Home»Régional»إسرائيل تستخف بالإرادة الدولية

إسرائيل تستخف بالإرادة الدولية

0
Shares
PinterestGoogle+

معلوم أن مجلس الأمن الدولي هو هيئة دولية تترجم إرادة دول العالم ؛ وكل قرار يصدر عن هذه الهيئة يكون ملزما لدول العالم وفق مسطرة التصويت المعمول بها على علاتها ذلك أن استمرار وجود الفيتو لا زال يوحي بوجود القوة كمعيار لا القانون كما يدعي ما يسمى بالعالم الحر الذي خاض حربا كونية من أجل سيادة القانون. فعندما يتلكأ مجلس الأمن لأكثر من شهر قبل إيقاف مجازر لبنان ثم يصدر قراره الواضح التحيز إذ لا يدين عدوان إسرائيل وينسب الحرب للمقاومة اللبنانية ويشير إلى صواريخها دون إشارة إلى ترسانة إسرائيل المدمرة ودون إشارة إلى الاحتلال والحصار الجوي والبحري والبري ومع ذلك يقبل القرار بتحفظ من قبل لبنان والدول العربية وتلتزم المقاومة بوقف الأعمال العسكرية ولكن إسرائيل وبكل استخفاف بالعالم أجمع تقوم بعد القرار بعملية إنزال بواد غرب بعلبك بدعوى منع تسرب الأسلحة من سوريا وإيران علما بأن مسرح الإنزال بعيد عن الحدود ؛ وأكثر من ذلك تحتفظ إسرائيل لنفسها بحق محاصرة لبنان جوا وبحرا وبرا بدعوى عدم وصول القوات الأممية التي تنتظر منها إسرائيل القيام بدور الحارس المأمور . لقد تأخرت إدانة عملية الإنزال من طرف مجلس الأمن وهي إدانة لا تهتم لها إسرائيل وقد عودت العالم الدوس على قوانينه بكل احتقار ؛ ولو كان الخرق من طرف المقاومة اللبنانية لصدر للتو قرار جديد فيه من الصرامة والشدة ما هو مألوف عندما يتعلق الأمر بالمجتمعات العربية . إن استخفاف إسرائيل بالعالم وبمباركة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب قاطبة يعني انحطاط القيم في ما يسمى العالم الحر المتبجح بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والمساواة والتحضر . فهل من الحضارة سيادة منطق القوة على منطق القانون ؟ وهل من المساواة إدانة الضعيف دون القوي ؟
إن الجهة المخول لها قانونيا مراقبة الحدود السورية اللبنانية هي الهيئة الأممية ؛ وكان على إسرائيل أن تدلي بحججها وهي التي تملك الأقمار الصناعية الراصدة للمجتمع الدولي وتطالبه بفتح تحقيق في دعوى دخول الأسلحة من سوريا أو إيران ؛ وهي لا تملك حق المنع دون قرار أممي ؛ كما أن خرقها للهدنة يستوجب إجراءات غير الإدانة والا شجع ذلك غيرها على الخرق إذا ما كان الأمر لا يعدو الإدانة . وماذا لو أن الطرف الآخر تنكر للهدنة بسبب هذا الخرق ؟ ألا يعني ذلك أن إسرائيل المنهزمة عسكريا غير راغبة في هدنة ما لم تشف غليلها ؟ وماذا لو تكررت هزيمتها من جديد ؟
إن إسرائيل تتصرف وكأنها الطرف الغالب الذي يحق له إملاء الشروط على الطرف المغلوب ؛ والواقع أنها الطرف المهزوم الذي استفاد من عملية وقف إطلاق النار ولكنه يخشى من انكشاف السوءة وانهيار أسطورة الجيش الذي لا يقهر . إن جيشا قهره حزب عربي لا يمكن أن يصمد أمام دول عربية لو أن الولايات المتحدة لا تحشر أنفها في صراع إسرائيل مع العرب لهذا كان من الأجدر أن تعرف إسرائيل قدرها وهي العارفة به وتجلس دونه عوض التنطع والاستخفاف بالعالم قاطبة . لقد باتت تحلم بدور الدول الاستعمارية بعدما شاخت بريطانيا وهزلت فرنسا والحالة أن الغرب كله يخشى من انكشاف السوءة كما كشفت سوءة الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان ؛ وتضخم حلمها لتصير طرفا مهما في معادلة شرق أوسط جديد تقسم كعكته أمريكيا وإسرائيليا ولكنها صدمت بإرادة الشعوب العربية التي اختارت المقاومة استراتيجية بعدما عجزت أنظمتها وصدئت أسلحة جيوشها القابعة في الثكنات في انتظار المعاشات .
إن إسرائيل وأمريكا والغرب معهما شاهدوا الغضب العربي والإسلامي الكاسح وتأكدوا من أنه لا مجال لمشروع تقسيم الكعكة من جديد ؛ وأن المقاومة تحتضنها الشعوب التي لاتقهر مهما كانت عدة وعتاد المحتل. لم يبق أمام الغرب سوى وقت قصير ومن أقصر ما يكون لمراجعة المعايير الخلقية التي تسود مجلس الأمن ؛ ولمراجعة قانون الفيتو ؛ ولجعل القانون المتفق عليه دون تحيز أو إكراه أو إرهاب هو المسيطر والملزم . وبناء على هذا لابد أن ترضى إسرائيل بالهزيمة كما رضي بها العرب من قبل ؛ ولابد أن ترد الحقوق لأصحابها ؛ ولا بد لأمريكا من الاعتراف بالهزيمة في العراق وفي غير العراق ؛ ولابد أن تقر بأن سياستها لن تجلب للعالم سوى المزيد من الحروب والدمار والخراب مما سيولد ردات فعل قوية غير محسوبة العواقب ؛ ولابد للغرب أن يعترف بأن سوءته قد كشفت وأن سترها يقتضي الإذعان للأصوات الحكيمة التي تطالب بمراجعة العلاقات مع الشرق العربي والمسلم الذي تعهد الغرب يوم كان ضعيفا بالرعاية وصدر له مقومات الحياة الحضارية عوض اجتثاته كما يريد الغرب لهذا الشرق اليوم .
إن الذي يسكت اليوم عن دوس إسرائيل للقوانين الدولية سيدفع غدا ثمن ذلك باهضا ؛ فالعالم تسيره الشعوب لا الأنظمة ؛ فهذه قد تزول بين عشية وضحاها إذا ما طفح الكيل كما يذكر التاريخ ويسجل . لم يعد هنالك وقت لعقلية الفيتو وعقلية الغزو والهيمنة فالشعوب العربية الإسلامية عبارة عن بركان هادر سينفجر قريبا إذا لم يرعو الغرب وستكون المقاومة اللبنانية هي النموذج في كل شبر من أرض العرب والإسلام وحينها لا ينفع نصح الناصحين ولا يجدي الندم ولات حين مندم .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *