Home»Enseignement»هل مصالح الضرائب يديرها ملائكة ؟؟؟

هل مصالح الضرائب يديرها ملائكة ؟؟؟

3
Shares
PinterestGoogle+

هل مصالح الضرائب يديرها ملائكة ؟؟؟

محمد شركي

علق بعضهم على مقالي في موضوع الخلاف بين مؤسسات التعليم الخصوصي ومصالح الضرائب ، وقد كشفت التعليقات عن الخلفية التي صدر عنها المعلقون ذلك  أنهم على ما يبدو آباء وأولياء اختاروا إرسال أبنائهم إلى مؤسسات التعليم الخصوصي مع أن أبواب مؤسسات التعليم العمومي مفتوحة في وجه جميع المغاربة ، والسؤال الذي يوجه إلى هؤلاء : ما الذي حملكم أو اضطركم  أو أجبركم على تسجيل أبنائكم بمؤسسات التعليم الخصوصي ؟ وإذا كان أبناؤكم يستفيدون من التعليم الخصوصي، فليس من المروءة أن تكونوا من الذين يأكلون الغلة ويسبون الملة أو من الذين يأكلون التمر ويرمون غيرهم بالنوى . وليس من الموضوعية أن يكون الدافع لانتقاد مؤسسات التعليم الخصوصي والحقد على أصحابها هو أداء واجب التسجيل وواجب الدراسة والنقل.  إن المشكلة بين أصحاب مؤسسات التعليم الخصوصي ومصالح الضرائب لا تتعلق برفضهم أداء الضرائب كما اعتقد البعض، بل تتعلق بمراجعات قامت بها مصالح الضرائب  اعتبرها أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي غير منطقية وغير عادلة . وليس من الموضوعية اتهام أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي بالتهرب من أداء الضرائب ، فهم في الحقيقة لا يتهربون منها  ، وكانوا يؤدونها لسنوات، لكنهم فوجئوا بمراجعات مجحفة فاحتجوا على ذلك، ومن حقهم أن يحتجوا كما تحتج كل فئات المجتمع حين تشعر بالغبن أو الحيف . ومن المثير للسخرية أن يعمد البعض إلى حساب أرباح مؤسسات التعليم الخصوصي بطريقة بليدة ،وذلك بضرب عدد التلاميذ في الواجب الشهري مع  تعمد تغييب  ما تنفقه تلك المؤسسات من استئجار للمرافق لأنه ليس كل المؤسسات ملكا لأصحابها ، ومن أجور للعاملين بها ، ومن وقود  وصيانة لوسائل النقل المستعملة ، ومن ماء وكهرباء، وهاتف …. وكل ما تدعو إليه الضرورة . فإذا أراد من يرغب في حساب أرباح هذه المؤسسات فعليه ألا يقفز على  مصاريفها ، ويستخف بها . والسؤال المطروح هل أخذت مصالح الضرائب مصاريف مؤسسات التعليم الخصوصي بعين الاعتبار في مراجعاتها ؟ وهل الذين يديرون هذه المصالح ملائكة لا يخطئون التقدير والحساب ؟ ولماذا تأخرت هذه المراجعات ، ولم تكن قبل هذا الموسم  إذا ما كانت مصالح الضرائب تشتغل كما ينبغي ؟ إن هذه المصالح تطالب مؤسسات التعليم الخصوصي بفواتير لتبرير مصاريفها دون الالتفات إلى أن مجتمعنا لم يبلغ بعد ما بلغته دول يستطيع فيها الفرد أن يبرر مصاريفه  بواسطة فواتير، ذلك أن مصاريف عديدة في مجتمعنا يتعذر على أصحابها تبريرها بفواتير . فإذا ما قامت مؤسسات التعليم الخصوصي على سبيل المثال  لا الحصر بإصلاحات تتعلق بالبنية التحتية، فقد تحصل على فواتير بالنسبة لبعض المواد دون البعض الآخر ، ولا يمكنها أن تبرر ما تقدمه لليد العاملة لأن العمالة عندنا لا تسلم لمن يشغلها فواتير، وهي خارج إطار المراقبة الضريبية .

