بدر المقري
مما رسخ في ذهني من الذكريات مع الأستاذ محمد علال سيناصر شفاه الله حوالي 1993 أنه توسع في جلسة عائلية في الحديث عن علاقة الرياضيات بالفلسفة، و راح يشرح لي أُسُسَ الرياضيات و مُفارقاتِها وأشار إلى بعض القضايا الفلسفية التي تميز الرياضيات الراهنة. و من اللطائف التي فاجأني بها الأستاذ محمد علال سيناصر في تلك الجلسة، أنه أخبرني أنه ينظم الشعر على طريقة (أدب الفقهاء) إذا ضَجِرَ من ضغط العمل الإداري أو إذا ثَقُلَ عليه حِمْلُ هموم فلسفة الرياضيات، و هي مضماره الأصلي.
و مِما دَوَّنْتُ من شِعْرِهِ قَوْلَهُ في مدينة وجدة التي وُلِدَ بها:
وجدة الخيْرِ والرجالِ الكِرامِ ☆☆☆ إِيهٍ يَا كُلَّ مُنْيَتي و مَرامِي
لَفَّني النورُ في إِزارِكِ مَوْلُو ☆☆☆ داً، كَأَنْ كانَ لَفَّني مُنْذُ عامِ
فَأَنَا ما أزالُ أَغْزِلُ أَيَّا ☆☆☆ مِي هَوىً لاَفِحَ اللَّظَى جِدَّ ظَامِي
مِثْلَ طِفْلٍ ما زالَ يَحْبُو، سَواءٌ ☆☆☆ عِنْدَهُ لُعْبَةٌ و جَمْرُ ضِرامِ
في حِماكِ الوَريفِ، في حِضْنِكِ الدَّا ☆☆☆ فِئِ، يا خَيْرَ رَوْضِةٍ للسَّلامِ
كُنْتِ لي جَنَّةً بِمَغْرِبِنا الشَّرْ ☆☆☆ قِيِّ، في ظِلِّها أَعَزُّ مُقامِ
و لما راجعتُ و إِيَّاهُ وَرَقَةً كان سيقدمها في مؤتمر مؤسسة الفكر العربي بالقاهرة في بداية سنوات 2000 في موضوع التكنولوجيا والحداثة إن لمْ تَخُنِّي الذاكرة، دَوَّنْتُ عَنْهُ أَبْياتاً شعريةً دَبَّجَ بها وَرَقَتَهُ:
بَلَغْنا الأَوْجَ نحنُ المسْلِمينَا ☆☆☆ و أُوتيِنَا قِياَدَ الْعالَمينَا
وَ لَمْ يَكُ ذا سِوَى بِخِطابِ عَقْلٍ ☆☆☆ هُوَ الْفَصْلُ الذي بَثَّ الْيَقيِنَا
هُوَ الْعِلْمُ الذي كُنَّا كَعُرْبٍ ☆☆☆ أَشَعْنَا نُورَهُ لِلْمُهْتَدينَا
فَإِنْ وَرِثُوا السَّنى عَنَّا فَحَتْماً ☆☆☆ لِأُمَّتِنَا يَعودُ سَنىً مُبِينا
تُرانَا نَبْلُغُ المقصودَ يَوْماً ☆☆☆ وَ يَحْذو العارِفونَ الرَّكْبَ فيِنَا ؟
وَ إِنَّ في القلب لَحَسْرَةً كُبرى أَنَّ منْ تَعْنيهِمْ شؤون الفكر والثقافة والعلم في المغرب لَمْ يُوَفُّوا الأستاذ محمد علال سيناصر شفاه الله رُسوخَهُ المعرفيَّ المتنوعَ والمتكاملَ والمتميزَ لَمَّا كان مُعَافىً. إنهُ طوفانُ الجحودِ العارِم !