونها بطلاقة غير معهودة, في مدارسنا حتى عند بعض الأساتذة .وبدون شك ,هناك أطفال آخرون, من شريحتهم, وطبقاتهم,أغفلتهم الكاميرا,قضوا عطلتهم ,في أمريكا ,أو فرنسا, أو كندا… من أجل الغرض نفسه.
وبعد هذا الخبر مباشرة –وبوعي أو بدون وعي من رئيس التحرير- بثت التلفزة المغربية صورا, لبراعم بريئة,هم أقرب إلى الملائكة منهم إلى الآدميين , ألبسوهم ملابس الشيوخ, وقالوا عنها تقليدية .وهم يرقصون على أنغام موسيقى شعبية ,تزعج و لا تطرب, ولا تريح.
قلت في نفسي سبحان الله,هؤلاء يستغلون العطلة, في تحصيل العلم, والتعلم, والاطلاع على حضارة ,وثقافة الآخر…وكأني بهم يتدربون على مهنة المستقبل, التي سيرثونها.( مع ضمان عدم وجود أي منافس لهم): وهي الحكم, والتمثيل الدبلوماسي, والسيطرة على مراكز القرار…تكريسا لنظرية أبناء الخيام الكبار الاستعمارية,التي من أهدافها إعادة إنتاج الطبقات البورجوازية المسيطرة, والهيمنة على المجتمع.أما أولئك, فيتكونون ليصبحوا فلكلوريين ممتازين. ربما يحتاجهم المجتمع في تنشيط مواسم فلكلورية موجهة للاستهلاك السياحي, وأعراس شعبية, برقصهم, وأغانيهم التي لا تخلوا من فحش, وقلة حياء.وإن كانوا محضوضين , تفرج عليهم السائح الغربي ,الذي لا يرى فيهم سوى ذلك الجانب الأنطربولوجي, الذي مازال يحافظ على تقاليد, وعادات ,الإنسان البدائي.فهم بالنسبة إليه كائنات بدائية, تاريخية تستحق الالتفاتة, من أجل الاطلاع, لا من أجل الطرب ,والمرح .
إن المواطنة الحقة, تفرض علينا عدم التمييز, بين أبناء الوطن, في جميع الحقوق والواجبات ,وتضمن لهم حرية الاعتقاد, والتدين, والتفكير, وإبداء الرأي الحر, وتمكنهم من المشاركة في التنمية السياسية ,والاقتصادية ,والاجتماعية, دون تحيز لأي فئة ,أو طبقة, مهما كانت مكانتها الاجتماعية, والسياسية.وهذا ما يقوي شعور الأفراد بالانتماء إلى الوطن ,ويضفي عليهم حالة من الاستقرار, والاطمئنان, وعند ذلك فقط, يكونون مستعدين للتضحية بكل غال, ونفيس, من أجل الدفاع عن دين, وقيم , وكل مكتسبات وطنهم, الذي تشبعوا بثقافة الانتماء إليه ,لأنهم سيدركون أن عزتهم وكرامتهم لا تكون إلا بإعلاء عزة, وشأن الوطن.
إن ازدواجية المواطنة, تؤدي حتما إلى ازدواجية التعليم ,والعكس صحيح. لأن هناك علاقة جدلية بينهما. يمكن لنا التأريخ لهذه الازدواجية, ابتداء من الحقبة الاستعمارية التي بذل خلالها الاستعمار, كل ما في وسعة للتمييز بين فئات المجتمع, وذلك بخلق تعليم نخبوي, طبقي, يهدف إلى نشر الثقافة الفرنسية,و ضمان استمرارية سياسته الاقتصادية والثقافية في المنطقة على المدى البعيد. يقول هاردي في لقاء له بمكناس مع جماعة من الحكام الفرنسيين سنة 1920:( بواسطة اللغة الفرنسية سنتمكن من ربط التلاميذ بفرنسا) [بتصرف عن الدكتور خالد الصمدي-جوانب من تأثير الفرانكفونية في نظام التربية بالمغرب-] وهذا ما تنبهت له الحركة الوطنية. فسارعت بإنشاء مدارس حرة, لتعليم اللغة العربية, وضمان خلق جيل حر ذو ثقافة وطنية, وعيا منها بوجود علاقة وطيدة بين اللغة, والفكر, والمجتمع.فأصبح هناك تعليم حر يعتمد اللغة العربية, في تلقين المواد الدينية, والأدبية, والعلمية, مقابل تعليم حكومي يعتمد اللغة الفرنسية ,لتحقيق مشروع الاستعمار, الذي يهدف إلى نشر فكره, وثقافته .وبالتالي تحقيق مبتغاه ,الذي يرمي إلى ربط, وتحويل مصالح الشعب المغربي لصلح قضيته الاستعمارية.
هذا الصراع بين تعليم وطني, يهدف إلى أسلمة النظام التعليمي, و تمسك الأجيال القادمة بالروح الإسلامية ,والهوية الوطنية. و آخر استعماري ينشد المحافظة على مصالحه الاقتصادية, والثقافية ,أدى إلى تراكمات سياسية تعليمية عرقلت كل محاولات الإصلاح التعليمي, منذ الاستقلال إلى اليوم, رغم المجهودات التي بذلت في هذا الإطار.يقول الدكتور خالد الصمدي:(هذه الازدواجية بين الحماس الديني والوطني ,وثقل التركة الاستعمارية ,أثرت ولا زالت تؤثر في مشاريع البناء والإصلاح على جميع الأصعدة.ويمكننا أن نلمس هذا التأثير على صعيد التعليم في تعثر مشاريع الإصلاح المتوالية, منذ عهد الاستقلال ,والتي لم تستطع بناء نموذج تعليمي واضح المعالم ,محدد المقاصد والغايات, يستمد مشروعيته من الأصالة المغربية ,ويجد امتداده في المعاصرة المتوازنة .فكان الاضطراب ,هوا لسمة الغالبة في التعامل مع كثير من القضايا المفصلية في النظام التعليمي ,وطغى هاجس التفاوض, والتوافق عل مشاريع إصلاح التعليم, بين التيار الفرنكفوني الذي يجد سنده في المعاهدات المغربية ,الفرنسية ,غداة الاستقلال من جهة, وتغلغله ونفوذه في مراكز القرار والسلطة من جهة أخرى, وبين التيار الوطني المدعوم شعبيا والمفتقد لأدوات الضغط الإدارية الكافية للتأثير في صياغة المشاريع وتنفيذها )[مرجع سابق] ليس من باب الصدفة أن يكون كل النواب, ورؤساء الأقسام ,والمصالح, والأكاديميات, لهم تكوين فرنسي, وهم الذين بيدهم قرار إصلاح التعليم.إن الازدواجية في التعليم تظهر في أكثر من صورة, فهناك التعليم التقني, والتعليم العام, وهناك التعليم الديني الأصيل, والتعليم العلمي والأدبي الدنيوي ,والتعليم العمومي بشقيه القروي والمدني, والتعليم الخاص الاستثماري, خصوصا منه الغربي, الذي يهدف إلى طمس هوية وتراث المجتمع,…هذه الأنواع من المختلفة من التعليم, التي يصعب معها توحيد المعايير. تكرس عدم تكافؤ الفرص وهدرها, وتنعكس بالسلب على المجتمع, إذ تؤدي إلى ظهور أجيال غير متجانسة, منقسمة على نفسها , متعددة المواقف تجاه قضايا مجتمعها المصيرية, غريبة عن أمتها ,عاجزة عن معالجة الأزمات التي تتخبط فيها. تعاني من التشتت في ثقافتها, لغياب النسق الموحد لهذه الثقافة.
أمام تردي نوعية التعليم كيفا, وكفاءة, وخاصة في المجتمع القروي. إذ نلاحظ نقصا واضحا في الإمكانات والوسائل مع صعوبة الظروف التي يعمل فيها المربون (أحيانا يعمل المعلم مع 6 مستويات في نفس الحصة .هؤلاء يكتبون, و أولائك يقرؤون ,والآخرون ينجزون التمرين, وهكذا…وتكون النتيجة حتما سلبية.ا)وهذا ما يفسر ظاهرة التسرب بعد الالتحاق بالإعدادي .لأن التلميذ القروي يجد نفسه متجاوزا معرفيا, ودون مستوى صديقه المحضوض,الذي تلفى تعليمه بالمدينة, وفي ظروف أحسن بكثير, من تلك التي يعاني منها تلميذ, ومعلم المجال القروي. وهذا ما يصرح به الآباء عندما تسألهم عن ضعف أبنائهم الدراسي فيجيبون:ل[ في العروبية عندنا ماكانش القراية ]. على الرغم من الدعاية المكثفة لنشر التعليم, في المجال القروي والاهتمام به. فإن الهدف السياسي لتعليم, وتثقيف الجماهير المنتشرة بشكل عشوائي في البوادي,( في تقديري على الأقل) ليس إجباريا ,ولا ضروريا, إلا بقد رما يتطلبه المحيط ألفلاحي, والرعوي, وبقدر ما تسمح به الظروف الاقتصادية, والاجتماعية, للجماهير الشعبية والتي غالبا ما تكون كارثية.نظرا لظاهرة الجفاف المستديمة ,وانتشار البطالة, وكثرة العيال…
إن تحقيق العدالة في التعليم, بات أمرا مشكوك فيه, لأن الدولة تنصلت من دورها الريادي في احتضان التعليم, وتبنيه ,كما كان الأمر سائدا منذ الاستقلال إلى أواخر التسعينات, وبدأت تسلم زمام أمره بالتدريج, إلى أصاب الأموال, والمقاولين الذين لا علاقة لهم بالتربية, ولا صلة لهم بقطاع التعليم .صحيح أن التعليم ألمقاولاتي, إن صح هذا التعبير, قد يخفف العبئ عن الدولة, ويقلص حجم التزاماتها تجاه التعليم العمومي ,الذي ضل إلى يومنا هذا مجانيا .لا سيما وأن هذا التعليم الخاص, لم يعد قاصرا على مرحلة الروض, والابتدائي, بل طال الإعدادي ,والثانوي ثم انتقل إلى العالي.و شجعه على الانتشار الحملات الإعلامية, التي تنظم لصلحه عند بداية كل موسم درسي, وما يعرفه التعليم الحكومي من مشاكل أريد لها أن تكون مستعصية, كالتسرب المدرسي ,والانقطاع المبكر,وكثرة الغياب, وإضرابات رجال التعليم… إلى جانب الاستفادة من بعض المزايا المختلفة, كالإعفاء الضريبي, والدعم المادي.الشيءالذي أدى إلى تزايد الإقبال على فتح مؤسسات تعليمية خاصة ,استطاعت استقطاب أبناء الطبقة البورجوازية والمتوسطة, رغم معاناتها من ضعف التأطير, ونقص الخبرة, وقلة التجهيز, وغياب الجودة على صعيد المنهج والمرد ودية .لأن الآباء يعتقدون أن ما تقدمه المدارس العليا والجامعات -جامعة الأخوين مثلا- من مادة تعليمية ,هو أفضل بكثير مما يدرس في الجامعات, والمؤسسات العامة. إلى درجة أن الطالب الجامعي, أصبح ينعت بالمشروع الفاشل. مع العلم أن جل خرجي هذه المدارس الخاصة, يكون مستواهم دون مستوى خريجي الجامعات العمومية.( قارن بين خريجي مدرسة المحمدية للمهندسين, وبين خريجي غيرها من المدارس الخاصة)
إن سياسة التعليم تتبنى الازدواجية, دون الإفصاح عنها. لأنها لا تتيح لأبناء الوطن الواحد نفس الفرص, وذلك للتفاوت الصارخ بين المواطنين في الإمكانات المادية.فأبناء المقهورين, لا يتوفرون على الكتاب المدرسي, ولا على الدفتر, ولا حتى على قلم الرصاص . ناهيك عن الاكتضاض الأسري في البيت الواحد وظروف مراجعة الدروس فيه. ولا زلت أذكر قول الأستاذ الفرنسية سنة 1980:( أنا ضد تعليم الفقراء, فالعلم يجب أن يكون حكرا على أبناء الأغنياء.)- وكانت غاضبة من تلامذتها لأنهم لا يتوفرون على الكتاب المدرسي – بينما أبناء المحضوضين ينعمون بالدروس الإضافية ,في جميع المواد, ويتكلمون الفرنسية, والإنجليزية, في منازلهم, وفي نواديهم ورحلاتهم بطلاقة, فتصبح المؤسسة بالنسبة إليهم امتدادا لبيوتهم. فلا يتعثرون في مسيرتهم الدراسية. وعند ذلك يعتقدون أنهم موهوبون, وأذكياء, لا يجاريهم أحد من أبناء الشعب المهمشين .الذين لو أتيحت لهم الفرصة, كما حدث ذلك في أواخر الستينات, وأوائل السبعينات, لحققوا حلمهم, ولوصلوا إلى مناصب عليا ضلت حكرا على أبناء الطبقة البورجوازية.
فهلا فكرت الوزارة الوصية عن التعليم و أصحاب القرار في سياسة تعليمية تردم الهوة بين التعليم النافع والتعليم غير النافع؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. يحي بنضيف
    08/11/2006 at 23:21

    جازى الله اخانا عمر على بسط هدا الموضوع وليسمح لي بالتدخل فيه فان اصبت فمن الله و ان اخطات فمن نفسي. اولا اشاطرك الرأي في مجمل ما دهبت اليه من افكار.فالتعليم بالمغرب كان مخططا له سلفا من المستعمر البغيض حتى يخدم مصالحه حتى وهو بعيد عن بلادنا .فلقد أدخل لغته الحاملة لثقافته وقيمه و تصوراته وفلسفته في الحياة وضمنها في برامجنا … وعجزنا امام مخططاته ففي بداية الاستقلال رفع الوطنيون شعارات كالتعميم و المغربة والتعريب.. فاين نحن من كل دلك بعد نصف قرن من الزمان؟ صحيح ان هناك بعض التطور في بعض الجوانب من تعليمنا الا ان الامور الجوهرية لا زالت تراوح مكانها ففي مجال القيم ها نحن نشتكي من سوء الاخلاق لابنائنا و بناتنا وهاهي المدارس تعاني من العنف ومن الاعتداءات على مرأى و مسمع الجميع
    فمن المسؤول ؟ لا شك ان برامجنا التعليمية لها نصيب من المسؤولية في دلك .كما ان الهدر المدرسي والفقر والبطالة والتهميش والحرمان يدفع بالعديد من الشباب الى التهور والانتقام من المدرسة كمؤسسة اجتماعية تكرس واقعا معينا مرفوضا. زد على دلك مسؤولية الامن و الاباء والفاعلين الجمعويين كل في مجاله .
    ما فتئ الجميع يدعو الى التواصل بين كافة الاطراف للجلوس وطرح ما يعانيه المجتع من مشاكل في ميدان التربية والتكوين. فهل من ادان صاغية وعقول و اعية ؟

  2. عبد المجيد بناحمد ( مفتش تربوي )
    09/11/2006 at 13:12

    تحية وسلام الى الأخوين: بنضيف وعمر ،
    وبعد ، ان تدخلي هذا ينصب بالأساس على كون الكون ليس مرده الى البرامج والمقررات التي أنبتتها يد المستعمر ، ولكن الأمر يتعلق بأمور أخرى أعتقد أنها السبب المباشر في تزايد ظاهرة العنف المدرسي [ في الساحة المدرسية ، وبقرب باب المؤسسات ] وأذكر منها ما يلي :
    ـ الحرية التي زادت عن حدها فانقلبت الى ضدها .
    ـ التقزيم الذي أصبح قطاع التعليم يعاني منه وهو مقصود لفتح الباب على مصراعيه أمام (الاستثمار ) عبر الترخيص للمدارس الخصوصية .
    ـ اهمال فكرة تشغيل المتعلمين في أوقات الاستراحة بأداء الصلاة كما كان معمولا به في وقت مضى .