وما يقال عن هذه العمالة ينطبق على غيرها من أصحاب  الحرف كالحدادة والنجارة والصيانة … فلا زال المواطن المغربي  يقصد هؤلاء لاقتناء  ما يحتاجه أو لإصلاح ما يريد إصلاحه ، فيدفع مقابل دون الحصول على فواتير لأنه لا يوجد نظام يلزم العديد من الجهات  بتقديم فواتير تشهد على ما يحصلون عليه مقابل ما يقدمونه من خدمات أو مواد . ولا زال اقتصادنا يعاني من سيطرة معاملات السوق السوداء التي هي فوق الرقابة . ولنفرض أن صاحب مؤسسة  أدى مصاريف على مؤسسته ، ولم يحصل على فواتير في مجتمع لا زالت ثقافة الفواتير فيه غائبة ، فكيف سيبرر لمصالح الضرائب مصاريفه ؟ إن جل مؤسسات التعليم الخصوصي في الجهة الشرقية كانت تعتمد  لسنوات على الوقود المهرب من الجزائر قبل توقفه  لتشغيل وسائل نقلها  بسبب ارتفاع ثمن الوقود الوطني ، كما أنها  كانت تقتني بعض قطع الغيار من السوق السوداء كالعجلات  والبطاريات على سبيل المثال … وغيرها  ،  كما أن عملية الصيانة تتم  في محلات لا تقدم فواتير ،فكيف يمكنها تبرير ما تصرفه على وسائل نقلها ؟   ولا يجب أن يفهم من كلامي هذا الدفاع عن أرباب مصالح التعليم الخصوصي بل هو مجرد تنبيه إلى أن احتساب أرباحهم فيه خلل بسبب انعدام الأدلة على مصاريفهم الحقيقية ، ذلك أن احتساب أرباحهم بضرب عدد التلاميذ في قيمة الواجبات التي يدفعها آباؤهم  دون احتساب مصاريف المؤسسات أو الاستهانة بها أو التشكيك فيها لأن أصحابها ليست بحوزتهم فواتير تبررها ليس من الموضوعية في شيء ولا من العدل . والأمر الذي يجهله الآباء والأولياء الذين  يسجلون أبناءهم في مؤسسات التعليم الخصوصي هو أن التلاميذ المسجلين بمؤسسات التعليم العمومي تنفق عليهم الدولة أو وزارة التربية الوطنية ما بين ستة وثمانية آلاف درهم سنويا ، وحين يغادر التلاميذ مؤسسات التعليم العمومي إلى مؤسسات التعليم الخصوصي  تتقلص نفقاتها دون أن يعفى آباء وأولياء تلاميذ التعليم الخصوصي من الضرائب ، وكان من المفروض أن يستفيد تلاميذ التعليم الخصوصي من جزء مما تنفقه الوزارة على تلاميذ التعليم العمومي ، وذلك بإعفاء آبائهم وأوليائهم من الضرائب ما دامت تتابع مؤسسات التعليم الخصوصي ضريبيا. وفي هذه الحالة يكون هؤلاء الآباء والأولياء هم المتضررون لأن أبناءهم لا يستفيدون من التعليم العمومي ولا من التعويض على ذلك مع أنهم مواطنون من حقهم الاستفادة مما يستفيد منه غيرهم  بموجب الحق في تكافؤ الفرص . وقد يقول قائل : على الآباء والأولياء الذين نقلوا أبناءهم إلى التعليم الخصوصي  تحمل  تكاليف ذلك لأنه لا أحد أجبرهم على ذلك . والجواب  الحقيقة إن هؤلاء اجبروا على نقل أبنائهم من التعليم العمومي إلى التعليم الخصوصي بسبب إفلاس التعليم العمومي ، وخوفا على مستقبل أبنائهم من هذا الإفلاس الذي لا ينكره إلا جاحد أو مكابر . فلو أن هؤلاء وجدوا ضالتهم في التعليم العمومي لما انصرفوا عنه إلى التعليم الخصوصي ، ولا يفر القط من دار العرس كما يقال . وإذا كانت الدولة تستفيد من الأطر التي تكونها مؤسسات التعليم العمومية مقابل ما تنفقه على هؤلاء  في مراحل تعليمهم ، فماذا تقدم  لمؤسسات التعليم الخصوصي التي تمدها هي الأخرى بالأطر ، وماذا تقدم للآباء والأولياء الذين أنفقوا على تعليم أبنائهم  في هذه المؤسسات  ؟

ولا بد في الأخير أن ننصح الذين ينتقدون مؤسسات التعليم الخصوصي ، وينتصرون لمصالح الضرائب ضدها وأبناؤهم يدرسون بها أن يسجلوا أبناءهم بالتعليم العمومي وتنتهي مشكلتهم مع التعليم الخصوصي . ولا بد أيضا أن ترتفع الأصوات من أجل إيجاد هيئات الدفاع عن المواطنين أمام إجراءات مصالح الضرائب التي لا يوجد من يراقبها ،وكأن الذين يسيرونها ملائكة كرام منزهون عن الخطإ ، وكأن طريقة عملهم من الدقة بمكان بحيث لا يجوز الطعن أو التشكيك فيها وكأنها وحي يوحى . وإذا كان المواطن العادي يشتكي من ارتفاع الضرائب على تجارته البسيطة ، وعلى مسكنه وعلى زبالته ويشتكي من فواتير الماء والكهرباء ، فلماذا تنكر على أصحاب مؤسسات التعليم الخصوصي الشكوى من  غلاء الضرائب  ، وأغلبهم ممن لا تسمى مؤسستهم  مؤسسات تربوية إلا تجاوزا وغضا للطرف  نظرا لافتقارها إلى متطلبات المؤسسة التربوية من مرافق كالساحات والمختبرات والخزانات المدرسية والمرافق الإدارية المناسبة   خصوصا في جهتنا الشرقية .ونتحدى من يقول غير ذلك أن يدلنا على مؤسسة واحدة كاملة المرافق  وفق الشروط  والمواصفات المطلوبة في المؤسسات التربوية .

وعلى الدولة عوض أن تضيق الخناق على أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي من خلال الرفع من قيمة الضرائب  المفروضة عليهم أن تبادر إلى إصلاح مؤسسات التعليم العمومي لتصير مغرية للذين فروا منها مرغمين ومكرهين إلى غيرها من مؤسسات التعليم الخصوصي عوض إهمالها والإجهاز عليها بسوء التدبير والتلويح بالإجهاز على المجانية التي هي  مفخرة التعليم العمومي وملجأ عموم أو سواد الشعب .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *