تيمةُ الظّلِ، والظّلالِ تؤتث مَركزيّةِ النّصِّ الشّعريِّ في ديوان « إضاءات مشفّرة » للشّاعر المغربي: * الحسين تاعرابت بنصناع *

تيمةُ الظّلِ، والظّلالِ تؤتث مَركزيّةِ النّصِّ الشّعريِّ
في ديوان « إضاءات مشفّرة »
للشّاعر المغربي:* الحسين تاعرابت بنصناع

من إعداد: * بلقاسم سداين*
بَدْءً..
« إضاءات مشفّرة » عنوانٌ لديوانٍ شِعريّ جديدٍ يضعُهُ الشّاعرُ (الحسين تاعرابت بنصناع) بين يدي قرّائهِ بإخلاصٍ، ووفاءٍ تامٍّ لعالم الكتابة، والشّعر والإبداعِ..
يقعُ هذا العملُ الشّعري في ستّ، وتسعين (96) صفحة من الحجم المتوسّط في طبعته الأنيقة الأولى(2024) عن مطبعة ورّاقة بلال بفاس، ويضمّ بين دفّتيه تسع، وعشرين (29) قصيدة نثرية. حَظيتْ بإضاءة نقدية قدّمها النّاقد المصري (حسني التّهامي) مركّزاً على جماليات قصيدة النّثر عند صاحب الدّيوان.
يَعود إلينا إذن الشّاعر ممتلئاً بضجيج القصيدة ليكتبَ جروحَهُ وبعتلي صَهوةَ حِبر حُروفِهِ، وهي تنزفُ صدًى لنداءات داخليّة. فيخاطبُ أسئلةً مفتوحةً لفهم ما لا يُمكن فهمُهُ في هذا الوُجود المُعقّد، والمُتشابك، والمُلغز أيضاً. بعد أن صدر له سابقاً ديوانٌ شعريٌّ هايكو « رائحة البرتقال »..معلناً من خلال منجزاته الشّعرية إصابته المباشرة بهواجس المغامرة في قول ونظم الشّعر الّذي يسكن داخله..و يتشكّل أعاصير بأعماقه..
1/ قران لفظِي، بتكثيفٍ تأويليٍّ واسعٍ..!
————————————
يعقدُ الشٌاعرُ (الحسين تاعرابت بنصناع) قِران رمزي بين لفطتينِ غيرِ متقاربينِ أُسرياً، ودلاليّاً، ولا تحملان معناهما العجمي( إضاءة + تشفير). فلفظُ « إضاءات » من أُسرة:
الوُضوح، والسُطوع، والإنارة، والإشراق، واللّمعان، والبريق، والضّوء، والرؤية..
ولفظةُ « مشفّرة » تنتمي دلاليّاً إلى: الغُموض، وإلى الإبهام، والتّعتيم. واللاّوضوح..واللاّرؤية..والظّلام..
وبناءً على هذه المنافرة اللّغوية، والتركيبيّة نتجَ هذا الزّواجِ الفنّي/ الأدبي، والتّمازجِ اللّفظي، والتَّداخلِ الدَّلالي فيضٌ من تناسلِ أبعاد دلاليّة تغمرُ قصائدَ الدّيوان، وتتخلّل بناءَ النّص الشّعري فتفجّر بداخلِ المُتلقّي رغبةً حَرونةً في القبضِ بِتلابيبِ وميضِ الدّلالةِ الشّعوريّة الهاربة. والّتي سُرعان َما تتحوّل إلى ظلّ، وإلى ظلالٍ. فهي نُسخٌ لاَ تَسُدُّ نَهَمَ الوُصولِ إلى معرفةٍ حقيقيّةٍ لأسرارِ الحياةِ ومكامنِ الوُجودِ، الّتي شَغلت بال الشّاعر، وَنَسجت مَواقفَه حَول مَا يُحيطُ بِهِ..أو يشعرُ، ويحس به. ممّا أكسب قصيدته الشّعرية بُعداً فلسفيّاً عميقاً تلفّه كثافة تخييليّة مجنّحة..فلا تقدّم لك نفسها بسهولة. بل تستفزُّك، وتُوقظ بداخلِك رغبة إزالة السّتار عن ما يحجبُ أضواءَ النّص الشّعري..وتستنفرُ لديك كلْ ما تملكهُ من آليّات المُقاربة القِرائيّة.