    – تملص الإدارة المدرسية من عملية تحمل المسؤولية والقيام بالحراسة وزجر كل مخالف للقانون الداخلي للمؤسسة ،والانشغال بتناول الشاي والحلوى والحرشة وغيرها مما هو معروف لدى العام والخاص ، علما بأنني لا أعمم .
    ـ الانفلات الأمني وتزايد السيبة ومظاهرها كثيرة لا تعد ولا تحصى لأنها أصبحت موجودة في السوق والشارع العام والأحياء والمؤسسات العمومية …
    ـ اهمال الأسرة لتتعبع سيرة وسلوك ومواظبة أبنائها وبناتها ، وعدم اتصال الآباء بالإدارة قصد الاستفسار عن تغبيهم أو حضورهم وعن مستواهم بصفة عامة كما كان الشأن عليه عند آبائنا .
    ـ تزايد قاعات وأندية اللهو التي يرخص لها في الأحياء وفي مقابل باب المؤسسة التعليمية ، مما ساهم في تخلي ا الجيل عن الدراسة لتعويضها بألعاب الحاسوب التي لا تجديه نفعا .
    وللحديث بقية ، أترك المجال للإخوة قصد النقاش واثراء هذه الأفكار ، والسلام عليكم .

  3. محمد حومين
    09/11/2006 at 20:54

    لقد استفزني مقال الأخ حيمري وذكرني بالماضي القريب الذي كنا نناضل فيه من أجل تحقيق الأهداف الوطنية الإستراتجية للمدرسة العمومية المغربية والمتمثل في التعريب والمغربة والتوحيد والتعميم وكان نضالنا الصعب والمرير,يوم كان النضال نضالا وكانت « الشمة بقطع الأنف ».يوم كان الناس يموتون من أجل الآخرين, كان نضالنا شكل من أشكال الاعتراف لهذه المدرسة بفضلها علينا نحن الذين درسنا في ظروف صعبة يستحيل على جيل اليوم تصورها خاصة نحن الذين جئنا من البوادي ,نحن أبناء الشعب الفقراء الذين كان أعلى منصب نحلم به هو « الركوب » معلما أو دركيا .وكما قال لي أحد الزملاء إن الفضل يعود للمدرسية العمومية التي أنقدتنا من « الصابة والبالة والفاس »لأن موقعنا الطبقي لم يكن يسمح لنا بالولوج إلى مناصب أكبر من ذلك.علينا أن نعترف وبكل موضوعية أن » مدرسة الحماية »(رغم أنني لست من أنصارها ولدي مآخذ عليها والاستعمار يبقى استعمارا ولن أسقط في تمجيد الاستعمار) وحتى الستينات مكنت العديد من أبناء الطبقات المسحوقة من ولوج مناصب عليا وشكلت بالتالي وسيلة للتسلق الطبقي وتقليص التفاوت الطبقي الفاحش نسبيا.لكن مند ثلاثين سنة كل الإصلاحات التي عرفها حقل التعليم ابتعدت عن الواقع المعيش تدريجيا وساهمت في توسيع الهوة بين الذين يملكون والذين لايملكون وتخصصت مدرستنا العمومية في تخريج العاطلين وأصبحنا أمام مدرسة بسرع متعددة .عندما يرانا البعض نناضل من أجل هذه المدرسة يستغربون نضالنا وكفاحنا من أجل هذه المدرسة التي يريد البعض بيعها في المزاد العلني كما بيعت بقية مجوهرات العائلة… فكان ردنا دائما أن « لحم كتفنا » من فضل هذه المدرسة العمومية, وأن من جملة ما تعلمناه من هذه المدرسة…الوفاء والإخلاص وحب الوطن والخوف عليه لأننا قد نتساوى فى حب الوطن لكن يستحيل أن نتساوى في الخوف عليه وبدون مزايدة فأنا من الذين يخافون على هذا الوطن الذي لاأملك إلا هو.ولايهمنا من يدرس في لندن أو باريس أو كندا أو جبال الوقواق لأنه » لايبقى في الواد سوى حجارو ».

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *