Home»Enseignement»الدخول المدرسي الجديد ومعضلة الموارد البشرية

الدخول المدرسي الجديد ومعضلة الموارد البشرية

0
Shares
PinterestGoogle+

لقد أصبح من المألوف أن تعرف المؤسسات التربوية مع بداية كل موسم دراسي مشكلة تتعلق بالموارد البشرية ؛ وهي مشكلة تعقدت حتى صارت معضلة مستعصية على الحلول ؛ ويتعلق الأمر بكل بساطة ومع الأسف الشديد بعملية سوء التوزيع التي خلقت مصطلحا جديدا لم يكن معروفا من قبل وهو ما يسمى بعملية إعادة الانتشار؛ وهي عملية تتوخى رد الأمور إلى نصابها بحيث يحسن توزيع الموارد البشرية فتنال كل مؤسسة تربوية نصيبها من الأطر المختلفة سواء تعلق الأمر بالإدارة التربوية أم بالتدريس أم بمهام لها علاقة بقطاع التربية. ولما كانت الدراسة تتوقف أساسا على عنصر التدريس فان المعضلة تتمركز في فئة المدرسين وان كانت تمس باقي الفعاليات كما سنبين.
لقد أدى سوء التخطيط وهو عادة استحكمت في وزارتنا الوصية ؛ ومعرفة سوء التخطيط من حسنه لا تتجلى من خلال مديرية تسمى مديرية التخطيط ولا من خلال تقارير لا تعدو صب الحبرعلى الورق بل يتعلق الأمر بواقع معيش ؛ فهذا الواقع هو وحده الكفيل بالحكم على حسن أو سوء التخطيط . فقبل عقود كانت مراكز التكوين المختلفة تلقي بالخريجين الجدد إلى جانب آليات التوظيف المباشر من أجل امتصاص ضغط البطالة المستفحلة منذ عقود في أوساط حاملي الشهادات ؛ وكان نصيب المدن الكبرى من الخريجين يفوق نصيب البوادي لعدة أسباب اجتماعية واقتصادية ….الخ وقد استغلت ظروف نشر أطر هذه الوزارة على ربوع البلاد فكان سوء التوزيع الصارخ الذي استغنى منه تجار المناصب على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي ؛ ولا زالت الذاكرة تحتفظ بأخبار الرشاوى المخجلة التي كانت لا تتجاوز أحيانا ألف درهم تقدم لمسئول بواسطة عون أو سائق يقوم بدور الوسيط ليتم نقل موظف من منطقة إلى أخرى على حساب الموضوعية والنزاهة والضمير المهني ؛ ولو فتحت التحقيقات في هذا الباب وهو ما يجب أن يكون لكانت أكبر محاكمة في تاريخ وزارة التربية الوطنية.
وعندما استفحلت ظاهرة ما يسمى بالفائض عمدت الوزارة إلى مذكرة تزعم فيها أنها عمدت إلى توفير الأطر بشكل فوق الحاجة وسمتهم الاحتياطيين ؛ وقد حاول بعض المسئولين خلال بعض السنوات تشغيل مدرسين اثنين داخل القسم الواحد على غرار سائق الحافلة ومساعده ؛ وظهرت العديد من المهام لهذه الفئة منها الدعم وهو حق يراد به باطل إذ لا وجود له على أرض الواقع حتى أن بعض جداول الحصص تعبأ بحصص تسمى الدعم ولا دعم ولاهم يحزنون ؛ ومنها البحث وهو أدهى من الدعم ؛ ومنها التعويض …إلى غير ذلك من المهام التي خلقتها ظاهرة الفائض عن الحاجيات بسبب سوء التدبير وسوء التوزيں وأكثر من ذلك بدأ الحديث عما يسمى بالأشباح الذين أحصاهم وزير سابق ووعد بملاحقتهم كما يلاحق الساحرالمردة ويحرقهم ولكنه عوجل بإقالة مفاجئة فظل ملف الأشباح معلقا وازداد عددهم سنة بعد أخرى حتى جاءت المغادرة الطمعية كما أسميها فكانوا أول المستفدين وتمت تسوية شبحيتهم بشكل يحفظ ماء الوجوه ؛ ولا زال منهم بقية ينتظرون وما بدلوا تبديلا.
وكثر اللغط هذا الموسم بعدما فشلت كل المحاولات في مواسم سابقة لحل معضلة الفائض أو بالأحرى سوء التوزيع بحيث كانت الوزارة تعمد إلى لقاءات على مستوى النيابات تستمر لأيام ولأسابيع في النقاشات الساخنة بين الفرقاء النقابيين وبين الإدارة حول ما يسمى بإعادة الانتشار وظهرت عادات وتقاليد ومعايير غريبة عجيبة لا قبل لقطاع التربية بها من أجل عودة الأمور إلى نصابها واستغلت هذه العملية لتحقيق مآرب والحصول على امتيازات حتى صار بامكان البعض تبوأ مناصب لم تكن في الحسبان لولا ركوب قضية إعادة الانتشار فكم من مقايضة تمت بين الإدارة والفرقاء من أجل حلول ترقيعية نال بموجبها المفاوضون ما أرادوا من امتيازات وظلت دار لقمان على حالها وههنا أيضا لو فتح التحقيق لكانت محاكمة من نوع آخر لا تقل عن سابقتها المشار إليها أعلاه.
كالعادة استصدرت مذكرة جديدة تأمر بتوزيع الحصص الكاملة وتشغيل الضروري وليس المتوفر؛ واختلف الإداريون في فهمها فمنهم من فيض الفائض إذا صح التعبير ومنهم من ركب الجداول القابلة للتفكيك تحسبا لما سيكون بعد نهاية شهر شتنبر؛ واعتمدت معايير لإلغاء تقليد كرس طويلا وهو ما يعرف بآخر من التحق الذي تسبب في الكثير من المشاكل وخلق الكثير من الاحتقانات ؛ واختلف حول هذه المعايير الفرقاء فقبلها من قبلها ورفضها من رفضها خصوصا وقد طرحت بصيغة يفهم منها التشاور لا التطبيق. وبالرغم من كل هذه الجعجعة المفتقرة للطحن ومن خلال الزيارات الميدانية تم الدخول المدرسي في ظروف لا زالت تعرف ضغط معضلة إعادة الانتشار إذ عرفت بعض الجهات خصوصا في القطاعات القروية غيابا شاملا للمدرسين مع وجود فائض عن الحاجيات في القطاعات الحضرية ؛ وحتى داخل هذه القطاعات يوجد نقص هنا وفائض هناك ولكن التلويح بالعصا النقابية وبعصا المحاكم الإدارية جعل المسئولين في حيرة من أمرهم خصوصا وأن الوزارة نفضت يدها من المشكل فهي تتعامل مع المسئولين في الجهات والأقاليم بلغة الإحصاءات دون اعتبار التوزيع ؛ فهي بالفعل قد وفرت ما يلزم ولكن التوزيع أصبح معضلة من حاول من المسئولين التعامل معه بالجدية المطلوبة في مسئول اتهم بإثارة المشاكل وحسب عليه ذلك عجزا وسوء تدبير وربما هدد بالإقالة لأنه لا يحسن التصرف ؛ وبهذا تظل المعضلة قائمة والويل لمن فكر في فكها.
قد يقول القائل إن من يشملهم الفيضان إذا صح التعبير ليسوا مسئولين عن وضعياتهم فهناك ظواهر اجتماعية قد تكون وراء ذلك كالهجرة من القرى إلى الحواضر ؛ وكإغلاق المناجم وتسريح العمال … الخ فهذا صحيح ولكن هل يكون مبررا لدوام الحال وهو خلل والحالة أن جهات أخرى في حاجة إلى موارد بشرية لا مندوحة عنها ؟
إننا ننتظر العصا السحرية التي ستبخر المعضلة في مجال التدريس وهو الأهم والأخطر؛ أما المجالات الأخرى كالإدارة على اختلاف أطرها والإشراف والتأطيرفلا نتحدث عنهما فحالهما غير خاف ويكفي أن يزهد الناس في الإدارة لمعرفة الحال؛ ويكفي أن يعرف توزيع المناطق بين المفتشين لمعرفة الحال .
فإلى أن يأتي زمن التفكير بجد في هذه المعضلة نرجو أن تؤخذ مصائر ناشئتنا في الاعتبار ولا يكفي أن يسرد علينا مسئولو الجهة المعضلة كل موسم ؛ ويقولون اللهم هذا منكر فإذا لم يغير المسئول المنكر فهو المنكر بعينه.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. متوجع من التعليم
    19/09/2006 at 18:34

    وجع القلب هو التعليم, والتعليم هو وجع القلب.

  2. حارس عام للخارجية
    29/09/2006 at 21:58

    إن كل دخول مدرسي أصبح أسوأ من سابقه،والجودة أصبحت جلدة.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *