Home»Enseignement»مقالات في قضايا التربية والتعليم بالجهة الشرقية (3) من أجل تصالح التعليم مع التربية

مقالات في قضايا التربية والتعليم بالجهة الشرقية (3) من أجل تصالح التعليم مع التربية

0
Shares
PinterestGoogle+

من بين الأهداف الواردة في المخطط الاستعجالي ”ترسيخ قيم المواطنة لدى المدرسين والتلاميذ، وضمان سلامتهم وأمنهم داخل المدرسة“ ولن يتم ذلك إلا ب”الانخراط القوي للفاعلين في الميدان لضمان تطبيق الإجراءات المحددة“. وكان على المجلس الأعلى للتعليم برئاسة الأستاذ مزيان بلفقيه أن يستعمل ألفاظا أكثر قوة ووضوح كمصطلح الاستقامة الوارد في الميثاق الوطني للتربية والتكوين أو مصطلح التربية أو الصلاح أو الأخلاق عوض كلمة المواطنة التي تحمل أكثر من معنى وقد لا تعني شيئا بالنسبة لكثير من المتعلمين أو حتى المدرسين. ولن ينخرط أحد في شيء لا يفهمه. ولهذا نسمع دائما عبارة »إنهم لا يريدون الإصلاح الحقيقي »، « إن تعليمهم فاشل »، « إنهم يحصدون ما زرعوه »، وكأن الجميع يتبرأ من هذه السياسة التعليمية ويرفض الانتساب إليها. والحقيقة أن الاتجاهات العلمانية واليسارية التي تهيمن اليوم على القطاع وتسيطر على مراكز القرار والتوجيه في مفاصل الوزارة تصر على التغاضي عن أصل المشاكل ومربط الفرس ألا وهو ضمور الجانب التربوي لدى المتعلمين مما ينعكس سلبا على مردودية وجودة التعليم، وتحاول الهروب إلى الأمام بالتستر وراء خطاب ديماغوجي لا يسمن ولا يغني من جوع. والنتيجة ما نشهده اليوم في مؤسساتنا التعليمية من مظاهر العنف والتمرد على القوانين والقيم والغش في الامتحان والميوعة والتحرش الجنسي وتعاطي المخدرات والرغبة في الفرار الجماعي من هذا الوطن. إن بعض الاتجاهات الاستئصالية تلعب بالنار لأنها تحرم جيلا بأكمله من حقه في سلوك قويم وبيئة إيمانية ومحيط نظيف. إن التعليم حاليا يراد له أن يتجرد من التربية والأخلاق ولذلك لن يزيد إلى الأمام قيد أنملة. ولا أدل على ذلك من نتائج الباكلوريا والتي عرفت تدهورا في السنين الأخيرة بأكاديمية الجهة الشرفية . فقد انخفضت نسبة النجاح في نيابة وجدة –أنكاد من 38.60 % سنة 2007 إلى 35,78 % سنة 2008، وفي نيابة جرادة من 40.74 % إلى 34,78 %، وفي نيابة فيجيج من 30.16 % إلى 29,30 %، وفي نيابة الناضور من 53.72 % إلى 45,96 % وفي نيابة بركان من 38.84 % إلى 36,75 %. طبعا هناك أسباب أخرى لهذا التدهور في المستوى ولكن لا أحد ينكر أهمية الجو العام للدراسة على المردودية والتحصيل.

وكلمة « تربية » من حيث مدلولها اللغوي تنتمي إلى الجذر الثلاثي  » رَبَ وَ » والفعل منه « ربى » وهو في جميع تصاريفه يدل على معاني النمو والزيادة، يقول الله تعالى: »وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله » (الروم 39) أي ليزيد في أموال الناس فإنه لا يزيد عند الله. وسمي الربا ربا لما فيه من الزيادة على رأس المال.  

ويقول الله تعالى: « يمحق الله الربا ويربي الصدقات » (البقرة276) أي ينمي الصدقات ويزيدها بمضاعفة أجرها. والربوة ما ارتفع من الأرض، وسميت بذلك لما فيها من الزيادة التي بها ارتفعت عما جاورها.

والفعل « ربّى » مضعّف يتضمن معنى التدرج والتعهّد المستمر. ‏وتربية الإنسان بتعهّده بالرعاية بكل ما من شأنه أن يحقق نموه في كل مجالات النمو، وقد ورد ذكر التربية بهذا المعنى في القرآن الكريم؛ يقول الله تعالى على لسان فرعون مخاطبا موسى عليه السلام:  » أَلم نربِّك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين؟ » (الشعراء18)

ويقول الله تعالى أيضاً: « وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا » (الإسراء 24)

أما التربية في اصطلاح التربويين فقد عرّفت بتعريفات كثيرة بينها تقارب وتباعد، وليس هذا مقام تتبع تلك التعريفات، غير أن التعريف الذي أراه مناسبا هو أنها « عملية يتم بها الانتقال بالفرد من الواقع الذي هو عليه إلى المثل الأعلى الذي ينبغي أن يكون عليه ». وإسهاما منا في النقاش الدائر اليوم حول إصلاح التعليم، نقترح بعض الإجراءات العملية التي من شأنها تقوية الجانب التربوي والأخلاقي لدى المتعلمين وما المواطنة إلا جزء بسيط من الأخلاق بالمفهوم الشامل الذي نقصده: 

*على مستوى الإدارة التربوية:1-تفعيل دور المدرس وإعادة الاعتبار له وتوقيف مسلسل الاتهام بالتهاون والتقصير (المخطط الاستعجالي…). 2-تغليب منطق الحوار والتشارك على منطق النزاع وأخذ الحقوق بالقوة .3-تنظيم جائزة الإبداع الأدبي والفني وتكريم المتفوقين.4-تفعيل جمعيات الآباء لمزيد من الاعتناء بالأعمال الاجتماعية لفائدة التلاميذ.

*على مستوى المؤسسات التعليمية:1-استثمار أكبر لتقنيات التواصل الحديث (منتديات عبر الإنترنت…).2-ملء أوقات الفراغ بما يفيد( تنظيم دوريات في كرة القدم…) 3-وضع برنامج تربوي تثقيفي سنوي وإشراك الجميع في تنفيذه. 4- تغليب خطاب الرحمة والحكمة خاصة مع المراهق. 5-تحبيب المؤسسة للتلميذ: نموذج أطفال غزة (مباشرة بعد انتهاء القصف عاد التلاميذ إلى المدرسة وجلسوا على الرصيف لتلقي دروسهم!) 6-خلق جائزة أحسن سلوك (الجمع بين الاستقامة والتفوق الدراسي) 7-مسابقات بين المؤسسات التعليمية بالنيابة.

*على مستوى مؤسسات المجتمع المدني: 1-استثمار المخزون الثقافي والقيمي لتقوية الذات الجماعية. 2-التوعية بمخططات الهدم (التنصير، التشيع، الشذوذ…) 4-التوازن بين خطاب الحقوق وخطاب الواجبات. 5-دعم الأنشطة التربوية والرياضية والفنية والثقافية داخل المؤسسات التعليمية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *