أحمد الجبلي
لسنا ضد الإضراب، لأن الإضراب حق مكفول بقوة القانون، ولسنا ضد أن تقوم الشغيلة المغربية بالمطالبة بحق من حقوقها، فما ضاع حق وراءه طالب، ولسنا ضد أي عمل نقابي يقوم على أرضية برنامج أو ملف مطلبي معين.
ولكن ما رأيناه طيلة اليومين السالفين هو فوضى وليس إضرابا، فأن تقوم سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة باحتلال الطريق العمومي هو حيف وظلم للعامة، ألا يعتبر هذا الحياز للملك العام ظلما في حق كل من يملك سيارة وله حق الطريق التي يؤدي عنها سنويا بالغ مالية باهضة؟
وبأي حق تقوم الهيئة التنسيقية المنظمة لهذه الإضرابات بالعمل على غلق منافذ الدخول إلى المدينة كتصعيد مثل إغلاق طريق الغرب وطريق مرجان حتى لا تمر الحافلات والسيارات وبالتالي يقع نوع من الفوضى والبلوكاج. أعتقد أن في هذا فوضى عارمة لأن هذا المسافر الذي قطع مسافة طويلة تقدر بمائات الكيلومترات قد يكون شيخا مسنا أو امرأة عجوزا أو حاملا أو رضيعا فبأي حق نمنعه من الوصول إلى بيته بسهولة ويسر.
إن العديد من الطلبة قد وصل إلى قاعة الامتحان متأخرا بسبب الشوارع البعيدة التي صارت الحافلات تمر منها، لأنها أصيبت بعدوى هذه الفوضى فصارت محلا للصراع والصراخ والمشادات الكلامية. فالحافلة 25 مثلا التي تمر من شارع محمد الخامس فبين عشية وضحاها صارت تمر من شوارع لم يكن يعتقد المواطن الوجدي أنه سيصلها مرة على متن حافلة لها ممرات خاصة مختصرة توصله بيسر إلى غايته. فأرقام الحافلات انقلبت وتداخلت فصار لكل سائق الحرية في أن يمر من الشوارع التي يراها أنسب لإيجاد الحل لهذه المعضلة الخانقة.
نعم إن مشكلة الكازوال تمس الجميع ولكن يجب على النقابات ألا تقع في المنهج الطوبوي للعمل النقابي، فتكون سببا في عدم وصول سيارة الإسعاف أو المطافئ، أو عدم وصول المرضى في الوضعيات الحرجة إلى المستعجلات بشكل أسرع.
كنا سنتعاطف مع هؤلاء المتضريين من جراء هذا السلوك الحكومي غير المحسوب العواقب، ولكن في حالة لو حافظ الإضراب على الشكل المقبول كأن تتوقف جميع سيارات الأجرة مصطفة على جوانب الطرقات دون أن تحتل الأرصفة ووسط الطريق الذي هو جوهر التنقل، وبمجرد توقفها عن العمل يعتبر نكسة حقيقية في المواصلات وهو يشكل قوة ضغط كافية على الحكومة لما يسببه من ضرر في حق ملايين المواطنين.
فمتى سيأتي اليوم الذي نكتفي فيه نحن المغاربة، عندما نضرب، بربط شارة حمراء على الساعد، فنكون قد عبرنا عن سلوك حضاري راقي، فتهرول الحكومة إلى الاستجابة والجلوس على مائدة الحوار فتكون هي الأخرى قد عبرت عن سلوك تقدمي أنضج وأرقى.