فجاءت لفظة « إضاءات » جَمعاً لتعدّد مصادر الضّوء وكثرة مُنتجاته، لكنّها إضاءات مشفّرة، تمّ تحويلها من صيغتها الأصليْة الواضحة المشرقة إلى صيغة غير واضحة نظراً لتدخّل عوامل غير مفهومة، وصعبة،
والإضاءة، عملية توفير الضوء للأمكنة، و الأشياء وجعلها مرئية، وعقداً وواضحة. وللإضاءة دور كبير في تحسين جودة الحياة..
يقول تعالى في سورة( البقرة): الآية 18
<<مثلُهُم كَمِثلِ الّذي اِستوقَظََ نَاراً فَلَمّا أضَاءَت مَا حولهُ ذَهبَ اللهُ بِنُورهِمْ وتَرَكَهُم في ظلماتٍ لا يُبصِرُون >>
.
ويقول تعالى أيضاً في سورة(البقرة): الآية 20
<< يكادُ البرقُ يخطفُ أبصارَهُم كُلمّا أضَاءَ لَهُم مشُوا فِيه، وإذَا أظلمَ عَليهِم قامُوا وَلو شَاءَ اللهُ لذهبَ بِسمعِهِم، وأبصارِهِم إنّ اللهَ عَلى كلّ شئٍ قديرٍ>>.
2/ نِداءاتٌ داخليّة، تُردّد صَْداهَا « إضاءات مشفرة »
…………………………………………………………….
تَعجُّ بداخلِ الشّاعر تَرسّبات لِتساؤلات، وأصوات لم يستطعِ الإجابةَ عنها. مادامَت تتشكّل من تراكمات تتأسّس على الشّيء، ونقيضه إيجاباً، وسلباً. وبين الاِيجاب، والسّلب يتموضع الشّاعر (الحسين تاعرابت بنصناع) قَلقاً / مُتأمِّلاً، صَارِخاً / آمِلاً، تتقاذفُهُ « إضاءات مشفّرة » / وبعدها « إضاءات دامسة » فلم تَمنحْهُ هذه الحياةُ حقائقَ تُشفي غليانَهُ الدّاخلي وتقلّبات مضامينه حول رؤيته للحياة. بل يزيده الوضع تأزّماً، وعَقَداً..فهي إمّا « إضاءات مشفّرة » ، أو « إضاءات دامسة »..فتفقد الإضاءة نورها / توهّجها، وضوحها / حَقيقتها، بفعل أنّها تأخُذُ صفات أُخرى يؤدّيها اِسم الفاعل، أو اِسم المفعول. أو ما يُعرف عند عُلماءِ النّحوِ بالفعلِ الدّائمِ/المُستمرِّ، غيرِ المُنقطع..(مُشفّرة، دامسة). لتبقى المادّة الشّعرية عند الشّاعرِ (الحسين تاعرابت بنصناع) تأمّلات عن وضعٍ قائمٍ ثابتٍ مستمرٍّ غيرِ متغيّرٍ، دائمٍ غيرِ متحوّلٍ..ومع فُقدان الإضاءة لِخُصوصيّاتهَا، ومكوّناتها الطّبيعية، والفزيائيّة فإنّها ستنعكسُ على جميع أجزاء، وعناصر حياة لم تمنحِ الشّاعرَ كُنهَهَا/حقيقتَهَا/جوهرَهَا..لتبقى عبارة عن ظلٍّ،!! وعن ظلالٍ..!.!
3/ تيمةُ « الظّل »، و »الظّلال » في مَركزية النّص الشّعري
…………………………………………………………….
يبني الشّاعر (الحسين تاعرابت بنصناع) معماريّة قصائده، وَيُشيّدُها بمعجمٍ شِعريّ خاص، ويؤتّث عوالم نظمها بأسلوب ذي صور بلاغية تمتاز بفيض من الخيال، والعمق..
فكان حضورُ لَفظةِ « الظّل » « والظّلال » قويٌاً في ديوان « إضاءات مشفّرة ». وكان حضوراً مركزيّاً داخل هذه التْجربة الشّعريّة أيضاً..
والظّل لغةً هو عَتمة، وظلام يُغطّي مكاناً حجب حاجزٌ ّغيرُ شفّاف عنهُ أَشِعّةً ضوئيّةً..
اِستعمل الشّاعر هذه الكلمةَ تسع، وتلاثين(39) مرّةً في إحدى عشرة (11) قصيدة من أصل تسع، وعشرين (29) قصيدةً. بنسبة مئوية وصلت:
( 37.93 ٪ ) من قصائد الدّيوان تمَّ توظيف فيها كلمة « الظّل » إمّا بصيغة:
– المفرد: سبع وعشرون ( 27 َ)مرّة بنسبة 23, 69٪
– المثنى: مرّتان (2) بنسبة 12 ,5 ٪
– الجمع: عشر ( 10) مرّات 64 , 25٪
وقد بدأ هذا التوظيف في عناوين الديوان فجاءت كلمة « الظّل » عنواناً لأربع قصائد من أصل (11) قصيدة بنسبة مئويّة وصلت (36،36٪ )وهي:
1/ ظِلّي يمشي وحيداً.. الصفحة 47
2/ أليس فيك ظّل حكيم.. الصفحة 49
3/ ظِلّي .. الصفحة 76
4/ هذا الظّل المكتئب.. الصفحة 79
وقد اِرتبطت لفظةُ « ظّل » و »ظّلال » بالذّات الشّاعرة، عشرون( 20)مرّة من أصل (39) مرّة وبنسبة مئويّة وصلت (50،28٪)
يقول في قصيدة: (هذا الظّل المكتئب)..الصفحة 82
هذا الممزّق داخلي
هذا الظّل
هذا العمق
هذا الطفل الشارد
هذا الّذي منّي..
ليس منّي
ألن تعانق الفراغ..؟
وتوقظني..
منّي..
صَبغ الشّاعر هُنا على »الظّل » مجموعة من الأوصاف بأنّه:
(ممزّق، عميق، شارد، طفل، ساكن بالدّاخل، جزء من الشّاعر، وفي نفس الآن ليس منه، موقظ للشّاعر منه، مُعانق للفراغ…)
وهو توظيف يعكس فيضاً من توسّع، وحُمولة الدّلالة، ومن كثافة، وغزارة العبارة..
ونقرأ له في قصيدة: (وفي قلبي أمّي) الصفحة 56
أسير هنا وحيداً
يا أمّي..!
و لأ أحد يراني..
أسير مختفيا في ظلّي
وظلّي..
يمتطي ضوء القمر
ويرقص على صوت الضّفادع
و »هوهوة الكلاب »
أسير وحيداً
يا أمّي..!
و أمشي تائهاً
والنّاس هنا من حولي..
لا يرون إلا ظلّي..
أمشي تائهاً
وفي قلبي..
أمّي..!
يُخاطب الشّاعر هنا أمّه الّتي تملأُ قلبَهُ، وتسكنُ أعماقهُ فيخبرُها بمكانِ وُجودهِ (هنا). إِخبار يتمّ بصيغة النّداء(يا) الّتي نستعملها لمناداة القريبِ، و البعيد معاً..فأمّه قريبةٌ منه لأنّها بداخلهِ (في قلبِه) ، وبعيدةٌ عنه لأنّها خارجة عن مُحيطه الواقعي..وبألمٍ خاطبها بأنّه وحيدٌ يسير تائهاً لا يَراه أحدٌ، لأنّه مُختبئ في ظلّه، الّذي يمتطي ضوءَ القمر، ويرقصُ على أصوات الضّفاضع، و’هوهوة الكلاب ». والنّاس [هنا] من حوله لايرون إلاّ ظلّه، يمشي تائهاً لكن في قلبِه أمّه..فهذه صورة تعكس لنا وضعه النّفسي الّذي يفيض شوقاً، وحنيناً إلى أمّه، غير مبالٍ بمن هم حوله، ومن هم حوله لا يعرفون حقيقته، فهو يعيش، ويتغذى على ما يُرسله إليه ضوءُ القمر عبر ظلّه، الذي يتحرك، ويرقصُ، ويهتزّ ألماً، لأصوات الكلابِ، والضّفادعِ الّتي تكون حتماً ليلاً، وفي مكان معيّنٍ أيضاً..
يقول الشّاعر: (أبو الطّيب المتنبّي) :
لاَ تَحْسِبُوا أنّ رقْصِي بَيْنَكُمْ طَرَباً
فَالطّيْرُ يَرْقُصُ مَذْبُوحاً مِنَ الأَلَمِ
فإن كان الرّقصُ يبدو هنا كما عند الشّاعر (الحسين تاعرابت بنصناع) بأنّه تعبيرٌ عن فرح واحتفال، وبهجة. فهو في الواقع، والحقيقة تعبير للألم العميق، الّذي يجعلُ الشّاعر يقومُ بحركات هي أشبه بالرّقص، فحركات الرّقْص الظّاهرة الّتي تبدُو فرحاً، وسروراً تقابلها حركات بائسة لشدّةِ الألم العميقِ الذي يحرك الشّاعر داخلياً. إنّها إذن إضاءات مشفّرة. (رَقْصٌ يُلقي بِظلالِهِ أَلَماً)
ويعكسُ هذا _التّوظيفُ الجمالي _ الحمولةَ الدّلابيةَ لهذه المفردة اللّغوية في شعريّة الشّاعر، الّذي يَعتبر أنّ الإجابات عن تساؤلاته – مازالت لم تشف غليل الحبر الّذي يرسم ظلّه التّالث –
فالظّل، والظّلال في المتن الشّعري عند الشّاعر إضاءات/إشارات تستدعي من المتلقّي/القارئ التقاطها، وفهمها. وهي تلميحات، وتضمينات تحتاج إلى تخطّي المباشرة/الواقعيّة لفهم المراد، والمطلوب. لأنّ- الإشارة قد تكون أبلغَ من العبارة – أحياناً في نظم الشّعر، وقوله. حتّى قِيل قديماً « أَعذبُ الشّعر أكذبُهُ » لِبُعده عن الواقعيّة، واقترابه من اللاّوضوح..وقد قيل يوماً لأبي تمّام الشّاعر العبّاسي:(لِماذا تَقولُ مَا لَا يُفهمُ، فَقال لِماذا لَا تَفهمُونَ مَا يُقالُ.. ) فقراءة النّص الشّعري يحتاج إلى قدرة عقليّة، وَموهبة في التّلقّي..
فتُفرغُ كلمةُ « الظّل »، و »الظّلال » في النّص الشّعري من مدلولاتها اللّغوية الضّيقة/المحدودة التي وُضِعت لها أصلا لِتُملأ، وتُشْحَنَ بفيضٍ من التّلميحاتِ العميقةِِ/البعيدةِ..التّي تستوجبُ مقاربة تفكيكيّة بِمَعِيّةِ مفاتحَ لفكّ، وحلِّ شَفرتها، وآليات نقديّة تقرّبُ محلّها الدّلالي/القِرائي من الفهم. والاِحاطة بما يعرضه الشّاعر من أفكار، وإن كانت عمليّة قد تُتعب القارئ، لكنّه يجدُ في هذا التّعب متعةً فنيّةً لذيذةً. ما دامت قراءة النّص الشّعري تتوقّف على قدرة عقليّة، وَموهبة في المتلقي..
فتمَّ (إجَاعةُ اللّفظِ، [الظل]، واشباعُ المَعننى [الحمولةالدلالية لكلمة الظّل، والظلّال ]) حسب قول اِبن رشيق القيرواني في تعريفه للبلاغة..لأنّ الشّعر كما قال قدامة بن جعفر (889-948) :
(الشّعر قولٌ موزونٌ مُقفّى، يُفيدُ مَعنى، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ مَعنى، فَهو لَيْسَ بِشعرٍ، وَلَوْ شَمِلَ علَى الوَزنً و القَافِيّةِ..).
فَقِرانُ كلمة « ظل » ، و »ظلال » ومجاورتها لمثيلاتها من المفردات اللّغوية داخل النّسق الشّعري عند الشّاعر يجعلها تتفاعلُ في ما بينها، فَتُمطرنا بوابلٍ من المعاني، والدّلالات..في سياق شعري منسجم لدعْم المراد منها لإيصال الفكرة وبلورة المعنى..
فنسمع للشّاعر يُنشدُ في قصيدتهَِ:
( هذا « الرّيح » المارقُ) الصفحة: 25 /26
الزّيتونة الّتي تُرخي أغصَانها
على جنبات الرّصيفِِ..
تبدُو لي..
كأنّها حبلى
يمزّقها..
هذا « الرّيح » المارقُ
ينزعُ عنها
أوراقَها الخضراء
والسّودَاء
وخيوط العنكبوت..
يمارسُ على ظلالها
نوعاً من الطّقوس اللّيلية
تحمرّ ليلاً
وتخضرّ وتسوّد
خلال اليوم
هذا « الريح » المارقُ..
أمامي
ألم تستحي؟ َ
مزّق حُضوري..
هناك
ودع « هنا » الزّيتونةَ
في سلاَم..
يُشكّل هذا المقطعُ الشّعري صورةً شعريّةً وتحتلُّ كلمةُ « الظّلال » مركزيّةً محوريّةً داخل الصّورة إلى جانب كلمات أُخرى تؤتّث بناء تشكيلِ هذه اللّوحةِ الفنيّةِ:
(الزيتونة،/ الأغصان/،الرصيف،/حبلى،/الريح المارق/ الأوراق/،الظلال/ممارسة الريح نوعا من الطقوس الليلية على الظلال/، موقف الشّاعر ممّا يقع لهذه الظّلال/ودعوته للرّيح المارق أن يمزّق حضوره لتحيي الزّيتونة في سلام ).
الزّيتونة رمز:
للصّمود، للبقاء، والتّباث، للعطاء، والسّلام، وللأنس، والألفة البشريّة..
والرّيح يرمزُ إلى الخَراب، وإلى الدّمار، إلى الهدم، و العذاب. وَوُصِفَ هَذا الرّيح بأنّهُ:
مارق /منحرف/ مرتد/عاصي/ مُنْكِر/جاحد/مسيء/ مخالف/ متمرد..
فجاءت كلمة « الريح » بهذه الدّلالة في القرآن الكريم، وفي أشعار العرب، ومأثور كلامهم..
فشكّلت عناصرُ هَذه الصّورة لوحةً طبيعيّةً في واقعيّتها، لكن تحمل في عمقها إضاءات مشفّرة، و ظلال لحقائقَ واقعيةٍ تستدعي من القارئ/الناقد وقفة تأمليّة لفكّ شفرات هَذه الظلال، والإقتراب من ما تحملُهُ من حمولةٍ، وثقلٍ دلالي..
خَتْماً.
________
« إضاءات مشفّرة » دِيوانٌ شِِعري غَنيّ بأدائهِ اللُّغوي، وطاقاتِهِ التّخييليّةِ، غَزيرٌ بأساليبِهِ الشّعريّةِ، وهُو نافذة من خِلالها نُطلُّ عَلى أَضواءِ الشّاعرِ الدّاخليّةِ، الّتي تتدفّقُ من أعماقِهِ تلبيةً لِخلقِ توازنٍ بين أناهُ الدّاخليّةِ (الواقعيّةِ)، وأناهُ الخارجيّةِ (ظِلٌّ، وظِلالٌ ). وقد تمكّنَ الشّاعر من توظيف عدّته الفنيّة المتنوّعة لبناء عالمه الشّعري التّخييلي ذُو البعدِ الرّمزي المُكثّف، وهي أدوات فنّية تعطي للتّجربة الشّعرية خصوصيّة انفراديّة، وقوة جمالية، تميّز شعر الشّاعر، وتوقع هويته الشعرية، تفتح أبواب خلخلةِ النّص الشّعري عنده، لتحليل ظلاله العميقة الّتي تركب صهوة قصائد الدّيوان..وتفتح شهيّة تفكيك شفرات التّركيبة الدّلالية، واللغوية أيضاً، بغية بناء لغةٍ جديدةٍ للغةِ النّصوص الشعرية، الّتي تؤتّث مساحة الدّيوان..شامخة، نضيدة..
وأمام عجز اللغة العادية /المألوفة عن امتصاص ألم واوجاع الشاعر تتمظهر قصائد هذه التجربة الشعرية بأشكال مختلفة وفق منطق المغايرة، ويتشكل النص الشعري مستحضرا لغة أخرى للتعبير عن مشاعر الشاعر و أحاسيسه اللامحدودة لمقاومة الألم الوجودي..
ويبقى هذا المجهود الإبداعي باقة شعرية بيد الشاعر يقدّمها لقرائه، ونقاده تفوحُ متعةً، وتفيضُ جمالاً..






Aucun commentaire