Home»Régional»ذاكرة مدينة وجدة المعرفية: وقائع وظواهر وقضايا تاريخية الحلقة 28

ذاكرة مدينة وجدة المعرفية: وقائع وظواهر وقضايا تاريخية الحلقة 28

2
Shares
PinterestGoogle+

بدر المقري
إسم وجدة:
هناك خمس روايات تاريخية تتقاطع في غنى جذور مدينة وجدة التاريخية. فأما الرواية الأولى فتفيد أن اسم (وجدة) مشتق من اللفظ الأمازيغي: (تيوجدا)، أي السواري. وهذا المعنى تؤكده الحفريات الأثرية الفرنسية التي أنجزت في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20، والتي أعطت الدليل القاطع على أن مدينة وجدة سبقت الفتح الإسلامي للمغرب الأقصى. وأما الرواية الثانية فتفيد أن (وجدة)، صيغة معربة لاسم المدينة في جذوره الأمازيغية: (وجدات)، ومعناه (الاستعداد للأمر). وأما الرواية الثالثة فتفيد أن اسم (وجدة)، مشتق من (الوجد) أي: الحب. وبرهان ذلك، قول ابن الفكون القسنطيني، لما نزل مدينة وجدة في أواخر القرن السادس الهجري (12 الميلادي): (ولما جئت وجدة همت وجدا…)

وأما الرواية الرابعة فتقوي اشتقاق اسم (وجدة) من (الوجد)، أي: منقع الماء. والمراد هنا مياه واحة سيدي يحيى في ضواحي المدينة، التي كانت جارية إلى حدود سبعينيات القرن العشرين. وأما الرواية الخامســـة فتميل إلى ضم حـــــرف الواو من (وجــــدة)، ويـــــكـــون الاشتقاق من (الوجد) بضم الواو، أي: الغنى والسعة.
2- متى تأسست مدينة وجدة؟
لم يبن زيري بن عطية المغراوي مدينة وجدة سنة 384 هجرية (994 ميلادية)، كما هو شائع و متداول، وإنما جدد بناءها. وبراهين ذلك ثلاثة: فقد كانت (وجدة) موقعا يتميز بالاستقلالية و يصل ما بين (موريطانيا الطنجية) أي شمال المغرب الأقصى حاليا، و(موريطانيا القيصرية) أي شمال الجزائر حاليا. وإذا اعتمدنا فرضية حمل مدينة (وجدة) اسم مدينة (الحيرة) لكثرة مياهها، و أنها عرفت بعد ذلك باسم (وجدة)، عندما وجد بها سليمان بن جرير الزبيدي قاتل المولى ادريس الأول سنة 177 هجرية، وهي فرضية لا نجد حرجا في اعتمادها، فإن المؤكد أن مدينة (وجدة) أقدم من زيري بن عطية المغراوي، الذي جدد بناءها عام (384 هجرية-994 ميلادية).
ونضيف إلى كل ذلك، أن من أقدم جوامع وجدة، جامع سيدي عقبة، الذي ينسب إلى الفاتح عقبة بن نافع الفهري، الذي توفي سنة 63 هجرية (682 ميلادية). وفي ذلك ما يرجح كفة جذور مدينة وجدة التاريخية، قبل الفتح الإسلامي للمغرب الأقصى، إذا سلمنا بأن عقبة بن نافع الفهري قد وضع الحجر الأساس لهذا الجامع.

3- جذور مدينة وجدة التاريخية:
أ)- قال البكري الأندلسي (القرن 5 الهجري / 11 الميلادي)، في كتاب (المسالك والممالك):
« وجدة، مدينتان مسورتان، يسكن في المحدثة التجار، وفيها الأسواق والجامع خارج المدينتين، على نهر أحدقت به البساتين. وهي كثيرة الأشجار والفواكه، طيبة الغداء، جيدة الهواء ».
ب)- قال ابن عبد ربه الأندلسي الحفيد (القرن 7 الهجري) (13 الميلادي)، في كتاب (الاستبصار):
« وجدة مدينة كبيرة، مسورة قديمة أزلية، كثيرة البساتين والجنات والمزدرعات، كثيرة المياه والعيون، طيبة الهواء، جيدة التربة. و يمتاز أهلها من غيرها بنضارة ألوانهم وتنعم أجسامهم، ومراعيها أنجع المراعي وأصلحها للماشية. وعلى مدينة وجدة طريق المار والصادر من بلاد المشرق إلى المغرب وسجلماسة ».
ت)- قال ابن أبي زرع الفاسي (القرن 8 الهجري / 14 الميلادي)، في كتاب (الأنيس المطرب):  » بنى زيري بن عطية المغراوي مدينة وجدة، وشيد أسوارها وقصبتها، وركب أبوابها، وسكنها بأهله وحشمه، ونقل إليها أمواله وذخائره، وجعلها قاعدته ودار ملكه لكونها واسطة بلاده. و كان اختطاط زيري بن عطية لمدينة وجدة في شهر رجب الفرد سنة 384 هجرية (غشت 994 ميلادية) ».
ث)- قال الحسن الوزان الفاسي المشهور بليون الإفريقي (القرن 10 الهجري) (16 الميلادي)، في كتاب (وصف أفريقيا):
« وجدة مدينة قديمة بناها الأفارقة (يقصد الأمازيغ)، في سهل فسيح جدا، على بعد نحو 40 ميلا جنوب البحر المتوسط، وعلى نفس البعد تقريبا من تلمسان. وأراضيها الزراعية كلها غزيرة الإنتاج. تحيط بها عدة حدائق، غرست فيها على الخصوص، الكروم وأشجار التين، ويخترقها جدول.
وكانت أسوارها في القديم متينة وعالية جدا. ودورها ودكاكينها متقنة البناء، وسكانها أثرياء ومتحضرون وشجعان ».
4- أسوار وجدة وأبوابها:
شرع في بناء أسوار وجدة الحديثة سنة 1880-1881، مع التذكير بأنها بنيت على أنقــاض الأســــوار التي بناها الســـلطــــان يوسف المريــــنــــي سنة 696 هجـــريـــة (1296 ميلادية)، والسلطان مولاي إسماعيل العلوي سنة 1090 هجرية (1679 ميلادية).
وأما أبوابها فأربعة:
باب الغربي أو باب سيدي عيسى، في الجنوب الغربي.
باب سيدي عبد الوهاب أو باب سيدي يحيى، شرقا.
باب أولاد عمران، شمالا.
باب الخميس، غربا.
وأما أبواب وجدة الداخلية، فهي كالآتي:
باب السبت / باب سيدي شعيب / باب أولاد ابن مرزوق الخطيب / باب القصبة / باب دار المخزن / باب سوق الحبوس / باب سوق الغزل / باب السقاية / باب رحبة الزرع / باب أهل وجدة / باب القيسارية / باب أشقفان / باب سوق الشراقة / باب الزاوية / باب القنادسة / باب أهل الجامل / باب القرنة.

5-التراث الموسيقي الأندلسي بوجدة:
لما كانت (وجدة) مدينة الوجد، فليس غريبا أن يكون تراثها الموسيقي أندلسيا. وحري بنا أن ننبه إلى أنه كانت هناك صلات ثقافية بين وجدة وبعض الحواضر الأندلسية منذ القرن الخامس الهجري (11 الميلادي). ويضاف إلى ذلك أن أبا عبد الله النصري آخر سلاطين بني الأحمر في غرناطة، نزل بعدما طرد منها في يناير 1492 ميلادية في مدينة (غساسة)، و هي من سواحل إقليم الناظور.
ومما يعد سبقا ثقافيا أن العلامة الأديب محمد بن علي الغماد الوجدي (ت.1033هـ \1624 ميلادية) ساهم مساهمة بناءة في المحافظة على التراث الموسيقي الأندلسي، و هو ما يعكسه (كناش الحائك التطواني) (القرن 19 الميلادي).
ويضاف إلى كل ذلك أن أول جمعية للموسيقى الأندلسية تأسست بالمغرب، هي الجمعية الأندلسية التي رأت النور بمدينة وجدة سنة 1921، ثم تلتها مدينتا فاس والرباط. وإذا تعلق الأمر بالخصوصية الفنية، فإن الموسيقى الأندلسية بوجدة حمل لواء تميزها الشيخ صالح شعبان (1911-1973) الذي أبدع في فن جديد مزج فيه بين الموسيقى الأندلسية و الملحون المغربي، فعرف هذا اللون بالمغربي أو بالملحون الوجدي.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Bakhti M.
    20/03/2020 at 13:59

    En ce concerne les divergences des dates de la fondation de la ville d’Oujda et de l’éthymologie de son nom me rappelle le diction africain, qui dit que « dans le combat entre le lion et le chasseur, on ne connaît que ce que le chasseur raconte et non celle de sa victime, le lion » Il est vrai, que selon les historiens français, tels que St. Gsell, Charles Julien et autres, la ville est ancienne et date même avant la période romaine. Elle devint un centre important de par sa situation stratégique, car située sur le parcours du Limes Romain, cette ligne de défense romaine et aussi par l’abondance d’eau dans une région pré-désertique. En réalité, la ville d’Oujda a été fondée par les tribus zénètes environnantes, quoique rasées et reconstruite à plusieurs reprises, et non par des conquérants étrangers.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *